سارعي للمجد والعلياء    أمير الرياض يلتقي السفير الفيتنامي    محمد بن عبدالعزيز يطلق ملتقى جامعة جازان ل«أبحاث السرطان 2025»    إعادة تشكيل قطاع البرمجيات وفق احتياجات الطاقة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي    71.3% نسبة التحقق من مستهدفات الإسكان    تدشين السوق الحرة في مطار المؤسس بمساحة 8 آلاف م2    2.09 مليار قيمة الحملة الوطنية للتدريب    الورد السعودي.. العطر والجمال    لوحة بصرية    التغير المناخي يودي بحياة الآلاف في أوروبا هذا الصيف    غابات الأمازون في البرازيل تفقد خلال 40 عامًا أكثر من 49 مليون هكتار    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    دوري الأبطال: البطل يضرب بقوة افتتاحا وفوز مثير لليفربول    الهلال والأهلي في «كلاسيكو» كامل الدسم    النصر يبدأ مشواره «الآسيوي» بخماسية في الاستقلال    الجوال أبرز مسببات الحوادث المرورية    41 مليون عملية في أبشر خلال شهر    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    «إثراء» يحصد جائزة التواصل الحضاري    كنوز الجوف.. حضارة آلاف السنين    "الثقافة" قطاع محفز للإبداع المحلي والنمو الاقتصادي    أوقاف إبراهيم بن سعيدان تنظم ورشة عمل حول التحديات التي تحدثها المصارف الذرية في الأوقاف المشتركة    الخدمات الصحية في وزارة الدفاع تحصد وسام التميز بجودة البيانات    أبطال آسيا 2.. النصر يقسو على الاستقلال الطاجيكي بخماسية    السعودية تستضيف كأس السوبر الإيطالي في ديسمبر المقبل    غزة بين الركام والمجاعة: حرب مدمرة تفتك بالأرواح وتشرد السكان    ما أهداف اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان؟    انطلاق فعاليات منتدى "حوار الأمن والتاريخ" بالرياض    الصمعاني يستعرض احتياجات محاكم الشمالية    إيران تواجه خطر إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة    الأميرة سما بنت فيصل تُقيم مأدبة عشاء ثقافية لضيوف تدشين مشروعات رسل السلام    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرعى حفل افتتاح ملتقى جامعة جازان ل"أبحاث السرطان 2025″    السعودية تدين بأشد العبارات لعمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    "إثراء" يتصدّر المشهد الثقافي بحصوله على جائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    الموافقة على آلية التعامل مع حالات العنف والإيذاء والإهمال في المنشآت الصحية    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    قمة الدوحة.. رسالة إستراتيجية حاسمة    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    الصناعة تتوج بجائزة التميز    الغرامة بانتظار ممارسي الصيد دون ترخيص    دوري أبطال أوروبا| ريال مدريد يعبر مارسيليا بثنائية مبابي    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    مصادرة 400 كجم لحوماً فاسدة بتبوك    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    في بداية مشواره بدوري أبطال آسيا الثاني.. النصر يستضيف الاستقلال الطاجيكي    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    يوم النخيل العربي    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    خطى ثابتة لمستقبل واعد    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    المواطن أولا رؤية وطن تتجدد حتى 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنمّر الإلكتروني.. سلوك عدائي لتشويه السُمعة
نشر في الرياض يوم 29 - 10 - 2019

في ظل عصر التحول الرقمي، ومع تنامي استخدام الإنترنت ووسائله الرقمية، من هواتف نقالة وأجهزة إلكترونية وغيرها من التطبيقات الذكية، أصبحنا نعيش اليوم وسط نمط جديد من أنماط التواصل التي فُرضت علينا، ألا وهو التواصل الإلكتروني عبر واقع افتراضي، هذا النمط الجديد الذي ساهم في توسيع الفجوة وتكريس الصراع بين جيلَي الآباء والأبناء، وفتَح الباب أمام المُضايقات الإلكترونية بأشكالها المختلفة، وصولًا إلى ظاهرة «التنمر الإلكتروني»، التي عُرفت بأنها أفعال تَستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات لدعم سلوك متعمد ومتكرر وعدائي من قبل فرد أو مجموعة، بهدف إيذاء شخص آخر أو أشخاص آخرين، ويشمل ذلك الاتصالات التي تسعى للترهيب، والتحكم، والتلاعب، والقَمع، وتشويه السمعة زورًا، وإذلال المتلقّي، بالإضافة إلى العنصرية وانتحال الشخصية لنشر الشائعات والأكاذيب حولها، وفي بعض الأوقات يصل التنمر الإلكتروني إلى مرحلة أكبر من خلال ابتزاز الشخصيات وتهديدها بنشر صورها وأسرارها إذا لم تُلبِّ طلبات الفاعل.
أكثر خطورة
واستنادًا إلى بعض الخصائص الكامنة في تكنولوجيا الإنترنت، تزيد احتمالات استغلالها لأغراض منحرفة، مما يجعل التنمر الإلكتروني أكثر خطورة من التنمر التقليدي أو الجسدي، إذ إن الأول يُبقي الشخص مجهول الهوية، باستخدام حسابات مؤقتة وأسماء مُستعارة، وهذا ما قد يُحرّره من المعيارية والقيود الاجتماعية على سلوكه، ووفقًا لبعض الإحصائيات التي أعلنت عنها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، من خلال مُبادرة العطاء الرقمي، فإن 18 % من الأطفال والمراهقين حول العالم تعرّضوا للتنمر الإلكتروني، وسبعة من بين كل 10 مُستخدمين في العالم تعرّضوا للإساءة، الأمر الذي يزيد من خطورة هذه الظاهرة، ويجعلها مصدر قلق من قبل الآباء والأمهات، وموضع تساؤل من قبل الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، باحثين عن الدوافع والأسباب والعلاج.
ويتداخل مع مفهوم التنمر الإلكتروني، عدد من المصطلحات والمفاهيم الأخرى، فعلى الرغم من أنه لا يقتصر على الأطفال فقط، وعلى الرغم من أن هذا التصرّف يُعرّف بنفس التعريف عندما يرتكبه البالغون، إلّا أن بعض الآراء تتجه إلى إطلاق مُسمى المطاردة الإلكترونية أو التحرّش الإلكتروني في حال ارتكابه من قِبل البالغين تجاه بعضهم، حيث تهدف المطاردة الإلكترونية إلى مطاردة أي فرد، لغرض الإحراج العام، أو المضايقات الشخصية، أو السرقة المالية، وتهديد مُرتّب وعمل وسمعة وسلامة الضحية، كما قد تشمل تشجيع الآخرين على مضايقة الضحية ومحاولة التأثير على مشاركته في الإنترنت، إذْ يقوم المُضايِقون بجمع المعلومات الشخصية عن الضحية مثل اسمه، معلومات عائلته، أرقام هواتفه، مكان الإقامة والعمل وما إلى ذلك، عن طريق مواقع الشبكات الاجتماعية والمدونات وغيرها من المواقع، وتعد المطاردة الإلكترونية شكلًا من أشكال التنمر الإلكتروني.
اكتئاب ووحدة
وقالت شهد الجربوع -أخصائية نفسية-: إن ضعف الثقة بالنفس والنظرة الدونية للذات، وصعوبة الثقة بالآخرين، والترقّب، وعدم الرغبة في النجاح والتطور، جميعها من أبرز السمات والنتائج الملحوظة على هذه الفئة، مضيفةً أنها قد تعاملت مع عدد من الحالات التي تعرّضت للتنمر الإلكتروني، حيث إن علاجها تم وفقاً لمعايير عدة، منها شخصية الضحية، والبيئة التي يعيش فيها، وشكل التنمر الذي تعرّضت له، لكن الغالب من هذه الحالات بشكل عام يُفيد معها التعامل من خلال فنّيات العلاج المعرفي السلوكي وفنّيات العلاج العقلاني، أما عن شخصية المُتنمّر، فذكرت أن المتنمر تسوده رغبة في السيطرة، والغيرة، وضعف الشخصية، والشعور بالنقص، تجعله يلجأ إلى التعدّي على الآخرين والتنمّر عليهم.
وأوضح عبدالله العباد -اختصاصي اجتماعي ومرشد طلابي- أن التنمر الإلكتروني يؤدي إلى مشاكل نفسية وعاطفية وسلوكية على المدى الطويل، كالاكتئاب والشعور بالوحدة والانطوائية والقلق، الأمر الذي قد يدفع بالضحية أيضاً إلى ممارسة السلوك العدواني نتيجة التنمر الذي تعرّضت إليه، أو حتى مع الوقت يصبح الفرد ذاته متنمّرًا أو إنسانًا عنيفاً، مضيفًا أن من أبرز السلوكيات الملحوظة على الطلاب المتعرّضين لهذه الظاهرة في المدارس، وقوعهم في المشكلات الأكاديمية، من غياب متكرر عن المدرسة، واضطراب نقص الانتباه، وفرط في الحركة، والشعور بالوحدة والانعزالية.
انتشار وتداول
وأكدت خلود القاسم -اختصاصية نفسية- على الخصائص العمرية التي يمر بها الأبناء، وما يتخللها من حساسية وضعف في الثقة واضطراب المزاج، الأمر الذي يجعلهم ينقادون بسهولة للدخيل المتنمر عليهم، ناهيك عن الفراغ الذي يشعرون به، وعدم إيجاد البدائل للعالم الإلكتروني، موجهةً كلمة للمربّين بأن يكونوا الصدر الرحب لأبنائهم حتى لا تستولي عليهم سِباع الشبكة العنكبوتية، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ»، لذلك تنبغي ضرورة الاهتمام بتربية الأبناء ومساعدتهم على قضاء أوقاتهم بما ينفع.
وعن مدى خطورة التنمر الإلكتروني مُقارنة بالتنمّر التقليدي، ذكرت تغريد السليماني-أخصائية نفسية- أنه يظل التنمر الإلكتروني أكثر خطورةً من الآخر، وذلك لسببين رئيسيين في نظري، حيث يُمكن لممارس التنمر الإلكتروني أن يظل مخفي الهوية وغير معروف من قبل الضحية على عكس النوع الآخر، الأمر الذي يجعل الفرد يعيش في حالة رَيب وترقّب، أمّا من جهة أخرى فإنه نظرًا لخصائص الوسيلة الإلكترونية، يُمكن لمادة التنمر الانتشار والتداول بشكل أكبر وأسرع على وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك عن ثباتها على صفحات الإنترنت، إذا لم يتم التدخل بشكل فوري من قِبل الجهات المختصة لإزالتها.
جرائم معلوماتية
ومن منظور قانوني، أكدت دلال الدوسري -محامية- على أن ديننا الإسلامي الحنيف، لخّص كل ما يُمكن قوله عن هذه الظاهرة، ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه»، وهذا يعني أن التنمر الإلكتروني شكل من أشكال الإساءة والإيذاء النفسي، الذي يقوم به الفرد لسبب معين وبطريقة محددة، قد تكون على شكل انتهاك خصوصيات الآخرين، مُعزِيةً السبب وراء ذلك، إلى حرية إنشاء البريد الإلكتروني، الذي أصبح متاحاً بشكل وعدد غير محدود، مما أدّى إلى انتشار جميع أشكال التنمر، ونشر أرقام الهواتف الشخصية من خلال حسابات وهمية، بهدف مُضايقة أصحابها وإلحاق الضرر بهم، وجميع هذه الأشكال مرفوضة في قانون المملكة العربية السعودية، وفُرض على نحوها قانون الجرائم الإلكترونية، والذي به عقوبات رادعة لمثل هذه الأفعال المشينة، حيث نصت المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أنه: «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عام، وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من يقوم بالتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة».
كلنا أمن
وقالت مها السديري -محامية وماجستير في القانون الجنائي المقارن-: إنه من الملاحظ ازدياد أعداد جرائم التنمر الإلكتروني في الآونة الأخيرة بين الأطفال والمراهقين، وهذا يرجع إلى كون الطرف المتنمّر يُمارس جميع أفعاله وراء اسم مستعار، بالإضافة إلى جهل الطرف الآخر بكيفية الإبلاغ والوصول إليه ومعاقبته نظاميًا، ومما لا شك فيه أن المنظِّم لم يغفل عن تجريم تلك الأفعال بوضع العقوبات الرادعة لها، فإلى جانب ما نصّت عليه المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بتجريم الفاعل، لم تكتفِ العقوبات عند هذا الحد، بل جاءت المادة التاسعة من نفس النظام، لتلحق العقوبة كل من حرّض أو ساعد أو اتفق مع مرتكب الجريمة، على القيام بالتنمر ووقع التنمر بفعله وبمساعدته، وذلك بما لا يتجاوز الحد الأعلى من العقوبة الواردة في المادة الثالثة، وبذلك فإن النظام يصبغ الحماية لجميع أفراد المجتمع، مضيفةً أن تقديم البلاغ جاء بخطوات في غاية اليسر والبساطة، وذلك من خلال تسجيل الدخول على تطبيق «كلنا أمن»، وإرفاق الصور التي تُثبت التعرض للتنمر، مع وصف الفعل بشكل مبسط، ثم الإرسال، لتتم مباشرة البلاغ، واتخاذه المسلك القانوني على الفور.
مراقبة الأبناء
وبيّنت شهد الجربوع أن أساليب الوقاية والعلاج من هذه الظاهرة تقع مسؤوليتها على أكثر من عنصر في المجتمع، أولها دور أولياء الأمور، والذي يتلخص في مراقبة الأبناء عند استخدامهم للأجهزة الإلكترونية واستعراض المواقع التي يزورونها، ووضع قوانين أسرية تقي من تعرّض الأبناء للتنمر، مثل عدم فتح الرسائل مجهولة المصدر، وتحديد أوقات معينة لاستخدام الأجهزة، يأتي في المرتبة الثانية دور المدرسة، من خلال تدريب الكوادر المدرسية على كيفية التعاطي مع مثل هذه الحالات، وإعداد البرامج التوعوية الثقافية التي تشرح ماهية التنمر الإلكتروني، بالإضافة إلى كسب ثقة الطلاب وحثّهم على الإبلاغ عما قد يتعرضون له، وأخيرًا دور الجمعيات التعاونية، وذلك بنشر الوعي عن خطورة المشكلة، من خلال البرامج التوعوية، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة مثل المعاهد المتخصصة والجامعات في إقامة الندوات، مؤكدةً على أن جميع الأدوار مكملة لبعضها، وستُثمر بنتيجة إيجابية في حال تقديمها بشكل مناسب وفاعل.
أرقام تكشف خطورة التنمر الإلكتروني
* 18 % من الأطفال والمراهقين حول العالم تعرّضوا للتنمر الإلكتروني.
* سبعة من بين كل 10 مستخدمين للإنترنت في العالم تعرّضوا للإساءة في مرحلة معينة.
* 15 % فقط من الطلاب يعترفون بالتعرض للتنمر الإلكتروني.
* لن يُبلّغ سوى 10 % من ضحايا التنمر الإلكتروني لأحد الكبار.
* أوضح ما يقارب 64 % من الطلاب الذين تعرضوا للتنمر الإلكتروني أنه يؤثّر ذلك سلبًا على مستواهم الدراسي والشعور بالخوف وعدم الأمان.
* ذكر 79 % من الآباء أن طفلهم تعرض للتهديد بإيذاء جسدي أثناء اللعب على الإنترنت.
لا تستسلم لأي تهديد وأسرع في التبليغ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.