تدشين أول مزرعة حضرية داخل المتاجر وأسواق المنتجات الغذائية    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضاً عند مستوى 12484 نقطة    بيانات اقتصادية قوية من أوروبا ترفع أسعار النفط    مرصد منظمة التعاون الإسلامي يؤكد مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على قطاع غزة    مجلس الوزراء: منح المتضررين من تصدعات قرية طابة تعويضاً إضافياً أو أرضاً سكنية    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية لقوات أمن الحج    ذوو الإعاقة يطالبون بمزايا وظيفية وتقاعد مبكر    القصاص لمواطن قتل أخته    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور جامعة جازان    تركيب نصف مفصل فخذ صناعي لسبعيني في مستشفى الملك خالد بالخرج    أمير حائل يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمنطقة    أمير منطقة تبوك يهنئ جامعة تبوك لحصدها ٦ ميداليات في معرض جنيف الدولي للاختراعات    سمو أمير المنطقة الشرقية يدشن غداً توسعة وتطوير مطار الأحساء الدولي    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي منسوبي فرع الرئاسة العامة بمنطقة جازان    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    كريسبو يتحدث عن غياب بونو وميتروفيتش    جامعة نورة تحصد أربع ميداليات في معرض جنيف الدولي للاختراعات    أبها يكشف إصابة زكريا سامي بالرباط الصليبي    تشكيل الهلال المتوقع أمام العين الإماراتي    محافظ الأحساء يستقبل قائد لواء الملك عبدالعزيز بالحرس الوطني المعين    الاستعلام عن السجلات التجارية عبر "توكلنا"    غدًا الأربعاء .. افتتاح مطار غرب القصيم بمحافظة الرس    المجمع الفقهي يوصي بتمكين المرأة بالتعليم    السديس يُثمِّن جهود القيادة الرشيدة لتعزيز رسالة الإسلام الوسطية وتكريس قيم التسامح    جامعة الملك سعود تُعقد الملتقى العلمي الأول لتقنيات التعليم تحت عنوان "رؤى بحثية وممارسات مهنية"    سمو وزير الدفاع يتلقى اتصالا من وزير الدفاع البريطاني    نائب رئيس مجلس الشورى يلتقي النائب الأول لرئيس البرلمان اليوناني    السعودية للكهرباء" تشارك في مؤتمر "الطاقة العالمي" بنسخته ال 26 بهولندا    مارتينيز سعيد بالتتويج بلقب الدوري الإيطالي في قمة ميلانو    نيابة عن خادم الحرمين .. أمير منطقة الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية    طرح تذاكر مباراة الاتحاد والشباب في "روشن"    ارتفاع في درجات الحرارة على منطقتي مكة والمدينة وفرصة لهطول أمطار بالجنوب    «السيادي السعودي».. ينشئ أكبر شركة أبراج اتصالات في المنطقة    «مسام»: نزع 857 لغماً في اليمن خلال أسبوع    الإعلام والنمطية    غربال الإعلام يصطفي الإعلاميين الحقيقيين    تعزيز التعاون الخليجي الأوروبي    تقدير أممي لجهود مركز الملك سلمان في اليمن    «تيك توك» ينافس إنستجرام بتطبيق جديد    أطباء يابانيون يقاضون« جوجل»    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    النسيان النفسي    اختلاف زمرة الدم بين الزوجين    قصور الرياض واستثمارها اقتصادياً    أمير حائل يفتتح أكبر قصور العالم التاريخية والأثرية    أمير حائل لمدير قطاع الحرف: أين تراث ومنتوجات حائل؟    شعوب الخليج.. مشتركات وتعايش    أمانة المدينة تطلق الحركة المرورية في طريق سلطانة مع تقاطعي الأمير عبدالمجيد وخالد بن الوليد    محافظ طبرجل يطلع على الخدمات البلدية    أكثر من ثمانية آلاف ساعة تطوعية في هلال مكة    سلسلة من الزلازل تهز تايوان    مساجد المملكة تذكر بنعمة الأمن واجتماع الكلمة    حاجز الردع النفسي    العين بين أهله.. فماذا دهاكم؟    ماذا يحدث في أندية المدينة؟    «البيئة» تُطلق مسابقة أجمل الصور والفيديوهات لبيئة المملكة    الزائر السري    أمير الرياض يرعى حفل تخريج دفعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة الفيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جامع الديرة التراثي بشقراء قيمة تاريخية ومكانة دينية
نشر في الرياض يوم 23 - 04 - 2021

في شقراء يظهر الجامع القديم من بعيد معلماً أثرياً شاهداً على عناية أهل شقراء بمساجدها وبتراثها، وتاريخ الأجداد العريق، ففي هذا الزمن البعيد كانت إقامة المجتمع الإسلامي تبدأ من المسجد، ويكون بجانبه السوق الرئيس باعتباره الملتقى الاجتماعي والثقافي والتعليمي والإنساني، الذي يجمع أطياف المجتمع من جميع أطرافه، لبحث ونقاش ما يهم الجميع، في جو تشاوري جميل، ولذا جاء ترميم الجامع القديم (جامع الديرة) تزامناً مع إعادة سوق المجلس لماضيه الجميل، ويعيد الجيل الجديد إلى الزمن القديم، بكل جمالياته الخالدة.
وقال أ.د عبداللطيف بن محمد الحميد، استاذ التاريخ، صاحب دار تراث الوشم، القريب موقعها من الجامع، ارتبط وجود شقراء وغيرها من بلدان نجد قديماً بأربعة عناصر رئيسة، المسجد الجامع أو جامع الديرة الكبير وسوق المجلس وبيت الأمير وسكة المدينة وموقعها قلب المدينة ومركز البلدة منذ ظهور الإسلام إلى وقتنا الحاضر، ويرتبط بالجامع وجود بيت للغرباء وبئرين للماء وقليل من النخيل وقفاً للجامع وإلى وقت قريب كان الجامع هو الوحيد الذي تقام فيه صلاة الجمعة كما في معظم بلدان نجد وذلك قبل أن تتوسع المدن وتزال الأسوار في زمن نهضة البلاد على يد طيب الذكر الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وأضاف الحميد أنه تمت الإشارة لجامع شقراء من الكثير من الرحالة، ذكره فورد في تقاريره لإبراهيم باشا، كما ذكره الرحالة سادليير وهاملتون وفيلبي والريحاني وغيرهم وبين الحميد أن جامع الديرة دور تعليمي بارز في جميع العصور فإمامته غالباً لقاضي البلدة وهو خطيب الجامع ومعلم القرآن والكتاتيب، صور فيلبي الجامع ومئذنته الشهيرة عام 1336 هجري.
ومن جهته أوضح د. فهد بن محمد بن سليمان الحصين فكرة الترميم بقوله: بدأت الفكرة عند زيارتي لشقراء مع أحد الأصدقاء، وله صلة قرابة مع، أ. يوسف المهنا (رئيس لجنة الحرف والتراث الذراع التراثية لجمعية التنمية والتطوير بشقراء) لمتابعة أعمال ترميم أحد بيوت شقراء القديمة، وخلال حديثنا في مجلس "المهنا" وبعد جولة ببعض الأعمال القائمة أبديت رغبتي بالمساهمة في تطوير أحد المعالم الأثرية في شقراء، فاقترح على جامع الديرة، والذي كان للأسرة علاقة طيبة بإمامته، حيث كان عبدالرحمن الحصين -رحمه الله- يؤم ويخطب بالجامع.
ثم بدأ التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية، بإعادة ترميم الجامع، بما يتناسب مع المنطقة المحيطة به من ناحية الطراز المعماري، وبدأ العمل بإشراف ومتابعة أ. يوسف المهنا وأ. عبدالله المجيول، وتولت وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة فرشه، وقد ساهم أبناء عبدالرحمن الحصين في أعمال الترميم بما يتراوح بين 20 إلى 25%، وهي مساهمة نوعية وتشجيعية ليست مستغربة منهم.كما ساهمت لجنة الحرف والتراث في الاشراف وإتمام مشروع الترميم.
تاريخ الجامع القديم
لا يذكر أحد بالتحديد العام الذي بُني فيه هذا المسجد الأثري، إلا أن الشيخ عبدالرحمن بن محمد السدحان -رحمه الله- يرجح أن يكون بناؤه قد حدث مع نشأة البلد نفسها، أي قبل سوق المجلس بقرنين أو ثلاثة، فيكون عمره تقريباً يزيد على ستمائة سنة، ويرى البعض أن تأسيس الجامع منذ القرن الأول الهجري حيث دخلت نجد كلها قاطبة في الإسلام منذ السنة التاسعة للهجرة والوشم من صميم نجد. وشقراء وبقية المدن والقرى فيه جلها عرفت قبل الإسلام، ولا أدل من القصيدة الميمية للشاعر الأموي زياد بن منقذ الملقب بالمرار، المتوفي عام 100 هجري قالها في صنعاء وهو متوجه لدمشق، وفيها:
متى امر على الشقراء معتسفا،
خل النقا بمروح لحمها زيم،
وقد جرى على الجامع تعديلات وتوسعات كان أهمها عام 1354ه، إذ جُدد بناؤه وساهم (الثري) عمر الشريهي من أهل شقراء، في ذلك، كما جرت عليه تعديلات أخرى عام 1366ه مساهمة من الأهالي، وفي عام 1386ه هُدِم الطين وبُني بالمُسلح على نفقة الجميح وبإشراف مباشر من الشيخ محمد العبدالله الجميح -رحمه الله-، ثم بعد عدة سنوات تم إعادة بنائه من الدوله -حفظها الله-، ضمن المساجد التي صلى بها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-. ولم يذكر أن توقفت الصلاة فيه إلا بسبب إعادة البناء أو الترميم.
كان من أهم أئمته: الشيخ عبدالله الزوم (وكان المؤذن وقتها سليمان بن إدريس)، وكذلك: الشيخ عمر بن عبدالعزيز البابطين وكان قاضياً في الحلوة التابعة لحوطة بني تميم، ثم في رماح، وقد صلَّى إماماً بالجامع بعد إحالته للتقاعد عام 1380ه إلى أن توفاه الله عام 1389ه وكان رحمه الله حجة في الفرائض والمناسخات وسريع البديهة في كل الأعمال الحسابية مع أنه كفيف البصر، وخلفه الشيخ عبدالعزيز بن عمر السنيدي، ثم الشيخ عبدالعزيز الجوفان. ثم تولى الخطابة فيه الشيخ جماز بن عبدالرحمن الجماز عام1437 هجري وأصبح إماماً له عام 1438 إلى وقتنا الحاضر، تقام فيه جميع الصلوات بما فيها الجمع والأعياد.
ويورد كتاب: "شقراء" لمؤلفه محمد العمار إشارة لطيفة إلى أن فضيلة الشيخ الفقيه إبراهيم بن عبد اللطيف المعروف -رحمه الله-، المولود بشقراء عام 1270ه والمتوفى عام 1352ه، والذي ولَّاه الملك عبد العزيز -رحمه الله- القضاء في شقراء وتوابعها من بلدان الوشم عام 1337ه، قد تولى أيضاً الإمامة والخطابة مدة خمسين سنة تقريباً في جامع شقراء محتسباً الأجر والثواب. كما تولى الإمامة والخطابة فيه سماحة العالم الشيخ صالح بن غصون -رحمه الله-، أكثر من عشر سنوات أثناء فترة عمله قاضياً ورئيساً لمحكمة شقراء.
أما أشهر مؤذنيه خلال الخمسين عاماً الماضية فمنهم: سليمان بن إدريس، ومحمد المهنا، وسالم اليماني، وسعد المقرن وكان يهتم. بالجامع أيضاً عبدالله بن حسين -رحمهم الله جميعاً-.
أهمية الجامع بقلوب أهل شقراء
عن أهمية هذا الجامع لأهل شقراء ذكر الشيخ عبدالله بن محمد السنيدي (مساعد مدير التعليم بشقراء سابقاً) إن أعيان شقراء والقطاع الأكبر من ساكنيها حافظوا على مكانة هذا الجامع لعدة سنين، ولا أدلَّ على ذلك من اتفاقهم بعدم اعتماد (جامع الربيعة) مسجداً جامعاً بعد الفراغ من تشييده أواخر السبعينات الهجرية، مع الإبقاء عليه للصلوات الخمس فقط بضع سنين، ولم يسمحوا بذلك إلا حين ازدحم "جامع الديرة" بالمصلين أواسط الثمانينات الهجرية، وازدهر حي الباطن الجنوبي لكثرة ساكنيه.
ويمتاز الجامع بموقعه الاستراتيجي، لتوسطه بين سوقين عريقين هما (المجلس) غرباً و (حليوة) شرقاً، فضلاً عن وقوعه في قلب أحياء البلدة القديمة، وإبَّان طفرة التسعينات الهجرية حظيَ الجامع بأهمية بالغة في المواسم والمناسبات، ومن أهمها عشر ذي الحجة لاكتظاظ سوق (حليوة) ببائعي الأغنام استعداداً لعيد الأضحى، وللحراك التجاري اللافت يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع.
ويظهر وهج الجامع أكثر في رمضان من كل عام، إذ كان يتجه جمع من الأهالي لأداء صلاة العشاء والتراويح فيه، ومما ساعد في قوة حضوره: (مشروع الجميح لتفطير الصائمين) القريب من موقعه، فقد كان يفدُ إلى شقراء أعداد كبيرة من قاطني ضواحيها وصحاريها لتناول وجبة الإفطار بهذا المشروع الخيري المبارك، ومن ثم يتجه الجميع لأداء الصلاة في الجامع.
وقد أحدَثَ انتقال إمام وخطيب جامع الديرة بشقراء سابقاً الشيخ الوقور عبدالعزيز بن عمر السنيدي -رحمه الله-، إلى العاصمة الرياض عام 1399ه فراغاً مُفاجئاً نظراً لقلة المشايخ وطلبة العِلم في تلك الفترة، ما أدَّى إلى الاستعانة بالشيخ عبدالرحمن بن عبد العزيز المقحم وإحضاره من بلدته المشاش لإمامة المصلين في صلاة التراويح مدَّة ثلاث سنوات تقريباً.
تغيرت الأحوال وبقي الجامع على هيبته
لم يكن الجامع القديم للصلاة فقط، فقد كان فيه أيضاً مكان لغسل الجنائز، ومع الطفرة الاقتصادية الأولى التي عمت مدن المملكة، وانتقال الأهالي من البلدة القديمة إلى الفلل الخرسانية الجديدة، استمرَّ غَسْل الجنائز وتجهيزها والصلاة عليها بالجامع إلى أنْ تمَّ تشييد الجوامع الحديثة، فاستمرَّ أيضاً تجهيز الجنائز النسائية بمغسلة الشيخ الجميح المُلحقة بجامع الديرة، فيما تمَّ نقل الجنائز الرجالية إلى مغسلة جامع الشيخ عبدالعزيز المهنا المجهزة بأحدث الاجهزة.
وبعد هدم الجامع وإعادة بنائه وانسجاماً مع الهبَّة التراثية المُتنامية التي تشهدها البلدة القديمة طيلة العقدين الماضيين، فقد اختير الطراز التراثي الطيني لهذا الجامع التاريخي، مُسايَرةً لِما حوله من معالمَ سياحيةٍ وأثرية وتراثية خالدة.
وكما كان لجامع الديرة هيبته الراسخة في أنفس أهالي شقراء قديماً، فإن ترميمه نقل تلك الهيبة إلى الجيل الحالي، لتظل مُتوارثة بين الأجيال، كونه الجامع الأقدم في بلدتهم العريقة.
الجامع بعد اكتمال ترميمه
محمد الجميح أشرف على إعادة بنائه العام 1386ه
حمد الجميح
فهد الحصين تابع مراحل الترميم الأخيرة
عبداللطيف الحميد صاحب دار تراث الوشم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.