أعرب الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي عن استهجانه واستغرابه لما أثارته «صحف متنطعة» دنماركية ونرويجية من اساءة للمسلمين بانتهاكها المبادئ الأساسية للصحافة تحت غطاء حرية التعبير. وقال الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة في بيان صحافي وزع أمس ان ردود فعل واحتجاجات كثيرة صدرت ضد ما نشرته تلك الصحف في طليعتها ما صدر عن القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة التي عقدت بمكة المكرمة في نهاية ديسمبر 2005 والتي ورد في بيانها الختامي التأكيد على مسؤولية جميع الحكومات عن ضمان الاحترام الكامل لجميع الأديان والرموز الدينية، وعدم جواز استغلال حرية التعبير ذريعة للاساءة إلى الأديان، وصدر مثل ذلك عن المنظمات والمؤسسات كمنظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والأزهر الشريف ونحوها. ولم يكر أحد كبار الكتّاب الصحافيين بالدنمارك هذه الهجمة الشرسة معللاً موقفه «بأن هذا لون جديد من الأدب متقبل في المجتمعات الغربية. فالرسومات النقدية الكاريكاتورية والكلمات الساخرة التي تتناول شتى المواضيع وكافة الفئات والأفكار، هي عبارة عن نقد وسخرية هادفة وذكية ايضاً، وان هذا مقبول ومتعارف عليه في العالم بأسره، باستنثاء ما يخص الإسلام». وهو يتعجب من هذه الحرمة التي يتمتع بها الإسلام دون غيره، ويعزوها إلى وجود جماعة تحتكر لنفسها حق النقد والتفسير لكلام النبي صلى الله عليه وسلم. وإزاء هذا الكلام البعيد عن الصحة، والذي يختلط فيه الجد بالهزل، والحق بالباطل ننبه أولاً إلى ان اللون الأدبي الجديد الذي يدعو له ويحذوه كثير من الكتّاب لا ينبغي أن يتناول كل غرض، لأنه لا يتماشى مع كل الموضوعات، وأن السخرية أو التهكم اللذين يقرهما ليس محلهما الأديان، والعقائد، ولكنهما ينصبان على حياة البشر وتصرفاتهم وما هم غارقون فيه أو مبتدعون له من المناهج البحثية والتوجهات الفكرية، مما هو غير يقيني أو غير خالص من الريب والاحتمالات. ولذلك أصبح من الواجب ان نذكر بأن الأديان والعقائد الصحيحة لا يجوز أن تخضع لما يخضع له هذا اللون المستجد من الأدب في العالم، لأن السخرية والاستهزاء إذا لابسا الدين ضاعت حقيقته وفسد الاعتقاد. وقال ان الايمان بالديانات والرسل والكتب والاعتراف بهم وتوقيرهم شرط من شرائط الايمان والإسلام. والخروج عن هذا الحد تجاوز لحقيقة الايمان وبعد منه وانصراف عنه. ونحن لذلك نعجب من الفئة الضالة التي تريد إرهاب المسلمين بشتى صور الإرهاب لصرفهم عن عقيدتهم وتلبيس الحق بالباطل لديهم. وهذه الأعمال لا تنبو عنها الأديان ولا تحرمها وحدها لأن العقل والحكمة يقتضيان ذلك أيضاً، ويحضان على التعارف والتعاون والتآلف بين الناس. وهذا ما أكدته الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة في أكثر من مناسبة. ففي الدورة التاسعة والخمسين في الجلسة العامة المنعقدة 11/11/2004 صدر قرار بتشجيع الحوار بين الأديان، وهو يدعو إلى مناهضة تشويه صورة الأديان، والجمعية العامة تؤكد ان التناصح المتبادل والحوار بين الأديان يشكلان بعدين هامين للحوار فيما بين الحضارات وثقافة السلام. وفي لجنة حقوق الإنسان (الدورة الحادية والستون) وقعت الاشارة إلى ما يلحق الأقليات والطوائف المسلمة في بعض البلدان غير الإسلامية. وإلى التصوير السلبي للإسلام في وسائل الإعلام. وإلى اعتماد وانفاذ قوانين تميز ضد المسلمين وتستهدفهم تحديداً. وتقرر اعتماد القرارات المتعلقة بمناهضة تشويه صورة الأديان. كما دعت اللجنة الدول إلى اتخاذ اجراءات حازمة لحظر القيام بنشر الأفكار والمواد القائمة على العنصرية. ودعا أمين عام مجمع الفقه الإسلامي بجدة المسؤولين في الحكومة الدنماركية إلى وجوب تدارك الأمر إبقاءً على التعاون والتحالف مع الدول العربية والإسلامية جميعها، وحرصاً على نشر التفاهم والتسامح بين الكافة لضمان حرمة الأديان وصيانة حقوق الإنسان وكرامته.