تستقطب مواقع التعارف والزواج الإلكترونية يوما بعد يوم عددًا متزايدًا من الشباب العربي الراغبين في بناء صداقات أو الزواج، فيندفع معظمهم بطريقة خاطئة للمشاركة فيها، خصوصًا الفتيات اللاتي ينشرن فيها معلوماتهن دون تفكير أو وعي، مما يجعلهن فريسة سهلة للاستغلال من قبل أشخاص وهميين. شباك صيدوحذر اختصاصيون الفتيات من أن الأحلام الوردية في الارتباط بفارس الأحلام قد تتسبب في الوقوع في شباك صيادين أغراضهم دنيئة، ناصحين بعدم الاستجابة السريعة لطلبات الاستضافة، التي تأتيهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة، مشيرين إلى أن الغالبية من المتساهلات في الاستجابة لطلب الصداقة لا يجنين جراء براءتهن سوى الشعور بخيبة الأمل، لا سيما عند اكتشاف الحقيقة بأن الشخصية التي رسمن لها صورة معينة في أذهانهن قد أصبحت وهما، استخدمت معهن أساليب الغش والخداع والخيانة والكذب. علاقات مشبوهةويرى عضو برنامج الأمان الأسري الوطني عبدالرحمن القراش أن ساحات غرف الدردشة تشهد علاقات مشبوهة بين بعض الشباب والشابات، مشيرا إلى إحدى الدراسات العلمية أثبتت أن أكثر من 40% من الرجال يقومون بمحاولة التعارف عبر الإنترنت بهدف التسلية بعيدا عن الالتزام بحياة زوجية سليمة، مما يجعل علاقات التعارف عبر شبكات الإنترنت غير آمنة للفتيات اللاتي يجهلن الأشخاص الموجودين على الجانب الآخر من المحادثة، لذلك تعتبر النتيجة بيع الوهم باسم الحب عبر صفحات التعارف أو التواصل الاجتماعية.ابتزاز الأضعفولفت إلى أن البعض من الجنسين يتخذ من الدردشة وسيلة للتسلية في بداية الأمر ثم يتطور الأمر إلى عقد لقاءات، وأخيرًا يحدث ما لا يحمد عقباه قد تصل إلى خيانات زوجية يستغلها البعض للتحايل والخداع بمسمى الحب، ثم الابتزاز أو نشر المستمسكات إذا لم يحقق الطرف الأضعف رغباته.تخريب ثقافيوأضاف أن الدخول إلى بعض المواقع قد يؤثر في أخلاقيات الشباب وتستدرجهم إلى اعتناق أفكار منحرفة عن جادة الحق، فضلا عن تأثيرها على مجريات حياتهم، ملمحا إلى أن انتشار التعارف يمثل تخريبا ثقافيا.خسارة ماليةمن جانبه، أكد الباحث الاجتماعي فياض العجمي أن مواقع التعارف لها سلبيات أكثر من الإيجابيات، وأضاف أن أكثر المواقع غير رسمية وغير موثوقة وليس لديها تصريح من الجهات ذات الاختصاص وسهولة فتح المواقع والحصول على الروابط بسعر رخيص جدا. وبين أن من سلبيات مواقع التعارف الابتزاز سواء بالعلاقات المحرمة أو دفع مبالغ مادية بعد الحصول على المعلومات والصور الخاصة من شخص معين بهدف الزواج أو الوظيفة أو تعارف غيره، لافتا إلى أن أكثر ضحية هي الفتيات، لافتا إلى أن من الأخطار المترتبة على مستخدمي مواقع التعارف أهمها استغلال الثقة، التي تمنح لشخص لانعرف عنه شيئا سوى اسم أو لقب خلف الشاشات.إدمان الأطفالوقال: «نلاحظ في السنوات الأخيرة إدمان بعض الأطفال على بعض المواقع الاجتماعية ودخولهم مواقع مشبوهة وليست مناسبة لأعمارهم أو سنهم دون رقابة الأب والأم أو أحد أفراد الأسرة لهم».وأضاف: «إذا لم تعالج تلك المشكلة بالتوعية والتثقيف للأسر والمجتمع سوف تصل لحد الظاهرة بسبب التطور في هذه المواقع والتقليد الأعمى».تقنين المواقعوطالب العجمي بوضع نظام محدد في المواقع إذا كانت موثوقة ومصرحة ومنها تحديد الفئة العمرية، التي يسمح لها بالدخول عليها، ومعرفة الأشخاص، الذين نتحدث معهم وعدم إعطاء الثقة لكل شخص، مرجعًا أسباب اختيار بعض الشباب لمواقع التعارف إلى الفراغ وحب التقليد والاستطلاع والبحث عن علاقات مع الجنسين، وضعف الوازع الديني لديهم، داعيا الآباء والأمهات مراقبة أبنائهم وعدم إعطائهم الثقة الزائدة والتقرب منهم ومعرفة مشكلاتهم وما يمارسونه في حياتهم اليومية.الوقاية خير من العلاجفيما قال المستشار القانوني نايف العمري:»على الرغم من أن الأصل في انتشار التقنية ورواجها في المجتمعات يعد أمرا محمودا ولا إشكال فيه، إلا أنه مع إساءة الاستخدام فقد نصبح أمام مشكلة أو مشكلات ربما تكون كبيرة». وأضاف: «بذلك الانتشار تنوعت المواقع الإلكترونية، فهناك مواقع علمية ومنتديات مفيدة بالإضافة إلى ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي، لكن مع ذلك يوجد بعض المواقع، التي لا هدف لها سوى التعارف بين الجنسين، دون أي هدف آخر»، ناصحا بعدم المشاركة في مثل هذه المواقع، وإن كانت بعضها قدمت نفسها على أنها مواقع للزواج.ولفت إلى أن هناك قضايا ابتزاز واعتداءات حصلت نتيجة لتلك المواقع والسبب لأنه عادة ما يكون الحديث بين الأعضاء والعضوات في ذلك الموقع حديث غير مفيد ربما ينتهي بتكوين علاقات مصيرها الندمومضى بقوله: «ينبغي البعد عن كل أشكال الاستخدام السيئ لهذه المواقع كالتشهير بالآخرين أو إلحاق الضرر بهم وإلا سيكون مرتكب ذلك معرضا للعقوبة، كما قرر ذلك نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بمقتضى المرسوم الملكي رقم م/ 17 وتاريخ 8/3/1428 فيما طالب الشيخ طلال الدوسري بتضافر الجهود في مواجهة أهداف هذه المواقع؛ لحماية أبنائنا حتى يبقوا على المنهج السوي بعيدا عن الانحراف الفكري أو الأخلاقي.