وجّه المحللون في وسائل الإعلام الإسرائيلية، صبيحة وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على غزة أمس الجمعة، انتقادات لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، وسياسته وأدائه خلال العدوان، كما انتقدوا طريقة وقف إطلاق النار، واتهموا نتانياهو بأن استسلم لضغوط الرئيس الأميركي، جو بايدن. ورأى قسم منهم أن إسرائيل تلقت "ضربة قاضية" من الناحية الإعلامية خلال العدوان. وأشار الناطق العسكري الإسرائيلي السابق، رونين منيليس، في تحليل قصير نشره موقع هيئة البث العامة "كان"، إلى الأداء الإعلامي الإسرائيلي. فقد أعلن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) عن قرار بوقف إطلاق النار بعد نصف ساعة من انتهاء اجتماع الكابينيت، نشرت خلالها وسائل الإعلام الأجنبية عن قرار الكابينيت، "فيما تم إبقاء الجمهور الإسرائيلي في الظلام، الأمر الذي يدل كثيراً على أداء الإعلام العام الإسرائيلي خلال العملية العسكرية". ورأى منيليس إلى أنه توجد في إسرائيل "ثقافة افتقار لإعلام سياسي متواصل. لا يتحدثون عن أي شيء. وطوال 11 يوماً، لم يقف شخص بلباس مدني أمام المواطنين وقال لهم ماذا يريد؟ ما الأهداف العسكرية ومتى سيتم تحقيقها؟". وأضاف منيليس أن وقف إطلاق النار هو "الأقل أهمية. والجمهور لا يعلم ما إذا كانت الأهداف التي وضعت للعملية العسكرية قد تحققت. إذ لم يتم توضيح هذا الموضوع للجمهور، وعلينا ألا نتوقع أن نحصل على تقرير كامل عن ذلك". وبحسب منيليس، فإن إسرائيل ألحقت ضرراً كبيراً بحماس، "لكن ثمة دعوة في الشارع لنزع سلاح حماس، وتمزيقها. وهذا أمر لا يمكن أن يحدث بدون اجتياح بري، احتلال المنطقة والسيطرة عليها لفترة. قد يستغرق أشهراً وحتى سنوات. هل هذا جيد أم سيئ؟ هذا منوط بالسؤال حول الإستراتيجية التي يريدون تحقيقها. وإذا أرادوا إخراج حماس من القطاع بشكل كامل، فإن هذه الطريق العسكرية هي الطريق الوحيدة". من جهته، اتهم المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، نتانياهو بأنه "حاول إلقاء مسؤولية وقف إطلاق النار، الذي فرضه عليه الرئيس الأميركي جو بايدن، على الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الأخرى. وجاء في بيان حول قرار الكابينيت أنه تمت المصادقة بالإجماع على وقف إطلاق النار بموجب (توصية كافة الجهات الأمنية - رئيس هيئة الأركان العامة، رئيس الشاباك، رئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي). وبعد ذلك مباشرة، بتسريبات إلى وسائل إعلام، بدأت الأقوال السلبية حول أداء الجيش في العملية العسكرية على قطاع غزة. وأضاف هرئيل أن "هذه محاولة شفافة للاختباء خلف إجماع الجهات المهنية، بدل من تسويغ اعتبارات المستوى السياسي بوقف إطلاق النار. وهذا ينضم إلى التسريبات المتعمدة من الأيام الأخيرة، التي بموجبها كأن الجيش الإسرائيلي مارس ضغوطاً على نتانياهو من أجل إنهاء العملية العسكرية، ورئيس الحكومة لا يزال يدرس الموضوع". ورأى هرئيل أن "النجاحات العسكرية للجيش الإسرائيلي محدودة على ما يبدو، وبالتأكيد لا تتطابق مع الروح المبتهجة التي بثها قسم من الجنرالات المتقاعدين في الأستوديوهات. و(حارس الأسوار) كان معركة أخرى ضمن سلسلة عمليات عسكرية محدودة في قطاع غزة، ولا تتطلع في الحقيقة إلى إزالة التهديد الأمني الماثل منها. واتهام الجيش الإسرائيلي بوقف إطلاق النار يشوه الحقائق وحتى إنه سخيف". وأردف أن "العملية العسكرية انتهت لأنه في البيت الأبيض انتهى الصبر حيال القصف الإسرائيلي في غزة. وهذا ليس متعلقاً بعدد منصات إطلاق القذائف الصاروخية التي دُمرت وبعدد قياديي حماس الذين تم محوهم من قائمة الأهداف". ولفت هرئيل إلى أن "نتانياهو ينهي العملية العسكرية، مثلما توقع بالتأكيد، بخيبة أمل معينة. ورغم أن الاشتعال الأمني، الذي ساهم به بنفسه بواسطة الدعم الذي منحه لخطوات الشرطة الاستفزازية في القدس، أحبطت تشكيل حكومة التغيير التي تطلعت إلى إبعاده عن الحكم، إلا أن طريقه نحو تشكيل حكومة جديدة ما زالت تبدو غير ممهدة. وصافرة النهاية لا تحسن وضعه لدى الجمهور على ما يبدو. وفي هذه الاثناء، هو يخوض معركة مقابل خصومه السياسيين، ومقابل النيابة العامة، وليس هجوماً هدفه الفوز. وأضيفت إلى خصومه أمس الكثير من الذخيرة ضده". من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، أنه "كانت للجيش الإسرائيلي إنجازات مثيرة للإعجاب، بعضها إستراتيجي وبعضها الآخر تكتيكي. هدم الأنفاق القتالية في كافة أنحاء القطاع، وكذلك تلك التي تسللت إلى إسرائيل كانت إنجازاً إستراتيجياً. وتدمير منظومة إنتاج وتطوير القذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار وقطع بحرية هو إنجاز إستراتيجي آخر". وأضاف: "لكن، وهذه لكن كبيرة، الجيش الإسرائيلي لم ينجح في إحباط وتدمير منظومة إطلاق القذائف الصاروخية والصواريخ. وقسم كبير من السلاح الإستراتيجي ل"جيوش الإرهاب الغزاوية" ما زالت قابلة للاستخدام، وتسمح لحماس والجهاد بتهديد إسرائيل وإحداث توازن رعب مقابلنا". وتابع بن يشاي: "صحيح أن الردع الذي تم ترميمه سيجعل حماس والجهاد يفكران مرتين وربما ثلاث قبل أن يطلقوا باتجاه غلاف غزة قذائف صاروخية وقذائف هاون أو صواريخ مضادة للمدرعات. لكن مجرد توفر القدرات لتنفيذ ذلك هي حقيقة يتعين على إسرائيل أن تأخذها بالحسبان عندما تواجه حكم حماس في غزة في المستقبل". ورأى بن يشاي أن "ثمة شكا إذا كان اجتياح بري داخل القطاع يسمح للجيش الإسرائيلي بإنهاء المهمة بالكامل، حتى في مجال القضاء على منظومة القذائف الصاروخية. ومن الجهة الأخرى، فإن عملية عسكرية برية كانت مقرونة بخسائر وباستمرارها لأسابيع كثيرة، إن لم يكن أشهراً طويلة، حتى نحقق النتائج. وخلال فترة كهذه ما كانت إسرائيل ستتمكن من العودة إلى روتين اقتصادي وحياة اعتيادية". من جهته، رحب رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية بنجاح الجهود الدولية التي بذلت طيلة الأيام الماضية والتي قادتها جمهورية مصر العربية لوقف العدوان الإسرائيلي قطاع غزة، الذي تعرض لعمليات قتل وترويع وإبادة جماعية طيلة الأيام الأحد عشر من عمر الحرب المروعة، التي أبيدت خلالها أكثر من عشرين عائلة بأكملها، وقتل عشرات الأطفال، والنساء، والشيوخ، وأصيب المئات بجراح بفعل الدمار الهائل الذي لحق بالمنشآت والمباني والعمارات والأبراج السكنية، وهدمت عشرات البيوت على رؤوس ساكنيها، وجرى تدمير جميع مكونات الحياة في قطاع غزة المثقل بالأزمات بفعل الحصار الظالم المفروض عليه منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. وعبر رئيس الوزراء عن شكره لجميع الدول التي استجابت للدعوة التي وجهها الرئيس محمود عباس خلال الأيام الأولى للعدوان لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني، وعقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد فشل مجلس الأمن في استصدار قرار بوقف العدوان، مشيداً بكلمات مندوبي الدول الشقيقة والصديقة التي عبرت عن رفضها لجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين في قطاع غزة، ودعوتها لإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، ولا سيما الجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية للتوصل إلى اتفاق بوقف العدوان، والذي دخل حيز التنفيذ عند الساعة الثانية من فجر أمس الجمعة. وأكد اشتية أن الحكومة سترفع تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الأطفال والنساء إلى المحكمة الجنائية الدولية التي سبق وفتحت تحقيقاً في الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت ضد المواطنين في القطاع خلال حروب ثلاث شنتها إسرائيل على قطاع غزة.