كان الموقف الذي أجمعت عليه جُل الدول العربية والإسلامية رافضًا للتوجهات السياسية التي تتبناها القيادة في دولة قطر. التي -وحسب الموقف الرسمي لمجموعة من هذه الدول- تتبنى وَتَسير وِفق سياسات وتوجهات لا تتماشى مع السياسات والأهداف المنشودة في الرسالة والميثاق الذي يجمع الدول العربية، مما جعل قطر تغرّد خارِجَ السرب العربي الذي ينشد المستقبل والتقدم والأمن والازدهار لشعوب العرب الأشقاء في بعض توجهاتها. ومن هنا اختارت مجموعة من الدول العربية والإسلامية رسمًيا قطع العلاقات بمختلف أشكالها مع قطر؛ لما اعتبرته من تصرفات تقوم بها القيادة في قطر لا تَتَماشى مع أهداف البيت العربي، ومجموعة أخرى من الدول اختارت تخفيض حجم التمثيل الدبلوماسي، مع ترك فُسحة للحِوار، وفِي كلا الخيارين لم تكن التوجهات العربية والإسلامية لمعاقبة الشعب القطري الشقيق، إنما كانت نوعًا من الردع، وعدم إغلاق الباب بشكل نهائي، ولتقول هذه الدّول للقادة في قطر: إنّكم يجب أن تراجعوا بعض السياسات والتوجهات التي لا تتناغم مع التوجهات والمستقبل العربي، والتي تنعكس بالسلب على أمن وسلامة شعوب المنطقة. الملك سلمان صاحبُ العباءة العربية والإسلامية الأصيلة وهو صاحب الهيبة والتقدير والوقار أينما حضر، وهو من يصمت الجميع عندما يتحدث، نَجح في أغلب الأوقات بمعالجة الخلافات العربية والإسلامية، وعمل على توحيد كلمة العرب في أغلب الظروف وأهمها، وكان دائمًا صاحب المبادرة التي تعلي الشأن العربي والإسلامي، وهو الفارس الذي لا يكبو جواده في محاربة الجماعات المتطرفة، صاحبة الفكر التكفيري، وسيفه دائما ناصرٌ للحق والعدل، قام بالعديد من الجولات بين الدول العربية والإسلامية، وعمل على جمع قادة الدول العربية والإسلامية لعدة مرات؛ ليكون الأمر شورى بينَهم، ويكون المسار العربي والإسلامي موحدًا في مواجهة من أراد بِهذه الأمة شرًا. وكان القادة في قطر حاضرينَ في الاجتماعات، ومشاركين في وضع التوجهات العربية التي تخدم الصالح العربي العام، آنذاك. لا نريد أن نقول: إن مجموعة من الدول العربية والإسلامية قد أغلقت الأبواب بشكل نهائي أمام القادة في قطر، ولا نستطيع القول: إن الطلاق البائِن بينونة كبرى قد وقع بين مجموعة من الدول العربية والإسلامية وقطر؛ لأننا نؤمن بحكمة الملك سلمان في معالجة القضايا بمختلف أشكالها، وبحرصه على معالجة القضايا العربية بشكل خاص، وحرصه على ألا يشوب البيت العربي أيّ خلاف، فَلا يمكن أن نُنكر سعيه الدائم لِلَم الشمل العربي، وتقديم خادم الحرمين الشريفين الحلول لمعالجة الملف مع قطر بما يضمن المصلحة العربية العليا؛ لانه يُؤْمِن أن قطر دولة عربية تقع في شرق شبه الجزيرة العربية، وتسقى أرضها من المياه التي تسقي دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، ويتعانق ترابها مع تراب أرض المملكة العربية السعودية، ويسري في قطر الهواء العربي الأصيل، وهو نفس الهواء الذي نتوحد به كوطن عربيّ وكشعوبٍ عربية. نتمنى من القادة في قطر أن يتسع صدرهم للمقترحات الخليجية المقدمة للخروج من الأزمة، وألا يتركوا الأبواب تغلق بين قطر وأشقائها؛ لانه إذا جاء الاعتذار عن الغلط متأخراً سوف ينعكس سلبًا عَلى مستقبل وشكل العلاقة بين الشعوب العربية بشكل خاص والبيت العربي بشكل عام، وعلى مستقبل ازدهار وتطور قطر، فستَعيش قطر في عُزلة، وهذا سَيَكون إحدى أهم العقبات أمام تنظيمها لكأس العالم لكرة القدم عام 2022 مثلًا.