لكم كان السلك محفزاً لمداركي، فما معنى أن يكون هنالك سلك دبلوماسي، يعمل فيه ممثلو دولة لدى دولة أخرى، ولماذا كان السلك رابطهم؟ وعليه قررت شد طرف سلك المعاني، لأستوعب أكثر، فكان السَلْك اسماً مصدره سَلَكَ، وكان الفعل سلَكَ يسلُك، سَلْكًا وسُلوكًا، فالدبلوماسي سالِك يسلكُ كل سُلوك محبب أو ذكي أو خبيث ملتوٍ ليحقق نتيجة جهود تواصله مع البلد الآخر، ولا شك أن المفعول به مَسْلوك مهما عاند، وأن الجمع أسْلاك وسُلُوك تتداخل وتتواصل وربما تنقطع عند التواء السلوك. حبكة دبلوماسية فمن يسلك مسلكًا مفيداً يكون قد تصرّف، ومن سلَك طريقًا عسيراً يعني أنه جمح في عناده، مما يحد من قدرة سلوكه الدبلوماسي مهما وهِبَ له من صلاحيات من حكومته تناسب ما يُرتجى من سياسته. ويقال لدبلوماسي يَسْلُك كلّ السُّبُل بأنه لم يترك بابًا إلاّ وسلكه، فيكون مرناً لا ينثني عند المفارقات، ولا ييأس، بسلوكه دروب المستحيل، لنيل ما هو أكثر اسْتِحالة. والسِّلْكُ هو الخيطُ الذي يخاط به، أو ينظَم فيه الخرز، بطريقة تشبه عمل ممتهن الدبلوماسية يخيط قطع البز، ويرقع الرقع، ويرتق الفتوق، حتى يستر خبايا العلاقات بين دولته والدولة، التي يحل بها، وينظُم أيقونة مسبحة مسَالك الرجاء، بخرزاتها المنتظمة اللماعة الثمينة المتوازية أحجامها مع قدراته على تطويع علاقات البركة بين الدولتين. وربما يأتي المعنى بالسِّلْكُ، وهو الخيط من المعدن تسري فيه الكهرباء، إذا ظل محمياً من الخدوش المؤدية للالتماس، فينير عقد امتزاج الدولتين بأضواء زاهية ملونة جلية تطغى على ظلمة الخلافات والخوف وبنفس نوع التيار المتناغم. ويقال سلَّك الشَّيءَ أي نظّف جوفه، وأزال ما فيه من سَدد مثل المدخنةَ، فلا يسمح بتراكم عجاج الخلافات فيها، كيلا تتحول لانسداد كامل، وسلَّك الأسنانَ أي أبعد ما بينها من بقايا، لتكون بسمة العلاقات الثنائية لؤلؤية منسجمة مع الحال والعصر والحدث، وسلَّك شباكَ الصّيد أي أخرج ما علق بها من أعشاب ورواسب تثقلها وتحد من سعتها ومرونتها الدبلوماسية. ويقال سلّك الغزْلَ، أي لفّه على المسلكةِ وهي آلة تُلف عليها خيوط الغزل من صوف وحرير، في صفوف متناسقة، تتمتع بمرونة وانسيابية، للامتزاج مع النسيج الأعظم المتلاحم بين الدولتين. ويقال عن الأسلاك الشائكة: إنها معقودة على هيئة مسامير حادّة متشعِّبة لمنع اقتحامها، وقد يكون بداية صنعها من مهام السِلك الدبلوماسي، حينما تتردى العلاقات، وتتوه الحدود بين الدولتين وتجور إحداها على الأخرى. ويقال سار على سِلكِ السيرك المشدود المرتفع، وربما يسقط دون شبكة فتدق عنقه، وهذا ما يحدث للدبلوماسي حين يسيء لسمعة وسياسة بلده، ويعمق الخلافات مع دولة صديقة، فيستدعى، أو يطرد راجعاً إذا ما أصبحت العلاقة الثنائية مسلوكة في قبر القطيعة. أخيراً أرجوكم سلِّكوا لي، هذا المقال!. Your browser does not support the video tag.