تحوّل قطاع توصيل الطلبات مع أزمة كورونا إلى قطاع جاذب وفرص عمل واعدة لكثير من طالبي العمل، وأصبح مجالاً يحقق طلبات متزايدة ليس من الشباب فقط، بل ومن الفتيات أيضاً، بعد أن ساهم تفشي الجائحة في ظهور الأثر الإيجابي لقرار قيادة السيارة للمرأة. وقالت خلود العمري -تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية-: إنه لم يكتب لها أن تنجب طفلاً وتصبح أمًا، فقررت بعد خمسة أعوام من زواجها الدخول في غمار العمل، مضيفةً أن طول فترة البحث عن عمل دفعتها لشراء سيارة صغيرة بعد أن حصلت على رخصة القيادة قبل سنة ونصف السنة، لمساعدتها على التنقل، تجنباً لاستقلال وسائل المواصلات عبر التطبيقات وتكلفتها المادية، خاصةً أنها كانت تعشق قيادة السيارة خلال الرحلات البرية مع أسرتها، مشيرةً إلى أنها فشلت في الحصول على وظيفة جديدة، لكنها لم تيأس، حيث بدأت في مجال المشغولات اليدوية -هدايا المواليد- داخل منزلها، ولم يكن الحظ حليفاً لها، ولم تستمر كثيرًا. وأضافت: في أحد الأيام كانت تتصل بقريبة لها تعمل في بيع المأكولات الشعبية المنزلية، لتسألها عن سبب تأخر طلبها، وبررت لها قريبتها ذلك التأخير بغياب الشاب الذي يعمل معها في التوصيل، ليتفتق ذهنها في هذه اللحظة عن الفكرة بالعمل في مجال توصيل الطلبات، إلاّ أن الأمر لم يلق قبولاً عند الزوج والأسرة في البداية، خوفاً من تعرضها لمضايقات، لكنها نجحت في النهاية في تخطي تلك العقبة، وبدأت مشروعها منذ عام. وحفاظاً على سلامتها أكدت على أن عملها يقتصر فقط على طلبات السيدات، كما أنها ترفض توصيل الطلبات لمناطق نائية وفي ساعات متأخرة من الليل، مبينةً أن سيارتها تعمل في توصيل الطلبات يومياً من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الرابعة عصرًا، ويمتد نطاق عملها داخل مدينة الرياض، ولا تذكر أنها تعرضت لمضايقات خلال فترة عملها في هذا المجال، وأغلب ما تلاقيه هو التشجيع والترحيب من العملاء. وتعمل مع خلود حتى الآن ثلاث فتيات، جميعهن في عمرها تقريباً، حيث تشير مروة فهد إلى أنها ومنذ أوائل فترة الحجر المنزلي التي فرضها الفيروس اختارت العمل في توصيل الطلبات كقطاع يحقق لها الترويح النفسي والاكتفاء المادي كدوام جزئي إلى جانب وظيفتها الأساسية كإدارية في إحدى الجمعيات الخيرية، مضيفةً: "لا أرى أي رفض لدخول المرأة في أي قطاع ومجال طالما أنه يحفظ لها سلامتها وحقوقها". وبلغ إجمالي القيمة المالية للطلبات عبر تطبيقات التوصيل في السعودية أكثر من ملياري ريال و533 مليون دولار منذ بداية جائحة كورونا، حسبما كشفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وأوضحت الهيئة أن إجمالي الطلبات بلغ 26 مليون طلب، بنسبة زيادة تصل إلى 250 في المئة مقارنة ببداية جائحة كورونا المستجد، مشيرة إلى استحواذ منطقة الرياض على 46 في المئة من مجمل طلبات التوصيل، تلتها منطقة مكةالمكرمة بنسبة 26 في المئة، فيما تم تنفيذ 13 في المئة من الطلبات بالمنطقة الشرقية، ونوّهت الهيئة بزيادة عدد تطبيقات التوصيل المسجلة لديها منذ بداية أزمة كورونا، بنسبة ارتفاع تصل إلى 310 في المئة بعد أن بلغ مجموعها 41 تطبيقاً. وبعد السماح للنساء بقيادة المركبات في المملكة، شرعت إحدى شركات التطبيقات الذكية الخاصة في استقبال 16 سيدة، من الراغبات في الالتحاق بالعمل في خدمة إيصال طلبات العملاء بسياراتهن من أي متجر أو مطعم في المملكة عبر التطبيق. وأكدت الشركة أنها بصدد إنشاء أكاديمية تقنية لتدريب المرأة السعودية وتأهيلها للعمل في هذه المهنة. وعن آلية حماية السيدات من التحرش والحفاظ عليهن، أكدت الشركة أن قانون مكافحة جريمة التحرش مطبق ومعمول به، وسيتم تحديد وقت يناسب السيدات للتوصيل حرصاً وحفاظاً عليهن، مشيرة إلى أن اشتراطات عمل المرأة في التطبيق الذكي تتطابق تماماً مع اشتراطات عمل الرجل، أي أنها لابد أن تحمل رخصة قيادة، وتمتلك سيارة، أو لديها تفويض بقيادتها، وتعمل الشركة على تأهيل السيدات للتعامل مع العملاء وخدمتهم بصورة جيدة، لتتناسب مع الخدمات التي يقدمها التطبيق إذ يهتم بتقديم خدمة مميزة للعميل، لافتةً إلى أن السيدات سيتمكن فور الانتهاء من فترة التدريب من الانطلاق ومباشرة عملهن في توصيل الطلبات.