هل يُنبئ التصعيد الأميركي الأخير مع نظام ولاية الفقيه في طهران، عن تحول إستراتيجي في نظرة مخططي السياسة الأميركية وتحديداً إدارة الرئيس ترامب في التعامل مع إيران وميليشياتها المعتمدة في المنطقة.؟ بعيداً عن الشعارات الانتخابية التي روج لها ترامب قبل توليه الرئاسة، إلا أن التحول الصارم حالياً، يعكس قلقاً أميركيا متزايداً من الأنشطة الإيرانية في المنطقة، ربما يكون عنوانه مراجعة الاتفاق النووي أو إلغاءه، ولكن بتقديري العملية أبعد من ذلك بكثير، ومن الممكن أن تتعلق بسياسة مواجهة الإرهاب بشكل عام. صحيح أن الإدارة الأميركية ومعها دول غربية كبريطانيا وفرنسا لا تزال "مترددة" في التعامل مع ملفات جماعات إرهابية حاضنة ورئيسة للفكر الإرهابي، مثل جماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال، لأسباب كثيرة أهمها أن توجيه تهمة الإرهاب لتنظيم الإخوان، يعني إدانة غير مباشرة لعواصم غربية بالتورط في حماية ودعم قيادات إخوانية وتوفير ملاذ آمن لها بل يحملون جنسياتها، وهي ذات الإدانة التي يتعرض لها النظام القطري حالياً من قبل الرباعي العربي.. والمتورط في أنشطة مماثلة. وهنا يكون التصعيد الأميركي ضد إيران، كحاضنة و"راعٍ رئيسي وأول للإرهاب في العالم" كما قال خادم الحرمين الشريفين في محادثته الهاتفية مع الرئيس الأميركي قبل أيام، هو اللهجة الأشد، تجاه نظام دأب منذ نشأته على تكوين أذرع مسلحة وميليشيات طائفية تنازع الدول الوطنية السيادة والقوة، وتنشر الخراب أينما حلت. حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، وميليشيات القلاقل في البحرين، والحشد الشعبي في العراق، وغيرها من جماعات تحريضية أمثلة واضحة للتدخل الإيراني السافر والعمالة الواضحة التي لا تنشر أمناً ولا تحقق سلاماً بل هي أدوات تخريب وزعزعة استقرار.. وهذا إضافة للسلوكيات الإيرانية المنافية لقواعد الجوار أو تقاليد الديبلوماسية الدولية وإثارة الشعوب في المنطقة. قد تكون إشارة الرئيس ترامب ل"الخليج العربي" لأول مرة على لسان مسؤول أميركي ذات مغزى، تعترف بالتسمية العربية للخليج التاريخي، وتنزع عنه ثوب "الفارسية" المشؤوم، هي رسالة ضمنية بأن لا مكان للنظام الإيراني الحالي في السياسة الدولية، وأن على السياسة الأميركية تصحيح أخطاء وقعت فيها بعد احتلالها العراق، وتسليمه للنفوذ الإيراني.