اتخذت الحكومة العراقية منذ تشكيلها، خطوات عدة للحد من سلاح الميليشيات وتوغلها في مفاصل الأجهزة الحكومية، مع إقالة رئيس الاستخبارات الذي يرأس هيئة الحشد الشعبي، إضافة إلى شن حملة عسكرية في بعض الأماكن ضد انتشار السلاح المنفلت. وعلى الرغم من هذه الجهود والإجراءات الأمنية التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المرحب بها دولياً وإقليمياً لاستعادة أمن العراق، إلا أنها ستبقى منقوصة في حال لم تقم الحكومة العراقية بتحديث الواقع السياسي من خلال تفكيك منظومة الأحزاب الحالية التي ولدت من رحم المذهبية والمحاصصة والتبعية للخارج، وفتح الباب أمام ظهور أحزاب سياسية بعيدة عن الارتباطات المذهبية السائدة طيلة عقدين ماضيين. فأثر الطائفية على العراق لم يتوقف عند انتهاك سيادته، وإنما في خلق أحزاب تحمي الفاسدين من خلال تصوير نفسها ممثلة للطوائف العراقية، وأي استهداف لها هو استهداف للطائفة كلها. لذلك المحاصصة الطائفية ستكرّس سياسة الأحزاب على أسس طائفية، والبحث عن دعم خارجي للوصول إلى السلطة، خصوصاً أن زعماءها نشؤوا وترعرعوا تحت وصاية الولي الفقيه طيلة 40 عاماً، وشاركوا باستشراء الفساد والمحسوبية والمذهبية، ووقفوا سداً منيعاً أمام قيام نهضة اقتصادية في العراق. ولا شك أن استمرار النظام الطائفي في العراق، سيضعه أمام خطر عودة الحكومات السابقة المشكلة في طهران، وجعله رهينة لعمليات الفساد والفقر والبطالة. لذلك من الأهمية أن تركز حكومة الكاظمي على إصدار قانون أحزاب مدني يحظر فيه تشكيل الأحزاب على أسس طائفية أو عرقية، بل على أسس وطنية ذات برامج إنمائية، تجعل منها ممثلة لأطياف الشعب العراقي كافة، ومن الصعوبة تحقيق ذلك إلاّ بتعاون دولي إقليمي لحكومة الكاظمي.