يأتي تدشين البطولة العالمية لكرة القدم في جنوب افريقيا تأكيداً لمفهوم نظرية الوظيفية في العلاقات بين الأمم والتي تقول (اجمعنا وظيفياً متحدين .. ولو اننا سياسياً مختلفين). وأنا أرى هذا المونديال العالمي لكرة القدم بكل أبعاده وتأثيراته ينعقد في وقت مهم من حياة الأمم وعلاقاتها ببعضها البعض ليؤكد أن الاقدام قبل السياسة وتكون كرة القدم جسراً بين الشعوب في القارات الخمس ، وهذا يدفعني للقول إلى استخدام منطوق النظرية الوظيفية بصورة أخرى لتكون (اجمعنا رياضياً متحدين .. ولو اننا سياسياً مختلفين). لقد أصبحت كرة القدم وسيلة من وسائل العولمة ، لانها تحرك الاقتصاد العالمي من حيث الاستخدام للمواصلات الجوية والبرية والسياحة وتحرك البشر باعداد هائلة تنفق كثيراً في سبيل الاستمتاع بمشاهدة هذه الرياضة التي احتلت مكانتها كرياضة أولى في العالم التي تشد اليها الرحال من قبل المشجعين والمتفرجين لا تنافسها أي نشاطات أخرى . إن المشاهدات المختصة لمباريات الفرق المشاركة حضورياً أو عبر الفضائيات قد أصبحت سوقاً لثقافة عالمية . ان مهرجان الفيفا في مجال كرة القدم يمثل منافسة غير مسبوقة من حيث حجم وقوة الاعداد واستخدام القنوات الفضائية في نقل وقائع المباريات يومياً وعلى مدار مدتها المقررة. ويرجع المنطق للقمم الكروية العالمية انها تدعو للحوار ولتحقيق التكامل والوحدة بين شعوب القارات. فالرسالة التي سيتلقاها شباب العالم الحاضرون في البطولة العالمية والمشاهدون عبر الفضائيات في ديارهم ، وعلى مختلف أعمارهم ، بأن الهدف من نشاط هذه الاقدام ، أو دبلوماسية الاقدام ، العمل على حشد أكبر قدر من التأييد على تأثيرات الاقدام على العلاقات الدولية حيث تتفوق على الجوانب السياسية. إن دولية كرة القدم انما تؤكد أهمية وجود وجه انساني لها مما يٍُصحح الجوانب السلبية في العلاقات بين الأمم، فهدف الرياضة الاسمى هو نشر الاخلاق الرياضية في القدرة على التنافس طبقاً لآليات السوق - كما يقول الاقتصاديون - لذلك فدولية كرة القدم كما شاهدناها في الاوليمبياد الماضية تهدف إلى دعم الاندماج الدولي في المنافسات الدولية لكرة القدم. إذن وكما شاهدنا في المباريات السابقة وسنراها ايضاً في قمة جنوب افريقيا التي تبدأ يوم الجمعة القادم (11/6/2010م) فان هذه القمم الكروية قامت على مبدأ تحقيق التقارب والتفاهم والتعاون والتسامح بين شباب العالم في منافسات شريفة على أرض الملاعب ، ثم تأثيرها على دولهم عندما يعودون لجذب انظار السياسيين اليها كأساس للتفاهم والحوار والمنافسة الشريفة التي تنبذ القوة ، بطريقة قد تفوق ، بما يدور في العالم من صراعات واحداث سياسية كما حدث لقافلة الحرية من قبل إسرائيل. فهل هذه الفلسفة - نبذ العنف في الرياضة - ينجح ، لما للرياضة من شعبية كبيرة وقدرة على التأثير في الرأي العام الدولي ، في تحقيق ونبذ العنف ، الذي عجزت عنه السياسة الدولية حتى يعم السلام جميع أرجاء الكرة الأرضية؟. وللاجابة على السؤال .. أقول هنا تكمن الأهمية الكبرى لقمة الكرة الدولية في جنوب أفريقيا التي آمل ان تتصدى لجهود الدول المارقة على الشرعية الدولية .. وفي هذه المناسبة الدولية يأتي دور الاقدام في العلاقات الدولية .. قبل السياسات المعتدية ، والتي تقوم على الوعى في محيط الاجيال التي تشاهد المباريات وتتحاور مع بعضها البعض لان الحوار الايجابي والموضوعي يدعمان العلاقات بين اجيال الكرة الارضية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في ربوع ديارهم.