غالباً ما تتأخر كثير من المؤسسات التعليمية في الجامعات السعودية في إدراك أهمية قطاع إدارة المرافق كأداة استثمارية لأداء أعمالها وتنفيذ رؤيتها التعلميمة بنجاح، كون كثير من الجامعات الآن اتجهت إلى الاستثمار البحت (وهو مهم بلا شك) ولكن على الجهة الأخرى تجاهلت بعض هذه الجامعات قواها الكامنة التي يمكن أن تستثمر بالشكل الصحيح وتحقيق لها عوائد مجزية. ومن بعض هذه القوى التي يمكن أن تساعد الجامعة في ضمان واستدامة مداخيلها السنوية هي إدارة المرافق الجامعية. ونتيجة لهذا التهميش، اقتصر عمل إدارات أو وحدات إدارة المرافق في الجامعات السعودية فقط على التأكيد على استمرارية الأعمال الروتينية من مراقبة الصيانة اليومية والقيام ببعض الدراسات الهندسية. وتعتمد هذه الإدارات ووحدات إدارة المرافق بجميع أعمالها على الإيرادات أو المخصصات الحكومية السنوية الواردة دون التفكير بكيفية تحقيق هوامش ربح مباشرة أو غير مباشر من هذه العوائد. ولأن المملكة العربية السعودية تتجه نحو خصخصة لبعض من الجامعات السعودية وتحويلها من جامعات تعمتد في تشكيلها الكامل على الدولة إلى جامعات تدار بفكر اقتصادي تعليمي بحيث ألا تعتمد في مصادر دخلها على الدولة إلا بالجزء اليسير (وهو باعتقادي توجه صحيح)، فسيكون قطاع إدارة المرافق هو حجر الزاوية في ذلك الذي سيساعد الجامعات على نجاح هذا التوجه. لأن تطبيق مبادئ الخصخصة في الجامعات السعودية ستلعب به وحدات وإدارات المرافق دور مهم من خلال إدارة وتشغيل المرافق الجماعية المختلفة والعمل على خفض التكلفة التشغيلية والتوسع في إيجاد مصادر تمويل ذاتية للإدارة ومرافقها المختلفة. لذلك، تعتبر التبرعات من المؤسسات خيرية، ومؤسسات تجارية كبرى، ومجالس أبحاث، وصناديق استثمارية والرسوم الدراسية من أهم مصادر الدخل الرئيسة للجامعات. ولكن كل هذه التبرعات تتناسب طردياً مع رغبة الطلاب وأعضاء هيئة تدريس في الالتحاق بأي جماعة من الجامعات. لأنه لا يمكن أن تجذب أي جامعة تلك التبرعات والهبات إلا بوجود طلاب وأعضاء هيئة تدريس مميزين قادرين على الريادة التنافسية للجامعة. لذا تعتبر إدارة المرافق وما تقدمه من نوعية خدمات مميزة ومتقدمة بشكل تضمن استدامتها وتدعم أهداف الجامعات وخططها الاستراتيجية من أهم القطاعات التي تحقق بيئة جاذبة وملائمة ومواتية للطلاب وأعضاء هيئة تدريس مميزين بحيث تضمن لهم بيئة محفزة وتشجع أنشطة التعلم والتعليم والابتكار. ومن بين الأساليب التي تساعد أيضاً بجذب الطلاب والكوادر المميزة واهتمام الموسسات التي تهتم بالبحث والتطوير هو خلق فضاءات تجمع أو ما يعرف بأماكن الصدفة وهي أماكن تساعد على خلق الصدفة الاجتماعية من خلال توفير فضاءات تتوفر فيها مناطق جلوس للحديث وعقد اللقاءات، والدراسة بشكل فردي أو من خلال مجموعات وغالباً ما تُدعم هذه الفضاءات بمزيد من الإضاءة الطبيعية والألعاب الإلكترونية أو الألعاب التي تعمتد على الحركة والمساحات والمناسيب المختلفة التي تحكمها روابط وظيفية وبصرية. ولما تحققه مثل هذه الفضاءات من آثار إيجابية سواء على المستوى الاجتماي أو الأكاديمي للطالب، فقد اهتمت كثير من إدارات مرافق الجامعات العالمية بتوفير مثل هذه المساحات كمحاولة منها في التأثير على قرار طالب باختيارها ويجعلها ذات تنافسية عالية ضمن قريناتها لما توفره من بيئات علمية وتحفز وتشجع أنشطة التعلم والتعليم والابتكار. في اعتقادي، البدء في خصخصة الجامعات السعودية خطوة في الاتجاه الصحيح لما لها من آثار إيجابية على التعليم الجامعي ككل. ولكن يجب أن تكون تلك الخصخة متدرجة ضمن إدارات الجامعة الواحدة ومن أولى تلك الواحدات أو الوكلات هي إدارة المرافق لما لها من دور كبير ومهم في تطوير الجامعات ويجعلها أكثر تميزاً ويرفع مستوى بيئاتها التعلمية ويطور إمكاناتها البحثية من خلال إدخال التقنيات الحديثة في التعليم.