وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    تعاون "سعودي – موريتاني" بالطاقة المتجدِّدة    تراجع طفيف بأسعار النفط عالمياً    تحويل الدراسة عن بُعد بوادي الدواسر ونجران    أجواء ممطرة على معظم المناطق    97 % رضا المستفيدين من الخدمات العدلية    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    الإمارات: تغريم امرأة سبّت رجلاً على «الواتساب»    افتتاح معرض عسير للعقار والبناء والمنتجات التمويلية    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    في الجولة 30 من دوري" يلو".. القادسية يستقبل القيصومة.. والبكيرية يلتقي الجبلين    بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.. إنشاء" مركز مستقبل الفضاء" في المملكة    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يحضر احتفالية اليوبيل الذهبي للبنك الإسلامي    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    دعوة عربية لفتح تحقيق دولي في جرائم إسرائيل في المستشفيات    «ماسنجر» تتيح إرسال الصور بجودة عالية    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    اختلاف فصيلة الدم بين الزوجين (2)    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    السابعة اتحادية..    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    دولة ملهمة    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



( الندوة) تنفرد بنشر أوراق عمل المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار
نشر في الندوة يوم 02 - 06 - 2008

تبدأ يوم الأربعاء القادم انطلاقة جلسات مؤتمر الحوار الإسلامي برابطة العالم الإسلامي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله (الندوة) في إطار تغطيتها المتميزة للمؤتمر الإسلامي الكبير تنفرد بنشر ملخص لأوراق العمل والمحاور التي ستقدم في الجلسات ومنها (الحوار في القرآن والسنة الأسس والمفهوم والأهداف) للدكتور أحمد بن عبدالصمد القاضي كما يجيب د. أسعد السحمراني على سؤال (لماذا الحوار؟) في ورقة عمل متكاملة ويقدم د.وهبة الزحيلي ورقة عمل بعنوان (ضرورة الحوار الحضاري) ويتناول الشيخ محمد علي التسخيري في ورقته (القيم الإنسانية المشتركة) علو القيم المطلقة، ويقدم الشيخ فوزي الزفزاف ورقة بعنوان (مستقبل الحوار في ظل الاساءات) ويستعرض الشيخ علي أوزاك في ورقته للمؤتمر الأسرة والأخلاق في المشترك الإنساني، ود.سعد الشمراني يقدم (الحوار: أهداف ومحاذير) ويقدم د.هشام بن سعيد أزهر ورقة عمل بعنوا (استثمار مقاصد الشريعة في الحوار مع الآخر).
ويقدم نائب مجمع الفكر الإسلامي بالهند الشيخ بدر الحسن القاسمي ورقة بعنواو الفلسفات الوضعية.
كما يتناول الدكتور أحممد محمد الهليل ورقة بعنوان منهج الحوار وضوابطه.
ويستعرض د، عبدالرحمن الماحي رئيس جامعة الملك فيصل بالتشاد ورقة الحوار في ضوء المباديئ الأساسية للعلاقت البشرية.
ويقدم د، محمد السماك الأمين العام للقمة الإسلامية الروحية ورقة بعنوان الحوار مع أتباع الرسالات الإلهية .
ويتناول د، مصطفى الزياخ ورقة بعنوان المرجعية القيمية للحماية من الأخطار البيئية.
ويقدم د، محمود غازي ورقة أهمية الحوار بين الحضارات في تحقيق السلام العالمي.
ويستعرض د، جواد محمد الخالصي رئيس الجامعو الخالصية ورقة عمل بعنوان تجارب من الحوار الحضاري عبر التاريخ.
ويؤكد فضيلة د، محمد سيد طنطاوي شيخ جامعة الأزهر ورقة بعنوان
ويتناول د، عكرمة سعيد صبري خطيب المسجد الأقصى ورقة بعنوان موقف الاسلام من التسامح مع المسلمين وغيرهم.
ويوضح د، حسن عزوزي في ورقته حوار الحضارات منذ السيتينات.
ويتناول وهبة الزحيلي في ورقته ضرورة الحوار الحضاري وجود التعدد في الأديان والثقافات والمذاهب لابد من الحوار، لأن الله تعالى خلق البشرة متنوعين شعوباً وقبائل ليتعارفوا لا ليتدابروا ويتصارعوا. والواقع أن الحضارات متكاملة، يأخذ بعضها من بعض، ويكمل بعضها البعض الآخر، وهذا يثبت حق الأمم في توارث الحضارة، فكل أمة تقيس من الأخرى لوناً حضارياً، وفق سنة إلهية، فلا يصح أن توصف الحضارة بانتماء معين، ديني أو مذهبي أو قومي أو طائفي، ويجب استبعاد الصفة العنصرية عنها أو العرقية، فصبغتها إنسانية وشاملة ومتوازنة. إن واقع الإنسان في عالمنا المعاصر يحتم الحوار الحضاري، فأكثر من ثلث سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر، وهناك التدخلات في شؤون المجتمعات الأخرى ووقوع المظالم واقتحام حرمة الأوطان ومعاملة الإنسان بأشنع ما يعامل الحيوان. والمنظمات الدولية وهي شاهدة على هذه الجرائم تسخر للمصالح التوسعية ليغيب القانون الإنساني ومن مبادئه الرحمة والرفق بالإنسان. نحن أحوج ما نكون إلى الحوار من أجل تخفيف ويلات البشر ولتخفيف الآلام تحت نيران القنابل الحارقة والصواريخ العاتية، ولا يخلو يوم من المشاهد المؤلمة من برك الدماء وأشلاء القتلى ووهن الجراح. كثير من الأطراف في هذا العالم يريدون سياسة الإذعان والإملاء، ويتهربون من الحوار الذي يتسم بالجدية والمصداقية على أساس الحق والمساواة والعدل. إنهم في الواقع لا يريدون حواراً بل حرباً وضرباً، ولا يريدون أمناً، بل زرعاً للرعب والخوف، ونحن من جانبنا نريد الخير للعالم في ضوء المبادىء والقيم الآتية. 1- التزام الإيمان الحق. 2- الحفاظ على مبدأ الإخاء الإنساني. 3- الحب الحقيقي للإنسان. 4- الاعتراف بالآخر. 5- التقيد بمنهج الحق والعدل والمساواة. 6- صون الأمن والسلم الدوليين والمحليين. أما أهم موضوعات الحوار بين أتباع الأديان فهي: الموقف الديني من قضايا معينة وفي مطلعها مقاومة العنصرية والعدل والحرية والمسؤولية والسلام القائم على العدل. ومنها أيضاً قضايا الأسرة والزواج والعفة ومشكلات الشباب والمرأة والتكامل الاجتماعي.
القيم الإنسانية المشتركة
ويقول للشيخ محمد علي التسخيري يقاس تحضر أي مجتمع بمدى علو القيم المطلقة التي يؤمن بها، فإذا فقد المجتمع هذا الإيمان فهو يفقد صفته الإنسانية. وكيفما عرفنا الحضارة، فإن الصفة الإنسانية من أبرز مقوماتها، بمعنى امتلاك الاتجاه العام لخدمة الإنسان وتطويره. وكل الحضارات إنما جاءت لتثير في وجدان الإنسان دفائن العقول وتهديه إلى السبيل القويم الذي يختلف عن سبيل الحيوانات العجماء. وفي الإنسان ميول فطرية مثل ميله للكمال والجمال، ومن هنا اتسعت فطرته لجملة من مفاهيم الحقوق والتكاليف والعدالة والأخلاق والذوق والمعرفة والعلم. والدين بكل ما فيه هو مستودع الفطرة الإنسانية التي فطر الله تعالى الناس عليها }لا تبديل لخلق الله|. إن المسألة الاجتماعية المهمة في تاريخ الإنسان هي التعارض بين المصلحة الفردية ومصلحة النظام الاجتماعي، وهذا التناقض لم يستطع العلم أن يحله. ولم تتمكن الهاوية التاريخية من حله أيضاً، وكان للدين وحده المحل النهائي. ولما كان الإنسان مزوداً في فطرته برغبة للتغيير نحو الأفضل باستمرار، ومجهزاً بإمكانات التعالي على الواقع، وهذه حالة لا توجد في أي حيوان، فإن العملية الحضارية في كل مستوياتها تحتاج إلى هذه القيم المطلقة. الأديان تؤكد معيارين، معيار تعبدي ومعيار وجداني.، وفي هذا المعيار الثاني مكان المشتركات بين بني البشر. الوجدان السليم يرق بين الفعل الإنساني والفعل غير الإنساني. قتل المستضعفين من أجل التلهي والتشهي يرفضه كل وجدان سليم. وبالانتقال إلى الحديث عن النظم الدولية المعاصرة، نرى أن قيام المؤسسات في العالم الإسلامي مثل رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ونجاح الثورة في إيران وتنامي الشكوك تجاه النوايا الغربية، كل ذلك وما نتج عنه في التطور السياسي العام أنتج قناعة لدى المسلمين بعودة انقسام العالم من جديد إلى طرف يتعامل فقط بقانون الغاب، وطرف آخر يحاول أن يتعامل معه وفق المبادئ الإنسانية، وسعي العالم الغربي إلى تهميش العنصر الإسلامي والمظاهر الإسلامية. وهكذا فإن بين الغربيين مفكرين يرون أن مجال التصالح مع الغرب مغلق، وأن الإسلام يرفض التعايش مع الغرب والإنسجام مع الحداثة والتغريب، وهؤلاء أسميهم بمفكري اليأس الحضاري. وهناك آخرون يرون إمكان التعايش نتيجة حيوية الإسلام وقدرته على التكيف، ويدعو هؤلاء إلى التعامل بإيجابية، وأسميهم بمفكري التوافق. وتقع كل جهة من هاتين في خلط واضح بين الإسلام كونه منظومة قيم وبين المسلمين كونهم أمة تعتنق الإسلام. ومهما يكن فإن للأديان تأثيرها في التيار العام للمسلمين وللمسيحيين واليهود، ومن هنا نستطيع أن نفرق في مجال النظرة أو الفكرة بين المسلم والأرمني في المجتمع الإيراني الواحد. وكذلك بين المسلم والقبطي في المجتمع المصري، ومن ثم نستطيع أن نقول: إن الحوار الإسلامي المسيحي اليهودي له تأثيره القوي في الحضارات. وملاحظة أخرى مهمة إننا إما أن نجد أنفسنا محصورين في الزاوية الضيقة، وترك الساحة للصدام والصراع، أو نلجأ إلى المصالحة. هناك الكثير من نقاط الاشتراك بين الأديان، وهناك مصالح تزيد العلاقة قوة وهناك تراث قيمي مشترك، وفي نصوص القرآن خطاب عيسى عليه السلام وأمه الطاهرة وموسى عليه السلام، وهو قرآن نتلوه ونتعبد به. وهناك تعامل الرسول مع المسيحيين ويستطيع المؤرخ المحقق أن يؤكد أنه [ لم يتعامل مع النصارى تعاملاً خشناً يؤدي إلى صراع. إن التعاون في مكافحة الفقر والمرض والجهل، والعمل نفي التعصب، والانهيار الأخلاقي ومقاومة المخططات الشيطانية لتقويض كيان الأسرة ومقارنة الإرهاب ورفض الاستكبار والحروب المدمرة، كل ذلك من مجالات التعاون والتعاضد بين بني الإنسان.
مستقبل الحوار في ظل الإساءات
ويضيف الشيخ فوزي الزفزاف من كان يظن في الحرب العالمية الثانية أن الدول الأوروبية المتحاربة ستنضم إلى وحدة تجمعها فتتخلى كل دولة عن عملتها النقدية وحدودها السياسية. لقد تم ذلك وتحقق عن طريق الحوار. نحن المسلمين أولى بنهج الحوار، لأن الهدي القرآني يدعونا إليه، وقد تكرر لفظ (قول) في القرآن الكريم أكثر من ألف وسبعمائة مرة. وحوار الأنبياء مع أقوامهم، وحوارهم مع أهل الكتاب أو مع المنافقين ومع الكفار، لقد حصل فتور في الحوار بين أتباع الأديان منذ وصول البابا الجديد بنديكيت السادس عشر الذي أثار أزمات منذ توليه البابوية أشهرها محاضرته في ألمانيا. وكان لتولي هذا البابا المحافظ تراجع في مجمع الفاتيكان الثاني وفي مجلس الحوار التابع للفاتيكان، والمتابع لزيارة البابا الأخيرة إلى أمريكا يستطيع أن يفهم سياسة الفاتيكان في العهد الجديد، ومن ثم نستطيع أن نحدد سياستنا وخططنا للحوار مع المسيحيين. وإذا كان هذا الحوار قد تعرض لفتور، فليس معنى ذلك أن نتوقف عنه، وأن نغلق ملفه - فالحوار مع الكنيسة الانجليكانية يسير حسناً في تفاهم إيجابي. إن العالم تطغى فيه العلمانية، وكثرت الصراعات وبرزت النزاعات بين الدول والكتل الدينية، وتحاول بعض الدوائر في العالم الإسلامي استغلال وضع الثورات لإشعال مواجهة سافرة بين المسلمين والعالم، وما الآثار الناجمة عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ببعيدة عن الأذهان. وفي المقابل يقوم بعض الغربيين بنشر صور نمطية استشرافية قديمة عن الإسلام وإشاعتها.. صحيح أن العداء للإسلام في أغلب المجتمعات الغربية لم يتوقف يوماً. فالكتب تدفع بها المطابع والمقالات والأفلام، ولكن أعداء الإسلام تجاوزوا الحدود بتطاولهم على مقام النبوة وجرأتهم على الله تعالى كما حدث في العديد من الدول الأوروبية. إذا كان نقاسي من كل هذا، فعلاجه ليس بالتردي في إسفافهم، وليس العلاج أن نصاب بالإحباط ونتقوقع على أنفسنا لأننا إذا فعلنا ذلك حققنا لأعداء الإسلام ما يريدون، فإنهم يريدون عزلتنا عن العالم ويبغون حصارنا. إن العلاج هو أن نبذل ما وسعنا الجهد في إيضاح حقيقة الإسلام، والحوار الديني واحد من أهم السبل لذلك. الدين والواقع يحتمان علينا أن نفتح باب الحوار ولا نغلقه وأن نتمسك به ولا نرفضه غير أن الحوار الذي مارسناه طيلة الفترة الماضية يحتاج منا إلى تقويم ووضع ضوابط لضمان الوصول إلى نتيجة، ومن ذلك: الاتفاق على تحديد هدف للحوار، والالتزام بموضوع الحوار وعدم الخروج عنه حتى لا تختلط الأوراق وتتداخل المشكلات، ونبذ التعصب للرأي واحترام الرأي الآخر. ومن أهم مقومات النجاح لهذا الحوار التزام أطراف الحوار بتبادل الاحترام وعدم التعالي واستخدام الأسلوب المهذب بعدم التعريض والتجريح. ومهمٌ تحقيق المساواة بين أطراف الحوار في المستوى العلمي والثقافي، إذ لوحظ وجود أفراد في الحوار ليسوا أهلاً للحوار من الناحية العلمية والدينية. وقد يكونون على مستوى من تخصصاتهم المنهجية ولكنهم ضعاف في الموضوع الديني المعين.
الأسرة والأخلاق في المشترك الإنساني
ويتناول علي أوزاك من تركيا الحيوانات كلها تعيش في نظام عائلي، وإذا كانت الغرائز هي التي تنظم العلائق في عالم الحيوان لأهداف بيولوجية ، فإن الأسرة الإنسانية تحقق وظائف بيولوجية ونفسية واجتماعية، فهي التي تنشئ الأجيال وتخلق محضناً للحب والرعاية والحماية المادية والمعنوية. وللأسف فإن قيم الأسرة بدأت تتضاءل في بعض المجتمعات، وإذا وجدت الأسرة لم توجد مقوماتها المطلوبة من السكن وحسن المعاشرة والتعاطف. في دين الإسلام مجموعة من القيم الاجتماعية التي تصلح لإعادة البشرية إلى سبيل الرشاد. وفي الإسلام من معاني الفضيلة والأخلاق الحميدة ما يشيع في جو الأسرة الحب والرحمة وهما أساس الحياة.
أهداف ومحاذير
ويوضح د. سعد الشمراني الحكم على الحوار حرمة وجوازاً وقوة وضعفاً، إنما يكون بمعرفة أهدافه، إذ إن القاعدة الشرعية تنص على أن الأمور بمقاصدها. الحوار الذي نعنيه، ليس حوار التقريب بين الأديان، فهو محرم محذور، إنما حوار التعايش الحضاري لا يعدم المحاور قاعدة منطقية للحوار، إلا ويجد دليلها في كتاب الله وسنة رسوله [. المواقف الحوارية في القرآن تبلغ مئة وعشرين موقفاً شغلت نحو ألف آية من كتاب الله، أي ما يعادل ثلث القرآن. وكذلك السنة النبوية عامرة بالمواقف الحوارية الرائعة والمناظرات المقنعة وسيرته العملية، وعلى إثر النبي [ درج الصحابة رضوان الله عليهم. أما أهم الأهداف المشروعة للحوار فهي: 1- الدعوة إلى الله. 2- بيان الباطل. 3- رد الشبهات وكشف زيفها وتحصين الآخرين من الوقوع فيها. 4- إصلاح الصور النمطية المشوهة عن الإسلام. 5- إظهار وبيان سماحة الإسلام. 6- المعذرة إلى الله تعالى في أداء الأمانة والشهادة على الناس. 7- إقامة العدل ودفع الظلم. 8- الفهم المتبادل بين الإسلام ومخالفيه. 9- التعاون لتحقيق مصالح مشتركة والدفاع عن القيم الفاضلة. 10 - در ء المفاسد عن المسلمين. إن المسلم الحصيف لا يخاف من الحوار مادام متحلياً بمواصفات محققاً لشروطه وضوابطه وآدابه. الإسلام عزيز بعزة الله وحفظه لأنه دينه الذي ارتضاه فلا يتطرق الخوف ولا الضعف إليه. ونذكر فيما يلي محاذير ينبغي للمسلم توقيها عند الدخول في الحوار: 1 - الوقوع في الولاء مع من يحاور وعدم البراءة من الكفر. 2- الوقوع في دعوة التقريب بين الأديان. 3- الشعور بالدونية أمام استعلاء المحاور المخالف. 4- تقديم التنازلات عن الثوابت والمسلمات. 5- عدم الجهر بالحق وبيان حقائق الإسلام ومبادئه العظام. 6- حق الاهتمام بالحوار مع الغرب وإغفال الشعوب والأمم الأخرى. إن الإسلام هو دين الحوار، ولكنه حوار بلا عنف ولا ضعف، حوار وسطي: لا إفراط ولا تفريط، ونسأل الله أن نكون قد وفقنا فيما ذكرنا من الأهداف والمحاذير والله ولي التوفيق.
التعايش
ويقول سلمان بن فهد العودة هناك تخوف من مفهوم التعايش، وعلى تقديرنا لهذا التخوف أو التحفظ، فإن المفهوم لا ينفي أساس المعنى المحفوظ والمعترف به في النصوص الإسلامية. المفهوم السلبي للتعايش بمعنى التنازل عن العقيدة أو تقديم نصف عقيدة، مرفوض تحت أي مسمى جاء به، بيد أن المفهوم الإيجابي له بمعنى الاتفاق على أسس العيش والتصالح وتقدير الاختلاف والاعتراف بالتعددية، فهذا أمر جاءت به الشريعة الإسلامية. إن معنى التعايش هو قبول التصالح الدنيوي والوجود والحوار في الاتفاق علي جملة من الأخلاق الإنسانية. النموذج العظيم للتعايش هو نموذج المدينة المنورة، وشاء الله تعالى أن يموت رسوله ودرعه مرهونة ليهودي. والصحابة عليهم رضوان الله عرفوا أنهم أصحاب ديانة تختلف عن الديانات الأخرى، لكن ثمت مشترك ومصلحة دنيوية جامعة. إن التعايش لا يعني ترك الرأي الخاص الفردي فضلاً عن العقيدة والدين، والمطلوب هو التخلي عن التعصب المحتقن والانفعال الجاري في غير قناته وإحلال الحوار والدعوة بالتي هي أحسن محله. إن نجاح التعايش مرهون بصوت العقلاء الذين يقدمون لغة الحوار الهادىء الهادف الذي يحقق المقصود، ويصل لهدفه بيسر وسهولة، كما أن إخفاقه رهين بصوت الحمقى الذين لا يعرفون إلا مصالحهم فقط، ومن هنا شن عرابو الحروب حرباً ليس على العالم الإسلامي وحده بل على كل من ليس معهم مما قطع كل طريق أمام الاعتدال والفهم المشترك. في السيرة والفقه أبواب كثيرة للهدنة والصلح والموادعة والعهد وأبواب لغير ذلك، مما ينبغي للناس أن يدرسوها ويطبقوا ما كان مناسباً منه للحال والمقام.
استثمار مقاصد الشريعة في الحوار مع الآخر
ويوضح د. هشام بن سعيد أزهر بأن علم مقاصد الشريعة يزخرف بكثير من القواعد التي من شأنها أن تضبط عملية الحوار وتوجهها وجهة صائبة. من المعلوم ضرورة أن لعلم مقاصد الشريعة بالغ الأهمية والأثر في توجيه الفتاوى الفقهية، فبمعرفة المقاصد تعرف المصالح، وبها يكون فهم نصوص الشريعة ومعرفة دلالاتها، ويستعان بها في استنباط علل الأحكام والترجيح بين النصوص والأدلة المتعارضة. وإذا كان للمقاصد هذه الأهمية في المجال التشريعي، فإن لها في المجال الدعوي الحواري النصيب الوافر لاسيما في عصرنا الحاضر. إن المقصد الرئيس من الحوار مع الآخر هو حفظ الدين الذي يعد أهم المقاصد الضرورية التي جاءت الشريعة من أجل المحافظة عليها. وثبت قطعاً أن المقصد الأعلى في التشريع الإسلامي هو جلب المصالح ودرء المفاسد، ومن الجدير الاستفادة من هذا المقصد في وضع منهجية مصلحية في الحوار مع الآخر. فإذا كان العلماء قد درجوا على جعل المقاصد العامة تتمثل في حفظ الضروريات الخمس والحاجيات والتحسينيات، فهناك مقاصد يمكن أن ينطبق عليها التعريف مثل مقصد العدل ومقصد التسامح ومقصد الحرية. في حوارنا مع الآخر ينبغي أن يتسم طورنا بالعدل والإنصاف وعدم تبرير الأخطاء بغير وجه حق ولابد من إنصاف الطرف الآخر بإقرار صوابه واعطائه حقه في التعبير عن رأيه بكل حرية. وإن مما يرمي إليه التشريع منذ نزوله، تغيير أحوال الناس الفاسدة وتقرير أحوالهم الصالحة، ومن رحمة الشريعة أنها أبقت للأمم معتادها وأحوالها الخاصة إذا لم يكن فيها استرسال على فساد. وهناك مقصد السماحة واليسر وأثره في الحوار والنصوص الدالة عليه في الكتاب والسنة بلغت مبلغ التواتر والسماحة تعني المعاملة في اعتدال، وقد ظهر للسماحة أثر عظيم في انتشار الدين ودوامه خلال التاريخ الإسلامي. وهناك مقصد شريف دلنا إليه العلامة ابن عاشور، ألا وهو تجنب التفريع وقت التشريع. إن الملتقى حديث الإسلام أو من يرجى إسلامه، لم يكن ليتقبل أحكام الشريعة بتفصيلاتها وتفريعاتها، فالدين عميق ومتين، وإذا كان الشارع لم يرغب في التوسع في التفريعات والتفصيلات في زمن التشريع، فإن الحال في الحوار مع الآخر لاسيما في زمننا الحاضر كذلك لا يختلف. وفي حوارنا مع الآخر يتأكد التمسك بمقصد التدرج، وتطبيق التنفير من الدين، وهذا من أهم المقاصد التي ينبغي الأخذ بها في الحوار مع الآخر. إذا كان هذا هو شأن المقاصد، فكيف يمكن الإفادة منها في الحوار مع الآخر. لاشك أن العمل بمقتضى القاعدة اعتبار المآلات ضابط مهم يتحدد به الإقدام على حوار أو عدمه، فقد يؤدي الدخول في حوار إلى نتائج ومآلات تناقض مقاصد الشريعة أو أنه يحصل بسببه مفسدة فبهذا تبين لنا طريق وقائي يمنع الابتداء أصلاً. وبناء على هذه القاعدة تتحدد الموضوعات التي من المناسب الخوض فيها مع الطرف الآخر والموضوعات التي من المناسب السكوت عنها. وتحدد هذه القاعدة نوعية الخطابة مع الطرف الآخر والأسلوب الأمثل الذي يحقق المصلحة. وهكذا تظهر أهمية القواعد المقاصدية في ضبط عملية الحوار وتوجيهها وجهة صائبة مانعة من انحرافه إلى وجهة قد تؤدي إلى نتائج غير مرجوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.