كوكب العنوسة

كثيراً ما نحب البحث عن المجهول!! كهف من قوم عاد وثمود، وسفينة من بقية طوفان نوح، ورسم من آل فرعون الهالكين.
مجهول في مجهول جعلنا حتى نحاول تجسيد المجهول كأنه حي ويعيش بيننا؛ فهذا الديناصور عمل له ألف هيكل، وألف شكل، وألف قصة، ولكنه يبقى مجهولا .. في مجهول .. فلماذا نغوص في غياهب المجهول.
يا ترى .. لماذا لا تعكف ناسا الفضائية على سد رمق الأمم الأفريقية القابعة في مستنقع المجاعة، والمرض، والفقر؛ بدلاً من البحث عن كائنات حية في كوكب من الكواكب لا ماء فيه ولا نبات!!
أليس من الأفضل لنا البحث والحديث عن المعلوم لنكتشفه ونخترع له حلولا، ثم بعد ذلك لنغوص في المجهول حتى القاع.
مليارات تنفق على خيال علمي لا حقيقة له إلا (1%)، أو أقل من ذلك.
ولا أريد من هذه المليارات إلا حفنة صغيرة لا للمجهول بل للمعلوم .. لمكوك تسافر له كل يوم عدد من فتياتنا؛ فآه .. كم تكلف هذه الرحلة من ألم على فتياتنا؟!
هل عرفتم هذا المكوك، وموقعه الآن؟
إنه كوكب العنوسة، ويقع على تقاطع خط طول مع عرض عند الدرجة (33) سنة؛ فهلا بحثنا عنه؟!!
هلا رسمنا لعنوستنا هيكلا .. هلا وضعنا لعنوستنا خريطة .. هلا اخترعنا لعنوستنا علاجا .. هلا دخلنا إلى مكوك عنوستنا.
بالطبع؛ لن تطبع ورقة إلا من طابعة، ولن توجد الطابعة إلا في مكتب، ولن يوجد مكتب بدون موظف، ولن يوجد موظف إلا في إدارة ودار .. لذا .. كل ما نريده هو «جمعية للعوانس».
جمعية تدرس .. جمعية تخطط .. جمعية تفكر .. جمعية ترسم .. جمعية تبحث .. جمعية تجمع .. فهل نبخل على مكوك العنوسة الممتلئ بالملايين بجمعية تمده بالهواء والماء عبر نهر الحياة والحب والمودة؛ إنه الزواج.
تأمل أمك .. أباك .. إخوانك .. أخواتك .. نفسك .. زوجتك .. أبناءك .. تأمل وقل؛ الحمد لله الذي أخرجنا، والحمد لله الذي جمعنا، والحمد الله الذي رزقنا.
وفي المقابل تأمل في العنوسة ككوكب؛ هو عكس هذا الترابط كله .. فمن أين ابن بدون أم، ومن أين أم بدون أب، ومن أين أسرة بدون زواج .. كل هذه الأمور ما هي إلا شهاب حارق واحد من شهب كوكب العنوسة.
لم أتكلم عن الحالة النفسية العصيبة التي يعيشها قلب العانس تحت نيران انتظار زوج من أي مكوك يأتي إليها منه، ولو من على طبق طائر؛ ولكن تبقى الدمعة أصدق تعبير على خد فتاة تدفع للدخول إلى كوكب لا ترغب في العيش فيه.. فهلا غزونا كوكب العنوسة بجمعية فضائية لننقل من فيه إلى بر الأمان في جنان الزواج والأسرة والأبناء، بدلاً من انتظار طبق طائر يحمل زوجاً تحلم به كل عانس؟!!
عبد العزيز جايز الفقيري - تبوك