كريما بنزيما اللاعب الفرنسي ذو الأصول الجزائرية اسم عالمي لا يختلف عليه اثنان، صال وجال في عالم المستديرة وحفر اسمه في أذهان عشاقها الذين عرفوه مقاتلًا صلبًا لا يرضى بالانكسار متجددًا يخرج من تحت أنقاض الرماد منتفضًا وكأنه طائر الفينيق، فبالرغم من كل الانكسارات التي مرت عليه خلال مسيرته الكروية إلا أنه دائمًا ما يعود فمن ينسى موسم 2017 الذي كان من أسوأ مواسمه طوال مسيرته الكروية ليعود بعدها بسنوات محققًا جائزة أفضل لاعب في أوروبا لعام 2021. ولد كريم مصطفى بنزيما في يوم 19 من شهر ديسمبر لعام 1987 في مدينة برون في أحواز ليون جنوب العاصمة الفرنسية باريس، ولد وفي قلبه حب كرة القدم والشغف لملاحقتها والركض خلفها في المستطيل الأخضر الذي احتضن موهبته التي برزت مبكرًا وكانت دليله للوصول إلى أول ملعب احتضنه وهو ملعب نادي الحي الذي يسكن فيه المعروف باسم سبورتينغ كلوب تيرايون، وهو المكان الذي أطلق فيها بنزيما الحرية لموهبته التي لم تخفَ عن أنظار مكتشفي المواهب في نادي أولمبيك ليون الذين شاهدوا بنزيما وهو يهز شباك فريقهم في مباراة جمعت سبورتينغ كلوب تيرايون بفريق ليون، حيث استطاع كريم أن يسجل هدفين في تلك المباراة التي قدم بها أداءً أبهر مسؤولي أكاديمية ليون وأقنعهم بضمه للفريق الذي كان حلقة وصوله إلى ملعب سانتياغو برنابيو بالتحديد في منتصف عام 2009 بعد أن انتقل إلى نادي ريال مدريد الإسباني بصفقة تقدر ب 35 مليون يورو، لتبدأ معها حقبة ذهبية عاشها بنزيما الذي استطاع تحقيق العديد من الألقاب والمنجزات مع الميرينغي، حيث تمكن من تحقيق بطولة الدوري الإسباني 4 مرات بجانب تحقيق كأس ملك إسبانيا 3 مرات، بالإضافة إلى تحقيق كأس السوبر الإسباني 4 مرات، والبطولة الأهم في القارة العجوز دوري أبطال أوروبا 5 مرات، وكاس السوبر الأوربي 4 مرات، كما أنه سبق وأن شارك في بطولة كأس العالم للأندية 4 مرات، ولم يكتفِ بكل هذا بل واصل تحقيق المنجزات مع الملكي حتى على الصعيد الشخصي، حيث حصل على جائزة الكرة الذهبية في نسخة عام 2022، بجانب جائزة أفضل لاعب في أوروبا نسخة عام 2021، وحقق الفرنسي كل ذلك من 786 مباراة لعبها طوال مسيرته والتي ساهم من خلالها بتسجيل 412 هدفا في مختلف البطولات التي شارك فيها. في شهر يونيو من عام 2023 عزم النجم الفرنسي على ترك إرثه الأسطوري الذي أسسه وبناه في مدريد ليجعله خلف ظهره باحثًا عن إرث كروي آخر في قارة أخرى مختلفة مع نادي الاتحاد السعودي الذي انتقل إليه كريم بنزيما بعقد يمتد حتى عام 2026، لم تكن الصفقة عادية، حيث لاقت صدى واسعًا على الصعيد العالمي فبنزيما ترك خلفه أرقامًا ومنجزات عظيمة حققها في القارة العجوز ولا يسهل على أي لاعب تركها خلفه، إلا أن كريماً اتخذ القرار الذي كان أشبه بتحقيق منجز في نظر الجماهير الاتحادية التي احتفلت بهذا الخبر واستعدت لاستقباله في ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية، مرت أيام الصيف سريعة والمدرج الاتحادي يعد الدقائق والثواني لمشاهدة صاحب الإرث الكروي العظيم وهو يحمل شعار الاتحاد وألوان عراقته داخل الميدان، لتكون أول مشاركه للفرنسي مع الفريق في البطولة العربية من أمام فريق الترجي التونسي الذي كان أول فريق يهز شباكه بنزيما بالقميص الجديد الشيء الذي زاد من عشم الاتحاديين وتطلعاتهم التي لم تعد تسعها دائرة التفكير بوجود نجم عالمي وأسطورة حيه في صفوف فريقهم، إلا أن الأحلام لم يطل وجودها حتى بخرها بنزيما بأدائه المتواضع الذي خيب فيه آمال وطموحات عشاق ومحبي نادي الاتحاد، فبعد تألقه مع الفريق في البطولة العربية اختفى بنزيما ولم يعد اللاعب صاحب التأثير بل أصبح وجوده في بعض المباريات أمرًا سلبيًا على فريقه، حيث شارك في 29 مباراة مع الاتحاد لم يستطع من خلالها إلا تسجيل 13 هدفا، بجانب إضاعته العديد من ركلات الجزاء التي غيرت موسم الاتحاد وأثرت فيه، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل أصبح بنزيما المساهم الأول في أهداف خصوم الاتحاد، حيث سجل في مرمى فريقه بالخطأ مرتين ضد نادي التعاون في بطولة دوري روشن للمحترفين وضد نادي نافابخاور الأوزبكي في بطولة دوري أبطال آسيا، وما يزيد من صعوبة تقبل الأمر على جماهير الاتحاد هو غياب كريم المتكرر عن أهم مباريات الفريق بداعي الإصابة، حيث غاب عن نهائي مباراة نصف نهائي كأس الدرعية للسوبر السعودي، بجانب غيابه عن 7 مباريات في بطولة دوري أبطال آسيا، وكان نادي الاتحاد قد أعلن مؤخرا عن مغادرته إلى العاصمة الإسبانية مدريد ليخضع لكشوفات وفحوصات طبية في عيادة نادي ريال مدريد لدى الطبيب الذي أشرف عليه خلال الأعوام الماضية الأمر الذي يضع علامة استفهام كبيرة على الحالة التي يعيشها كريم مع الاتحاد، ويبقى السؤال الأهم الذي لن يجيب عنه إلا بطل قصتنا هل طائر الفينيق سينتفض من رماده أم أن إرث مدريد الذي بناه غير عقليته ليهدم إرث الاتحاد.