بعد أن أسدل الستار وحسم الأمر في القضية الجدلية منذ سنوات طوال في المجتمع، يأتي السؤال الأهم لمرحلة ما بعد القرار من أين تكون البداية؟، وما هي أهم الاستعدادات والترتيبات التي ننتظرها قبل البداية الرسمية لقيادة المرأة؟، والتي حُددت بالأمر السامي الملكي بتاريخ العاشر من شوال لعام 1439ه. وقالت نوير الشمري -باحثة دكتوراه في الصحافة والنشر الإلكتروني عضو هيئة التدريس في كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية-: إن الأمر السامي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بشأن إصدار رخص القيادة للرجال والنساء على حد سواء والسماح بقيادة المرأة للسيارة من القرارات المفصلية والتاريخية التي ستشكل نقطة فارقة في تاريخ المملكة، خاصةً أن للأمر السامي دواعٍ أمنية واجتماعية واقتصادية مهمة، فضلاً عن تطور الحياة وتغيرها وتبدلها، حيث حققت المرأة السعودية اليوم مكانة كبيرة وثقة عالية استحقتها بكل جدارة على الصعيد الداخلي والخارجي بدعم القيادة والمجتمع، وتمكنت من المساهمة الفعلية والحقيقية في تنمية أسرتها ومجتمعها وتبوأت أعلى المناصب، وبذلك أغلق خادم الحرمين الشريفين أحد أهم الملفات الشائكة التي يحاول البعض مع الأسف الشديد توظيفها في تشويه صورة المملكة وتصوير المرأة السعودية بالمرأة المسلوبة الحقوق. وشدّدت على ضرورة إيجاد حملات إعلامية مكثفة تستطلع آراء أهل الاختصاص والدين والأكاديميين، وتخاطب العقول من خلال توضيح الأنظمة والإجراءات المتخذة، وعدم الإجبار وحرية التطبيق لمن شاء، وكذلك تأثيرات القرار اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً على المملكة، وواقع قيادة المرأة الخليجية كون هناك ثقافة مشتركة، وأيضاً لا ننسى دور صنّاع الرأي كالصحفيين والإعلاميين وقادة الرأي لأنهم يتحملون حيزاً كبيراً من التعاطي مع ما يتعرض له المجتمع من تحولات هامة. وتحدثت هيفاء صفوق -مستشارة اجتماعية وكاتبة– قائلةً: إن القرار -بلاشك- تاريخي ويوم مفصلي في تاريخ المملكة، مضيفةً أن قيادة السيارة شيء مهم وضروي وليس شكلياً، فهناك سيدات يعملن ورواتبهن قليلة يذهب نصفهها إلى السائق، موضحةً أن ما نحتاجه الآن هو التمهيد لذلك بخطوات هادئة وثابتة في الوعي في فن القيادة، وتهيئة قيادة السيارة كالتدريب و»الكورسات» التعليمية التثقيفية، وكذلك وضع اللوائح النظامية لذلك، وتوفير قانون الحماية للمرأة أثناء القيادة بحيث يكون هناك لوائح واضحة للجميع لا أحد يتجاوزها، حتى المرأة نفسها تتقيد في هذا النظام الذي يتواكب مع طبيعة المجتمع. وأضافت: نحن هنا نركز أولاً في البداية على الوعي في مفهوم القيادة وكيف تكون، والآليات التي تتبع لها، ولا بد أن ندرك كل الأشياء الجديدة تحتاج إلى الوقت ليتم استيعابها بشكل جيد حتى تكون عادة جيدة ونظامية دون مشاكل. وأكدت نسرين الغامدي -محامية- على أهمية تلك الفترة التي تسبق بداية تطبيق القرار، موضحةً أن البداية التي تتبع مثل هذا القرار الهام تتضمن افتتاح أقسام نسائية في عدة جهات حكومية كأقسام المرور والتحقيق، وإصدار اللوائح والأنظمة وتجهيز البنية التحتية. وشدّدت على أهمية التوجيه وتهيئة المرأة لتحمل تلك المسؤولية وتثقيفها بما يترتب عليها من التزامات ومخالفات وعقوبات، إضافة إلى إدراكها لأهمية الانضباط والسيطرة الشعورية، وأن تتعلم كيف توظف وتضبط مشاعرها للحد من وقوع الحوادث، وما يترتب عليها من عواقب، وهنا يتأكد لنا أهمية دور مراكز تعليم القيادة، حيث تساعد في تمكين المرأة من اكتساب الخبرة بمهارة عالية. هيفاء صفوق نسرين الغامدي