قبل أيام عملت وكالة أنباء عالمية قصة صحفية عن السياحة في دبي في زمن كورونا والمتطور الجديد "أوميكرون"، لو كانت القصة بغير وقت الأزمة التي يعيشها العالم فيما يتعلق بالسفر والسياحة، لاعتبرنا الأمر عاديا ودعاية إعلامية مقبولة، ولكن في ظل اشتداد أزمة الجائحة بعد هدوئها المؤقت الفترة الماضية، وتخطيط المسؤولين الإعلاميين في دبي لجذب الانتباه للإمارة الجاذبة لأطياف السياح وخاصة الأغنياء وتحديدا خلال شهر ديسمبر الدافئ نوعا ما مقارنة مع أغلبية الدول خصوصا أميركا وروسيا وأوروبا. لم تكن القصة الصحفية إعلانا مباشرا، كانت عملا صحفيا محترفا، لقاءات مع جنسيات مختلفة، كانت خلاصة كلامهم تحدي كورونا والإشادة بالإجراءات الصحية، الأهم دعوة الكثيرين للقيام بهذه التجربة دون خوف، الوكالة العالمية التي تعامت مع الخبر أو العمل الصحفي، تعاملت بلغة حملات العلاقات العامة المدفوعة وغير مباشرة، وهنا الذكاء من صاحب المصلحة والوسيلة الناشرة، وهذا أمر متعارف عليه إعلاميا وبمجال العلاقات العامة وخصوصا بالحملات الكبيرة، تخيلوا كم كانت ردة فعل من قرأ هذا التقرير، وما الانطباع المباشر عن السياحة بدبي وأيضا ما يتخذونه من إجراءات احترازية؟، حتى لو لم يكن هذا العمل الصحفي سببا في سفر من يطلع عليه إلى الإمارة الجميلة، سيكون لديه انطباع مختلف وجيد عكس ما تفعله التقارير السلبية. المقدمة الماضية، ملخصها وبتكرار لن يكون مملا، أين نحن من هذه الأفكار الإعلانية الإعلامية، هل تتوقعون وبكل صراحة أن عرض أي مُنجز سعودي على عدد من الشاشات في ساحة تايمز سكوير نيويورك كافي وستصل رسالته لعشرات الملايين من الأمريكان والسياح، هل تناسينا أن الساحة بها مئات الشاشات ومئات المواضيع التي تتحرك وبسرعة وقد لا يلحظها الكثيرون، أم أن الأمر مجرد حضور هناك والتقاط صور من الشاشات واعتبار أن ما تم منجز إعلامي وحضور مدهش، هذا لاحظته بهذا الخصوص خلال الثلاث سنوات القادمة، قد يكون أمرا جيدا، وقد يكون ممتازا إذا كان هدفنا رسالة داخلية للجمهور السعودي أننا كنا على أهم شاشات التايم سكوير، ولكن هل هذا هو الهدف؟. الشفافية مع أنفسنا من الناحية الإعلامية مهمة، لدينا منجزات عظيمة، ولدينا حراك اجتماعي لافت ولدينا اقتصاد قوي، وحضور سياسي مهم، ولكن ليس لدينا إعلام ببساطة، ليس لدينا علاقات عامة، التوجه للداخل أكثر، وهذا خطأ كبير، الدول بحضورها وقوتها الإعلامية، أمريكا كقوة عظمى بعد الانكسار في فيتنام، لقد سخرت هوليود مئات الأفلام لاظهار قوة وشهامة وتميز الجندي الأمريكي، أعطت للعالم صورة مختلفة عن واقع الهزيمة، وكانت نتائجه كبيرة وملموسة، كما يحدث من بريطانيا عندما تكرس قوة جهاز المخابرات لديها بصورة مستمرة عبر الإعلام بسلسة أفلام "العميل السري 07". لا نحتاج لاعلام مباشر لمدحنا أو الحديث عن انجازاتنا، نحتاج لاعلام وأفكار ذكية تعكس ذلك، استغرب قبل أيام احتفال حساب سفارتنا بواشنطن بأول مذيعة سعودية للأخبار على القناة الأولى، رغم أننا أكثر من عقد من الزمان احتفلنا بالزميلة ب"بثينة النصر" على قناة الإخبارية، الآن نحن لدينا كم أكبر من المنجزات على مستوى المرأة السعودية، لدينا ثورة اجتماعية إيجابية غير مسبوقة، تستحق الحديث عنها وعمل آلاف القصص الصحفية، فقد ينعكس خبر أول مذيعة في هذه الفترة سلبيا ويصبح مثيرا لدهشة الآخرين.
