الكاتب الحق بغض النطر عن اهتمامه الأول هو من يعرف كيف يكتب وفيمَ يكتب ولمن يكتب فإذا تأكد من هذا الاتجاه السليم عرف كيف يكون اسلوبه وطريقة معالجته ومن ثم كيف يقدم نفسه ويسهم اسهاماً حقيقياً. وحيث ان الظن بنا بلغ الشأو المتنور ولو بالكاد يجب ان نوطن أنفسنا على التصحيح والبحث والتساؤل من أجله.. فما أحرانا أو ما أقربنا من مكمن التخطي الى اشراقة المعنى ابداً لأننا والحمد لله ولدنا وصريح الذكاء وقدرة التمييز ومنبر الحقيقة تملأ كل ذرة من أبداننا. وعلى نحو متتالٍ كنا وكان أسلافنا قدوة والخير كل الخير أن نحترم هذه الميزة وهذه المهمة السامية ولا أجد ولا أعقل من أن نؤيد المصارحة وأن نضغط على كل نزعة ذاتية وان نخلص للمبدأ الذي يدعونا الى نشدان الفضيلة والاعتراف بما يجب ان يكون، وكيفما شاءت الظروف فلابد أن تكون المصداقية هي الأولى وان ندع ما سوى ذلك من متروكات الضمير.. أما الاخطاء التي قد تعترض أو تتفاعل بعض الأذهان مع سبق تعليلاتها ويجد الكاتب ما يجد من نمطيتها التي قد تعلق أحياناً بالمواجهة حتى في أحدث ما يمكن استحداثه من منطق أو فعل فلا أظن اننا الوحيدون وانما هناك أمم أخرى لازالت مأخوذة بقراءاتها الطيعة او بلهفتها اكثر وأكثر مما يوجد عندنا في أقصى نقطة من الهوامش البليدة.. وهب اننا لا نزال بعيدين كل البعد عن استيعاب التراث الفلسفي القديم وما تحول عنه من ذخائر الفكر الانساني وما كان حتى في موروثنا نحن من خزائن سخية من الممكن ان المراقبين والمحللين الغربيين قد اعتمدوها من أهم الأسس الرائدة لعصور النهضة الحديثة.. اقول هب اننا لا نزال.. ولا نزال هذه قل عنها ما تشاء.. توطئة فذلكة شيء من قبيل الاستقراء الاولي للعلة.. المهم انه مهما يكن الزي او الغطاء او الأصالة ووجود المصدر لابد من اضاءة ادبية أو ثقافية او منطلق ابداع يتفاعل بشقيه المبدع والمتلقي في ايجاد الأفضل والأحسن.. ولا ضير أن يواكب هذه النوعية بعض من الجدل والخلاف اذا كان ولابد لأن الجدل احياناً يكون دافعاً مهماً في تعميق الفكرة بعيداً عن المنافقين والمطبلين وحواة الجاه.. اما الجدل الذي كان أو يحصل بين الموروث والحديث فهو في أغلب احواله احد المعوقات لأنه يحمل في طياته بعض الرواسب التي تخطاها العصر ولم يعد صالحا للنفس الحاضرة ابدا ابدا بل ربما كان مشوهاً لأكثر نقاء فيها. ولو حاولت أن تحصي الأصوات التي تتشبث بمثل هذه الجدلية لوجدتها فعلا أعني الأصوات معتمة الرؤية أو خائفة مرعوبة لا تدرك ولن تدرك مكانة الانسان من رسالته ووجوده تاريخياً. وخلاصة المفاد آمل أن تكون كلماتنا ومقالاتنا تنبع من سمو الذوق العام أو تقارب التغير الطبيعي والمفترض ومن ثم تضيف الى هذا الذوق دفعاً جديداً ومعقولاً وأن يلمس الإنسان حقيقته دون وصاية أو حجر من هذا أو ذاك.. قال أخو مذحج: أين البلايين التي دفعت وكم جاءت وراحت باعة وشراتُ؟! السحتُ يا صهيون جلجل أهله والمبتلون طوائفٌ وغزاةُ! برئت شريعةُ كل عهد منهم الحق والانجيلُ والتوارتُ!! كل الضياع مرابضٌ لكلابهم وزرائبٌ مكظوظةٌ باراتُ! الظالمون بطونهم وجنوبهم كالبخت تعلف والثرى جناتُ! ضلوا فذلوا لاسبطرتَ أسمعت حياً ولا الخلُقُ الأثير أداةُ!