القصة القصيرة السعودية بالرغم من قدم حضورها في المشهد وتراكم منجزها إلا أنها ما تزال تعاني من خجول حضورها نوعا ما مقارنة بالرواية مثلا, في هذا الحوار ناقشنا شيئا من هذه الهموم والقضايا مع القاص صالح الغبين أحد الأسماء المميزة التي حضرت مؤخرا في سماء القصة القصيرة وتميزت بشكل لافت .. *ككاتب قصة قصيرة، كيف ترى حضور القصة القصيرة في المشهد الأدبي السعودي؟ -لم تغب القصة القصيرة في السعودية عن المشهد الإبداعي وما زالت تحتفظ بجمهورها الخاص على الرغم من وجود تراجع في الوقت الحالي في قراءة القصة القصيرة والشعر بين القراء الشباب وانحيازهم لقراءة الرواية. برأيي أن أحد أسباب هذا التراجع يعود للكتّاب أنفسهم، فكثير من كتّاب القصة يتعاملون معها كمرحلة ابتدائية لما قبل كتابة الرواية وهو بنظري مفهوم خاطئ ساهم في تشوية صورة القصة القصيرة أمام القراء مما أدى للتراجع الذي ذكرته. القصة القصيرة ليست مرحلة مؤهلة للرواية في «ذاكرة للبيع» لم يفلت النص مني *كيف ترى حضور الأدب المترجم والإقبال عليه وكيف ترى تأثيره على الأدب العربي خصوصا مع وجود جيل مطلع على الرواية المترجمة بكثافة ولم يحظ بفرصة الاطلاع على الأدب العربي بنفس الكيفية؟ -لا شك أن الأدب المترجم يؤدي إلى تطوير ثقافة القارئ بشكل كبير ويساعده على تكوين صورة عن ثقافات أخرى، إلا أنني لا أعتقد أنها تغني عن متابعة المشهد الأدبي المحلي أو العربي. كثير من القراء وخصوصاً الشباب يميلون للأدب المترجم ولديهم عزوف عن التعرف على الأدب العربي، على الرغم من وجود أدباء كبار مثل نجيب محفوظ، عبدالرحمن منيف، الطيب صالح وحالياً مثل ربيع جابر. أعتقد أن الكثير من القراء الشباب مازال لديهم تردد من اقتحام الأعمال الأدبية العربية والسبب برأيي هو وقوعهم دائماً في فخ المقارنات بين الأعمال الأدبية العربية وغيرها من الأعمال العالمية، لا يمكن بحال من الأحوال أن يتم مقارنة (الحارة) كما صورها نجيب محفوظ في بكل تفاصيلها الدقيقة بقرية في أميركا اللاتينية أوفي أوروبا، لكل مجتمع خصوصيته وشخصياته التي لا توجد في مكان أخر. من جهة أخرى أعتقد أن وسائل التواصل الإجتماعي ساهمت في تعريف القارئ على كثير من الأعمال المترجمة عن طريق حسابات متخصصة بمتابعة أخر الإصدارت المترجمة ويغيب المحتوى العربي عنها أو يحضر على إستحياء. *تفترض في نصوصك مواقف غير اعتيادية أو غير مألوفة مثل شهر يعيد نفسه ورجل يرمي ذكرياته في بئر وهكذا، لماذا؟ - بالنسبة لي الخيال هو مرادف للجموح، الانطلاق في فكرة متحررة من المنطق وقوانين الطبيعة، أحياناً يكون الخيال أجمل من الواقع وقد يكون مؤلماً ومرعباً في كثير من الأحيان. في مجموعتي القصصية «رحى» حاولت أطرح بعض الأفكار عبر فضاء الخيال اللامحدود لغرض واحد وهو الوصول إلى الهدف بعيداً عن الشكل التقليدي للقصة القصيرة، ففي قصة «رمل» مثلاً، حاولت أن أطرح صورة بسيطة عن ارتباط الإنسان بجذوره عبر تصوير الرمل كخلايا حية تسير عبر الشرايين. في روايته (العمى) طرح ساراماغو فكرة العمى الأبيض، جرد العالم من كل واقعيته وأطلق سؤلاً أعتبره من أصعب الأسئلة «ماذا لو» أوكيف سيصبح العالم إذا تجرد من طبيعته التي نتعايش معها كبشر محكومين بقوانينه التي هي من يسيطر علينا. ماذا لو عاد الزمن للوراء؟هل من الممكن أن نتفادى أخطاءنا أم سنعود لتكرارها؟ حاولت أن أطرح هذا السؤال في إحدى القصص و لم أسعَ للبحث عن الإجابة. *يحضر في نصوصك ماريو والجنرال فرانكو وغيرهما بينما تغيب المحلية نسبيا؟ - قد أختلف معك في هذه النقطة، فبرأيي أن أغلب القصص في المجموعة تطغى عليها المحلية وإن كانت متوارية في بعض الأحيان، لكن تبقى الروح المحلية حاضرة. أما في قصة حساء بصل حيث دارت أحداثها في جو الحرب الأهلية الإسبانية فهي استثناء وقد كتبتها بخصوصية شديدة محاولاً عزلها كلياً عن النسق الخاص ببقية قصص المجموعة، ولهدف خاص أيضاً وبعد أن قرأت الكثير عن هذه الحرب واستمعت لحكايات بعض الأصدقاء الذين تركت آثارها على عائلاتهم إلى اليوم رغم مرور أكثر من سبعين عاماً على انتهائها. أما ماريو فهي تدور في باخرة تبحر في البحر الأحمر ولدي قناعة بأن عالم البحر هو عالم مستقل بذاته له شخصية وخصوصية متفردة، لذلك ففي قصة ماريو حاولت أن أسلط الضوء على جزء مهم جداً ومجهول بنفس الوقت . *تتصف نصوصك بقصر حجمها وفِي النصوص التي يطول فيها النص تفلت منك خيوطه كما في نص (ذاكرة للبيع) وغيرها، ماتعليقك؟ - برأيي أن إيصال الفكرة بنص قصير هي عملية أصعب بكثير من كتابة نصوص طويلة. في النص الطويل تكون لديك الحرية والمساحة والنفس الطويل للسرد وتحويل مجرى القصة بحسب تطور الأحداث، ولكن قد يقع المؤلف أحياناً في فخ الإسهاب ومن الممكن أن تتوه الفكرة المراد إيصالها. في نصوصي الطويلة قمت بمحاولة خلق مشاهد منفصلة وربطها ببعض وهذا قد يسبب للقارئ بعض الصعوبة في متابعة رتم القصة، أعتقد أن قراءة ثانية للنصوص الطويلة ضرورة للإلمام بجميع نواحيها. Your browser does not support the video tag.