مع انقضاء أكثر من ثلثي أول موسم كروي يشهد تخصيص أربعة من فرق «دوري روشن» السعودي للمحترفين، تذهب كل المؤشرات لتؤكد على أن الهلال هو المتسيد للمشهد الجديد كما كان متسيداً أو حاضراً على الأقل في المشهد القديم لكرة القدم السعودية، ومرد ذلك أن هذا النادي منذ عشرات السنين يُدار بطريقة ومنهجية واضحة خالية من الارتجال والعشوائية والانفراد بالرأي. وبالنظر إلى وجود فهد بن نافل مثلاً خلال فترته الأولى التي لم تشهد عملية التخصيص، كان الرئيس الشاب والبعيد نسبياً عن بيئة العمل الرياضي مميزاً وانتزع الأفضلية وحقق منجزات غير مسبوقة على صعيد ناديه وعلى صعيد الكرة السعودية، وهو ما تكرر مع تغير التركيبة الإدارية بعد أن استحوذ صندوق الاستثمارات العامة على الأندية الأربعة الكبيرة جماهيرياً. الغريب أن هناك من يتساءل ويغضب حتى من استمرار تربع الهلال على عرش الأفضلية، ولمثل من يردد هذه التساؤلات غير المنطقية نقول إنه من الطبيعي أن لا يجد صندوق الاستثمارات العامة صعوبة في التعامل مع حالة الهلال كونه النادي الأكثر تنظيماً وحوكمة وأكثر نجاحاً واستقراراً، علاوة على أنه الأقل ديوناً وأنه النادي الذي لم يتواجد باستمرار في أروقة لجنة الانضباط في «الفيفا» أو في قاعات محكمة «كاس»، لذا فإن النظر لحالة الهلال من زاوية استثمارية يعني أن الصندوق وجد نادياً ناجحاً، وكل ما على الصندوق فعله أن يحافظ على هذا النجاح وعلى الأسس الصلبة التي وجد عليها البناء «الأزرق»، وهي الأسس التي دفعت الهلال للاعتماد على الكيف لا الكم، ودفعته أيضاً للبحث عن الأسماء الأجنبية التي تخدمه قبل التفكير بالتعاقد مع اسم كبير مثل البرازيلي نيمار، ليكون نيمار عنصراً يمكن للمنظومة السير بدونه وهو ما حدث مع تعرض النجم البرازيلي الكبير للإصابة، إذ استمر الهلال على تفوق وتميزه كونه لم يبنِ تكوين الفريق على وجود نيمار. في المقابل، وبالنظر إلى بقية الأندية فإنها بالغت بالتركيز على جلب الأسماء اللامعة مثلما حدث مع النصر والاتحاد وكذلك الأهلي بدرجة أقل، فعلى سبيل المثال لا أحد ينكر القيمة الكبيرة للنجم الإيفواري سيكو فوفانا، لكن هل كان النصر بحاجته؟ وهل وجود فوفانا يخدم الطريقة التي يلعب بها الفريق «الأصفر»، بينما كان الاتحاد متخبطاً بتعاقداته المحلية والأجنبية ولا أدل من ذلك أكثر مما حدث في صفقة البرتغالي جوتا الذي كان حضوره للاتحاد حديث الأوساط الإعلامية في أوروبا، قبل أن يفشل الاتحاد في الاستفادة منه وتوظيفه بطريقة تخدم الفريق، علاوة على فشل مسيري الاتحاد في التعامل مع نجم بحجم الفرنسي كريم بنزيما. أما الأهلي، فهو وإن كان حالة خاصة باعتباره في طور البناء بعد صعوده، إلا أن أوضاعه مرضية بنسبة كبيرة وإن كان العمل الفني الذي يقدمه المدرب الألماني ماتياس يايلسه غير مرضٍ وهو بحاجة للتقييم بعد نهاية الموسم. خلاصة القول إن نجاح الهلال واكتساحه للدوري وحضوره المبهر في كل الاستحقاقات لم يكن وليد الصدفة أو وليد دعم استثنائي، بل إن صندوق الاستثمارات العامة وجد نادياً وفريقاً ناجحاً وجاهزاً لم يكن بحاجة لعمل شاق مثلما تحتاجه بقية الأندية التي عانت كثيراً من الفوضى والارتجالية والتي استوجب على الصندوق معالجتها وإزالة ركامها قبل البناء بطريقة تليق بطموحات الصندوق وطموحات جماهير تلك الأندية. فهد بن نافل يقدمها - د. سلطان السيف