حرصا منها على اظهار النجاح في العراق تخلت القوات المسلحة الأمريكية في العراق عن رفضها السابق لكشف النقاب عن عدد القتلى من المسلحين واضحت الآن هذه القوات التواقة لاثبات نجاحها في ارض الرافدين تقوم من وقت لاخر بالإفصاح عن عدد هؤلاء القتلى من الأعداء في بعض عملياتها العسكرية ليطمئن قلبها وقلب مؤيديها وحلفائها. ويبدو واضحا إن إحياء اسلوب أعداد قتلى القوات المناوئة وهي استراتيجية تم اتباعها خلال حرب فيتنام جاءت بدون توجيهات مباشرة من قيادة البنتاغون فقد أوضح متحدثان عسكريان في واشنطن وفي بغداد انه لا علم لهما بتوجيهات مكتوبة بهذا الشأن او الخطوات الواجب اتباعها لضمان الدقة في احصاء القتلى. ويبدو انه حتى الآن فان اصدار مثل هذه الاعداد من القتلى مرتبطة بالعمليات العسكرية الكبيرة التي توقع بأعداد كبيرة من المقاتلين الاعداء أو في العمليات العسكرية التي تستغرق أياما وأسابيع ففي يوم السبت على سبيل المثال افادت القوات الامريكية بان عشرين من المسلحين قتلوا واعتقل أحد المسلحين وذلك خلال مداهمات على خمسة منازل كان يشتبه بأنها تؤوي مقاتلين أجانب في بلدة بالقرب من الحدود السورية، وكانت الفرقة الثانية من قوات مشاة البحرية الأمريكية قد أصدرت بيانا قالت فيه بان ما يقدر بسبعين مما يشتبه بأنها عناصر مسلحة متمردة قد قتلوا في منطقة الرمادي نتيجة لثلاث غارات جوية من قبل مقاتلات ومروحيات أمريكية. وعكس ذلك البيان الصادر في السادس عشر من أكتوبر بعضا من المخاطر ذات الصلة بإصدار مثل هذه الإحصاءات حيث أن أعداد القتلى عادة ما تخضع دائما وعلى الفور لشهادة شهود العيان والذين يقولون في مثل هذه الحالات أن القتلى ليسوا من العناصر المسلحة وانما من المدنيين بما فيهم الأطفال والنساء وبالتالي سيكون لهذه الاستراتيجية آثار عكسية. وقد أعرب الكثيرون من العسكريين ومسؤولين مدنيين في وزارة الدفاع بطريقة غير رسمية عن قلقهم من أن بندول هذه الإحصاءات قد زاد عن الحد حيث أضحت تظهر في الكثير من النشرات الإخبارية الواردة من العراق وأفغانستان. وتشكك أولئك المسؤولين أيضا عن فعالية الاستشهاد بمثل هذه الأرقام في نزاعات يظهر فيها العدو مقدرة في استعاضة ما فقده من مقاتلين بسرعة وفي نزاعات يعترف فيها القادة بعدم تأكدهم القاطع من الحجم الإجمالي لقوات العدو. ومع ذلك فانه لم يصدر الأمر بمراجعة مثل هذا الأسلوب طبقا لمتحدثين عسكريين في واشنطن وبغداد ويجادل الكثير من كبار المسؤولين وفي البنتاغون أيضا مشاركين في استراتيجيات الاتصالات بان نشر أعداد القتلى من وقت لاخر له فائدة عظيمة وبالذات عندما تستخدم في نقل مستوى العمليات العسكرية. وقال البريغادير جنرال دونالد الستون مدير الاتصالات في بغداد أن أعدادا محددة تستخدم من وقت لاخر في تقديم هذا السياق والمساعدة في توضيح معارك معينة ومع ذلك فانه لا توجد هنالك خطة لاصدار مثل هذه الاعداد على أساس منتظم لاظهار إحراز تقدم. وكانت عمليات إحصاء جثث قتلى القوات المعادية قد أصبحت سمة معتادة في البيانات العسكرية الأمريكية خلال حرب فيتنام بهدف إظهار التقدم الذي تسجله القوات الأمريكية في ميادين القتال آنذاك.وان الضغوط على الوحدات الأمريكية لاصدار إحصاءات قتلى عالية أدت بدورها الى تضخيم إحصاءات البنتاغون مما تسبب في نهاية المطاف الى فقد مصداقيته. وقال كونراد كرين مدير معهد التاريخ العسكري في الكلية الحربية للجيش الأمريكي كنا في فيتنام نتبع استراتيجية الاستنزاف ولذلك فان إحصاء عدد القتلى من قوات الاعداء أصبحت مقياسا لاداء الوحدات العسكرية. وجعلت تجربة فيتنام القادة العسكريين الأمريكيين يتخلون عن اصدار إحصاءات عن قتلى الاعداء في نزاعات لاحقة فقد قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في نوفمبر 2003 عندما سئل من قبل شبكة فوكس نيوز الفضائية عما إذا كان عدد قتلى الاعداء يتجاوز عدد القتلى الأمريكيين أجاب بالقول إننا لانقوم بعمليات احصاء جثث لاناس اخرين. ويقول البنتاغون إن سياسته لاتزال تتمثل في محاولة تجنب نشر على الملأ أعداد القتلى من الاعداء إلا أن قادة عسكريين في بغداد اعتادوا على نشر حصيلة للقتلى من الاعداء في المعارك والاشتباكات العسكرية المنفصلة. وقال اللفتنانت كولونيل من مشاة البحرية الأمريكية ديفيد لابان والمتحدث باسم الفرقة الثانية لقوات الاستطلاع لمشاة البحرية العاملة في غرب العراق إن نشر مثل هذه الأرقام يمكن أن تساعد أيضا في تعزيز الروح المعنوية للقوات الأمريكية وتعزز الثقة لديهم بان خططهم تعمل على نحو فاعل ومؤثر. (واشنطن بوست)