الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    كسر الحواجز: الحوسبة السحابية الهجينة المتعددة كمفتاح للمرونة الحقيقية    انحسار مخاوف الركود بعد الاتفاق الأميركي - الصيني على خفض الرسوم    المملكة وتعزيز السلام بين الهند وباكستان    غزة: مجزرة في مستشفى ناصر وهجمات مكثفة على النازحين    «يونيفيل»: وجود القوات الإسرائيلية يعيق انتشار الجيش    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير عام التعليم بمنطقة نجران    «مجمع الملك سلمان» يفتتح معرض «ثمانية وعشرون»    تحول حجاج الخارج لشركات كيانات كبرى يحقق قفزات واضحة بالخدمات    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي واليورو    نجران الولاء.. وقدوات الوفاء    الخارجية الأمريكية: ترمب يرى السعودية شريكا أساسيا بكل المجالات    إعلاميّون دوليّون من داخل "واحة الإعلام": تجربة سعودية متقدمة في التغطية والبث    فنون أبها تحتفي ب "إلى من يهمه الشقر"    شاشة كبيرة لهاتف Galaxy Z Flip 7    فريق صُنّاع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في مهرجان المانجو في صبيا    الاتفاق يُمدد عقد الشهري لمدة موسم    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    آل الشيخ يوجه بتخصيص خطبة الجمعة القادمة للتحذير من مخالفة أنظمة الحج والذهاب دون تصريح    مركزا لتنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل "إدارة التطوع"        أكثر من 130 مشروعاً طلابياً من 41 مدرسة في مساحة ابتكار في تعليم الطائف    مستشفى الملك عبدالله ببيشة يفعّل اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية ببرنامج توعوي شامل    المعرض الدولي للمعدات والأدوات يستعرض الفرص في السوق البالغة قيمته 10.39 مليار دولار أمريكي    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    "لازوردي" تحقق 12% نموا في الإيرادات التشغيلية خلال ربع 2025 الأول بصافي ربح قدره 13.3 مليون ريال سعودي    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي" و "الصحة المهنية"    وزير الحرس الوطني يستقبل نائب وزير الحرس الوطني بمناسبة تعيينه    مجمع الملك عبدالله الطبي يُعيد الحركة لأربعيني مصاب بانزلاق غضروفي ضاغط على الحبل الشوكي    تيريم يتغنى بسحر حمدالله    النجمة إلى دوري روشن.. والحزم يضمن الملحق    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بجازان يهنئ سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه بمناسبة تعيينهما    القبض على آربعة مواطنين في تبوك    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    السعودية و"الأونكتاد" يوقّعان اتفاقية لقياس التجارة الإلكترونية والتجارة الرقمية    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم الأمير فهد بن تركي    إقرار المبادئ التوجيهية للاستثمارات الخضراء.. مجلس الوزراء: الموافقة على تنظيم هيئة الطيران المدني    المغطّر    الاستسلام الواعي    "جوجل" تُطلق تطبيقًا لفك تشفير النصوص المعقدة    حلول شاملة ومستدامة لمعالجة نقص مواقف السيارات في الأحياء السكنية    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    الهلال يهزم النصر.. ويتوج بدوري الطائرة للمرة ال20    العدل: إصدار132 ألف وثيقة صلح في عام 2024    "الغذاء والدواء": ثلاثة أنواع من البكتيريا تهدد السلامة    حكاية طفل الأنابيب (4)    خطوة واحدة يا عميد    النجمة يسطع في سماء «روشن» وهبوط العين    الصين من النسخ المقلد إلى صناعة المتفوق    محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد تزيل أكثر من 719 ألف طن من الأنقاض    غرامة 20,000 ريال للحج بلا تصريح    70 % من مرضى الربو يعانون من حساسية الأنف    «الشؤون الإسلامية» بجازان تحقق 74 ألف ساعة تطوعية    تعليم المدينة ينفذ إجراءات التوظيف التعاقدي ل1003 مرشحين    ضمن مبادرة"مباراة النجوم".. القادسية يستضيف 30 شخصاً من ذوي الإعاقة    "الشريك الأدبي" في جازان: حوار مفتوح بين الكلمة والمكان    حماية مسارات الهجرة بمحمية الملك    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة والمجتمع، البحث عن المعنى
نشر في الرياض يوم 27 - 10 - 2005

في الفواصل والتمايزات التي يتم الوقوف عليها، في سبيل الوقوف على السمات الأساسية التي تحدد نطاقاً ثقافياً لمجتمع ما.. تبرز المحاولات المباشرة نحو التمييز بين النشأة والمراحل اللاحقة، ومدى مجال التراكم الذي تحصّل عليه ذلك المجتمع، من خلال ترصد الملامح الرئيسة التي تفرزها الوظيفة الثقافية، في ترسيم معالم الوعي المتداول، وإذا كان الولع يتطلع بالعادة نحو ترصدات مجال التحقيب والنمو، فإن الفصل المباشر بين البعيد والموصوف غالباً بالبدائي، والراهن الذي يوصف بالمعاصرة باعتبارها سمة ايجابية، أو بالتجليات التي تفرضها طبيعة المرحلة التاريخية، بكل ما تحمله من ملامح القوة أو الوهن، يكون النظر نحو انتقاء حقبة بعينها والعمل على تكريسها وجعلها بمثابة المثال والمرجع، الذي يتم التأصيل من خلاله للإطار الوظيفي الذي يكون مداراً للتفعيل والبناء والاشتغال.. هذا مع أهمية الوقوف على أن التطلع هذا يبقى مرتهناً بطبيعة السائد والمتاح الذي تمنحه البيئة الثقافية ذاتها، بكل ما تحمله من قيم وأنماط وممارسات وسياقات شائعة وسائدة.
الأنا المضيّع
السؤال المباشر الذي يتبدى دائماً يبقى يتفاعل عند ثنائية «الثابت والمتحول»، حتى لتكون حضورية البحث عن الأنا الثقافي، هذا الذي يتجلى تارة بوصفه طبعاً ومزاجاً وذائقة مرتبطة بالأخلاق والتقاليد والأعراف والقيم التي يقوم عليها مجتمع بعينه، أو يتمظهر حيناً بطبيعة التفاعل من مفردات الثقافة الإنسانية بعمومها، انطلاقاً من تقديم مجال التأثر والتأثير والنقل والاقتباس والإفادة من التراكم الذي أنتجته المدارك الإنسانية بعمومها.. ومن واقع الاختلاط الذي يفرض بحضوره على طبيعة النظرة السائدة حول مفهوم الثقافة، الذي يتداخل حيناً بالطبيعة البشرية حيناً، أو تحديد الطبيعة الوظائفية لها، باعتبار ما يمكن الوقوف من خلالها على طبيعة التطور في الوعي والقدرة على التفاعل داخل الوسيط الاجتماعي، والانسجام مع المحيط والبيئة الإنسانية العامة والشاملة.. لكن توصيفاً بهذا النوع لا ينفي محاولة الوقوف على التفاصيل والسمات التي تتبدى على المجال الفرعي، حيث الثقافة الخاصة بمجتمع بعينه، أو الأخذ بنظر الاعتبار السمة العامة التي تميز عصراً ما وتحدد ملامح الثقافة الإنسانية في حقبة تاريخية لها ملامحها ومكوناتها، حيث التعبير عن روح العصر والتقاليد السائدة فيه والمعايير الخاصة به.
تبقى دالة السؤال شاخصة حول المعنى الذي يمكن الوقوف عليه، حول مسألة تحديد مجال القيم والأعراف والتقاليد، وما هو المحدد الذي يمكن من خلاله ترسيم معالم التحول فيها، على الرغم من حالة السطوة والهيمنة والقوة التي تتبدى عليها في صلب العلاقات الاجتماعية، إلى الحد الذي تتعمق النظرة إلى هذه القيم وتتسامى في الكثير من الأحيان إلى حد التقديس، بل ان الكثير من القيم والتقاليد الموروثة لطالما تداخلت في نسيج الوعي حتى بات من العسير الفصل بين المعاصر الراهن، وتراكمات الماضي الموغل بقدمه.. بل ان المفارقة تكمن في طريقة التمثيل للمعنى، حين يتم تمثيل القيم القديمة وتقديمها بشكل معاصر، ليتعمق مدلول الأزمة ويتبدى حاضراً في الشكوى العالية والأسى والحزن العميق حول هذا الفقد الذي يبقى مقيماً، على الرغم من التماهي الذي تغلب عليه الحماسة مع المعاصرة، لكن التقاطع يبقى شاخصاً في حضور الشكلي والسطحي على حساب العميق والأصيل.
الترويج والتحريض
لا يتردد العربي في التداول الحياتي المباشر من الانخراط في تجليات الحماسة، حين يكون المرور على ذكر القيم، بل ان هذه المفردة بقيت رائجة في قاموس التعامل اليومي، بوصفها قيمة إيجابية، ومن هذا تم اخراج هذه المفردة في الوسيط العربي من مجال وظيفتها الاجتماعية، وراح يتم الترويج لها بوصفها منظوراً تطغى عليه التهويمات والتداخلات والتخريجات الخاصة، التي تحرص على تقديمها القوى المهيمنة في سبيل تدعيم وجودها وترصين نفوذها، على حساب المضمون الفاعل والحقيقي لها، والذي يستند إلى مضمون التعبير والتأصيل للواقع، حيث الربط الأصيل بين القيم والثقافة.. وما بين الإنتاج وإعادة الإنتاج لهذه المفردة، راحت مظاهر الترهل تبرز للعيان لتغطي على مجمل التفصيلات، تلك التي غابت في زحمة الانشغال بالشكل على حساب المضمون.
في ظل الاختلاط في المفاهيم يكون التحجر حاضراً، بجاهزية ملفتة، حول هذا التوقف الذي يتم الاحتفاء به، على الرغم من التفريط والفقد الذي يحدثه مثل هذا التوظيف، بالنسبة لما يمكن أن يتم تثميره من معطيات تدخل في صلب المنظومة الأخلاقية والجمالية والتعبيرية داخل النطاق الاجتماعي. فالانتقاء يبدأ العنصر الدائم والأشد حضوراً في مجمل الفعاليات، التي يتم ربطها بمسألة الثقافة لمجتمع ما، وعلى هذا تبرز التعميمات حول ثقافة العنف الملازمة للمجتمعات الفقيرة، أو ثقافة التكلف في المجتمعات الثرية، وهكذا يتم الغور في توزيعات وتفصيلات، ليكون الدأب نحو تلفيق توصيف على المقاس النظري، يتم من خلاله إسباغ السمة العلمية عليها، تحت دعوى التحديد العلمي الدقيق.
بقي الاتكاء في طريقة النظر نحو الثقافة في المجال العربي، باعتبار ما تمثله من معطى ظرفي، قوامه تحقق الغايات والأهداف التي تعزز مكانة اصحاب الحظوة والنفوذ، ومن هذا راح التكريس يتطلع وبكل قوة نحو تحميلها بالترسيمة القيمية الثابتة، حيث الخواف وسيطرة الهواجس حول الخراب والفوضى التي ستحل بالأرجاء، إذا ما تعرضت هذه المنظومة القيمية الثابتة، إلى أية محاولة للحفز والتحريك على أمل التغيير.. إنها «قيم السيطرة» الساعية إلى «سيطرة القيم» وجعلها المطلق الساعي نحو إلغاء النسبي، بمثابة الشرط النهائي للعلاقات والوجود والتفكير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.