أ. خالد بن محمد الخويطر* في مسيرة الأمم لا تعني "ستةٌ وثمانون عامًا" أكثر من خطواتٍ يسيرة في البناء الحضاري بأبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية لا تتجاوز مرحلة التأسيس والتثبيت وخلق البنى التحتية الأولية لبعض المشروعات الحيوية، وهو ما يجعل الحكم عبر معايير الأداء الفنية متفقًا مع معادلة الزمن اليسير والتحديات الكبيرة، وستكون نتائجها مشرقةً وفق ما يتطلبه إنشاء الدول من جهودٍ ووقت وتكاليف، وبالمقارنة مع البلاد المماثلة فإن تجربتنا التنموية فاقت المقدَّر والمقرر، وانتقلنا من تأصيل البناء إلى تفصيلاته، ومن الخطط السريعة إلى الخطط التحولية، ومن دولة الموارد المحدودة إلى كيان الموارد الممدودة، ومن البلد المعتمد على عقول غيره إلى الوطن المملوء بخبرات أبنائه المتوجين علمًا ودرايةً وتميزًا، ولو لم تُحقق بلادنا غيرَ نقل إنسان الجزيرة العربية من بدائية التعليم الكتاتيبي ومظلة الإدارة البسيطة إلى تفوق البحث الأكاديمي وتقدم التطبيقات التقنية وحوسبة العمل الرسمي وحوكمة الشركات الأهلية لكفانا أن نقارن إنجازاتنا بمن سبقنا بعشرات وربما مئات السنين ولم يصل بعدُ إلى ما وصلنا إليه بفضل الله سبحانه ثم بهمة ودراية وتخطيط القيادة الحكيمة من لدن المؤسس الملك عبدالعزيز -غفر الله له- مرورًا بالملوك القادة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله-، وتتويجًا بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وعضديه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. لم يقف الوطنُ عند التغني ولا التمني؛ إذ تمر الذكرى المجيدة هذا العام وقد أقرت الحكومة برنامج التحول الوطني المرتكز على الرؤية الطموحة 2030، وبدأت بشائرها موحيةً بالأجمل من النتاج الواعد بالتغيير والتطوير وإعادة البناء تساوقًا مع استقرار البناء السياسي والأمني وعملقة البناء الاقتصادي والعلمي، ومجسدةً طموح القيادة الحكيمة رفعةً للوطن وإسعادًا للمواطن. ولم تقف القيادة عند هذه المعالم الداخلية الشامخة بل واصلت خدمة الحرمين الشريفين تيسيرًا على ضيوف الرحمن، كما عُنيت بالذود عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار والعدل على المستوى المحلي والإقليمي، كما قادت عمليات حزمٍ وعزمٍ وأملٍ لتحقيق وجود الوطن وتأمين حدوده ونصرة المستضعفين من أشقائنا العرب والمسلمين. ولعلنا لا نقف نحن في منطقة التمجيد القولي لننطلق إلى المشاركة الفعلية في تحقيق إستراتيجيات الرؤية الشمولية، أكنا مسؤولين أم عاملين عبر استيعاب مفرداتها وتحقيق متطلباتها، كما يحفزنا اليوم الوطني لنحاسب أنفسنا كذلك على ما قدمناه للوطن خلال عام دون أن نكتفي بالعواطف والأهازيج والتهاني. اليوم الوطني السادس والثمانون يعني لنا تواصل العطاء وتكثيف البناء والإصرار على وحدة الوطن ونمائه؛ فقد بذل الراحلون الكثير من أجلنا وعلينا أن نعطي الأغلى من أجل أولادنا وأحفادنا؛ فالمسيرةُ إرثٌ استلمناه وسنسلمه كي تبقى راية الحق هي الأعلى ودولة التوحيد هي الأرقى. اليوم الوطني أربع وعشرون ساعةً في ورقة التقويم، لكنه كشف حساب يقدمه المسؤول تبيانًا لما حقق وبما أخفق فيعزز التميز ويتعلم من الفشل، كما هو للجميع ذكرى كفاحٍ ونجاح اختلطت فيه دماء أبناء الوطن وعرقهم كي نشهد البهجةً في دواخلنا ومظاهرنا ناعمين بأمنٍ ورغدٍ ومتطلعين إلى وعدٍ وغد؛ فاللهم أدم على بلادنا كلَّ خير واكفِها كل شر ووفِّق قيادتها لما يعلو به الإنسان وينمو به المكان. * الرئيس التنفيذي لشركة الإلكترونيات المتقدمة