دائماً ما يتساءل الناس عن السلطة الرابعة وعن السبب الذي جعل الإعلام يحمل على عاتقه شعاراً رناناً وقوياً كهذا , والمتأمل البسيط لدور الإعلام في تكوين ثقافة المجتمع سيعرف بسهولة أن الإعلام ربما يكون له تأثير على الناس بشكل يفوق أي سلطة أخرى , فالإعلام هو من يصور مشاكل الناس وينقلها للسلطات التي تعلوه مرتبة , كما أنه يساهم في نشر الأفكار والثقافات التي يدرج عليها المجتمع , وهو يمتلك من وسائل الجذب ولفت الانتباه ما يخوله القدرة على قلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق , ولذلك نجد أن الإعلام هو الوسيلة الأسرع والأمثل لنشر أي فكرة يريدها مالكو تلك العصا السحرية. وإن تطرقنا للحديث عن الإعلام في العالم العربي لأصابتنا خيبة الأمل والغبن من جراء ما نراه فأغلب ما يسوق له الإعلام خاصة في القنوات الفضائية في وقتنا الحاضر هو فكرة الانسلاخ من واقعنا وحضارتنا الإسلامية والانجراف بكل قوة نحو تقليد الحضارات الأخرى , دون حتى أن نحاول أن نستفيد من إيجابيات تلك الحضارة بل العكس فنحن نبحث فقط عن السلبيات ونحاول إيجاد مسوغات لها تجعلها مقبولة لدينا رغم أن الحضارات التي تقلدها تعاني منها وتحاول تلافيها. وحالياً تعكف إحدى هذه القنوات على تعريب جميع البرامج الغربية الاجتماعية وتحاول إظهارها في قالب ترفيهي تدعي من خلاله أن سيكون مفيداً لثقافة شبابنا المسلم , فمن برامج المسابقات إلى برامج اكتشاف المواهب إلى فضائح الفنانين إلى المسلسلات المدبلجة التي تصور أبطالها وكأنهم ملائكة رغم فظاعة الفكرة المزروعة في عقول الشباب والأطفال من هذا المسلسل , ناهيك عن الكثير من التلميحات غير الأخلاقية التي لا فائدة منها سوى تحريك الغرائز , ولا أعلم ما الفائدة من التقليد الأعمى لغيرنا , وكأن هذه القناة الإعلامية تخبرنا بأننا سنتحول من مجموعة من الببغاوات إلى أناس متحضرين , كل ما علينا فعله هو ترديد وتقليد ما سيقوله غيرنا وعندها فقط سنتقدم. ولكن إن كنا نؤمن فعلاً بدور الإعلام في نشر الأفكار ورسم معالم أفراد المجتمع , فلماذا لا نبحث عن أفكار محترمة نقوم ببثها بين شبابنا وأطفالنا , ولماذا لا نحول إعلامنا إلى وسيلة هادفة عوضاً عن كونه وسيلة مقلدة لا فرق بينها وبين غيرها في الأفكار والمضمون أتمنى أن أشاهد في المستقبل القريب قنوات تعي فعلاً دورها المؤثر في المجتمع وتضع في حسبانها أن نجاح الإعلام هو نجاح لأفكار جيل بأكمله. والله من وراء القصد.