ع ل ق

أرى قناديل معلقة من سقف المقهى. لماذا؟
إنه اختيارٌ ذوقيّ، ليس له حاجة ماسة، بل يمكن تثبيت الأنوار على الجدران أو تكون عمودية على الأرض، لكن تعليقها بهذه الطريقة يعطي مظهراً معيناً للمكان ويكسر فراغ السقف.
الأشياء المعلقة تخالف الجاذبية، لذلك يحسب لها المهندسون حسبات معينة وفقاً لقوانين الفيزياء، فالوزن المعين لا بد من تثبيته بمواصفات معينة تتحمل العبء، وإلا سقطت ولفشل التعليق.
والتعليق يخالف القرآن، فنهى الله عن عدم العدل بين الزوجات بأن يميل الرجل إلى إحداهن ولا يؤدي مسؤولياته الزوجية تجاه الأخرى كما في الآية: "فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ".
(ع ل ق) جذر من الجذور، وفي تعريف الكلمة في كتاب لسان العرب قال ابن منظور: «علق بالشيء علقا وعلقه: نشب فيه»، أتى في تاريخ العرب بمعنى ثقافي شهير وهو المعلقات، أشعار عظّمها العرب حتى علقوها على الكعبة قبل الإسلام، فإذا قيل إن فلاناً من شعراء المعلقات كان هذا كافياً لمعرفة قدره كشاعر، إنه وصفٌ واحد يشكل سيرة ذاتية كاملة لا تحتاج أي تعليق!
والشعر له وزن حضاري ضخم في تاريخ العرب، أشعار الحماسة والدين والتصوير وطبعاً الحب، شعراء تعلقت قلوبهم بنساء تعلقاً شديداً تحول إلى هوس وعذاب ومشاعر متأججة وأبيات صارت تتناقل على مر الأجيال.
ع ل ق، ثلاثة أحرف، عددها قليل لكن شأنها عظيم، فمنها بدأت الحياة البشرية: "خُلق الإنسان من علق".