يخبرنا السويسري بوركهات اثناء مكوثه في جزيرة العرب في الفترة من 1809 – 1812م ومخالطته لقبائل الشام وشمال الجزيرة العربية بإنه في حال ما أراد عربي شهودا على أي اتفاق بينه وبين شخص آخر فإنه ينادي كل الحاضرين قائلا بصوت مرتفع: اشهد يافلان. وقد يكفي أن يمس أذرعتهم بيده. وهذا يعد استدعاء للإدلاء بالشهادة وإذا لم يراع أياً من هاتين الصيغتين، ورفعت القضية الى القاضي أو العارفة فإن القاضي يسأل على الفور إن كان هناك شهود قد مروا عرضا عند وقوع الحادثة أو كان هناك شاهدان قد حضروا فعلاً وقوعها. فإن لم يكن هناك الا من مروا عرضاً عند وقوعها فإن من حق الطرف الآخر رفض شهادتهم. ويضيف السويسري بانه قد يصر الحاضرون على أن يأتي المتخاصمان أو طرفا النزاع مع القاضي ليأخذ إفادتهم عند خيامهم الخاصة، وفي حين جرت العادة أن يحضر الشهود الحقيقيون الذين تنطبق عليهم الصفتان المشار اليهما أمام القاضي شخصياً مع انه قد يكون مخيماً مسافة أيام عنهم. وإذا كان الشاهد غير قادر بسبب مرضه على ان يقوم بمثل ذلك السفر فإن شيخه يأخذ إفادته وينقلها إما مشافهة او كتابة الى القاضي (تسمى في الشرع استخلاف) موضحاً أنه نفسه يشهد على إفادة الرجل المريض. ويدعى أولئك الحاضرون أيضاً أولاد الحلال أو أولاد الخير أو محضر الخير. وإذا كان هناك أي شهود فإن القاضي يحكم فوراً، والا فإنه يأمر المتهم بأن يقسم قسماً مغلظاً أنه برئ، فإذا اقسم على ذلك عد بريئا من التهمة. ولا يطلب القسم ابدا من المدعي أو النائب العام!، لكن من المدعى عليه وفقاً للقاعدة العامة التي تقول: ( ما يصير يحلف ويأكل) وطبقاً للقاعدة نفسها لا يطلب المبشع أبدا من المدعي الذي يطالب بدية القريب أن يحاول لحس المحماسة الحامية بالنار. لكنه يترك ثمن تلك المحنة للمتهم. ويمضي بوركهارت في كتابه الى انه يستعمل عند العرب عدة أنواع من القسم القضائي يميز بينهما وفقاً لدرجات طهارتها وجلالها. وأكثرها شيوعاً في الحياة المحلية أن يمسك بيده عمود وسط الخيمة، ويحلف: وحياة هذا البيت وأصحاب البيت. وهناك نوع من القسم أكثر خطورة يؤدى في الأغلب أمام القاضي يسمى (يمين العود) فلاختبار صديق شخص ما حسب وصفه يأخذ القاضي من الأرض عود من الخشب ويناوله إياه قائلاً: خذ العود واحلف بالله وحياة من خضّره ويبسّه. وأعظم من القسم السابق قسم يسمى: (يمين الخط) وهذا لا يستعمل الا في مناسبات مهمة جداً. فإذا اتهم بدوي جاره بسرقة كبيرة، ولم يستطع إثبات ذلك بشهود، أخذ المدعى عليه الى الشيخ أو القاضي فيستحلفه أن يقسم بما يريد أن يحلف به. فإذا استجاب طواعية قاده متهمه الى خيمة على مسافة من المخيم. لأن طبيعة القسم السحرية قد تثبت ضررا للعرب إذا حدثت بجوارهم. فيخط على الأرض بالسكين دائرة كبيرة في وسطها عدة خطوط متقاطعة. ثم يجبر المتهم على ان يضع قدمه اليمنى داخل الدائرة كما يفعل هو ويقول له كلمات عليه ان يؤديها وهي (والله وتالله وبالله إني ما خذته ولا هو عندي) وبعضهم يدخل الدائرة بكلتا قدميه. وهذا النوع إذا حلف به العربي كاذباً يبقى عار عليه طوال حياته. ولجعل القسم أكثر قداسة توضع شملة ونملة داخل دائرة والشملة هي ما يغطى به ضرع الناقة لئلا يرضعه حوارها ويشير ذلك الى ان المتهم يقسم بأن يحرم من ضرع ناقته ويحرم حتى من الحب الذي تجمعه النملة في الشتاء ويسمى هذا النوع بيمين (الشملة والنملة). البشعة لحس محماسة القهوة الحامية بالنار الشملة يغطى به الضرع لمنع الحوار من الرضع