122 متبرعًا بالدم في تقنية صامطة    فيصل بن فرحان يناقش مستجدات الأوضاع في المنطقة هاتفيًا مع وزيرة خارجية بريطانيا    تدشين 50 شاحنة ضمن الجسر البري الإغاثي لدعم الشعب السوري الشقيق    معرض توعوي تثقيفي للإدارة العامة للدفاع المدني بمحافظة الأحساء    الجوازات تواصل استقبال المعتمرين    مجتمع الذوق" في الخبر ينطلق في مرحلته الثالثة    وزير الخارجية السوري يلتقي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة    خسوف طويل يلون القمر باللون الأحمر ويشاهده أكثر من 7 مليارات نسمة    لأول مرة.. سباق الهجانة للرجال والسيدات سعودي 100%    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ أكثر من 28 ألف جولة رقابية على الجوامع والمساجد    الأخضر تحت 19 إلى نهائي كأس الخليج    زين السعودية تطلق برنامج ZGI لتمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة    "البلديات والإسكان" تُعلن الاشتراطات المحدثة لتنظيم التخطيط المكاني لأنشطة تقديم خدمات المياه    أمير القصيم يستقبل سفير كندا لدى المملكة    مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يكرم الفائزين بجائزة التواصل الحضاري في دورتها الخامسة    تحت شعار "صمم ما لا يُرى" إثراء يعلن عن موعد "تنوين" بنسخته الثامنة    مدير الأمن العام يشهد حفل تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام للضباط الخريجين    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير شرطة المنطقة ويطلع على التقرير الإحصائي السنوي    عشرات الجهات والخبراء يناقشون مستقبل المزارع الوقفية بالمدينة    واحات جدة فرصة استثمارية كبرى جديدة تطرحها أدير العقارية في مزاد علني 17 سبتمبر القادم    القيادة تهنئ رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية بذكرى استقلال بلاده    السعودية تستضيف الاجتماع التنسيقي الأول للهيئات البحرية على هامش SIMC25    كانسيلو: الدوري السعودي قوي..وسعيد في المملكة    الكشف عن علاج جديد لمرض التشحم الكبدي .. وعرض أجهزة لمرضى السكري    لماذا أصبح انهيار السياق أكثر حضورًا مع توسع استخدام البيئة الرقمية كمجال عام؟    اللجنة القطاعية للسياحة والترفيه بغرفة جازان تزور قيادة حرس الحدود بالمنطقة    مايكروسوفت: انقطاعات في كابلات بالبحر الأحمر قد تؤثر في خدمة (أزور)    أمطار رعدية غزيرة على مناطق بالمملكة والأرصاد تحذر من جريان السيول    300 ألف وفاة سنوياً باللوكيميا.. وحملات سبتمبر ترفع الوعي العالمي    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تدشن نظام "بلاك بورد ألترا"    القيادة تعزي رئيس البرتغال في ضحايا حادث انحراف قطار جبلي عن مساره    باشامي وباواكد يزفان بندر لعش الزوجية    الشهري إلى الرابعة عشرة    1400 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 121 خريجًا من الدورة التأهيلية ال54 للضباط الجامعيين    تصاعد ضحايا المجاعة إلى 382 شخصاً.. الاحتلال يدمر أبراجاً سكنية في غزة    مبابي يعادل رقم هنري ويهدد صدارة جيرو    إيقاف سواريز 6 مباريات    «المجهولة».. فيلم سعودي بمهرجان تورونتو الدولي    «الجوهر ولمنور» يحييان ليلة طربية بجدة    تقديراً لجهودها في مهرجان التراث والحرف.. محافظ بني حسن يكرم اللجنة الاستشارية    17 منتخباً إلى المونديال.. والمغرب ثاني العرب بعد الأردن    بعد خطة للجيش لتنفيذ خارطة طريق أمريكية.. حزب الله يرفض نزع سلاحه    بناء على مقترح قدمته السعودية.. الأمم المتحدة تقر استئناف مؤتمر حل الدولتين    معدلات قياسية تجاوزت المستهدف.. السعودية..1.4 تريليون ريال استثمارات محلية وأجنبية    6 حالات لا يحتسب فيها المشروع خبرة ل «المقاول»    مراهقة تسافر عبر الزمن ذهنيا    رشقات غير مرئية تمهّد للبرق    مصر تتصدر عالميًا بالولادات القيصرية    3 دقائق تكشف ألزهايمر    إشارات مبكرة للإصابة بالتهاب السحايا    الانهيار الأرضي المميت غربي السودان.. «الناس فقدوا كل شيء»    تهجير قسري جديد تحت غطاء المناطق الإنسانية في غزة    المعتذرون والمغفرة    إلا إذا.. إلا إذا    حين تتحول المواساة إلى مأساة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرحلات الأوروبيّة إلى مكّة المكرمة من علي باي العبّاسي إلى الشيخ إبراهيم (3)
نشر في المدينة يوم 26 - 12 - 2012

* توقفنا في الحلقة الثانية من هذه الدراسة، والتي اعتمدت بشكل رئيس على مقالة الباحث الأمريكي هاري ودييك Harry E.Wedeek، والموسومة: «شخصيّات غير مسلمة تسلّلت إلى مكّة المكرمة/ Non-Moslems Who Penetrated Into Mecca»؛ توقفنًا عند شخصيّة المغامر الإنجليزي جوزيف بيتس Pitts، والذي قام برحلته إلى الديار المقدسة حوالى سنة 1680م، حسب المصادر التي رجعت إليها؛ إلا أنّ الباحث «ودييك» يورده ضمن مجموعة رحالة القرن الثامن عشر الميلادي. ثم يأخذنا الباحث بعد ذلك إلى القرن التاسع عشر الميلادي، مشيرًا إلى أنّ هذا القرن شهد اهتمامًا كبيرًا بالمدينة المحرمة على غير المسلمين، وذلك من قبل أشخاص يتقنون اللغة العربية ويحيطون بمشاعر الحج، ويتمتعون بمستويات ذهنية عالية، ومن هذه الشخصيات الغربية دومنقو باديا ليبليخ Domingo Badia Y. ،Leblich والذي حمل اسم علي باي العباسي، ولقد قام هذا المغامر في العقدين الأوّل والثاني من القرن التاسع عشر الميلادي برحلات تجاه شمال إفريقيا، وسوريا، وتركيا، وشبه الجزيرة العربية، ولقد ظهرت ترجمة إنجليزية لرحلاته باللغة الإنجليزية في لندن عام 1816م.
ولقد تعرّض سِفر رحلاته لشيء من التّشويه من قبل النّاشرين؛ حيث تمّ تقديم مادة الكتاب بأسلوب يمكن وصفه بأنه جاف، ويفهم من عبارة الباحث بأنه لم يكن أسلوبًا مشوقًا.
* وصل «باديا» إلى جدّة سنة 1806م، ويبدو أنّ اتقانه للّغات - حيث يوصف بأنّه عالم لغة- ساعده في رحلته إلى مكّة المكرمة، والتي وصلها في يناير1807م، وظلّ فيها لمدة تقارب تسعة أشهر، وتمكّن خلال هذه المدّة من النّفاذ إلى أشياء يمكن استنتاجها من خلال مدوّناته، حيث استطاع أن يسجّل مقاسات الكعبة، كما قام بإجراء مخطّط لها؛ وهو ما يؤكّده الباحث «أغسطس رالي»، حيث يشير إلى أنّ «باديا كان أول أوروبي يقدّم للعالم معرفة منظمة لمكّة المكرمة، فلقد حدّد موقعها عن طريق مراقبات فلكيّة، كما رسم خريطة ذات مقاييس للمسجد الحرام». [انظر: مكة المكرمة في عيون رحالة نصارى، تأليف: أغسطس رالي، ترجمة، حسن سعيد غزالة، دارة الملك عبدالعزيز، 1430م، ص113].
* في المدة التي قضاها «باديا» في مكّة، نقل أيضًا صورًا أخرى عن الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة في مكّة المكرمة، كما أنّه بانتحاله شخصيّة أمير حجّ مسلم حظي بمقابلة شريف أوحاكم مكّة المكرمة، ويزعم الباحث «ودييك» أنّ «باديا» من خلال العلاقة التي أقامها مع حاكم مكّة تمكّن من دخول الكعبة، وزيارتها مرّات عدّة. فيما يذكر «رالي» أنّ «باديا» أدرك وهو في مكّة المكرمة وفي السّادس والعشرين من شهر فبراير 1807م، الموافق 1221ه انتقال السلطة من حكم الأشراف إلى حكّام «آل سعود»، كما أنهم - أي السعوديين - كانوا قبل هذا التاريخ حكّام مكّة الفعليين لا الرسميين. [انظر: أغسطس رالي، مصدر سابق ص:115].
* وبعد شخصيّة المغامر»باديا» تأتي شخصيّة الحاج موسى، وهو طالب طب ألماني متخصّص في الأملاح المعدنية، واسمه الحقيقي هو أوليرخ ياسبر سيتزن Seetzen، ولقد غادر المغامر مدينة جدة في عام 1809م، وقضى في مكّة المكرمة ثلاثة شهور، ووصف المسجد الحرام بشيء من الدقّة والتفصيل، ويذكر «رالي» أنّ المغامر مكث في جدّة في منزل صديق تاجر اسمه عبدالله السّقاط، حيث تعمّق في علوم الشريعة الإسلاميّة.
* ثمّ يعرج الباحث على شخصيّة جون لودفيك بوركهارت Burckhardt، وهو مستشرق سويسري، استطاع أن يزوّد نفسه بعلوم عدّة منها اللّغويات، حيث درس في لندن وكمبيردج، ويبدو أن هذا التخصّص ضروري لكل من يريد ولوج هذا الميدان.
* في عام 1809م، غادر «بيركهارت» إنجلترا إلى مدينة حلب متنكّرًا باسم «الشيخ إبراهيم بن عبدالله ومكث هناك سنتين بغرض اتقان اللّغة العربيّة ودراسة القرآن الكريم. ثمّ توجّه إلى افريقيا، ومن مدينة سواكن توجّه إلى جدّة ومنها إلى مكّة والتي وصلها في عام 1811م، وكان عليه في البداية أن يتنكّر في شخصيّة متسوّل، ولكنه تزيّا بعد ذلك بزيٍّ مصري، واستمر في هذا السلوك التنكّري، الذي يبدو أنّه أضحى سمة بارزة عند كثير من الرحالة الأجانب الذين تسلّلوا إلى الديار المقدسة، استمر بيركهارت حاجًا مصريًا عدّة شهور، ثمّ توجّه منها إلى المدينة المنوّرة، وفي عام 1815م عاد إلى القاهرة منهكًا ومتعبًا وتوفي عام 1817م. وأكثر آثاره شهرة مجموعته التي دوّن من خلالها مشاهداته، والموسومة: «رحلات إلى شبة الجزيرة العربية/ Travels In Arabia» والذي نشر في عام 1829م، ويمكن قراءة مشاهداته بشيء من المتعة وهو حصيف في سرده فهو مثلًا يصف ازدحام الأسواق وأزقة مكّة الضيّقة، وكذلك أسواق الحبوب والزبدة، مشيرًا في وصفه إلى الحمامات العامة التي اشتهرت به المدن الإسلامية آنذاك، وكذلك أسواق بيع الرقيق وأماكن أخرى تخلو في سرده من أسمائها الحقيقية.
* ولعلي أختم هذا المقطع عن الرحالة بيركهارت بالإشارة إلى أنّه بين يديَّ ترجمة لأحد كتبه الهامة إلى العربية وهو: «رحلات إلى الجزيرة العربية» بترجمة هتاف عبدالله دار الانتشار العربي ط2، 2005م، ويقع في حوالي 400 صفحة.
(*)جامعة الملك عبدالعزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.