خَواطِر × ظَواهِر - 18

* حَدَّثتني خِبرتي عَن فِطنتي أنَّ الأخبَار نَوعَان: خَبرٌ سَار يَنتقل ببُطء، وكَأنَّه مَعاملة في دَائرة خَدميّة تَتّسم بالبيروقراطيّة.. وخَبرٌ سَيئ لَه جنَاحَان، يَنتقل بَين النَّاس، وكَأنَّه طَائرة تُحلّق مِن مَدينة إلى مَدينة، فمَثلاً إذَا حَصَلْتَ عَلى تَرقية فإنَّ عَدداً قَليلاً مِن النَّاس يَعلم، والأقَل مِنهم يَتّصل ويُبارك، لَكن مَتى وَقَع عَليك خَبرٌ سَيئ، مِثل الطَّلاق أو الفَشل أو الخسَارة في التّجارة، فإنَّ الخَبَر يَنتشر وكَأنَّه غُبار في الجزيرَةِ العَربيّة، وكَم سَعدتُ بهَذه الفِكْرَة عِندَما وَجدتها لَدى السيّد «دوغلاس آدمز»، حِين قَال: لا شَيء يَنتقل أسرَع مِن الضّوء إلَّا الأخبَار السيّئة، فتِلك لَها قَوانينها الخَاصَّة..!
******
* حَدَّثتني مُفردَاتي عَن كَلِمَاتي أنَّ الأمَل كَائن لَطيف، وهَاجس خَفيف، يَأتي ليُداعب النّفوس وَقت اليَأس، ليَنتشلها مِن دَائرة الإحبَاط، فيَنقلها إلى مُحيط النّشاط، وقَد كُنتُ -إلى عَهدٍ قَريب- أزرَع الأمَل، وأعتَقد يَقيناً أنَّ زرَاعة الأمَل وَاجبة في حَديقة الإنسَان، ولَكن السيّد «جوناثان سويفت» غيّر آمَالي، وخَربط أقوَالي، حِين قَال: طُوبى لمَن لا يَتوقّع شَيئاً، فلَن يَخيب أمَله أبداً..!
******
* حَدَّثتني فَراستي عن كَياستي قَائلة: كُنتُ أظنُّ أنَّ الجَديد مِن العِلْم هو مَا يَأتي حَديثاً، كَما كُنتُ أظنُّ وَاهماً أنَّ القَديم لا يُمكن أن يَكون جَديداً، وكُلّ شَيء وُجد قَبلي، لَيس بجَديد عَليَّ، ولَكن مَع مرُور الوَقت والمُمارسَات والتّجارب؛ اكتشفتُ أنَّ الجَديد لَه مَفهوم آخر، ذَكره السيّد «إمبروس بيرس» في كَلامِ جَميل يَقول فيهِ: لا جَديد في الدُّنيا.. لَكن هُناك الكَثير مِن الأشيَاء القَديمة التي لا نَعرفها..!
******
* حَدَّثني مُتصفِّحي عَن صَفحتي بأنَّه عِندَما يَتصفّح المَرء مَوقع التَّواصُل الاجتمَاعي «تويتر» تَستولي عَليه المُفاجأة حيثُ الكُلّ فَجْأة أصبَحَ شَاعِراً وكَاتِباً في الفَلسفةِ والمَنطق وتَطوير الذَّات، حتَّى صَار حكِيمَاً، تتسَاقط عَليه تَغاريد البَديهة في دَقائق! كَيفَ حَصلَ هَذا..؟ الإجابَة عِندَهم، ولا عَجب، فهُناك مَن قَال: خُذ الحِكْمَة مِن أقلام التّويتريين..!
******
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: لَيتَ العُمر يَمشي وكَأنَّه مُعاملة في دَائرة حكوميّة، حيثُ تَسير الأورَاق ببُطءٍ شَديد.. والمَشي لَه ثَقافة، قَليلٌ منّا يُدركها، ومَا أجمَل تَصريح الرّئيس الأمريكي «إبراهام لينكولن» حِين قَال: أنَا أمشِي ببُطء، ولَكن لَم يَحدث أبداً أن مَشيت إلى الورَاء..!
لذَا يَا قَوم، هيَّا بنَا نَسير إلى الأمَام دون النَّظر خَلفنا، ولنَتعلَّم مِن تَجارب الآخرين كَيف أنَّهم إذَا فَشلوا، يَعودون ليَعملوا ويَنجحوا..!!!
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com