الرئيس الأميركي جاء إلى السعودية باحثًا عن حلول لإحدى أكبر مشكلاته السياسية في الداخل الأميركي، حيث يواجه أكبر مشكلاته في ارتفاع أسعار الغاز والبنزين، ويُنظر إلى الدبلوماسية مع السعودية وحلفائه في الشرق الأوسط على أنها إحدى الطرق القليلة التي يمكن أن يسلكها لتخفيف الألم عن الأميركيين من ارتفاع أسعار الطاقة، وزيارته للسعودية تعد الخيار الأكثر عملية لصالح الكل. توصل الأميركان إلى استنتاج مفاده أن استراتيجية الانكفاء الذاتي والتركيز على الصين وروسيا بمعزل عن الدول الأخرى في الشرق الأوسط - خاصة السعودية - أمر ليس مجدياً، لا سيما في وقت تظل فيه أسعار الطاقة المرتفعة مصدر قلق كبيراً للأميركيين، وهذا يعني أن الزيارة كانت جديرة بالاهتمام، حيث إن المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تعد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم وقوة منظمة أوبك للنفط، التي تسيطر على ما يقرب من 40 % من إمدادات النفط في العالم، ومع ذلك؛ فإن الطاقة ليست الأصل الوحيد الذي يجعلها ذات أهمية مالية، فقد استطاعت القيادة السعودية، تعظيم قوة البلاد، حيث يبلغ إجمالي الناتج المحلي للسعودية 833 مليار دولار وتسعى إلى تحويل اقتصادها إلى مركز تجاري جديد في المنطقة. القيادة السعودية أثبتت قدرتها على بث الاستقرار النفطي في العالم، بل وفي أكبر دولة في العالم من حيث الاقتصاد والقدرة العسكرية، وهو ما يجعلها الرابح الأكبر من زيارة الرئيس الأميركي بتأكيد قدراتها التنافسية الاستراتيجية في سوق الطاقة، وانتهت الاجتماعات بالتأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتم الاتفاق على توثيق أوجه التعاون، وبدا أن الولاياتالمتحدة تتجه إلى نوع جديد من "الواقعية السياسية". أصدرت الولاياتالمتحدة والسعودية بياناً مشتركاً، في أعقاب اجتماعات جدة، أكدتا فيه على تعزيز مصالحهما المشتركة، والدفع برؤية مشتركة من أجل تحقيق مزيد من السلام والأمن بما يفضي إلى شرق أوسط مزدهر ومستقر، وشدد الجانبان على ضرورة ردع التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول، ودعمها للإرهاب من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها، وجهودها لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، مؤكدين على أهمية منع إيران من الحصول على سلاح نووي. وبالطبع الكل يتوقع زيادة إنتاج السعودية من النفط في الأشهر المقبلة في إطار "أوبك بلس" حيث أشار إلى ذلك معالي الأستاذ عادل الجبير في مقابلته مع قناة CNN أن ولي العهد منفتح على زيادة الإنتاج ضمن حدود. وقال: أهم نقطة في بيان ولي العهد هي أننا بحاجة إلى نهج متوازن تجاه تحول الطاقة لدينا لأن المملكة تزيد طاقتها إلى 13 مليون برميل ولا يمكن أن تتجاوز ذلك. السعودية أثبتت صحة موقفها على المسرح العالمي وأنها دولة مهمة في المنطقة، والولاياتالمتحدة الأميركية يجب أن تكون واقعية وتستفيد من شراكتها مع الكتلة التي تقودها المملكة، وتحتاج إلى دعم تحالفاتها في الشرق الأوسط، ونتوقع أن تشهد المنطقة خلال الأشهر المقبلة زيادة الارتباط الأميركي بالشرق الأوسط، لأن مصالح واشنطن العليا تقتضي ذلك، والواقعية السياسية ستكون سائدة، والإدارة الأميركية تدرك موقع السعودية في القضايا الحالية، وأنها ليست طرفاً وحيداً، بل تساندها كتلة كبيرة من دول مجلس التعاون ودول عربية، لذا سنجد أن العلاقات بين الرئيسين والبلدين ستشهد مرحلة جديدة في إطار التحالف.