من جمال بلدنا المملكة العربية السعودية أن حباه الله تنوعاً أخاذاً في مناخاته، في تضاريسه، في جغرافيته، كما هو ذلك التنوع في ثقافته وتراثه بين مناطقه، مما جعله يظهر بهذا الجمال الطبيعي والثقافي المتفرد، الذي يجعل الإنسان في أي مكان يعشق الغوص في عمق ذلك التنوع ليقرأه، ويستمتع به ويعيشه واقعاً، لأنه يشكل لوحة في غاية الحسن تستدعي الاحتفاء بها والتفتيش في تفاصيلها، ومن بين ذلك الجمال الرباني الذي حظينا به في الوطن الحبيب "السودة" التي تكسو جبالها أشجار العرعر وتشكل في نواحيها غابات متشابكة، وترتفع عن سطح البحر ما يزيد على ال3000 متر، حيث يغازلها السحاب والمطر والضباب والندى، حتى تشكلت لنا فيها ومنها صورة جمالية فاتنة، جعلت أميرها السابق "خالد الفيصل" أمير مكةالمكرمة حالياً، يخاطب عبرها الجمال عندما فاح عطرها، وتقاطر نداها، وازدان هتانا "أنورت سودة عسير بطلتك.. وأزهرت من وطيتك حدانها / اجتمع ورد الجنوب وبسمتك .. والهوى هيمان في وديانها" حتى قال: "ما حلا مس السحاب لوجنتك.. والندى نشوان في ريحانها". واليوم عندما يُعلن عن قيام مشروع لدينا بهذه الضخامة فوق ما يزيد على 627 كيلومتراً مربعاً يسمى "قمم السودة" أطلقه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -رعاه الله- رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة شركة السودة للتطوير؛ فهذا يعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح لاستثمار المكان والإنسان، لتكون السودة والمناطق المحيطة بها "واجهة سياحية عالمية" ستكون عما قريب محط اهتمام طالبي السياحة في العالم، وليس فقط محلياً، بل ستكون "السودة" إحدى أهم الوجهات السياحية العالمية، لتمتعها بمواصفات مناخية وبيئية، قلما توجد في منطقة أخرى، وبالأخص الطقس على مدار العام، فضلاً عما سوف يشكله المشروع مع مرور السنوات، من مورد اقتصادي مهم، ليس لمنطقة عسير فحسب، بل للمملكة العربية السعودية، وكداعم لصندوق الاستثمارات العامة، وليكون فاتحة خير على أبنائه في استثمار طاقاتهم وخبراتهم، وفتح مزيد من فرص العمل أمامهم، وكذلك فسح المجال لهم، كي ينطلقوا نحو الإسهام في بناء وطنهم، وليكون المشروع منطلقاً للمستثمرين في مجال السياحة والترفيه والخدمات المتعلقة بهما من فنادق ومساكن ومراكز تجارية وملاعب لممارسة الرياضات المتنوعة التي تتناسب مع البيئة للمنطقة، وكل ذلك لتشكيل بيئة سياحية بالمفهوم الصحيح، دون المساس بأي ضرر للبيئة، بل العكس للمحافظة عليها، وهذا واحد من أهم مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى خلق نمو اقتصادي عمراني شامل يشمل جميع الجوانب، يعتمد على استثمار الإنسان والمكان، ودعم عجلة القطاع السياحي، واستثمار ما لدينا من كنوز وآثار سياحية وإبرازها والاستفادة منها في خلق الجذب السياحي المطلوب للمحافظة على ما تتمتع به المنطقة من إرث حضاري ضخم، ومعالم سياحية هائلة، وتراث متنوع، سوف يعكس جمال وحضارة الإنسان والمكان في منطقة عسير، إحدى المناطق العزيزة في وطننا العظيم. محمد فايع