125 مشروع بحث علمي لطلبة الأحساء في معرض " إبداع 2026 "    رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    أوكرانيا تستهدف موسكو بمسيرات لليلة الثالثة    الإجنماع الأول للتعريف ببرنامج المُدن الصحية    ترامب: إنجاز اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية "قريب جدا"    ارتفاع اسعار الذهب    تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بما يخدم المصالح المشتركة.. إطلاق تعاون اقتصادي بين السعودية وباكستان    الاحتلال يشن غارة جوية على الضفة الغربية    إدانة دولية لقتل المدنيين.. مجلس السيادة السوداني: سقوط الفاشر لا يعني النهاية    استعرض تميز التحول الاقتصادي وثمار الرؤية بقيادة ولي العهد.. الرميان: العالم يأتي إلى المملكة وثروتها تقاس بازدهار الإنسان    استعرض معهما العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.. الرئيس السوري يبحث مع وزيري الداخلية والخارجية تعزيز التعاون    تحاكي الواقع وتقيس الكفاءة والدقة.. مسابقات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ.. إثارة وتشويق    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    بدء التقديم على برنامج ابتعاث لتدريس اللغة الصينية    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    الإعلام السياحي على مجهر «ملتقى المبدعين»    «من أول وجديد» 15 حلقة    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    سعود بن بندر يطلع على أعمال "آفاق"    نفوذ بلا ضجيج.. القوة الناعمة في الإعلام    تعزيز العلاقات التركية - السعودية وسط الفرص والتحديات    يايسله يؤكد جاهزية جالينو    المناطيد تكشف أسرار العلا    "وثيقة تاريخية" تبرز اهتمام المملكة بالإرشاد التعليمي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    قصيدة النثر بين الأمس واليوم    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    أفراح ابن سلطان والعزام    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    بنزيما: الاتحاد أظهر رغبته في الفوز على النصر منذ البداية    أجور الحدادين والرمل والأسمنت ترفع تكاليف البناء    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    زيارة استثمارية لوفد من غرفة جازان    تداول يكسب 54 نقطة    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    الضربات الأوكرانية خفضت قدرة روسيا على تكرير النفط 20%    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    تعديل مواد في نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة والمجتمع، البحث عن المعنى
نشر في الرياض يوم 27 - 10 - 2005

في الفواصل والتمايزات التي يتم الوقوف عليها، في سبيل الوقوف على السمات الأساسية التي تحدد نطاقاً ثقافياً لمجتمع ما.. تبرز المحاولات المباشرة نحو التمييز بين النشأة والمراحل اللاحقة، ومدى مجال التراكم الذي تحصّل عليه ذلك المجتمع، من خلال ترصد الملامح الرئيسة التي تفرزها الوظيفة الثقافية، في ترسيم معالم الوعي المتداول، وإذا كان الولع يتطلع بالعادة نحو ترصدات مجال التحقيب والنمو، فإن الفصل المباشر بين البعيد والموصوف غالباً بالبدائي، والراهن الذي يوصف بالمعاصرة باعتبارها سمة ايجابية، أو بالتجليات التي تفرضها طبيعة المرحلة التاريخية، بكل ما تحمله من ملامح القوة أو الوهن، يكون النظر نحو انتقاء حقبة بعينها والعمل على تكريسها وجعلها بمثابة المثال والمرجع، الذي يتم التأصيل من خلاله للإطار الوظيفي الذي يكون مداراً للتفعيل والبناء والاشتغال.. هذا مع أهمية الوقوف على أن التطلع هذا يبقى مرتهناً بطبيعة السائد والمتاح الذي تمنحه البيئة الثقافية ذاتها، بكل ما تحمله من قيم وأنماط وممارسات وسياقات شائعة وسائدة.
الأنا المضيّع
السؤال المباشر الذي يتبدى دائماً يبقى يتفاعل عند ثنائية «الثابت والمتحول»، حتى لتكون حضورية البحث عن الأنا الثقافي، هذا الذي يتجلى تارة بوصفه طبعاً ومزاجاً وذائقة مرتبطة بالأخلاق والتقاليد والأعراف والقيم التي يقوم عليها مجتمع بعينه، أو يتمظهر حيناً بطبيعة التفاعل من مفردات الثقافة الإنسانية بعمومها، انطلاقاً من تقديم مجال التأثر والتأثير والنقل والاقتباس والإفادة من التراكم الذي أنتجته المدارك الإنسانية بعمومها.. ومن واقع الاختلاط الذي يفرض بحضوره على طبيعة النظرة السائدة حول مفهوم الثقافة، الذي يتداخل حيناً بالطبيعة البشرية حيناً، أو تحديد الطبيعة الوظائفية لها، باعتبار ما يمكن الوقوف من خلالها على طبيعة التطور في الوعي والقدرة على التفاعل داخل الوسيط الاجتماعي، والانسجام مع المحيط والبيئة الإنسانية العامة والشاملة.. لكن توصيفاً بهذا النوع لا ينفي محاولة الوقوف على التفاصيل والسمات التي تتبدى على المجال الفرعي، حيث الثقافة الخاصة بمجتمع بعينه، أو الأخذ بنظر الاعتبار السمة العامة التي تميز عصراً ما وتحدد ملامح الثقافة الإنسانية في حقبة تاريخية لها ملامحها ومكوناتها، حيث التعبير عن روح العصر والتقاليد السائدة فيه والمعايير الخاصة به.
تبقى دالة السؤال شاخصة حول المعنى الذي يمكن الوقوف عليه، حول مسألة تحديد مجال القيم والأعراف والتقاليد، وما هو المحدد الذي يمكن من خلاله ترسيم معالم التحول فيها، على الرغم من حالة السطوة والهيمنة والقوة التي تتبدى عليها في صلب العلاقات الاجتماعية، إلى الحد الذي تتعمق النظرة إلى هذه القيم وتتسامى في الكثير من الأحيان إلى حد التقديس، بل ان الكثير من القيم والتقاليد الموروثة لطالما تداخلت في نسيج الوعي حتى بات من العسير الفصل بين المعاصر الراهن، وتراكمات الماضي الموغل بقدمه.. بل ان المفارقة تكمن في طريقة التمثيل للمعنى، حين يتم تمثيل القيم القديمة وتقديمها بشكل معاصر، ليتعمق مدلول الأزمة ويتبدى حاضراً في الشكوى العالية والأسى والحزن العميق حول هذا الفقد الذي يبقى مقيماً، على الرغم من التماهي الذي تغلب عليه الحماسة مع المعاصرة، لكن التقاطع يبقى شاخصاً في حضور الشكلي والسطحي على حساب العميق والأصيل.
الترويج والتحريض
لا يتردد العربي في التداول الحياتي المباشر من الانخراط في تجليات الحماسة، حين يكون المرور على ذكر القيم، بل ان هذه المفردة بقيت رائجة في قاموس التعامل اليومي، بوصفها قيمة إيجابية، ومن هذا تم اخراج هذه المفردة في الوسيط العربي من مجال وظيفتها الاجتماعية، وراح يتم الترويج لها بوصفها منظوراً تطغى عليه التهويمات والتداخلات والتخريجات الخاصة، التي تحرص على تقديمها القوى المهيمنة في سبيل تدعيم وجودها وترصين نفوذها، على حساب المضمون الفاعل والحقيقي لها، والذي يستند إلى مضمون التعبير والتأصيل للواقع، حيث الربط الأصيل بين القيم والثقافة.. وما بين الإنتاج وإعادة الإنتاج لهذه المفردة، راحت مظاهر الترهل تبرز للعيان لتغطي على مجمل التفصيلات، تلك التي غابت في زحمة الانشغال بالشكل على حساب المضمون.
في ظل الاختلاط في المفاهيم يكون التحجر حاضراً، بجاهزية ملفتة، حول هذا التوقف الذي يتم الاحتفاء به، على الرغم من التفريط والفقد الذي يحدثه مثل هذا التوظيف، بالنسبة لما يمكن أن يتم تثميره من معطيات تدخل في صلب المنظومة الأخلاقية والجمالية والتعبيرية داخل النطاق الاجتماعي. فالانتقاء يبدأ العنصر الدائم والأشد حضوراً في مجمل الفعاليات، التي يتم ربطها بمسألة الثقافة لمجتمع ما، وعلى هذا تبرز التعميمات حول ثقافة العنف الملازمة للمجتمعات الفقيرة، أو ثقافة التكلف في المجتمعات الثرية، وهكذا يتم الغور في توزيعات وتفصيلات، ليكون الدأب نحو تلفيق توصيف على المقاس النظري، يتم من خلاله إسباغ السمة العلمية عليها، تحت دعوى التحديد العلمي الدقيق.
بقي الاتكاء في طريقة النظر نحو الثقافة في المجال العربي، باعتبار ما تمثله من معطى ظرفي، قوامه تحقق الغايات والأهداف التي تعزز مكانة اصحاب الحظوة والنفوذ، ومن هذا راح التكريس يتطلع وبكل قوة نحو تحميلها بالترسيمة القيمية الثابتة، حيث الخواف وسيطرة الهواجس حول الخراب والفوضى التي ستحل بالأرجاء، إذا ما تعرضت هذه المنظومة القيمية الثابتة، إلى أية محاولة للحفز والتحريك على أمل التغيير.. إنها «قيم السيطرة» الساعية إلى «سيطرة القيم» وجعلها المطلق الساعي نحو إلغاء النسبي، بمثابة الشرط النهائي للعلاقات والوجود والتفكير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.