منذ أن أعلنت مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران حربها على اليمنيين واجتياح العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014 واجهت مقاومة مجتمعية وشعبية يمنية واسعة بمساندة عربية تحت إطار التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ومنذ ذلك الحين ورصيد خسائرها البشري يرتفع وتتكبد يوميا خسائر كبيرة في صفوفها على امتداد أكثر من 40 جبهة قتال فضلاً عن فقدان الآلاف من عناصرها تحت بفعل الضربات الخاطفة وعمليات الكمائن التي تتعرض لها في قلب المناطق الواقعة تحت سيطرتها. كانت إيران قد عملت منذ وقت مبكر في تشكيل وبناء مليشيات قتالية بأعداد بشرية حوثية كبيرة، وصنعت قيادات ميدانية شكلت "النواة الصلبة" أخضعتها للتشكيل التعبوي ودورات تدريب مكثفة على يد خبراء من الحرس الثوري الإرهابي وعناصر من تنظيم "حزب الله" الإرهابي، في سياق إعدادها وتجهيزها للقيام بمهام ضرب الاستقرار في اليمن والمنطقة واستهدف أمن الجزيرة العربية وتعطيل حركة الملاحة البحرية من خلال تهديد المنظومة الأمنية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب. تدمير الكتل البشرية الصلبة لكن المقاومة اليمنية وقوات الجيش الوطني اليمني وعمليات التحالف العربي أفشلت الحلم الإيراني، إذ وجهت ضربات مركزة دمرت جزءا كبيرا من الكتل والوحدات والمجاميع القتالية التي أعدتها إيران وعملت على بنائها ضمن المليشيات الحوثية، وضربت مراكز ثقلها القتالية الصلبة وغرف القيادة والسيطرة والقدرات اللوجستية وبعثرت الأنساق القيادية الميدانية للمليشيا باستهداف قياداتها من الصف الأول ومختلف المستويات على نحو أفقدها الاستقرار وشل قدراتها القيادية وضرب معنويات ما تبقى من أفرادها وقيّد تحركاتها إلى حد كبير.تقرير حديث نشره مركز العاصمة الإعلامي اليمني الأربعاء، سلط الضوء على حجم الخسائر البشرية التي تكبدتها مليشيات الحوثي، وركز على إحصائيات ومشاهدات العام 2018 في مناطق سيطرة الحوثيين المدعومين إيرانيا وكشف عن مقتل تسعة آلاف وثماني مئة مقاتل حوثي، لقوا مصرعهم في مختلف جبهات القتال خلال الفترة ما بين يناير وحتى ديسمبر 2018م رغم التعتيم الكبير الذي تمارسه مليشيات الحوثي على أعداد قتلاها. حصد القيادات وبحسب الإحصائية، فإن عدد القتلى من قيادات ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران بلغ أكثر من ألف، أغلبهم من المصنفين كقيادات عقائدية وسُلالية تنتمي للسلالة التي يتزعمها عبدالملك الحوثي وجميعهم ضمن قوام الكتلة القيادية الصلبة للميليشيا، أبرزهم رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي صالح الصماد، الذي لقي مصرعه يوم 23 أبريل 2018 في غارة جوية لمقاتلات التحالف العربي عقب أيام من تصريحاته التي تضمنت تهديدا بقصف عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض ومكة المكرمة بالصواريخ البالستية، ويعتبر المطلوب الثاني في القائمة السوداء للمطلوبين للتحالف العربي وتضم 40 شخصا من قيادات ومسؤولي مليشيا الانقلاب. ناهيك عن مقتل المئات من المشرفين الحوثيين ومسؤولي الحشد والتجنيد، وإلى جانب الصماد، فقد ذكر التقرير مقتل خمسة من أبرز قادة المليشيا المذكورين في قائمة الأربعين المطلوبين للتحالف العربي، أبرزهم القيادي الحوثي سفر الصوفي المطلوب رقم 15، وأحمد دغسان المطلوب رقم (22) ومبارك المشن الزايدي المطلوب رقم (33)، وعلي ناصر قرشة المطلوب رقم (40) فيما لا تزال الشكوك تحوم حول قيادات أخرى، فضلا عن إصابة آخرين منهم. مقابر سرية ويُتهم الحوثيون بأنهم لا يهتمون بالقتلى الذين يسقطون في صفوفهم، وأنهم لا يأبهون بانتشال جثث مقاتليهم الذين يُتركون في العراء، وقد يتعرض بعضها للتحلل أو نهش الكلاب الضالة، ولوقت طويل تظل جثث قتلى ميليشيا جماعة الحوثي ملقاة في الشعاب والجبال، إلى أن تلتفت إليها لجان المقاومة ورجال القبائل فيقومون بدفنها. وكشف تقرير مركز العاصمة الإعلامي اليمني أن غالبية الجثث لقتلى عناصر الحوثيين التي تسلم لأهاليهم هي جثث وهمية وليست جثث أبنائها القتلى، كما تكتظ ثلاجات المستشفيات الحكومية والخاصة في العاصمة صنعاء لجثث الميليشيا أغلبها لقتلى مجهولي الهوية. وباتت الجثث تسبب ضغطا كبيرا على ثلاجات المستشفيات، ما يدفع الميليشيا إلى التخلص منها بكل الطرق غير المشروعة وغير الإنسانية. وفي مارس 2018 يقول التقرير إن الميليشيا الانقلابية المدعومة من إيران أخرجت من مستشفى الكويت الجامعي بصنعاء ما يقارب من 50 جثة من ثلاجة المستشفى وجميعها لمجهولي الهوية، وبعضها لم يتبق منهم سوى بعض الأشلاء وتم وضعها في مقطورة "حاوية" شاحنة والذهاب بها إلى خارج المستشفى. ما يوحي أنها تقوم بدفن قتلاها في قبور جماعية لتخفيف الضغط على ثلاجات المستشفيات بالعاصمة صنعاء وفي بقية المحافظات التي ما زالت تحت سيطرتها. المقاتلون الصغار وكشفت إحصائية التقرير الذي نشره مركز العاصمة الإعلامي، مقتل ما يقارب 3 آلاف طفل من ضحايا التجنيد والاستقطاب المستمر، وجميعهم دون سن الثامن عشر، وتجاوز عدد القتلى من المستويات العادية 4500 عنصر في مختلف جبهات القتال. في حين واصلت مليشيات الحوثي خلال العام 2018م تجنيد آلاف الأطفال وبوتيرة عالية ومستمرة، واستحدثت خطط مختلفة لعملية التجنيد، تركزت على عدة مراحل غالباً ما تبدأ بزيارات المدارس وتدشين فعاليات وبرامج طائفية وأنشطة ورحلات يتلقى من خلالها الأطفال محاضرات تحريضية ودروس طائفية تدعوهم للانضمام في صفوف المليشيات. ولاحقاً تتم عملية التنسيق بين المشرفين الحوثيين والإدارات المدرسية الموالية للمليشيات لتفريغ الطلاب (في الصفوف الأساسية جميع الطلاب أقل من 11 عاماً) لما يسمى بالدورات الثقافية وهي دورات طائفية تعقد في أماكن مغلقة ومعزولة لعشرة أيام متواصلة، من شأنها خلق قاعدة للاستيلاء الروحي على عقول الأطفال وتعبئتهم طائفياً بالأفكار التي تعتنقها المليشيا. ومن ثم تقوم بتكليف المشرفين في الأحياء بالنسبة للمدن ومشرفي القرى بالنسبة للأرياف بإعداد كشوفات بالأطفال الذين جرى إخضاعهم للدورات الطائفية، وبدورهم يقوم المشرفون بتجميعهم وإرسالهم إلى معسكرات تدريبية على مجموعات ليتم إخضاعهم لدورة عسكرية ومن ثم دفعهم إلى جبهات القتال. وفي نهاية العام المنصرم، نشرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية تحقيقا استقصائيا كشف عن تجنيد 18 ألف طفل في صفوف الحوثيين بحسب اعتراف قيادات حوثية. مقابر جديدة اعتاد الحوثيون على التكتم عن أعداد قتلاهم خوفا على معنويات أفرادهم، إذ يحاولون رفع الروح المعنوية لدى أنصارهم من خلال التكتم على خسائرهم البشرية، لكن زحمة المقابر الجديدة التي تشيدها المليشيا بحضور قيادات فيها بشكل مستمر فضحت ما حاولت التستر عليه وكشف حجم الأرقام المهولة لقتلاها. وأشار التقرير إلى أن المليشيا المدعومة من إيران افتتحت مقابر جديدة في أحياء بالعاصمة صنعاء، منها مقابر في حي "الجراف" وأحياء المطار وشارع خولان، وسرعان ما امتلأت خلال العام. كما حولت المدرجات الزراعية الأكثر خصوبة في محافظة صعدة شمال البلاد إلى مقابر جماعية لقتلاها، فضلا عن استحداث عشرات المقابر في كل المدن والأرياف اليمنية الواقعة تحت سيطرتها خلال الأربع سنوات الأخيرة.