أمير المدينة يرعى تخريج 10 آلاف طالب وطالبة في جامعة طيبة    انخفاض أسعار الذهب    ‫ وزير التعليم يتفقد مدارس الحدود الشمالية ومشاريع جامعة الشمالية    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    وصول أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    300 طالب يشاركون بحلول رقمية إبداعية في "برمجاثون"    اتفاقيتان لتعزيز الصادرات غير النفطية    "البنك الإسلامي" يجمع 2 مليار دولار    ارتفاع عدد كوادر التمريض إلى 235 ألفاً في 2023    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    جامعة «مالايا» تمنح العيسى الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    أمير تبوك يطلع على إنجازات التجارة.. ويرأس اجتماع لجنة الحج.. اليوم    تحت رعاية ولي العهد.. انعقاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض.. سبتمبر القادم    إزالة 23 مظلة وهنجراً عشوائياً في أحياء الطائف    19710 مخالفين للأنظمة ضبطوا في 7 أيام    لزيادة حجم القطاع 10 أضعاف.. السعودية تطلق خارطة طريق الطيران    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    حظر «الرموش الصناعية» على العاملات في تحضير الأغذية    هيئة الصحفيين السعوديين يقيم ندوة "المواقع الإخبارية التحديات والآمال"    الجدعان يرأس وفد المملكة في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية ال 33    البصمة السينمائية القادمة    نحو سينما سعودية مبهرة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    عساك «سالم» يا عميد    إبادة بيئية    تحسينات جديدة في WhatsApp    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    نسيا جثمان ابنهما في المطار    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    طائرة الأخضر إلى نهائيات كأس آسيا    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    مواد مسرطنة داخل السيارات    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    أرسنال يسقط اليونايتد ويستعيد الصدارة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    انتخابات غرفة الرياض    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    حسام بن سعود يدفع ب 3483 خريجاً لسوق العمل    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    طريق مكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرويبضة ... جمرة متقدة تحت الرماد !!! \" و خلفهم ماردٌ شيطاني يريد التخريب \"
نشر في الأولى يوم 10 - 08 - 2008


الرويبضة ... جمرة متقدة تحت الرماد !!!
\" و خلفهم ماردٌ شيطاني يريد التخريب \"
- الجزء الأول -
فكرة المقال : تسليط الضوء على أسلوب الخداع عند بعض من يسمون أنفسهم مفكرين أو ناشطين في حقوق الإنسان و المرأة حتى لا يخدع بهم أحد ، فالناس بحاجة إلى تحديد الأوصاف لا الأسماء ثم بعد ذلك هم قادرين على تمييز المصلح من المفسد ، وهؤلاء الأشخاص المخادعين يتظاهرون في البداية بتمسكهم بثوابت الدين حتى يتمكنوا من المجتمع فيفرضوا عليهم المشروع الغربي في كل شئون الحياة وليس فقط في قضايا المرأة ، ولهذا كان من أهم صفات هؤلاء كما قال تعالى [ وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب ] فتتغير وجوههم عندما يرون الناس يريدون التمسك بالسنة لا غير فيعتبرون ذلك تخلفاً ورجعيةً أو سطحيةً في الفهم أو تحقيراً لشأن الإنسان و المرأة ، ولكن إذا وضع على مائدة الحوار فكرة أوروبية أو مشروع قومي أو تقليداً للغرب تجدهم كما قال الله [ وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ] ، ولهذا المطلوب منا فهم حقيقة ما يدعوا إليه هؤلاء والتحذير منهم ورفع الشكاوى عليهم كل ما سنحت الفرصة ( وهذا نفس الأسلوب الذي يستعملونه مع المصلحين ومع الأجهزة والمؤسسات الإسلامية كتحفيظ القرآن ومخيمات الدعوة والجمعيات الخيرية وهيئة الأمر بالمعروف ... الخ ) ولكن العاقبة للمتقين .
تمهيد :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فقبل أن أبدأ بحديثي أقول إن الباحث متى وضع نصب عينيه نتيجة محددة سلفاً هو يتبناها فإنه سيتجاهل الكثير من الحقائق ، ولكن إذا وضع أمامه معرفة الحقيقة لا غير فسيتجرد حينها من هواه وسيعطي كل دليل أهمية بالغة حتى يصل إلى الصواب - وأنا أريد من خلال هذا المقال أن أسلط الضوء فقط على الأسلوب والطريقة الرخيصة والمتدنية علمياً والتي يستخدمها بعض من يسمون أنفسهم مفكرين أو ناشطين في حقوق الإنسان والمرأة عندما يحاولون تقرير مسألة معينة - وهذه هي فكرة المقال - وأما مناقشة ذات المسألة المطروحة من قبل هؤلاء وأدلتها وراجحها ومرجوحها فمحله الكتب المختصة .
كما أنه ليس من عادتي عندما أجري حواراً سواءً عن طريق الكتابة أو اللقاء المباشر أن استخدم عبارات جارحة للذات ، وإذا وجدت نفسي غضباناً فإني أضطر لتأخير هذا الحوار حتى تهدأ نفسي حرصاً على الثمرة المرجوة من هذا الحوار ألا وهو علاج الخطأ والوصول إلى الحقيقة وهداية البشرية كما قال تعالى : [ وجادلهم بالتي هي أحسن ] ولكن يجب أيضاً أن نفرق بين إعطاء الفعل وصفه المناسب له ، وبين تطبيقه وإنزاله بفاعله - فقد ورد في كتب الفقه الإسلامي مسألة لعن المعين من الناس وعلى سبيل المثال : فقد ورد أن آكل الربا ملعون لقوله صلى الله عليه وسلم [ لعن الله آكل الربا ] ولكن ليس بالضروري أن نقول فلان بذاته ملعون ، وهذه وسطية الإسلام فلا هو يجامل في الأحكام وفي نفس الوقت لا يعطي عامة أفراد المجتمع الحق في لعن كل واحد أو الحكم عليه بدون ضوابط فهذا مرده إلى الربانيين الراسخين في العلم ، ولهذا ربما أصف قولاً أو فعلاً أثناء كتابتي بأنه ينتمي إلى طائفة معينة ولكن ليس بالضروري أني أقصد تهمة من صدرت منه حتى تقوم عليه الأدلة .
الموضوع : -
مما لاشك فيه أن لكل وظيفة أخلاقيات وشروط يجب توفرها ومراعاتها ، وفي ذلك حماية لهذه الوظيفة من المنتسبين إليها ، ومن الذين يحاولوا لبس ثوب ليس لهم ، ناسين أو متغافلين عن قوله صلى الله عليه وسلم [ رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ] ، ولكن نجد أن بعض الناس يسعى في اكتساب لقب معين ولكن لا يكلف نفسه عبئ تحمل هذا اللقب ليعطي الناس ما يتناسب مع هذا المستوى الذي وصل إليه وفي إطار تخصصه ، وهو يقلد في ذلك مقولة العمالة الوافدة - أنا معلوم كل شيء -
وحتى يكون العتاب جميلاً دعونا نبحر عبر متابعة نزيهة وعادلة نحو برنامج رأيته وسمعته منذ أكثر من شهرين وكلما تذكرت فحواه أصابني الغثيان ثم الغضب ولكن لا أقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل .
إن هذا البرنامج الذي أشير إليه هو ما يسمى ب ( خارج الإطار ) والمعروض على قناة اقرأ الفضائية والحلقة المعنية كانت بتاريخ 22/4/1429ه وضيفها الأخ الدكتور / نجيب يماني هداه الله وغفر لنا وله ، وقد كانت الحلقة تتحدث عن وضع المرأة في السعودية وبعض الظلم الواقع عليها - وأنا أوافقه على أن هناك ظلماً يقع على بعض النساء من بعض الجهال الذين لم يهذب الإيمان أخلاقهم وهذا الخطأ يقع في كل مجتمع وعبر كل زمان - ولكن الوقائع السيئة ليست سبباً في إعطائنا الحق في التقديم والتأخير في الدين بما نهوى ، فالعيب فينا وليس في أحكام الإسلام ، وقد استطرد النقاش من قبل الضيف ومقدمة الحلقة حتى ذكر الدكتور أن من صور هذا الظلم هو محاولة إلزام المرأة بالمحرم حتى في سفرها – أكرر أنا لا أريد أن أجعل حديثي فقهي - سواءً في هذه المسألة أو غيرها لأن هذا ليس هو مقصودي من المقال كما ذكرت ، والكلام في هذه المسألة وغيرها من الأحكام الخاصة بالنساء والتي جاء بها الشرع معروفة في كتب الفقه الإسلامي لعلماء المسلمين وأئمة مذاهبهم لمن أرادها وليس محلها الدكتور الفلاني أو الأكاديمي البارز أو الإعلامية المخدوعة بنفسها ، فقد قال الله ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
ولكني أريد الحديث عن الأسلوب الذي استعمله الدكتور في محاولة استدلاله لما يقول ، والذي دفعني لهذا الكلام هو أن هذا الأسلوب الرخيص أصبح شعار البعض وعلناً وبتأييد إعلامي ، مما يستوجب
بيان الخطأ والتحذير منه بنفس الطريقة - وهي طريقة مشروعة ولله الحمد مقارعة الفكر بالفكر - و الأسلوب الذي صدر من الدكتور لا يخرج عن ثلاثة أمور : -
1 - قوله صلى الله عليه وسلم : [ من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ] الحديث ، والكذب يكون نصاً وكذلك يكون بتحريف الكلم عن مواضعه .
2 - قوله تعالى : [ ولا تقف ما ليس لك به علم ] الآية
3 - عدم الأدب في الألفاظ مقابل النص الشرعي
فقد استدل الدكتور قائلاً وبالنص وعبر لغته العامية ( جاءت امرأة للنبي وقالت له يا رسول أريد الجهاد معك لما أراد الغزو عن طريق البحر ، فقال لها تفضلي الطريق قدامك ) ولم يسألها فين محرمك ولا شيء وهذا يدل على أن المحرم مش ضروري وعشين كده أقول ما في شيء اسمه محرم وللأبد ، فالمحرم راح وولى زمانه ، وهذا الاستبداد ما يكون إلا في مجتمع ذكوري - انتهى كلام الدكتور -ويمكن مطالبة القناة بإعادة الحلقة للتأكد من ذلك –
والذي يصيبني بالغثيان هو أن الدكتور ساق نص الحديث النبوي من تأليفه ليستدل به على فكرته وفكرة البرنامج وهو يحاول بذلك استغلال الدين في تأييد فكرة معينة يدعوا إليها هو ومن يشاركه في هذه الأطروحات وذلك لعلمهم جميعاً أن للدين أثراً في نفوس الناس – فيا أخي اتقي الله في نفسك – أين الأمانة العلمية التي تعلمتها في الجامعة ؟ أم أن خريجي أفكار الجامعة الأمريكية المفتوحة - السابقين واللاحقين ليس لديهم ضوابط أمام تحقيق أهدافهم ومما هو معلوم أن ألفاظ النص الشرعي وكذلك القانوني له مدلولات وعليه تبنى أحكام وعقوبات ، وعند تحريفها تتغير المعاني المقصودة ، ثم أين الأمانة لدى إدارة القناة عندما تستضيف غير المختصين فيأتي بالغرائب والعجائب ويستهتر بالمشاهدين من خلال هذه الترهات .
وأما الحديث النبوي الذي نوهت عنه أعلاه والذي استدل به الدكتور فهو على النحو التالي : -
فقد روى البخاري من حديث أنس بن مالك أن رسول الله إذا زار قباء عرج على أم حرام زوج عبادة بن الصامت فسلم عليها ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم لديهم ذات يوم فاستيقظ وهو يضحك قائلاً لقد رأيت أناساً من أمتي يركبون عرض هذا البحر وكأنهم ملوكاً على الأسرة يفتح الله عليهم فقالت أم حرام ادعوا الله أن أكون منهم يا رسول ، قال : أنت من الأولين ، فلما كان زمن معاوية ركبوا البحر ومعهم أم حرام وزوجها عبادة بن الصامت ، فلما وصلوا إلى جزيرة قبرص نزلوا فيها فأرادت أم حرام ركوب الدابة فصرعتها من عليها فماتت ودفنت هناك ] أ . ه وهذا الحديث الشريف دليل على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم ، وهو دليل أيضاً على تكلم الرويبضة في آخر الزمان كما قال عليه الصلاة والسلام ، فقال الصحابة وما الرويبضة يا رسول الله قال : التافه يتكلم في أمور العامة ، وهذا هو فن الإدارة والاختصاص الذي دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم عندما حذر من التافه الذي لا علم له ولا دراية في تخصص ما ثم هو يحشر أنفه - ويا ليت أمثال هؤلاء يعقلون ، بحيث لا يتطفلوا على العلوم الشرعية ولا على علوم أخرى لا يجيدونها ، ثم أين هو وجه الاستدلال الذي يريده الأخ الكريم من هذا الحديث – أقصد الحديث الصحيح وليس الذي ساقه من تأليفه -
كما يلاحظ أن الدكتور لم يراعي الأدب مع حضرة النصوص الشرعية - فماذا يعنى الدكتور أن المحرم راح وولى زمانه وخلاص ما في محرم للأبد - إنها جرأة على الشريعة والنصوص بطريقة خالية من الأدب ، وفي الحديث الشريف ( أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار ) ، وما تفوه أحد من علماء المسلمين ولا عقلائهم بمثل هذه العبارات الدالة على التفاهة وعد احترام الشعائر الدينية - وهذا شيئاً ليس جديداً على أصحاب هذا الفكر - فهناك فرق بين تدارس النصوص والاستنباط منها حسب الأصول العلمية ومن قبل المختصين لا المتطفلين وبين الهمجية ومحاولة تحقيق أهداف معينة عن طريق الطرح المكذوب والمدلس فيه ، ومسألة محرم المرأة مشارٌ إليها في الأحاديث النبوية وفي كتب الفقه لمن أراد بحثها ، وهذه الطريقة المستخدمة من الدكتور ليست من طرق الحوار ولا الإقناع ولا البحث عن الصواب - بل هي فرض وصايا فكرية خارج إطار الشريعة والفقه الإسلامي - وهو نفس الخطأ الذي ينتقدونه على ما يسمونهم بزعمهم المتشددين حين يصفونهم بأنهم يحاولون فرض فكرتهم ووصياتهم على الناس - وأنا أقول كلام الله ورسوله هما الوصيان علينا والملزمين لنا - وأما المراوغة وافتراء الكذب فصفتان مصيرهما الفضيحة ومقت الله ، وأنا آسف أن أقول مثل هذا الكلام ولكن التاريخ قد أمهل أمثال هؤلاء دهراً قبل أن يقتص منهم بفضح نواياهم ومقاصدهم وأساليبهم ، وإن شاء الله لن يسمح التاريخ أن تبقى قطرة حبرٍ أو صوت لأمثال هؤلاء - الذين يؤلفوا ويكذبوا على الشريعة والتاريخ -
وكما يقال الشيء بالشيء يذكر فإن من كثرة ما يقوده أصحاب هذه الأفكار من حملات فكرية على بعض أحكام الشريعة تجرأ علينا الغرب وأذنابهم وأصبحوا يؤلفوا الأكاذيب علينا جهاراً في وسط النهار مثل ما يؤلفها غيرهم ، ومن أمثلة هذا الكذب ما أذاعته قناة البي ببسي الإخبارية عند ذكرها لواقعة قبض الفتاة السعودية التي كانت تقود السيارة في جدة - حيث قالت القناة أن النساء في السعودية يعانين من كبت للحريات لذا هن أكثر النساء انتحاراً في العالم ، فهل سمعتم بهذه الكذبة - وأنا أعتقد أن بعض بني جلدتنا فرحٌ بهذا الكلام المكذوب لأنه يخدم مصالحه وفكرته – فأصحاب هذا الفكر لا يؤمن جانبه فربما يتعاون مع أي جهة خارجية- وقد وجدنا بعض هؤلاء يرتمي في أحضان بلدان وقنوات ليحققوا مطالبه ، وقد نقلت قناة الحرة تقريراً عن النساء المناضلات في العراق ومن بينهن امرأة علمانية تدعى عبير وهي في قمة تبرجها ومحاربتها للشريعة من نبذها للأحكام القرآنية والسنة – والشاهد من القصة أن هذه عبير قد استضافت مندوبة عن جمعية حقوق المرأة في الأمم المتحدة وكانت تحكي لها كيف بدأت الأمور تسير في العراق من تسلط بعض المتشددين وأن الإلزام بالحجاب بدأ ينتشر ، ثم قالت بالنص إنهم يريدون أذية نساء العراق وكبتهم كما المرأة في السعودية - والله عز وجل يجيب على هذا الوضع بقوله سبحانه ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) لا كما يريد منا هؤلاء ، وقوله تعالى ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلونك عن سبيل الله ) الآية ، فاثبتوا يا مسلمين على دينكم وتعاليمه .
ولكي أوضح للقارئ الكريم معنى قوله تعالى [ ولتعرفنهم في لحن القول ] وقوله تعالى [ تشابهت قلوبهم ] وأن كل الطرق والأفكار المستخدمة من قبل إخواننا المخدوعين بالثقافة الغربية تؤدي إلى فكرة زعيم تحرير المرأة قاسم أمين ، هو ما نشر في مجلة البلاغ الأسبوعي ( المصرية ) في 15 يونيو 1928م وتأملوا قدم التاريخ ثم تأملوا تشابه العبارات لتعلموا معنى الآية ، يقول كاتب المقال والذي سماه [ من مواقف الصحابة ] كانت هناك امرأة تدعى / عائشة بنت طلحة وهي أحد العشرة القادمين على رسول الله وكانت سافرة ولها في ذلك مذهب يخالف مذهب الصحابة الذين يقولوا أن الحجاب أصون للمرأة ولكنهم كانوا أعقل من إثارة الفتنة أو اتهام المرأة كما يفعل بعض الجهال اليوم الذين يسمون أنفسهم أنصار الدين ، فهذا أبو هريرة في المسجد وتمر عائشة بنت طلحة من أمامه وهي سافرة فيراها ويقول سبحان الله كأنها من الحور العين ، فقد كانوا في غاية التسامح على عكس ما عليه نحن الآن بسبب جهل بعض من ينتسبون إلى الدعوة وقلة عقولهم ] أ . ه وأنا أقول لهذا - الرويبضة - هذا الأثر من أين أتيت به وما هو سنده حتى نعيش معك مرحلة علمية - والجواب أنه أتى به على نفس طريقة الدكتور / نجيب يماني وهدفهم في ذلك إعطاء صبغة شرعية مغلوطة ، فهل علمتم تطبيقياً معنى الآيتين التي أشرت إليهما .
كما أطرح عليكم ما شاهدته من حوار بين الأخت / سعاد الشمري وهي كما يطلقون عليها ناشطة في حقوق المرأة في السعودية وبين إحدى المقدمات على قناة الحرة ليوم الأحد 16/7/1429ه الساعة 30 : 10 مساءً بتوقيت مكة المكرمة عبر برنامج مساوة – وقد أضفت هذا الحوار لكي تكتمل الصورة للقارئ - ومضمون هذا الحوار [ إحنا في السعودية ممنوعين من كل شيء - طبعاً هذه دعوى وتفاصيل هذه الدعوة وأدلتها كالتالي كما قالتها المتحدثة بالنص - ما يخلونا ندخل أي إدارة حكومية ، وإذا عندنا مراجعة ننتظر في غرفة استقبال كأن فينا جرب ويأتي الموظف ليسألنا عن حاجتنا - ثم عرجت على الاختلاط وقالت : ما في شيء في الدين اسمه اختلاط فالحياة قائمة على الشراكة ، وحجة درء المفاسد هو تعليم الناس على التوحش ، ولا يوجد شيء في الدين اسمه درء المفاسد ، والفكرة الجديدة اللي طالعين فيها رجال الحسبة هو الاصطحاب واحد ووحدة يبغوا يتفقوا على الزواج ، بينهم عمل بدل ما يروحوا الاستراحات يجلسوا أمام الناس يشربوا شيء في أي مكان ، والحسبة أصل عملها مكافحة الغش فقط ومالها في الناس ثم تكلمت عن القضاء قائلةً عندما تخلع المرأة يطلب منها رد مهر الزوج مستدلين بحديث ردي عليه حديقته ، فهم يقرءون الفقه خطأ يأخذوا طرف الكلام يعيداً عن جميع سياق القصة ومثل هذا حديث ( لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ) كل ذلك في ظل تسلط المجتمع الذكوري ، وبعض النساء تظل معلقة السنوات الطويلة ثم سردت شيء من الوقائع السيئة والتي فعلاً بعضها موجود في المجتمع أ . ه وأنا تعمدت ذكر حديث الأخت / سعاد بالنص لكي يشاركني القارئ في تحديد النقاط المشتركة بين الأسلوب التي اتخذته المذكورة في إيصال الفكرة وبين ما ورد عن الدكتور / نجيب وبين كل ما طرحه أساتذتهم السابقين من زعماء تخريب المرأة سواءً كان قاسم أمين أو سعد زغلول أو هدى شعراوي ... الخ هذه الأسماء اللامعة في هذا المجال ، ومن أراد معرفة سيرة هؤلاء الذين ذكرتهم قبل قليل فعليه بقراءة الكتب المعنية بذلك ليقف بنفسه على الحقائق .
النقاط المشتركة :
1- استغلال المشاكل الاجتماعية للمرأة وجعلها شماعةً لتمرير أفكارهم التخريبية ، فيستخدمون هذه المشاكل ذريعةً للدعوة إلى ما يريدونه زعماً منهم أن هذا سيرفع الظلم - وهذا كله بغرض تهييج الناس ، مع ممارستهم لافتراءات وتضخيم بعض الوقائع في وصف أحوال المرأة - وهذا خطأ فالوقائع ليست أدلة شرعية نأخذ منها أحكام شرعية وإنما هي نتاج أعمال البشر ، والظلم أو التقصير يعالج بشرع الله .
2- لديهم تفسيرات مغلوطة لبعض الوقائع ، فإذا تم معاملة المرأة بشيء من التمييز كإراحتها من الصعود والنزول أو الاصطفاف في الطوابير وغيره من تبعات ما يعانيه المراجع للجهات الحكومية فإنهم يرجعون ذلك إلى هضم الحقوق - ويا ليتهن يعرفون أنهن في تكريم - طبعاً وفي كلامها شيء من المبالغة فكلنا نزور هذه المواقع ونرى المراجعات ، وفي قصة موسى عليه السلام \" أنه لما رأى الفتاتين تنتظران انتهاء زحام الرجال لتأخذا من الماء قام بواجب الرجال الكرام فسقى لهما وهي مرتاحتين في الظل – فهذا أمر ليس بجديد على المجتمعات التي تسود فيها الشهامة والنخوة - وليس فيه إنقاص من حق المرأة ، فهل يعي مثل هؤلاء ما يقولون أم هي الجمرة تحت الرماد ، وهذه التفسيرات مستقاة من أساتذتهم الذين يقرؤون لهم و قد نقلوها لنا بتصرف بسيط ، فمن أقوال قاسم أمين مثلاً والتي تشابه دعواتهم : ( بلغ من احترام الرجل الغربي لحرية المرأة أن بنات في سن العشرين يسافرن لوحدهن إلى أبعد الأماكن ويقضين فيها الشهور والأعوام ولم يخطر على بال أحد من أقاربهن أن وحدتهن تعرضهن للخطر ) فهذه هي نظرتهم للحقوق والحريات وهي من المبررات المطروحة لخلع الحجاب والاختلاط بين الجنسين ، فهل تجد الشبه بين السابقين واللاحقين من أصحاب هذا الفكر .
3- كثير ما يرددون مجتمع ذكوري - متسلط - لديهم غيرة من نجاح المرأة إلى آخر المسميات والمصطلحات الخاصة بهم والغرض منها تنفير المجتمع من التيار المخالف لهم ، كما أن هذه العبارات تحدد قواسمهم المشتركة والتي تعود إلى وحدة ثقافتهم وأهدافهم ونوعية ما يقرءوه ويسمعوه .
- لديهم لعبة تعدد الأصوات ، والعزف على أوتار الأحداث ليسوقوا أفكارهم والمعنى والهدف واحد وهو أنه حين يكثر الباطل يلزم الناس بالتحاكم إليه .
4- لديهم فراغ ذهني وعلمي فيما يتعلق بالثقافة الإسلامية وتاريخها ، وذلك لغياب أبسط فنون العلم عنهم ، ولهذا يتكلمون في الشيء الذي لا يحسنونه ويهاجمون بعض مسائل الدين كالحجاب أو الاختلاط بأسلوب غير نزيه ولا يخلوا في نفس الوقت من الصبغة الشرعية حتى ولو كان بالكذب على الصحابة بالكلام أو بإظهار أدوار تمثيلية لزوجة نبي أو صحابي وهي تسير بدون حجاب أو تختلط بالرجال ، وقد ذكرت نموذجاً لذلك من خلال النقاط السابقة .
5- يأخذون من سياق الأحاديث ما يريدون ، فالأخت سعاد تقول : نظروا في جملة ( لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ) ولم ينظروا في أبعاد الواقعة كاملة ليعلموا أنه لا يقصد منع تولي المرأة للمناصب العليا ، وفي المقابل الدكتور / نجيب قال : ما في شيء اسمه محرم بدليل الحديث الذي ساقه من تأليفه وبحديث آخر ( تسافر المرأة من الحيرة إلى اليمن لا تخاف إلا الله ) فلماذا لم ينظروا هم في أبعاد الواقعة كما يطالبوا غيرهم ، وعلى سبيل المثال : فالحديث الذي ورد في سفر المرأة من الحيرة إلى اليمن قد ورد في سياق البشارة بأن الله سيتم هذا النور وستصبح الدنيا أكثراً أمنناً مما هو عليه أثناء نطقه صلى الله عليه وسلم بالحديث ، وهذا التناقض طبيعي جداً في أطروحاتهم لوجود مساحة سرية في عقول البعض من هؤلاء فتجدهم يختزلون فيها أفكاراً معينة لا يستطيعون البوح بها خشيةً من نقمة المجتمع وغضبه مما يولد عندهم حينها نوعاً من التقية فتحدث هذه التناقضات ، فمثلاً في السنين الماضية لما انتشرت ظاهرة السواقين وانفرادهم بالمرأة لوحدها حذر العلماء من ذلك فكان ردهم أن هذه ليست خلوة ، ونفس هذه الأصوات لما تتناقش معها على مسألة قيادة المرأة للسيارة تقول : بدلاً من ركوب المرأة لوحدها مع السائق وحدوث خلوة تقوم هي بنفسها بقيادة سيارتها – هذه هي المواقف المترنحة المبنية على أساس ترويج الفكرة – لا المبنية على أصول علمية فقهية ، وهذا مثال فقط على مخادعتهم .
6- إطلاقهم العبارات الرنانة تنفيساً عما في أنفسهم ، فالدكتور يقول : ما في شيء اسمه محرم ، والأخت / سعاد تقول : ما في شيء اسمه اختلاط أو درء مفاسد وكل ذلك فيه تعليم للتوحش ، كما قال الله [ يبيتون ما لا يرضى من القول ] الآية ، إن هذه العبارات ليست من ديننا وإنما هي رواية وحلم في مخيلتهم ينتهزون الفرص لعرضها – كمسجد الضرار - الذي أمر رسول الله بهدمه ، مع أن الذي بنوه كانوا يصلون مع رسول الله ولكنها سياسة – نبش الجمر وإطفائه من تحت الرماد قبل أن يحرق .
7- يعبرون عن رغباتهم وأمنياتهم في المجتمع ، فتجدهم يعرضون سيرتهم الذاتية ولكن بطريقة روائية على أنهها هي الوسطية مستخدمين في ذلك أساليب التدليس ومحسوبية الإعلام .
8- أطروحاتهم يختبئ وراءها مارد شيطاني يريد تخريب المجتمع ، كما جاء في مجلة الفتح العدد 67 في 25 ربيع ثاني عام 1346ه مقالاً يفضح هدى شعراوي إحدى ناشطات تحرير المرأة من الفضيلة فيقول المقال : [ هدى شعراوي نسيجٌ وهمي يختبئ ورائه أشخاص آخرون ، فالخطب المنسوبة إلى هدى شعراوي كلها بقلم الهلباوي بيك ] فأغلب هؤلاء أدوات في أيدي غيرهم ، وكثيراً من كتابنا ومن يسمون أنفسهم ناشطون في الحقوق مثل هدى شعراوي جسور يمررون من خلالهم الفوضى الأخلاقية .
9- محاولة أيهام الناس أنهم يفهموا روح النصوص ، وأما غيرهم فهم يفهمون الدين بطريقة سطحية كما تجدهم لا يتكلموا إلا في مسائل محدودة الحجاب الاختلاط الغناء حتى أصبحت هذه الأمور هي كل هاجسهم ، ويرددوا عند هذه المواضيع التأكيد على عبارة ( وفق الثوابت الشرعية ) وهي عبارة لا تتجاوز حناجرهم وسلوكهم على أرض الواقع يكذب ما يدعون به .
* أنا أوافق الأخوة الكرام أن هناك أخطاء ، وأيضاً هناك تعصباً لبعض الآراء التي ليس عليها أدلة ولكن لا يصل الأمر إلى تسييس فكرة مضمونها مخالفة أحاديث صحيحة صريحة أو الخروج عن مقاصد الشريعة ، ثم من غير المقبول أن نترك قول الله [ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ] ونسأل أو نتبع كل من هب ودب ، يجب أن نعالج الأخطاء ولكن بالسير في الطريق الصحيح .
وأما ما أثارته الأخت سعاد ( وغيرها كثير ) حول عمل رجال الحسبة فهو لا يخرج عن نفس الأسلوب المتبع من القديم من قبل أصحاب الأهواء بغرض التشكيك بكل جهة أو فكرة صادقة تقف لمشروعاتهم بالمرصاد ، وأعمال الحسبة أمرٌ قد درج عليه خلفاء المسلمين وأمراءهم وهي ولاية من ولايات الدولة المسلمة ، يسند إليها الوالي من سلطته ما يراه سواءً من التخصص النوعي أو المكاني ، وليس كما ذكرت الأخت اقتصاره على مكافحة الغش فهذا جهلٌ بالشريعة والتاريخ عبر الخلافة الإسلامية الماضية ومع هذا يسمون أنفسهم مفكرين .
وأما ما تسميه الأخت بالفكرة الجديدة وهو ما يسمى بنهمة الاصطحاب بين الجنسين وانتقادها لهذا المنع - فهذه من الفضائح التي وعدنا بها التاريخ لأمثال هؤلاء - والجواب على انتقادها كالتالي : -
أ ) الأصل في الشريعة أن علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه يحكمها نظام إلهي معين كما قال صلى الله عليه وسلم : [ إن أول فتنة بني إسرائيل في النساء ، فاتقوا النساء ] واتقاء فتنة المرأة بمعنى التزام نوعية معينة من التعامل يضمن من خلالها الطرفان بمشيئة الله عدم حدوث الفتنة بينهما - لما في النفس من ميل طبيعي بين الجنسين - وهذه النوعية من التعامل حدد جزءاً منها الإسلام بالنص ، وبعضها أدرجه تحت درء المفاسد أو جلب المصالح .
ب ) وأما مسمى الاصطحاب الذي تشير إليه الأخت فهو واردٌ في كتب الفقه الإسلامي بمسمى إنفراد الرجل بالمرأة وهو أمرٌ آخر غير الخلوة المعروفة في كتب الفقه ، والأخت سعاد مقرةٌ بأن الخلوة بمعنى غياب الرجل والمرأة ببدنهما عن أعين الناس حرام ، ولكن الإشكال التي تثيره هو إنفرادهما ببعض أمام الناس ، أقول وبالله التوفيق لقد جاء في حديث رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال : [ جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم - وهو مع أصحابه -فخلى بها ( بمعنى أنفرد ) ودليل هذا التفسير الذي بين القوسين هو ما جاء في تكملة الحديث ، فقال أنس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها : والله إنكم - معشر الأنصار لأحب الناس إلي ] فالمرأة انفردت بالنبي عليه الصلاة والسلام أمام أصحابه ( دون ترتيب ومواعدة يغيب معها الحاضرين الذين يستحى منهم فيدفعنا ذلك إلى الجدية والحزم ) وسمع أنس شيء من خطابهما ، وقد قال الإمام العيني في عمدة القارئ : ينفرد الرجل بالمرأة في ناحية من الناس لما تسأله عن بواطن أمرها في دينها وغير ذلك أ . ه
ولهذا كان الإنفراد بالمرأة أمام الناس كفعل طبيعي مفاجئ يقصد منه السؤال أو الاستفتاء ونحوه جائز ، وأما تعمد المواعدة سراً والترتيب للقاء فهذا قرينة للريبة واستدراج الشيطان لهما ، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفاً في المسجد فلما زارته أم المؤمنين صفية رضي الله عنها وأرادت الرجوع خرج معها يوصلها فرآهما رجلان من الصحابة فأسرعا المشي ، فقال لهما النبي عليه الصلاة والسلام على رسلكما إنها أمكما صفية .. ) الحديث ، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقذف في قلب الرجلين الشك ، ولو كان الشك في مقابل الأمور الغير عادية مرفوضاً لما أوضح النبي صلى الله عليه وسلم موقفه للرجلين تعليماً للأمة من بعده ، فإذا احتاج الرجل الانفراد بالمرأة لأمر الزواج كما تقول الأخت فليكن أمام أهل البيت وإذا كان الحديث عن العمل فليكن في حضرة من يعرفكما من زملاء العمل ، وفي الحديث الشريف عند تفسير أوائل سورة ( قد سمع الله ) أن امرأةً جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها فكانت تسر للنبي بالحديث في ناحية الغرفة وعائشة رضي الله عنها معهما ... الخ ، فلم يتواعدا سراً في مكان آخر ( مطعم ، كافيه ، على البحر ) كما تريده الأخت سعاد .
ولهذا يجب أن نعرف أن الغرض من وجود محرم مع المرأة عند خلوها بالرجل الأجنبي للعلاج ونحوه هو إيجاد رقابة معنوية طبيعية بحكم العلاقة بين الجنسين فيتولد حينها نتيجة هذه الرقابة ممن تعرفهم استحياءً في القلب يمنع الاسترسال في هواجس النفس وسواس الشيطان - والشريعة من خلال تنوع أحكامها مقاصدها واحدة – وعلى ذلك فانفراد الرجل والمرأة تحت أي مسمى كان إذا كان يخلو من هذه الرقابة المعنوية التي يتغيب معها من يفرضوا عليهما الحياء والخجل فإنه مواعدتهم ولقاءهما مظنة سوء وللحاكم وأعوانه منعهما –وهذا مكتوب في كتب الفقه والسياسة الشرعية للحاكم المسلم - وكما يعلم الجميع فإن مطاعمنا أغلبها فيها سواتر للعائلات وهي بعيدة عن الأنظار لتعطي شيئاً من الخصوصية للعوائل ، إضافة إلى بعد الأعين التي توجد نوعاً من الحياء والحزم والجدية فيكون حينها تبادل النظرات ولين الكلام ، ولكن للأسف أن أمثال هؤلاء يريدون التدرج في نشر الفوضى الأخلاقية ، كما فعلها من كان قبلهم عندما بدأو بالحديث عن مسائل الخلاف على ضوء الشريعة ووفق الثوابت ، ثم بعد فترة وبالتدريج نزعوا الحجاب وحرقوه في الميدان المسمى اليوم بميدان التحرير بمصر ، ثم فتحت بيوت للدعارة رسمياً بموجب تصاريح وكروت صحية في زمن سعد زغلول - فلا يغتر بمعسول كلامهم وتمسحهم بالدين -وعلى الراغب في المزيد الرجوع إلى أمهات كتب الفقه - و لا يأخذ دينه وفتواه من كل شخص أو من كل قناة .
والمشاركة والبناء التي تدعوا إليه الأخت وتجعله مبرراً للاختلاط هو أمر مخاطب بها الجميع ولكن ليس بتجاوز حدود الشرع ، وقاعدة درء المفاسد مقدمة على جلب المصالح هي شعار ديننا ويكفيني هنا أن سرد دليلاً واحداً وهو قوله تعالى [ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم ] فلا شك أن سب الأصنام وذمها أمر مشروع ولكن إذا كان هذا يسبب سب الله فيترك حفاظاً على المقام الإلهي أن يتعرض للسب ، فكيف يريدون نسف وإلغاء قاعدة أساسية في الدين . ولكن كما ذكرت ( تشابهت قلوبهم ) الآية ، ففي جريدة البلاغ الجمعة 7 سيبتمبر 1928م زاوية ( سيدات ) يقول المقال : أصبح التعاون بين الجنسين أمرً ضرورياً في عصرنا وسيزداد كلما تقدم العالم في الرقي ولذا أصبح لزاماً أن ندرب الأطفال من الجنسين في أيام الصغر على التعاون ، وأن يتعرف كلاً منهما على الآخر ويقف على نفسيته ، لأن هذا الاختلاط يضعف العاطفة الجنسية أو يقللها ، لأن التعود على المشاهدة يقلل ردود الفعل العاطفية ، والذين يخشون على الأخلاق ولا يثقون بالزمالة بين الجنسين ويرون أنها تؤودي إلى علاقات آثمة هؤلاء يشكون في الطبيعة البشرية ، وأما عن التفاوت والفروق بين الجنسين فهذا مردود فقد أثبتت البحوث أن المرأة متفوقة في ميدان العمل حتى في كرة القدم والتنس ] أ.ه
هل هذه هي روح النصوص التي يعلموها ويجهلها غيرهم ، هل هذه هي الأدلة المقنعة على صحة كلامهم ومطالبهم - نعود الجنسين على كثرة اللقاءات حتى تقل شهوتهم ، وأن المرأة تفوقها على الرجل في كرة التنس - عدنا للترهات من الجديد ونقل أطروحات الخائنين لدينهم ومجتمعهم ، ثم لماذا لم تقل هذه الشهوة وثورتها في المجتمعات الأوروبية وجرائم الاغتصاب أكبر دليل مع أنهم منغمسين في الاختلاط من نعومة أظفارهم ، وللفائدة فإن الإسلام والتاريخ واللغة كلهم ينفون المساواة بين الذكر والأنثى وعلى سبيل المثال : -
- إرسال الرسل ( من الذكور )
- قيادات الدول والممالك 99 % منهم رجال
- المهن ترفض المساواة
- قائمة المخترعين والعلماء
- اللغة ترفض المساواة ( نون النسوة وواو الجماعة )
- النسب للأب دون الأم مع أنها أكثر معاناة من الأب في إنجاب هذا الإبن ، ومع هذا هدى شعراوي وابنتها سميا أنفسهم بأمهاتهم تيمنناً بعض الكفار - فهل رأيتم وجه الشبه بين ما قالته التلميذة والمدرس -
ولكننا نجد أن هذه الأطروحات لم تتغير مع طول الفاصل الزمني بين التلاميذ والمدرسين إلا شيئاً يسيراً لمراعاة البيئات ومستجدات العصر ، تقول الأخت / سعاد تلتقي المرأة والرجل سوياً في أي مطعم أو مقهى لبحث كيف يتزوجوا أو مناقشة أمر معين بدلاً من اجتماعهم في الاستراحات والغرف ، وتزعم أن كل هذا ليس له أي سلبية كما قال قاسم أمين من قبل [ بعض الرجال يعتبرون أنفسهم مالكين لنسائهم يأمروهن بلزوم المسكن حتى لا يكون لأحد غيره حظ النظر إليها أو الحديث معها ، مع أن المرأة لها أن تعيش حسب ما يوافق ذوقها وعقلها وبالطريقة التي تراها حسنةً في نظرها ، وهذا هو حال المرأة الغربية ومع كل هذا لم نرى المصائب التي يهددنا بها أولئك الفقهاء والكتاب من أضرار الاختلاط والسفور ] وهذا هو حقيقة ما يتمناه أمثال هؤلاء المذكورين وهذه محاولات جادة منهم لإقناع الناس بترك أخلاقيات دينهم وتعاليمه ولكن بطريقة غير مباشرة ، ومن مشابهة قلوبهم وألسنتهم أنك تجد العبارات التي ذكرتها لضيفي مقالي تشابه تماماً ما ذكره أحد زعماء تحرير المرأة الطهطاوي عام 1851م حين قال : [ السفور والاختلاط ليس داعياً للفساد أبداً ] وعلى نفس النهج قال الشاعر معروف الرصافي البغدادي :
عجبي أن تعد نظرة إنسان لمثله من الناس عابا
وما ضر العفيفة كشف وجهٍ بدا بين الإعفاء الأباة
إنها عبارات رنانة بقصد مخادعة المجتمع ، و صدق النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال ( دعاة على أبواب جهنم ) فهل هذه حقوق وحريات أم انفلات ورذيلة ، فالأخت تريد اللقاء بالرجال عن طريق المواعدة بدون حساب وهذا يريد النظر للنساء بدون حساب وما تخفي قلوبهم أكثر ولولا خوفهم من نقمة المجتمع المسلم المحافظ لقالوا أكثر من هذا ولكنها سياسة التدرج التي يتبعونها وهي كالتالي :
1 - محاولة إسقاط صورة علماء الأمة ودعاتهم .
2 - محاولة الوصول إلى مراكز قيادية .
3 - محاولة التركيز على حرية الفكر وعدم قبول الوصايا من أحد ، وهدفهم في هذا أنه بمرور الوقت لايقبل نصيحة أحد ولو كانت بكلام الله ورسوله .
4- تطبيع الفساد في عقول الناس عن طريق كثرة الطرح الإعلامي وبصور مختلفة مثل تقارير إخبارية وبرامج وأفلام .
5 - كثرة التذكير بالخلاف الفقهي في مسائل محددة كالحجاب والاختلاط ونحوه ، ثم بعد ذلك ينتقلون إلى مرادهم .
6 - محاولة التطبيق الرسمي شيئاً فشيء كاستحداث قرارات أو تعديل مواد معينة وتكون فضفاضة المعنى ليسهل استخدامها في تحقيق أهدافهم .
- إنه التاريخ يعيد نفسه - أليس هذا فيه اقتداء بتماثيل وأصنام الحضارة الغربية وتقليداً للتافهين والساقطين اللذين لم يسجلهم التاريخ إلا في مزبلته ، أليس هؤلاء مخمورين بالغرب فأصبح لفظ تحرير المرأة لديهم شعاراً مزيفاً ، فالمرأة عندنا لم تكن مستعبداً في يوماً إلا لله كما قال الله [ فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ] وهم يريدون تحريرها من ذلك – ألا بعداً لهم كما بعدت الأمم الفاسقة .
فأنا أقول لأمثال هؤلاء [ من غشنا فليس منا ] وأقول لعموم المسلمين كما قال رسول الله ( عليكم بكتاب الله وسنتي ) .
وليس معنى هذا أنني أنكر ما لقناة اقرأ أو غيرها من القنوات النافعة مالها من برامج جيدة ، ولكن لا بد أن نقول لمن تجاوز الحد علناً فعلك خطأ ، والنية الجرمية لكل فعل تظهر من خلال القرائن المحيطة بالواقعة ، والله عز وجل يقول : [ وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئا ] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الدين النصيحة ) .
والله المسئول أن يهدي الجميع ، وأخيراً أحيي كل متمسك بدينه ذكراً وأنثى ، وأقول لهم الدنيا ساعة فاجعلوها طاعة وموعدكم على الحوض مع الرسول صلى الله عليه وسلم قريباً ، فإن أصبت فمن الرحمن وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .
بقلم - فهد العمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.