لم يعد السوبر السعودي مصدر تنويع لدخل الاتحاد السعودي وترويج للكرة الخضراء وسمعة اللاعب هنا ومحاكاته لأقرانه في البلدان الأخرى حتى يخرج من محليته وعدم قدرته على الاحتراف في أحد دوريات دول الجوار الأقل صيتاً وبطولات ومشاركة في كأس العالم، ولكن ما رأيناه على أرض الواقع عبارة عن ترفيه وتغيير للأجواء وشمة هواء نقية لأعضاء الاتحاد، وهذا مخالفة للتصريحات التي يطلقها بعضهم بقيادة الرئيس على أن "السوبر" فرصة لتطوير الكرة المتكلسة بسبب الإخفاقات، والمشبعة بالفوضى وضياع البوصلة عن الإنجازات. حضور "السوبر" الأخير لم يصل إلى 17 ألف متفرج أضف إلى ذلك غياب الترويج الصحيح للبطولة وعدم الكشف عن المداخيل الكاملة لها، ربما يقول قائل الاتحاد تسلم حصته من الشركة الراعية وفق العقد وبالتالي لايهمه أن خسرت أو ربحت؟ والسؤال هل الراعي لا يدرك مسبقاً العوائد المالية؟ إذا كان الجواب نعم فالمصيبة كبيرة وإذا كان لا فالمصيبة اعظم لأنه من الواضح أن الخسارة تفوق الربح الا إذا كان هناك مداخيل لا نعلم عنها. مقولة «ترويج سمعة اللاعب السعودي» لم تنطلِ على الإنجليز ما شاهدناه على أرض الواقع في لندن مجرد أعضاء يذهبون هناك ويعودون وكأنهم مدعوون لمناسبة يحضرونها فقط، هناك وفود إعلامية كبيرة حضرت إلى لندن والبعض على حسابه للاطلاع على ما يجري في ملعب فولهام وتصديقاً لمقولة أن "السوبر" فرصة لعلو سمعة الكرة السعودية وتعرف الأوروبيين عليها، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، حتى التنظيم وحضور الجماهير على الرغم من التعليمات المشددة بعدم التوافد إلى الملعب الا بساعة من بداية المباراة لم تجد أمام الجماهير التي تعودت على الفوضى "محلياً" فحضرت إلى ملعب فولهام وبعضها افترش الحديقة المجاورة والبعض بقي في الشوارع المحيطة بحرم الاستاد، واغلاق الشوارع، وهذا يجسد الفوضى التي اعتاد عليها المشجع الرياضي في الملاعب والمسابقات السعودية من دون ان يتنبه إلى أنه في لندن، والانجليز وجميع الدول المتقدمة معروفون بحبهم للنظام. ومن السلبيات المكشوفة في اللجنة المنظمة للسوبر السعودي سوء العمل الإعلامي والتنظيمي، فالاتحاد لم يستثمر اقامة البطولة في "عاصمة الضباب" لتوضيح الكثير من النقاط التي تخدمه وتخدم الكرة الخضراء التي يمثلها من خلال تنظيم البطولة والعمل بصورة عامة على إبرازها، جل الأعضاء يهتم باناقته والتجول في شوارع لندن والتواجد في فنادقها أكثر من الاهتمام بإبراز الحدث الرياضي الوطني. هل فكر الاتحاد بعقد مؤتمر صحفي يدعو له الإعلام الإنجليزي ومن يعرف من الإعلام الأوروبي المقروء والفضائي؟، هل استضاف إعلاميين من إنجلترا ومنح الكأس زخماً إعلامياً إن كان الهدف إبراز الحدث وتوسيع دائرة سمعة الكرة السعودية؟ وهل وجهت الدعوة لمدربين انجليز يحضرون للمباراة "لو بمقابل" للاستئناس بآرائهم، مع الأسف لا، البطولة بدأت وانتهت وسبقها تواجد لرئيس الاتحاد وجل الأعضاء من دون أي خطوات إيجابية تذكر لإبرازها كما يقولون، والوهج فقط ما كنا نطالعه عنها في الإعلام المحلي الذي انهكه التعصب واعياه الاحتقان. في إنجلترا حضرنا وغادرنا وفود إعلامية، والانجليز لايعرفون شيئاً عن البطولة السعودية، حتى المحيطين في ملعب فولهام لايعرفون عنها شيئاً إلا يوم المباراة عندما رأوا توافد الجماهير السعودية، وفي مختلف الأماكن التي نتحدث فيها مع الإنجليز يسألون أنتم من؟ وعندما نشير إلى عملنا الإعلامي الرياضي يسألون أيضاً وماذا تعملون هنا؟ وعندما نجيب لتغطية مباراة السوبر السعودي بستغربون إقامتها هنا. ربما إقامتها في لندن برغبة من الاتحاد أو الراعي، هذا لا يهم، ولكنه لا ينم عن فكر احترافي يمنح الكرة السعودية صيتاً عالياً وتعاملاً جيداً مع الأحداث وضرورة الاستفادة منها، ملامح الكرة الواعدة المحترفة تٌستمد من عمل وتعامل اتحادها والأفكار التي ينفذها على أرض الواقع لا الأفكار التي لا وجود لها إلا عبر الإعلام وهذا غائب تماماً عن الكرة السعودية في لندن. نتائج العمل المحترم تستشرفها مسبقاً من خلال عمل واضح ونهج منظم وخطط محكمة، أما في اتحاد الكرة فنعم للعشوائية ولا للتنظيم والاحترافية، ومن وجهة نظر شخصية فالذي استفاد في الدرجة الأولى هم رئيس واعضاء الاتحاد السعودي وليس الكرة الخضراء، لأنهم قضوا اجازة ممتعة، هناك لم يواكبها عمل احترافي، ماذا لو اتفق الاتحاد مع الراعي وحجز مساحة "مدفوعة الثمن" في اشهر الصحف الإنجليزية، هل هذا صعب؟.. ليس صعباً على من يريد اشهار كرة القدم في بلاده بعمله وعلاقاته وفكره ومهنيته وتعاطيه مع الواقع بصورة مميزة، وليس الحصول على الإجازات الخاصة والسفريات مدفوعة الثمن، حتى وأنت تجلس في الملعب تشاهد عدم ملء المدرجات بالجماهير السعودية فما بالك بمن يقول: إن الغاية هي التسويق واطلاع أوروبا على الأندية واللاعب السعودي، لقد عادت الكرة السعودية ممثلة بالأهلي والهلال من "عاصمة الضباب" بأيادٍ خالية من أي فوائد فنية وإعلامية أمام الأوروبين؟