حققت القروض السكنية المقدمة للأفراد من المصارف خلال عام 2020 نمواً كبيراً قارب الضعف مقارنة مع العام 2019، وثمانية أضعاف عام 2016، ويحسب لبرنامج "سكني" أنه ساهم بشكل كبير في تملك الأسر السعودية للمسكن، وحقق إنجازات غير مسبوقة كانت تحتاج إلى أكثر من 25 سنة لتحقيق حلم تملك المسكن في النظام السابق، ولكن في المقابل كان لهذا الضخ المالي الكبير آثار سلبية يجب ألا نغفلها منها؛ الزيادة الكبيرة في أسعار الأراضي السكنية والتي تجاوزت 30 % خلال عام 2020 في المدن الرئيسة: الرياضوجدة، وفي اعتقادي أن الزيادة في هذه الأسعار سوف تستمر، لأن برامج "سكني" مستمرة في التوسع مقابل شح في الأراضي السكنية، وهذا يعني أن قيمة الأرض سوف تكون عائقاً خلال السنوات المقبلة لتملك المسكن إن لم تكن هنالك حلول عاجلة لتهيئة المزيد من الأراضي للسكن، الهيئة العامة لعقارات الدولة قد تساهم بزيادة المعروض من الأراضي السكنية لو استثمرت العقارات التي تقع تحت مظلتها بتطويرها وبيعها وخصوصاً أن ذلك من أحد أهدافها الاستثمارية، وهذا من شأنه توفير المزيد من الأراضي السكنية وردم الفجوة بين العرض والطلب الذي تسبب فيها التوسع في التمويل السكني، رسوم الأراضي لم تؤت ثمارها حتى الآن ولم تدفع الملاك إلى تطوير الأراضي البيضاء لأن النمو المتزايد في أسعار الأراضي دفع الملاك للتريث طمعاً في قيمة أكبر لأراضيهم، تكلفة مواد البناء ارتفعت بأكثر من 30 % مقارنة مع العام 2016 منها ما يقارب 15 % زيادة في الأسعار مقارنة مع 2019، جزء من هذا الارتفاع كان بسبب ضريبة القيمة المضافة، إلا أن زيادة الإنشاءات المعمارية كان لها الدور الأكبر في الزيادة، ناهيك عن الزيادة الكبيرة في أسعار المقاولين والعمالة والنقل والخدمات الأخرى، وإذا لم يبادر "سكني" في إيجاد حلول مساعدة تكبح الارتفاع في تكلفة البناء فإن السنوات المقبلة سوف تكون صعبة جداً في إمكانية المضي قدماً لتمليك المواطنين للمسكن، قد يكون من الحلول التي تخفف الأعباء المالية على المستفيدين إلغاء ضريبة القيمة المضافة على مواد البناء للمسكن الأول، ومنها تأهيل مقاولين لتنفيذ أعمال البناء الذاتي بشروط وأسعار مناسبة، وهنا نشير إلى مبادرة رائعة نفذتها "سكني" وهي خدمة التصاميم الهندسية لخيار البناء الذاتي، وذلك بالشراكة مع عدد من مكاتب التصميم الهندسي، وهذه الخدمة سهلت إجراءات البناء الذاتي للمسكن وخفضت التكاليف واختصرت الوقت وقدمت مخطط بناء مكتمل يشمل المخططات الإنشائية والميكانيكية والكهربائية وحتى الديكور الداخلي بالإضافة إلى جداول الكميات وتسعيرة شاملة لمواد البناء وغيرها من الخدمات التي تمنح المستفيد صورة كاملة ورؤية واضحة وتخفض كثيراً من الأخطاء في البناء مع استخراج كروكي الموقع ورخصة البناء، وكل هذه الخدمات تكلفتها أقل من عشرة آلاف ريال، أيضاً من الحلول؛ البناء المنخفض التكاليف والذي كان من الأهداف المطروحة في برامج "سكني"، ومنها البناء باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي تُعد من أحدث تقنيات الجيل الرابع لتقنيات البناء، ولا أعلم ماهي أسباب عدم المضي فيه مع أنه كان من الحلول الجيدة؟ إن كان التوقف عن هذا البرنامج بسبب عدم نجاح تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بعد التجربة فهناك حلول أخرى لتكلفة أقل عن طريق المنازل الجاهزة، التي تتميز بالجودة العالية والتي يتم بناؤها في المصنع ومن ثم نقلها إلى موقع أرض المالك وتجميعها هناك، المنازل الجاهزة تشتمل على إنشاءات أقل في الموقع، ولا تتطلب عمالة كبيرة مما يجعلها منخفضة التكاليف، وسهلة البناء، وتعد صديقة للبيئة مع إمكانية إعادة الاستخدام والعزل الحراري العالي وعدم الحاجة إلى عناصر هيكلية واضحة، وهي مجهزة تجهيزا كاملا بالتركيبات الداخلية، وتقلل من أعمال التشطيبات، وقد تتراوح مدة البناء في حدود أربعة أشهر، أما الخيار الأفضل على الاطلاق والأقل تكلفة هي الضواحي السكنية، التي توفر وحدات سكنية على أرضي الوزارة بوحدات مختلفة الأحجام مع بنية تحتية مطورة، الوزارة أطلقت مشروعات متعددة في عدة مدن، ولكن كانت جودة البناء أقل من الطموح، مؤخراً يبدو أن المشروعات راعت مستويات أعلى للجودة باشتراطات أكثر صرامة، وأهلت لها مطورين عقاريين لضمان تنفيذها بأعلى المعايير وبضمانات تمتد لعدة سنوات على التنفيذ، منها على سبيل المثال: مشروع "خيالا - المهندية" بمحافظة جدة، الذي يقع على مساحة 1.5 مليون م2، ويوفر أكثر من 3500 وحدة سكنية بمساحات وتصاميم متنوعة، ولكن هذا المشروع نفذ خلال ساعة واحدة من إطلاقه، وهذا مؤشر قوي على نجاح هكذا برامج.