في مشهد سيبقى مطبوعاً في ذاكرة الأميركيين لسنوات طويلة، وصلت السفينة الطبية "كومفورت" التابعة للبحرية الأميركية إلى نيويورك لمحاولة إنقاذ الوضع الصحي المزري الذي تعاني منه ولاية نيويورك والتي لم تعد المشافي فيها قادرة على استيعاب حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) حتى الإصابات الأكثر حاجة للعلاج. وللمرة الثانية في تاريخها، مرت كومفورت من نهر هدسون بالقرب من تمثال الحرية في أجواء شبيهة لأجواء هجمات سبتمبر في 2001 حيث وصلت كومفورت لمساعدة مصابي الهجمات. كلوروكين ينفد من الأسواق رغم عدم ترخيصه ومع ارتفاع حالات الوفيات بالنسبة لعدد الإصابات في الولاياتالمتحدة، يؤكد حكام الولايات الأميركية أن عدم القدرة على مجابهة الوباء والحفاظ على أرواح عدد أكبر من الناس يعود إلى عدم توفر وسائل العلاج والوقاية الكافية حيث قال جاي بريتزكير: "نحن نرى توحش الغرب هنا، حيث تتنافس الولايات الأميركية ضد بعضها البعض دون أن نرى جهداً منسقاً من قبل الحكومة الفيدرالية ولذلك ندفع مبالغ أكبر اليوم لشراء معدات الحماية والوقاية الشخصية من الوباء بسبب هذه المنافسة". أما حاكم ولاية نورث كارولينا، روي كوبر، فقال إن الحكومة الفيدرالية تحتاج لأن تكثف جهودها لتحصل الولايات على ما تحتاجه من أدوات الحماية الشخصية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث قال إن ولايته لا تمتلك إلا 33 % مما تحتاجه كما تم إبلاغ ولايته أنه لن تتوفر المزيد من المعدات في أي وقت قريب. وانتقد د. أنتوني فاوتشي، كبير الخبراء الصحيين في الولاياتالمتحدة عدم صدور قانون فيدرالي شامل بإغلاق كل الولايات الأميركية حيث كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد كرر يوم الجمعة بأنه سيترك أمر اتخاذ هذا القرار لحكام الولايات مع تحذيره بأن الولاياتالمتحدة قد تواجه أسابيع قادمة صعبة للغاية قد يصل عدد الوفيات فيها إلى 200 وفاة في اليوم. وتحدّثت تقارير إعلامية أميركية السبت عن مرحلة جديدة من النقص في المعدات الطبية التي تحتاجها الولاياتالمتحدة لمواجهة الوباء، فبعد أن كان النقص محصوراً بأجهزة التنفس والأقنعة والمعقمات، بدأت العقاقير القادرة على تخفيف أعراض الفيروس تنفد من الأسواق الأميركية، فعقار هيدروكسي كلوروكوين الذي ألمح ترمب إلى إمكانية استخدامه للشفاء من فيروس كورونا والذي يختار بعض المرضى تناوله رغم عدم ترخيصه رسمياً كدواء لعلاج كورونا، لم يعد متوفراً في الأسواق، وبحسب شبكة ABC الأميركية فإن حتى المصابين بأمراض أخرى غير فيروس كورونا والذين يحتاجون إلى عقار كلوروكين بشكل دوري لم يعودوا قادرين على الحصول عليه. وأمام أزمة التناقص في أعداد المعدات المتوفرة في الولايات الأميركية تقول نانسي بيرلينغر، الباحثة في مركز هاستينغز في ولاية نيويورك إن الأطباء في الولايات أمام موقف صعب. فأعداد أجهزة التنفس والأسرة الطبية المتاحة أقل بكثير من أعداد المرضى وهذا يضع الأطباء أمام خيار اختيار المرضى الأصغر سناً والذين يعانون من تبعات شديدة من الإصابة بكورونا كأولوية لعلاجهم. وتتبع الولايات معايير مختلفة لقبول المرضى المصابين بفيروس كورونا في المشافي لاخضاعهم للعلاج، فهناك ما يسمى بمعايير "الاستبعاد" التي تدفع المشافي في ولاية كولورادو إلى عدم استقبال المرضى وحجب الموارد عنهم وهذا يتضمن المرضى المسنين الذين يعانون من حالة خرف شديد أو ورم خبيث مستعصٍ بدرجات متقدمة أو تصلب شرياني في مراحله المتقدمة أو المرضى البالغين من العمر 90 عاما على الأقل. وفي ولايات أريزونا وألاباما، تعتمد معايير قبول المرضى في المشافي على مدى الفشل الذي أصاب رئات المريض من جراء الإصابة بالفيروس، وفي حالات الإصابة المتقدمة والشديدة لا يتم معالجة مريض كورونا بأجهزة التنفس بل بأدوية هدفها التقليل من معاناة المريض قبل الموت. أما ولاية مينيسوتا فتعالج المرضى في الحالات القابلة للشفاء لمدة معينة ثم تقوم بإيقاف علاجهم بعد فترة زمنية محددة إذا لم تتحسن حالتهم لنقل معدات لمعالجة لمرضى آخرين.