تركي بن هذلول: خدمة الحجاج شرف خصه الله بالمملكة حكومةً وشعبًا    وزير الداخلية يدشن مشروعات متطورة في المدينة المنورة    ارتفاع حاد في أسعار الذهب مع تجدد المخاوف من الحرب التجارية    "الدعم السريع" يلجأ للمسيّرات بعد طرده من الخرطوم ووسط السودان    السيطرة والبقاء في غزة: أحدث خطط الاحتلال لفرض الهيمنة وترحيل الفلسطينيين    عبدالعزيز بن طلال يعرب عن الاعتزاز بالالتزام العربي بقضايا الطفولة والمجتمع المدني    كييف: 200 اشتباك مع القوات الروسية    الهند وباكستان تصعيد جديد بعد هجوم كشمير    نائب وزير الخارجية يلتقي سفير نيبال لدى المملكة    فهد بن سلطان يشيد بجمعية "أصدقاء" لاعبي كرة القدم    حرس الحدود يختتم معرض "وطن بلا مخالف" في جازان    وزارة التعليم وموهبة تعلنان انطلاق أولمبياد الفيزياء الآسيوي    مسيرة «البدر».. أمسية ثقافية بجامعة الملك سعود    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب    أمير الجوف يدشن مدينة الحجاج والمعتمرين    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا    العشاء: عادة محببة أم عبء اجتماعي؟    علاج أول حالة ارتفاع دهون نادرة في جازان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    احتفالية ضخمة تنتظر الأهلي في موسم جدة    علامات سعودية تُبحر بثقة في أول معرض امتياز عائم    1.2 مليون زائر لمعرض جسور في جاكرتا    محافظ صبيا يتفقد الاستعدادات لمهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في نسخته ال21    جمعية أصدقاء البيئة تبرز جهودها في ملتقى "وطن أخضر.. غَدُهُ مستدام" بجامعة الإمام عبدالرحمن    ختام أول بطولة ملاكمة مفتوحة للأساتذة    وزير الرياضة يستقبل فريق الأهلي بعد تحقيقه اللقب الآسيوي    إنهاء معاناة طفل من جلطات دماغية متكررة بسبب مرض نادر    سعود بن نهار يستقبل رئيس غرفة الطائف    النصر ينضم لسباق كارلو أنشيلوتي    أمير منطقة الجوف يلتقي أهالي محافظة دومة الجندل    إيرادات السعودية تسجل 263.6 مليار ريال في الربع الأول 2025    دوري يلو.. مواجهات حاسمة في صراع "البطاقة الثانية"    القيادة تهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير لبلاده    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    مستشفى النعيرية العام يحتفي باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    هيئة فنون العمارة والتصميم تختتم المنتدى الأكاديمي للعمارة والتصميم بنسخته الثالثة    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    رياح نشطة على معظم مناطق المملكة    عادة يومية ترفع معدل الوفاة بسرطان القولون    سعد البريك    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    خلف كل بساطة عمق عظيم    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    العراق.. 10 أيام إضافية لتسجيل الكيانات الانتخابية    عندما يصبح الهجوم على السعودية سلعة مربحة    موجز    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    "الغذاء" تسجل دراسة لعلاج حموضة البروبيونيك الوراثي    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مريض بالعبقرية
حول العالم
نشر في الرياض يوم 05 - 07 - 1438

كتبت في الأسبوع الماضي مقالا بعنوان: (عقول خارج السياق) أوردت فيه نماذج لعباقرة مجانين بمعنى الكلمة.. قدمت أمثلة لشخصيات مصابة بالتوحد، والفصام، والهلوسة، والاكتئاب الحاد.. في حين لم تسعفني المساحة للحديث عن "اضطراب الفص الصدغي" ودوره في صنع العبقرية.. فدماغ الإنسان مقسم إلى عدة فصوص، أمامي، وعلوي، وخلفي، وعلى جانبي الجمجمة (وتحديدا الصدغ الممتد من طرف العين لأعلى الأذن).
واضطراب الفص الصدغي يتسبب بحالات صرع متكررة تدعى Temporal lobe epilepsy تترافق مع رؤية المريض، وسماعه لأشياء لا يراها أو يسمعها بقية الناس.. وتتراوح شدته بين أعراض خفيفة غير ملاحظة (قد يعاني منها صديقك في العمل) أو شديدة تستدعي حجزه في مستشفى المجانين (كالفيلسوف الألماني نيتشه).
ولأن هذا الفص مسؤول عن إدراك المحسوسات، يتسبب اضطرابه بأوهام تناسب ثقافة المريض، والاعتقادات التي نشأ عليها.. فإن نشأ في أميركا مثلا سيدعي رؤية السيدة مريم، أو مخاطبة السيد المسيح، أو اختطافه بمركبة فضائية متقدمة.. وإن ولد في عالمنا العربي سيدعي رؤيته للجن والشياطين، أو حديثه مع الأولياء والصالحين، أو حتى التقاءه بالخضر عليه السلام.
فاضطراب هذا الفص يتسبب باستعادة كل المعتقدات والقناعات الموجودة في العقل الباطن، ويعيد إظهارها كوقائع حقيقية وأحداث محسوسة.. والمصابون بهذا المرض يملكون ثقة كبيرة، ويقينا راسخا بصدق دعواهم، كونهم يشعرون بأوهامهم كوقائع لا تقبل الجدل.. وأعتقد شخصيا أن معظم من ادعوا النبوة، أو سماع أصوات إلهية (كالمناضلة الفرنسية جان دارك، والشخصيات التي وردت في كتاب الهواتف) يعانون من اضطراب الفص الصدغي، خصوصا حين يثبت تعرضهم لحالات صرع متكررة.
والجانب الذي يهمني فعلا هو النتائج الإبداعية لهذا المرض، ودوره في جعل أصحابه أغزر إنتاجا (بفضل رهافة الحس وتضخم المحسوس لديهم).. فالمريض يبدو طبيعيا حتى يدخل في نوبة صرع تتبعها فورة ابداع مفاجئة تستمد معينها من تهيؤات خارجة عن المألوف.. وهذه الحالة تعرف اليوم بمتلازمة غيشويند (Norman Geschwind) أول طبيب درس المظاهر المرافقة للصرع الصدغي ووثقها بين عامي 1973 و1984.
فقد لاحظ مثلا انشغالهم المفرط بالأفكار الغيبية والفلسفية، واعتبار فترة صرعهم تجربة تستحق الإعلان.. كما لاحظ مرورهم بعد كل حالة صرع بنوبة كتابة وتدوين (تعرف في علم النفس باسم Hypergraphia) أو اهتمام مبالغ بالخوارق والمفاهيم الروحانية (Hyperreligiosity) أو سعي لإثبات وجهة النظر دون استماع للرأي الآخر (Circumstantiality) - كما قد تترافق أحيانا مع جوانب سلبية كالعنف والقسوة والهوس الجنسي ((Paraphilia.
وكان الرسام الهولندي المشهور فان جوخ من الحالات التي استشهد بها الدكتور غيشويند.. فقد كان يدخل في نوبات صرع متكررة يستيقظ بعدها برغبة شديدة (ليس فقط برسم اللوحات) بل والدخول في سجالات فلسفية لا تنتهي مع شقيقه وطبيبه الخاص، وأحيانا فورة في الكتابة والتدوين تؤكدها الوثائق الموجودة حتى اليوم بخط يده.
وبطبيعة الحال؛ من الخطأ ربط كافة حالات الإبداع باضطراب الفص الدماغي (أو أي من الأمراض التي ناقشناها في المقال السابق).. فنحن نتحدث عن دافع واحد للعبقرية وحالة اتقاد ذهني لعباقرة ثبت إصابتهم أصلا باضطراب الفص الصدغي.
.. بقي أن أشير إلى أنني أوردت كافة المصطلحات النفسية بلغتها الأصلية (ليس فقط من باب التوثيق) بل ولمنح المتخصصين والجادين فرصة البحث بأنفسهم في هذا الموضوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.