أمير تبوك يواسي أسرة الغيثي في وفاة فقيدها    التطور الرقمي في المملكة : تحقيق النمو المستقبلي يتطلب بناء شبكات آمنة وجاهزة للذكاء الاصطناعي    "فلكية جدة": تساقط شهب البرشاويات 2025 بدءًا من اليوم    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق حملة توعوية للتعريف بخدمة "العيادات عن بُعد"    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا ب 21 نقطة    برنامج تعاون بين "كاوست" والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية    نائب أمير الرياض يرعى ورشة العمل التطويرية لجائزة الرياض للتميز    المزرعة الإنجليزية "فالكون ميوز" تُشارك ب 100 صقر في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    نائب أمير القصيم يطلع على جهود الجمعية الأهلية بعنيزة    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد قوة أمن المنشآت أمير الفوج التاسع    أمير الشرقية يستقبل منسوبي هيئة الأوقاف ورئيس اللجنة الوطنية وقائد قوة أمن المنشآت    "كرنفال التمور" في بريدة يوفّر فرصًا ريادية ويعزز حضور الشباب في القطاع الزراعي    أمير منطقة جازان يعزي في وفاة الشيخ أحمد بشير معافا    مساعد الوزير للخدمات المشتركة يرعى إطلاق النسخة الأولى من جائزة التنمية الشبابية    تعرف على دوكوري لاعب نيوم الجديد    تفاصيل عقد النصر مع الفرنسي كينجسلي كومان    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    مفردات من قلب الجنوب 10    تصريف 5 ملايين م³ من مياه سد وادي ضمد لدعم الزراعة وتعزيز الأمن المائي    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في الحملة الوطنية للحد من ظاهرة التسول    مجلس الوزراء: تعديل بعض مواد تنظيم الهيئة السعودية للمحامين    خيط الحكمة الذهبي: شعرة معاوية التي لا تنقطع    المياه الوطنية : 6 أيام وتنتهي المهلة التصحيحية لتسجيل التوصيلات غير النظامية    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    شركة "البحري" السعودية تنفي نقل شحنات أسلحة إلى إسرائيل    المجر ترفض الانضمام لبيان الاتحاد الأوروبي    محافظ الطائف يستقبل المدير التنفيذي للجنة "تراحم" بمنطقة مكة المكرمة    محافظ الطائف يشهد انطلاق المرحلة الثالثة من برنامج "حكايا الشباب"    امطار خفيفة الى متوسطة وغزيرة في عدة مناطق بالمملكة    ترمب يوقّع أمرًا تنفيذيًا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يومًا أخرى    المنتخب السعودي الأول لكرة السلة يودّع بطولة كأس آسيا    ضبط 17 مخالفًا بحوزتهم 416 كلجم من القات    السنة التأهيلية.. فرصة قبول متاحة    بحث مع ملك الأردن تطورات الأوضاع في فلسطين.. ولي العهد يجدد إدانة المملكة لممارسات الاحتلال الوحشية    بعد خسارة الدرع الخيرية.. سلوت يعترف بحاجة ليفربول للتحسن    برشلونة يسحق كومو ويحرز كأس غامبر    وزير لبناني حليف لحزب الله: أولويتنا حصر السلاح بيد الدولة    عشرات القتلى بينهم صحافيون.. مجازر إسرائيلية جديدة في غزة    افتتاح معرض الرياض للكتاب أكتوبر المقبل    «ترحال» يجمع المواهب السعودية والعالمية    «الزرفة» السعودي يتصدر شباك التذاكر    تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد للمملكة.. "سالك".. 13 استثماراً إستراتيجياً في قارات العالم    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    موجز    مباهاة    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    السعودية ترحب بالإجماع الدولي على حل الدولتين.. أستراليا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين    حقنة خلايا مناعية تعالج «الأمراض المستعصية»    "فهد بن جلوي"يترأس وفد المملكة في عمومية البارالمبي الآسيوي    مخلوق نادر يظهر مجددا    تحديات وإصلاحات GPT-5    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    أخطاء تحول الشاي إلى سم    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التراث القديم.. بين نقل الرّواة وغياب التوثيق
مواقع التواصل ساهمت في بعثرته
نشر في الرياض يوم 17 - 08 - 2016


سويلم العلي -رحمه الله-
كان الراوي للقصص الواقعية والخيالية يبدأ استعراض ما وصل إليه بقوله: يقولون، وهي أسهل ما ينسب له العمل والإنتاج شعرا أو نثرا أو غيره مما يجري في الحياة، والعتب في ذلك على الناقل الأول الموصل للمعلومة دون تثبت، لكن يعذر أحيانا في نقل الشيء لعجزه عن توثيقه، ويرى أنها تتحقق الفائدة مما نقله لجودة المضامين أو فائدة القصيدة أو القصة، لكن يبقى التأكيد عليه بأن يستكمل ما ينقله. ونتيجة تداول الكثير من القصص والقصائد يتغير أصل القصيدة أو بعض أبياتها نتيجة تناقلها فيزاد فيها وينقص، وربما ألصقت قصيدة أو أبيات منها بغير صاحبها وهذا يحصل كثيرا إما لجهل قائلها تماما أو تشابه في بصمة الشاعر مع شاعر آخر أو تقارب الوزن والتراكيب، ولا عتب على أحد في مثل ذلك ما دامت الأسباب المؤدية إلى مثل هذا الخلط أقوى، فلم يكن فيما مضى تواصل ولا مراكز توثيق ولا دواوين مطبوعة ولا تدوين، وإن كان الوضع والحالة تلك لا يخدم العمل والإنتاج بشكل متكامل و قد تضيع معه كثير من حقوق الآخرين الذين لا يملكون شيئا يثبت لهم حقا.
سويلم العلي حذّر من التعدّي على حقوقه شِعراً
ومما يلاحظ أن القصة الواحدة أحيانا تنسب لأكثر من واحد وكلها إما تتشابه أو تتطابق، ومن يطلع على قصص وأبيات قيلت في إكرام الضيف ومخاواة الذئاب والسباع والانتصارات وبذل الروح والمال يجد الكثير. وكم من بيت شعر وقصيدة رددها البعض دون معرفة قائلها، وكم حكمة ومثل شعبي سار في المجتمع وافق قبولا بلا مصدر يمكن الرجوع إليه وبلا قائل، ومع ذلك تبقى هذه الأعمال لجودتها وفائدتها سائرة. وأما توثيق المعلومات فهو أمر في غاية الأهمية، ولا يحس به ويقدره حق قدره مثل أصحاب الإنتاج الذين ضاعت بعض قصائدهم أو اختلطت بإنتاج آخر وإذا قلنا أن نسبة الإنتاج لصاحبه حق من حقوقه فهي أيضا مسؤولية تلحق به وفي الوقت نفسه من أسس التشجيع التي تحفزه على المزيد من العطاء، وإلا أصابه الإحباط. وليس من السهل الوصول لذلك الشعور الذي يعانيه الشاعر عندما ينسب إنتاجه لغيره أو يتم تجاهله بالكلية من غير سبب واضح يدعو إلى ذلك كغياب المصدر أو ما شابه ذلك، ولا يهم الشاعر كلمات وتراكيب ووصف وصور فنية فقط ولكنه يرتبط بإحساس بينه وبين أبياته الشعرية التي ضخ فيها شعوره ونتناول هنا بعضا من قصيدة الشاعر سويلم بن علي بن ناصر السهلي؛ حيث يقول في قصيدة نثر فيها من أعماقه ومن مشاعر قلبه بوحا حتى صار مرتبطا بنبضات ذلك القلب:
قال الذي في بدع الأمثال ما تاه
ينقى غرايبها على كيف باله
في رأس رجم نايف العصر عداه
وراعي الهوى المعتاد قبلي عنى له
مذروب ملموم القرا عسر مرقاه
رجم يهيض من عنى له وجا له
من ضيقةٍ بالصدر يوم أني أنصاه
غزير دمع العين لجّة محاله
فأبيات مثل هذه وما تلاها أجمل منها تعد عند الشاعر روح إنتاجه الذي يعتز به ويفاخر. وفي مجال السطو على المعاني أو بعض أبيات الشعراء من قبل بعض من لم يدرك الطريقة الصحيحة نحو الصعود، يقول الشاعر سويلم العلي أيضا:
يا طامع مالك بقولي علاقة
قولي عليه الوسم عرقات وحلاق
لا تسلب المعنى وتسرق سراقه
يقال لك عند أهل العرف بواق
ويخدم التوثيق إضافة لخصوصيات الشعراء؛ إمكانية مقارنة إنتاج الشاعر الواحد وأيضا إنتاج شعراء عصر ما والمقارنة بينهم في فترات مختلفة، ويتيح فرصة ملاحظة المؤثرات التي طرأت. ولا يختلف الوضع كثيرا بين الأمس واليوم في شأن معرفة الإنتاج الأدبي والشعر وحتى العبارات والمعاني والأقوال الدارجة والأمثال التي اهتم الرواة والناس بتناقلها ولكن قائلها مجهول الاسم والمكان أو لم يهتم المتلقي به فنسي حتى لم يعد له ذكر، وهذا وأعني عدم الاهتمام بالتوثيق نتج عنه كثرة الإنتاج مجهول المصدر ولو كان يؤدي الغرض بلا مصدر، في مجال اللغة والمعاني والثقافة عموما، ولكن يعتبر ذلك عكس ما يفترض أن يكون، ويبقى الحق حق واستكماله ضرورة. وكان الوضع العام في السابق يهيئ لكثير من الإنتاج المتناثر و ضياعه وانفلاته من مصدره مما أحدث الكثير من التراث مجهول قائله كبعض السامري حيث ينسب للتراث وهذا في منظور البعض لا يهم ونحن نسمع ترديد سامريات تنسب للتراث بمعنى أن قائلها في طي النسيان وقصيدته راقية المعاني.
أما في عصرنا الحاضر فقد حدث الشيء نفسه إذ ساهمت وتسهم مواقع التواصل الاجتماعي في بعثرة كثير من الإنتاج الأدبي والشعر والقصص والحكم وغيرها وكأن الأعضاء في تلك المواقع مهمتهم بعثرة الإنتاج الأدبي والشعر، والسبب تولي النشر عبرها من لا يعنيه الأمر وليست هذه صنعته فصار ضرره أكثر من نفعه. وإذا اعتبرناها مشكلة وهي كذلك بالفعل فإن عدم الاهتمام بها يزيدها تعقيدا ويضيف للمجهول المزيد رغم إمكانية التوثيق، كما أن الجدل القائم بين حين وآخر حول القصائد سببه التشابه والنقل دون روية وعدم الاهتمام أصلا بصاحب الإنتاج ما لم يحافظ عليه هو قبل غيره. وتجدر الإشارة إلى حالات كثيرة يكون الشاعر فيه لا يرد نسبة إنتاجه إليه ابتداء، إما بالتسمي بمعرف خفي أو أن مضامين قصائده لا تناسب وقتا قالها فيه وظروف مجتمع لها قبضتها، ومثل هذه القصائد التي ينثرها بعض الشعراء مع تجاهل حقهم فيها لا تختص بغرض واحد، بل يلاحظ أنها في كل الأغراض، الهجاء والسياسة والنقد والغزل وقد تطال نقد الأوضاع الاجتماعية، ومع كل هذا يمكن للمختصين في الشعر استكشاف بصمة الشاعر والدلالة بها عليه.
شبكة الإنترنت ساهمت في تغيير القصص والقصائد لتقارب الوزن والمضامين
ناصر الحميضي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.