الأمن الفكري مطلبٌ ضروري ومهم، ويعتبر ركيزة كبرى بالغة الأهمية لحياة الأمم والمجتمعات ونموها وازدهارها، وتزداد أهميته في الظروف التي تعصف أحياناً بأمن الدول والشعوب فيهتز أمنها وتظهر فيها الحوادث الإرهابية، والتي يكون سببها في الأصل فكر ضالّ، وأفكار منحرفة، حادت عن الطريق المستقيم، ووجدت من يُحسِّن لها طريق الضلال، ويحرك فيها الرغبة في الانحراف عن جادة الصواب. ومن هنا جاءت الحاجة إلى ضرورة تنقية الفكر، من هذه الأوبئة، وإصلاحه وتقويمه، ومن هنا أيضاً جاءت الحاجة الماسّة والحتمية (لتعزيز الأمن الفكري) لأنه الأساس المهم الذي تُبنى عليه الأفكار والأفعال والممارسات، ولأنه الدعامة الرئيسية لتعزيز الأمن الاجتماعي، ولكي يتم تأسيس الجانب المهم في هذا الأمر وهو جانب الوقاية والتحصين لأفكار الناشئة، ووقايتها من الانحرافات السلوكية والفكرية. وكما أن الأجهزة الأمنية تقوم بدورها في مواجهة الفكر المنحرف، واستئصاله ومحاربته، فلابد من مساندة هذا الجهد المشكور، بجهد آخر، يقوم بالمواجهة الفكرية والعلاج العلمي، والاشتغال على الأفكار والقناعات والمبادئ، لإصلاحها، وتنمية الجانب الإيجابي فيها، ومن هنا جاء مشروع (برنامج تعزيز الأمن الفكري) في منطقة القصيم الذي يرعاه ويتبناه ويؤسس لأهدافه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وكان هذا البرنامج الوطني من بنات أفكاره، ومن جاءت مبادرته لتبني هذا البرنامج، وإدراكه لأهميته ومتابعته لفكرته ودعمه لجهوده وبرامجه، وترؤسه لجنته العليا، واعطائه الكثير من وقته واهتمامه بكل سخاء، كل ذلك مما يُذكر فيُشكر لسموه الكريم، ولاسيما ونهج سموه الإداري في المنطقة يقوم على التخطيط العلمي المدروس، والعمل المنهجي المؤسس على رؤية، والمبني على قراءة واعية للواقع، تدرك قضاياه، وتستشرف مستقبله. ولقد كان لي شرف الانضمام إلى فريق عمل البرنامج، فلمست عن كثب مقدار الجهد الذي بُذل فيه، وعظمة الجهود التي قُدمت في إطاره، والتفاعل الكبير والاستجابة العظيمة التي قوبل بها من مختلف الشرائح الاجتماعية. والمدهش غير المستغرب في جهد الأمير أنه يتابع تفاصيل هذا البرنامج ونشاطاته بكل اهتمام، ويراجع ويقيِّم مضامينه، ويوجِّه في كل ما من شأنه نجاحه وتحقيقه لأهدافه المنشودة. وقد اختلف هذا البرنامج عن طبيعة البرامج الأخرى، التي تهتم بالجانب الالقائي النظري، والانتشار الجماهيري، وذلك باهتمامه بالبحث العلمي، وتشجيعه بتبني سموه لجائزة أفضل بحث عن مكافحة الإرهاب والفكر الضال، واعتماد فرع في جائزة القصيم للتميز، موضوعه: تنمية الاعتدال ونشر الوسطية. وكذلك ادراج البرنامج في جهود جميع الإدارات والمؤسسات الحكومية في منطقة القصيم، بمختلف اختصاصاتها الخدمية والتعليمية والصحية والخيرية إلخ، وذلك من أجل تكامل الجهود ونشر الفكرة الرائعة وتعميمها، من أجل وصولها إلى الجميع. وإلى الآن فقد شارك هذا البرنامج في عدة مهرجانات كبرى بالمنطقة من خلال جناح خاص به قُدمت من خلاله أكثر من (1000) استشارة نفسية واجتماعية وأسرية وتم توزيع أكثر من (10000) كتيب تعريفي بالبرنامج، فيما بلغت الملتقيات والأنشطة الثقافية (86) منشطا، واستفاد من البرنامج أكثر من (39500) مستفيد ومستفيدة، وبلغ عدد زوار المعرض الذي أقامه البرنامج (492800) زائر، والارقام خير دليل على ما لقيه البرنامج من اهتمام وإقبال ومشاركة. كما تفاعلت كافة الجهات الحكومية والخاصة بالمنطقة مع البرنامج بتوجيه مباشر من سموه وقناعته بأن دورها وتحديدا المحاضن التربوية في التعليم العام والجامعي هي الدائرة الأوسع والمنطلق الأساسي الذي يتم فيه بناء العقول وزرع الأفكار، وهذه الأرقام تعطي صورة واضحة عن مدى فعالية هذا البرنامج, وحجم التفاعل معه من المجتمع. ومدى حماس الجمهور بمختلف فئاته للتفاعل والاستجابة لأهداف البرنامج ونشاطاته. ومن أبرز صور تميّز هذا البرنامج أنه يتسق ويتناغم مع رؤية المملكة 2030 التي يشرف على تنفيذها سيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أمير الحلم السعودي -يحفظه الله- في ظل دعم ورعاية مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه-، وهو ما يعطي قوة دفع للبرنامج ويؤكد أهدافه الوطنية العليا، وختاماً فإن ما لمسته فعلياً من صور التفاعل والتعاون والحماس لهذا البرنامج يؤكد وبكل فخرٍ واعتزاز الرؤية الثاقبة لسمو أمير المنطقة ووعيه العلمي الدقيق، وإدارته الفذة، في تبني ورعاية مثل هذه البرامج والمبادرات الهادفة والجهود الوطنية المخلصة. وكيل إمارة منطقة القصيم للشؤون الأمنية