152 توأماً من 28 دولة.. والمملكة تحتفل بالإنجاز الجراحي رقم 67    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    فرنسا تصعد لنهائيات كأس العالم 2026 برباعية في أوكرانيا    "أوتشا": استمرار الضربات العسكرية الإسرائيلية بالقرب من أو شرق الخط الأصفر    تراجع أسعار الذهب من أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    مصرع طيار تركي إثر تحطم طائرة إطفاء في كرواتيا بعد انقطاع الاتصال بها    أفضل خمس خدمات بث فيديو    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    %48 من القوى العاملة في المنشآت العائلية    «الأرصاد» في إنذار أحمر : أمطار غزيرة على جدة اليوم الجمعة    مؤشرات التضخم تحدد مزاج المستثمرين في الأسواق السعودية    الفيفا يختار هدف عمرو ناصر في الأهلي المصري ضمن القائمة المختصرة لجائزة بوشكاش    الأخضر السعودي يختتم استعداده لمواجهة ساحل العاج    إعلان أسماء المستحقين للأراضي البعلية الموسمية في الحدود الشمالية    شبكة عنكبوتية عملاقة    الرياضة السعودية ما بعد النفط.. الاستثمار في العقول لا العقود    غدٌ مُشرق    رحلة الحج عبر قرن    اللاعب السعودي خارج الصورة    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    إنجاز طبي جديد بنجاح عملية فصل التوأم الملتصق الجامايكي    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    القبض على (3) يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    المدير الرياضي في الأهلي: غياب توني لأسباب فنية    وزير "البيئة" يلتقي قطاع الأعمال والمستثمرين بغرفة الشرقية    وزير الحج والعمرة: الرعاية الكريمة لمؤتمر ومعرض الحج كان لها الأثر الكبير في نجاح أعماله وتحقيق أهدافه    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من يوم غدٍ الجمعة حتى الاثنين المقبل    توازن كيميائي يقود إلى الرفاه الإنساني    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    شراكة مجتمعية بين ابتدائية قبيبان وجمعية «زهرة» للتوعية بسرطان الثدي    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ورشة استراتيجية مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة 2026–2030    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    ذاكرة الحرمين    في أولى ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر السعودي يلتقي ساحل العاج في جدة    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    النويحل يحتفل بزواج عمر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    استعرض مع ولي عهد الكويت التعاون.. وزير الداخلية: مواجهة الجريمة والإرهاب بمنظومة أمنية خليجية متكاملة    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قل لا تسألون عما أجرمنا..!
نشر في المدينة يوم 09 - 12 - 2011

عندما وصلتني الدعوة الكريمة للمشاركة في الملف الصحفي «أخلاقيات الحوار» واجهت صعوبة شديدة في انتقاء المضمون، إذ أن الحديث عن تعريف الحوار وأهمية الحوار وأنواع الحوار وآداب الحوار ومشكلات الحوار وأمثلة الحوار، تتطلب مقامًا واسعًا وجهدًا كبيرًا ووقتًا طائلًا، فقررت أن أواصل الإعداد حتى أصل للحظة الملهمة التي تتحطم على جاذبيتها كل النقاط والمحاور التي قمت بإعدادها مسبقًا، فكانت لحظة قراءتي لقوله تعالى (قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون)، يا الله!، عند هذه اللحظة وضعت القلم جانبًا وأزحت الأوراق من أمامي، قرأتها وكأني أقرأها للمرة الأولى!، تأملتها مليًا، بحثت عنها، فوجدها هي بنفسها، لا تختلف قيد أنملة عن تلك اللحظة التي انتظرتها، لحظة تختزل في ملامحها وأغوارها منتهى المثالية والمعيارية والسمو الأخلاقي.
سبحان العظيم المتعالي الذي إذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون، هذا الرب الجبار القاهر الذي لو شاء لجعل الناس أمة واحدة، ولو شاء لأهلكهم عن بكرة أبيهم يأمر رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- بأن يقول لخصومه الضالين والمجرمين والمنحرفين (قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون)، فينسب الإجرام لنفسه وينسب العمل لهم، يأمره بأن يتنازل لهم، يأمره بأن يسلم لهم جدلًا، بأن يرفق بهم، بأن يجادلهم بالحسنى، وبأن يعاملهم على قدر عقولهم وأفهامهم وتصوراتهم المنحرفة ويأخذ كل هذا، كله بدون استثناء، يأخذه في أعلى درجات الاعتبار، وهو سبحانه أعلم بهم وبما يكون من حالهم، ومع هذا، يأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن ينسب «الإجرام» للرسالة وينسب «العمل» للكفر والشرك والضلال المبين.!
يأمر رسوله بهذا ليفسح الميدان واسعًا على طاولة ذلك الحوار الهادئ البناء، حوار الحجة والإقناع، حوار احترام المخالف، حوار: وجادلهم بالتي هي أحسن، حوار: فقولا له قولًا لينًا، حوار: وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، حوار الكلمة السواء والقواسم المشتركة!، لا تسألون ولا نسأل!، بل أبعد من ذلك بكثير، إنه حوار التسليم جدلًا بصحة التهم الرخيصة التي تكال للرسالة، هو لا يقول أن رأيهم خطأ يحتمل الصواب، بل إنه يقدم رأيهم جدلًا على أنه هو الصواب، فيما يقدم رأيه على أنه ليس خطأ وحسب وإنما يقدمه على أنه تنظير لجريمة ما.!، هل شاهدتم معيارًا أخلاقيًا ومثاليًا كهذا.؟
هو في حقيقة الأمر يدعوهم ليأتوا بنفوس مرتاحة ومطمئنة، وينزع فتيل الاستنقاص والشتائم والتشنج والشخصنة والإقصاء والتسفيه والسخرية والانتصار للذات، ويقطع الطريق على محاولات النصح المتعالي والإلزام بالآراء والمعايير المخالفة، ويحول دون الرغبة في الإفحام وسياسة المخارج المؤصدة والزوايا الضيقة!، إذ أن وعندما تتقاطع قوة الحجة في الفكرة مع منتهى التجرد والإنصاف في متلقيها.
اللحظة الثانية كانت عند قراءتي لحوار عتبة بن ربيعة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه عتبة يفاوضه على تسويه مغرية في المعايير الدنيوية ويعرض عليه المال والسيادة والملك، فكان يقول له -صلى الله عليه وسلم- (قل يا أبا الوليد أسمع)، وتركه حتى انتهى من كلامه ثم سأله (أفرغت يا أبا الوليد..؟)، هنا تتجلى المعايير القرآنية المثالية في الحوار، هنا يبلغ الإنصات واحترام المخالف مبلغه، مع أن هذا المخالف لم يعدو كونه يشكك في مصداقية الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويتهمه بالكذب ضمنًا، ويشكك في نزاهته ونواياه، فهو يقدم العرض بدون أن يضع لوجهة النظر المخالفة أي اعتبار، فيقدم الرسول على أنه يكذب ليحقق مصالح دنيوية رخيصة، فإما أنه يطمع في المال فنعطيه من مالنا!، أو أنه يطمع في السيادة فنعطيه إياها.!، أو يتطلع للسلطة فنجعله ملكًا علينا.!، أو أنه مريض فنقوم على علاجه.!، منتهى السخف والإقصاء، لم يطرح من ضمن الخيارات أن يفتح المجال لرسول الهدى لكي يدلي بدلوه ويقدم رأيه للحوار، لم يمنح رأيه أي اعتبار، ومع هذا، ومع كل هذا، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- في منتهى الإصغاء والتفاعل مع هذا الطرح المجحف.!
ما أود أن أشدد عليه أن هذه معايير أخلاقية ومثالية ولكنها أيضًا في مصلحة الدعوة لأي فكرة كانت، وأصحاب الحق أولى بها، فغالبًا ما تتعثر الرؤى السليمة بطريقة طرحها، بأسلوب الحوار تتأثر، بأخلاق المحاور تتأثر، وكم من فكرة خاطئة دفعت بها أخلاق حاملها إلى المقدمة وانتصرت على الحقيقة!، بل إن التوقف عن الحوار إذا كان محتقنًا ومتشنجًا وإقصائيًا خير من المضي فيه!، لأنه عندئذ لم يعد حوارًا، بل أصبح مراء عقيمًا.!، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.