الذهب يصعد إلى أعلى مستوى في أسبوع    "البيئة والزراعة" في حائل تطلق ورشة عمل    المهندس المشيطي يُكرّم أبطال المنتخب السعودي الحائز على (23) جائزة عالمية في "آيسف 2025"    المملكة رئيس شرف لحفل مئوية الاتحاد الإسلامي في بولندا    وفاة 26 فلسطينيًا خلال 24 ساعة    أكدا على مكتسبات وفرص الرؤية..الخريف والإبراهيم: الاقتصاد السعودي يرتكز على الاستثمار وتقنيات المستقبل    المملكة ثانياً على "العشرين" بمؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات    بتوجيه من الأمير خالد بن فيصل.. نائب أمير مكة يتفقد المشاعر المقدسة للتأكد من جاهزيتها للحج    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمراء يؤدون القسم عقب صدور الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة    اقتحام مقر المخابرات الليبية والبرلمان يطالب بالتحقيق    أثار غضبًا دوليًا واسعًا.. تصعيد إسرائيلي دموي يهدد هدنة غزة    تحوّل دولي بدفع إقليمي ومبادرة سعودية رائدة.. الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا    القادسية يقترب من نخبة آسيا.. الاتحاد يعبر الشباب..و التعاون يصعق الرياض    "الاحتراف" تصدر تعميماً بشأن التسجيل الاستثنائي للأندية السعودية    "القادسية" يهيمن على منافسات كرة الماء    آلية تنظيم أعمال الجهات المختصة فيما يتعلق بمواقع الخردة.. مجلس الوزراء: إنشاء هيئة إشرافية للخدمات الصحية في وزارة الدفاع    رُبَّ كلمة طيبة تغير مصيرًا    أمريكية تركض بفستان زفاف بحثاً عن عريس    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمراء يؤدون القسم عقب صدور الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة    عبدالعزيز النهاري.. سيرة أكاديمية مضيئة وحضور إعلامي ناجح    "مبادرات" لتنمية الوعي الموسيقي وتعزيز الثقافة    جائحة الشهرة.. مشاهير لم يبلغوا الحلم    تخريج الدفعة ال41 من ضباط الحرس الوطني    دراسة: ساعات العمل الطويلة قد تُغير بنية الدماغ    "الغذاء": تأكدوا من شهادة ترخيص المستلزمات الطبية    الشورى: دراسة إنشاء «مترو» في المدن الكبرى والتجمعات الحضرية    زيارة ترمب والمصالح المتبادلة    مجلس الوزراء برئاسة الملك يجدد عزم المملكة توسيع استثماراتها مع أميركا    روبيو يتوقع أن تعرض روسيا "خلال أيام" شروطها لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا    الحجاج اليمنيون يشيدون بخدمات منفذ الوديعة    «الرياض».. تناقش تقرير «حالة الإعلام السعودي وفرص الاستثمار» وتستعرض واقع القطاع وتحدياته    أمير القصيم: مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يرسخ التعايش والتلاحم الوطني    «الهلال الأحمر» يضاعف الجهود لخدمة ضيوف الرحمن    أمن الحجاج.. لا تهاون    أمير الرياض يهنئ «خيرات» لحصولها على جائزة إحسان    سعود بن نايف: تطوير الخدمات وجاهزية المنافذ تعكس الصورة الحضارية للمملكة    زيارة رئيس مجلس إدارة جمعية سفراء التراث لمحافظة المزاحمية    تمديد تكليف الدكتور النجمي مديرًا عامًا لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة جازان    العملات الرقمية تعود للأضواء من جديد    محافظ الطائف يرعى حفل تخريج 10,808 طلاب وطالبات من جامعة الطائف    سيتي يصعد للمركز الثالث بعد فوزه على بورنموث في آخر مباراة لدي بروين على أرضه    أفراح العميد تتواصل بالشباب    78% نموا بالتبادل التجاري بين السعودية وتايوان    أمير تبوك يستقبل طلاب وطالبات مدارس الملك عبدالعزيز الفائزين في تحدي فيرست التقني للروبوتات    أمير تبوك يستقبل القنصل العام الفرنسي    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثالث لمجلس أمراء الأفواج    الحج بأيدٍ أمينة    غضب بريطاني وعاصفة إسرائيلية بعد تصريحات قتل الأطفال كهواية    الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا    مستشفى دله النخيل يمنح طفلة رضيعة أملاً بحياة أفضل    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل برنامج ( تطوع الشرقية )    تحديد بديل فهد المفرج في الهلال    خادم الحرمين يشيد بنتائج مباحثات ولي العهد وترمب    دي بروين يقترب من الغياب عن كأس العالم للأندية    "الشكره" يترأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة بيش    نجاح عملية زرع مثانة بشرية في أمريكا لأول مرة في العالم    سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    أسهمت في خدمة ضيوف الرحمن.. الداخلية: مليون حاج عدد مستفيدي مبادرة طريق مكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصان طروادة!
نشر في الرياض يوم 06 - 10 - 1438

كلنا نسمع عن حصان طروادة وعن تلك الأسطورة التي تجذرت في أعماقنا. حينما طالت الحرب بين الإغريقيين وبين أهل طروادة؛ وكان حصار الإغريق لأهل طروادة يصل إلى ما يقرب من العشر سنوات دون جدوى في اقتحام حصونهم وقلاعهم المنيعة، ولذا لجأوا إلى حيلة غربية، وهي بناء حصان خشبي غريب، إذ كان من التحف المعمارية الغريبة والثمينة فطوله يصل إلى مئة وثمانية أمتار، وأما وزنه فيقترب من الثلاثة أطنان كما أرخ له المؤرخ هوميروس. ثم رحل الإغريق تاركين حصانهم على أبواب طروادة معلنين انسحابهم وفك ذلك الحصار. كان الحصان مغريا، فاقتاده الطرواديون إلى داخل بلادهم في احتفال بهيج بهذا المغنم بأوامر مليكهم في اكتسابه باعتباره مغنما من مغانم الحرب بالرغم من رفض وتحذيرات (لاكون وكاسندرا) لكن سيل المغانم وسكرة المغنم قد دارت برؤوس الطرواديين والتي خدرت عقولهم عن التفكير وهذا هو الوهم بالسلطة الزائفة والزهو غير الحقيقي إذا ما تصور البعض أنه الكاسب الغانم. القصة طويلة ومثيرة ولا يسمح المقال لذكر تفاصيلها، ولكن ما يهمنا هنا هو تلك الحال التي كان عليها الطرواديون في ليلتهم تلك ولماذا احتفلوا بدخول الحصان؟
هل كان احتفال أهل طروادة بالنصر وزهوة انكسار القيد أم هو زهو بمكسب تلك التحفة الفنية التي تركها الإغريق لهم وستخلد في متاحفهم بحسب ما يرونه، وهل كان الطرواديون يعرفون حال بلادهم وقدرتهم على الصمود؟!
يقول المؤرخ: "كان أهل طروادة في حالة سكر وغياب للوعي بما يدور في بلادهم فاحتفلوا أيما احتفال".
فهل كان احتفالا بالنصر وزهوة انكسار القيد أم هو زهو بمكسب تلك التحفة الفنية التي تركها الإغريق لهم وستخلد في متاحفهم بحسب ما يرونه، وهل كان الطرواديون يعرفون حال بلادهم وقدرتهم على الصمود؟!
وهل كان الحصان التاريخي يمشي على أربعة أم كان يجر من أنفه لكي يثبت لهم أنه دخل بلادهم خاضع الأنف ذليلا كذل المنكسرين والمهزومين؟ وهل فكر الطرواديون أن هذا الحصان سيخلد لهم النصر أم الهزيمة؟ وهل علم الطرواديون أن بداخل هذا الحصان طوفانا من عتاة فرسان الإغريق؟
كلها أسئلة لم تدر بخلدهم لماذا؟ لأنهم كانوا سكارى ومغيبين فيقول المؤرخ: "احتفل الطرواديون برفع الحصار وابتهجوا عندما خرج الإغريق من الحصان داخل المدينة في حلكة الليل". فمن الغريب أن يحتفل شعب بدخول جيوش الأعداء إلى بلادهم من بين أحشاء حصان الخديعة بعد حصار دام عشر سنوات أمام قلاعهم العتيدة" إن هذا الفرح والبهجة لم يكونا بهجة نصر بقدر ما كانا بهجة عقل غاب عنه التفكير وذهب الخمر به حتى صور لهم أن النصر هو من فتح أبواب طروادة! فالوعي أيها السادة هو سلاح وعتاد الوطن الذي يدفع به اعتداءات الأعداء ما دام هناك عقل يتحرك على كتفي الوطن، ولذا كان السكر والهذيانات التي كان عليها الطرواديون لم يكن احتفالا بالنصر بقدر ما كان احتفالا بالخلاص، فصبرهم قد نفد وأعداؤهم على أبواب بلادهم عشر سنوات بدون جدوى في صدهم وإبعادهم ولذا كان الطرواديون قد فقدوا الثقة في الخلاص وفي بلادهم وفي قدراتهم فاحتسو الخمر حتى الثمالة ثم أدخلوا الحصان بأيديهم هم دون التأكد من هويته ومن صنعه ومن مداخله ومخارجه، فكان الاحتفال به على أي حال احتفالا وزهوا بالهزيمة التي اعتقدوا من فرط سكرتهم أنه النصر قد حان وأن الهزائم قد ولت!
حينها فتح المحاربون الإغريق أبواب الحصان الخشبية في تدفق مذهل على أرض الطرواديين ثم فتحوا أبواب المدينة التي كانت صامدة طيلة السنين الغابرة فنهبوا وسلبوا وأسرت النساء والأطفال كعبيد لهم. حينها بكى الأمير (هيكتور والأمير بارس) وغيرهم ممن صمد لسنين عدة. بكى لأنه كان يعلم أنه قد قتل الأمير بارس عند ولادته وهو لا يعلم أنه هو من سمح بدخول الحصان ولا يعلم أن الحاجب قد خدعه وأوهمه بأنه قد نفذ فيه الأوامر حينما تنبأت (كاسندرا) بأنه سيكون سبب دمار هذه البلاد!
إذاً الخيانة هي التي دبرت هذه الهزيمة منذ ولادة بارس الأمير الشؤم والمتآمر والجاهل بمقتضيات الأمور، فهو قدر بلاده كما تصوره الأسطورة، وهو من سمح لليأس أن يدب في قلوب محاربيه حتى سكروا حتى الثمالة ظنا أن الحرب وأن الحصار لن ينتهي وأن الإغريق جاثمون على صدر بلادهم طيلة تلك السنوات وما أصعب أن يدب اليأس في قلوب المحاربين فكما قال هارون الرشيد: "لن تسقط القلعة لقلة حماتها ولكنها تسقط عندما يتساءل حماتهم عن جدوى حمايتها".
إن ما أدهشني أثناء بحثي (الجزيرة العربية عبقرية الإنسان) هو تلك اللُحمة الواحدة لأراضيها قبل رجالها وعليه تكون الجزيرة برمتها صخرة صلدة تتحطم عليها قلوب الأعداء ولنا في التاريخ خير دليل فهي القلعة الحصينة شديدة العتاد والرجال. ولشدة دهشتي أيضا هو سؤال محير: هل دخل حصان طروادة إلى قلب الجزيرة؟ وهل تناثر جيش العدو في قلب حصان الخدعة الخشبي؟
بطبيعة الحال هناك شواهد كثيرة يا سادة بأن حصان طروادة قد أضحى يرمح في قلب الجزيرة، ولكن أبدا لن تفتح أبوابه الخشبية لأن رجال الجزيرة لم يكونوا منتشين من سكرة ولا فاقدي الأمل كما الطرواديون، بل هم من سيعيدون حصان طروادة إلى مكمنه محملا بالخزي والعار بالرغم من أنه قد دخل محمولا على الأعناق في غفلة وجيزة يتم تداركها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.