تعكف شركة أرامكو السعودية على ابتكار الوقود النظيف، وإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، واستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، وتعتزم الشركة بأن تضطلع بدور ريادي في هذه الأسواق الجديدة، وفي ابتكار تقنياتٍ جديدة أيضا، أوضح ذلك، معالي رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو للسعودية ياسر الرميان، في أول تقرير للاستدامة، مشيراً لاحتلال أرامكو السعودية مكانة ريادية فريدة على صعيد قطاع الطاقة العالمي. وقال: "على الرغم من أن الشركة هي أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم، إلا أن كثافة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أعمالها في قطاع التنقيب والإنتاج هي الأقل على الإطلاق مقارنة بأي شركة من كبرى شركات النفط الأخرى. وهي بكل فخر شركة سعودية تضطلع بتطوير القدرات الاقتصادية والطاقات البشرية الهائلة، لكنها تتبنى خططا وطموحات عالمية للمستقبل. وتجمع الشركة بين الأداء اليومي المنضبط والنظرة المستقبلية الممتدة عبر الأجيال، وتضطلع بالإدارة الحكيمة لثروة الموارد الهيدروكربونية الكبيرة للمملكة، إذ تحظى الشركة بهذه المكانة الفريدة، فإنها تضطلع أيضا بمسؤوليات عظيمة تجاه مجتمعاتها التي تزاول فيها أعمالها، وعملائها الذين يعتمدون عليها، ومساهميها الذين يستفيدون من خدماتها. وكشف الرميان عن خطة الشركة للاستفادة من كميات أكبر من منتِجها الأساس في تصنيع البتروكيميائيات التي تمثل اللبنة الأساس للحياة العصرية، مستشهداً بما يحدث في تصنيع المواد البلاستيكية المتطورة من جزيئات الكربون، ومع ذلك يمكنها تقديم بديل منخفض الكربون للمواد التقليدية كالفولاذ والزجاج، كما أنها تعتبر عناصر حاسمة في تصنيع البنية التحتية للطاقة المتجددة. وتمثل هذه المنهجية المعنية بالاقتصاد الدائري للكربون، التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وصادقت عليها مجموعة العشرين، جزءا لا يتجزأ من التحول من اقتصاد خطي قائم على التصنيع، والاستخدام، ثم التخلص إلى اقتصاد قائم على تقليل النفايات، وإعادة استخدام المواد غير المتجددة، وإعادة تدويرها، وفي حالة الكربون، يمكننا إضافة "مرحلة رابعة" تتمثل في إزالة الكربون من الدورة بشكل كامل عبر استخلاصه وتخزينه.وشدد الرميان بالقول، "ينبغي أن ننجح في الحد من الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري، الناتجة عن إنتاج واستخدام كل من النفط والغاز إلى أقل مستوى ممكن. وأرامكو السعودية هي إحدى الشركات الرائدة على مستوى قطاع الطاقة في الحد من الانبعاثات الكربونية المصاحبة للإنتاج، ولفت الرميان إلى أن أرامكو السعودية اعتادت دائما على تبني نظرة بعيدة وأعدت هذه السلسلة من التقارير، تعزيزا لبصمتها في قطاع الطاقة، والمتمثلة في إنتاج الطاقة بشكل مسؤول من المواد الهيدروكربونية وإيجاد القيمة لمساهميها، لعقود عديدة قادمة. من جانبه قال الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة أرامكو السعودية م. أمين الناصر، إن "أرامكو هي إحدى كبرى شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة والرائدة على مستوى العالم، وحجم أعمالها لا يضاهى، وقدرتها على تحقيق الفارق في العالم حقيقة لا يساورها شك". وأشار إلى أن نظام الطاقة العالمي يمر بمنعطف قد تكون له عواقب وخيمة على العالم إذا ما فشل المجتمع العالمي في اتباع النهج الصحيح الذي تدعمه مجموعة من الإجراءات الفاعلة والمهمة. ومن بين بواعث القلق التي تشغل قطاع الطاقة بشكل خاص التراجع المزمن في الاستثمار في مجال إنتاج النفط والغاز خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى نقص الإمدادات. وإذا تركت تلك الأمور دون حل، فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة أمن الطاقة وتفاقم معدلات التضخم وإحداث اضطرابات اجتماعية. وقد جاءت أزمة أوكرانيا لتفاقم هذه التحديات، ولتؤكد في الوقت نفسه على أن البدائل من مصادر الطاقة المتجددة لا تزال غير مؤهلة لسد الفجوة، وهذا وضع لا يمكن تحمله، لذلك أصبح اللجوء إلى طريقة تفكير جديدة هو الحل الناجع للتصدي لمعضلة التغير المناخي بشكل فاعل. ويبدأ هذا الحل بالاعتراف بثلاث حقائق، الأولى، يشير الواقع إلى أن المواد الهيدروكربونية ستواصل الاضطلاع بدور حيوي في نظام الطاقة العالمي على مدى عقود عديدة قادمة حتى في ظل أصعب التصورات المناخية. والحقيقة الثانية، تتباين احتياجات الأسواق في المستقبل، حيث ستظل بعض الأسواق بحاجة إلى المواد الهيدروكربونية لما بعد عام 2050. والحقيقة الثالثة، عندما يتعلق الأمر بالنفط والغاز، فمن الواضح أن المستقبل يتجه الآن لصالح المنتجين الأقل تكلفة والأقل كثافة كربونية، وتعتزم الشركة أن تكون واحدة من هؤلاء المنتجين. ولفت الناصر لتمتع أرامكو السعودية كشركة بمزايا كبيرة، منها المستوى العالمي لأعمالها الذي يجمع بين انخفاض كثافة الانبعاثات الكربونية من قطاع التنقيب والإنتاج، ومستويات شبه صفرية لانبعاثات غاز الميثان وممارسات حرق الغاز في الشعلات، بالإضافة إلى تكلفة إنتاج منخفضة نسبياً. ويستند كل ذلك إلى سجل الشركة الحافل بالموثوقية والمرونة على مدى 90 عاما. وتفخر الشركة أيما فخر بأنه حتى في أوقات اضطرابات السوق وتقلباتها وعندما تعرضت أعمالها للهجوم لم تتخلف أبدا عن تسليم أي شحنة لأي عميل لأسباب تشغيلية. وبالنظر إلى المستقبل، قال الناصر، "نجد أن أعظم الفرص المتاحة أمامنا الآن، إنما ترتكز إلى قدرتنا على العمل بشكل مستدام، ويعني ذلك أنه يتعين علينا ضمان استدامة أعمال الشركة، واستدامة البيئة التي تزاول فيها أعمالها وأين تستخدم منتجاتها، ومساعدة المجتمعات التي تعمل فيها أرامكو السعودية على تحقيق النمو والازدهار، وهي مهمة صعبة، حيث إننا لا نملك كل الإجابات ولا جميع التقنيات، بل ولا يوجد من يملكها، لكننا نسعى جاهدين إلى ذلك. ياسر الرميان م. أمين الناصر