وزارة الداخلية تطلق حزمة خدمات رقمية جديدة تعزز التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي    أمين التعاون الإسلامي: السلام العادل لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال والاستيطان وتجسيد سيادة دولة فلسطين    القيادة تهنئ ملك مملكة بوتان بذكرى اليوم الوطني لبلاده    مسار رياضي لذوي الإعاقة بتعليم مكة    15 يوما على تطبيق قرار إلزام شركات الطرود بعدم استلام الشحنات البريدية دون العنوان الوطني    أمير تبوك يسلم 448 وحدة سكنية دعما للأسر المستفيدة من برنامج الإسكان التنموي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    جستر محايل تزور غرفة عمليات المدن الصحية بالمركز الشبابي    أمير منطقة الجوف يرأس اجتماع المحافظين الأول للعام 1447ه    وزير الخارجية يستقبل رئيس مجلس أمناء وأعضاء مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية    المساحة الجيولوجية : الهزة الأرضية المسجلة اليوم بالمنطقة الشرقية لم تحدث خسائر    أمانة الشرقية ومركز البركة يوزعان 300 حقيبة شتوية على عمال النظافة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    نوح ومحمد أكثر الأسماء شعبية في كندا لعام 2024    تدشين مبادرة تشجير مدارس منطقة المدينة المنورة    صعود العقود الآجلة لخام النفط الأمريكي    أمانة المدينة ترفع كفاءة «تصريف السيول»    «هلال الباحة» يُفعّل خطة الشتاء    مظلات المسجد النبوي.. تُحف وإبداع معماري    فيصل بن مشعل يطلع على برامج الكلية التطبيقية بجامعة القصيم    شوطا «المنغولية» في أكبر تجمع للصقور بالعالم    مسجد عمر بن الخطاب.. معلم إسلامي تاريخي يروي بدايات العمارة الدينية    معرض للتوعية بالسلامة البحرية    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    أمير نجران يُدشِّن مبادرة النقل الإسعافي للمرضى المحتاجين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يفتتح أحدث مركز للطب النووي والتصوير الجزيئي    تعليق الدراسة.. قرار تنظيمي تحكمه إجراءات ومعايير واضحة    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    بسبب قمع المعارضين.. كندا تفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين    ترفض أي وجود لقوات غربية.. روسيا تسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا    «أمهات المختطفين»: عذبوا المحتجزين.. مطالبة باستبعاد مسؤولين حوثيين من مفاوضات مسقط    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    السعودية تعزز التعاون الدولي في التحول الرقمي    رصد مخالفات بيع على الخارطة.. هيئة العقار: مباشرة الإجراءات النظامية بحق 25 مطوراً عقارياً    أمينة العنزي: أول رائدة في مجال الصقارة بالحدود الشمالية    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    فوز المملكة برئاسة اتحاد إذاعات الدول العربية    الإعلام تنظم جلسة «حديث إمباك» بصنع في السعودية    الرياض وجمال المطر    الأخضر بطلاً لكأس الخليج تحت 23 عاماً    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة تنزانيا    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    في دور ال 32 لكأس ملك إسبانيا.. قطبا العاصمة أمام تالافيرا وبالياريس    جودة الحياة: تقدم جودة الحياة في مدن السعودية    القيادة تعزي ملك المغرب في ضحايا الأمطار والفيضانات    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلفية المفترى عليها..!!
نشر في المدينة يوم 05 - 08 - 2011

أقول بكل أسف وتحسر: إننا نعيش عصر الادعاءات والتصديق بكل ادعاء لا سيما إذا وافق الادعاء هوى في النفوس، وإمعانًا في الاتباع والجري وراء بوقات التضليل، والإيغال في الإمعان، واعتبار القاعدة الجاهلية مبدأ عقليًا.
ومن ذلك وصف السلفية التي جاهد في سبيل إحيائها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وساعده في سبيل ذلك الإمام محمد بن سعود -رحمهما الله- حيث اتفق الإمامان على الجهاد في سبيل الله لإحياء منهج سلفنا الصالح مما كان عليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه البررة الكرام وتابعوهم بإحسان أهل القرون الثلاثة المفضلة ومنهم أئمة المذاهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد وغيرهم من أئمة العلم والفقه والصلاح والإصلاح. حيث كانت الجزيرة العربية يعيش أهلها في جاهلية جهلاء من حيث البدع والمنكرات والشركيات والمحدثات. وكان لهذه الدعوة الإصلاحية قبول واستجابة حولت أهل هذه الديار من جاهلية جهلاء إلى محجة بيضاء ليلها كنهارها. وقد كان لهذه الاستجابة أصداء سلبية في خارج نطاق نشاطها لا سيما في الكواليس السياسية، حيث خافوا على كراسيهم السياسية من سقوطها بأيدي أهل هذه الدعوة فألبوا ضعاف النفوس وضعاف الإيمان بضرب هذه الدعوة بالافتراءات وادعاء الضلال والانحراف ووضعوا لها وصفا يراد منه التنفير منها والتحذير من منهجها فقالوا عنها بأنها طائفة ضالة من طوائف التفرق الإسلامي وسموها بالوهابية وقالوا عنها -إفكًا وزورًا وبهتانًا-. بأنها تعتمد على مبادئ منها بغض الرسول وآله والتكفير بالمعاصي والحشوية المشبهة في أسماء الله وصفاته. والتشدد في أحكام الحلال والحرام. إلى آخر ما قيل عنهم زورًا وبهتانًا.
ولقد كتب سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض -حفظه الله- في إحدى صحفنا المحلية كتابة تصحيحية وردًا على الافتراءات الآثمة عن الدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمامان محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود وتسميتها بالوهابية تشويها وتلويثا لمنهجها وسلفيتها وقد كان لكتابة سموه أثر في تصحيح أفهام مريدي الحقائق والتحرر من مسالك الإمعات واتباع الأهواء العمياء. وقد سبق سموه إلى مثل ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- فقد ذكر الكثير من انتقاد هذه المفاهيم الخاطئة وضرورة تصحيحها. وإسهامًا من المحب لهذه الحركة الإصلاحية وممن يعتز بالانتساب إليها ورد شبهات الشيطان وحزبه أقول:
ولي في مؤلفات الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه علماء الدعوة السلفية ما يؤيدنا ويرد كيد الكائدين من أعداء الله ورسوله.
وهي -والحمد لله- مطبوعة ومنشورة بين طلبة العلم أقول ما يلي:
أولًا: أن تصنيفهم مواطني السعودية من علماء وغيرهم بأنهم طائفة تنتسب في الاعتقاد إلى الوهابية هو تصنيف أدعياء على العلم والتاريخ والاجتماع ومعرفة الطوائف وأصولها. فليس في الوجود ما يسمى بالوهابية ومن يردد هذا القول يمكن وصفه بأنه إمعة- سمعت الناس يقولون شيئا فقلته- وقولهم إن معتقد السعوديين بصفتهم وهابيين يشتمل على التقليل من محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. هذا قول من أبطل الباطل وأكذب الأقوال وأمقتها. فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب حبيب لنا بعد الله تعالى ونعتقد نقص إيمان من لا يكون رسول الله أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين ومحبته -صلى الله عليه وسلم- ليست في قشور لا تسلم مظاهرها من الشرك بالله ومن الكبائر والمعاصي كما هو الحال في بعض حفلات الموالد. ولكن محبته -صلى الله عليه وسلم- في تحقيق معنى كلمة الإخلاص وشهادة أن محمدًا رسول الله بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعد الله إلا بما شرعه الله وبلغه -صلى الله عليه وسلم- ومحبته في الاقتداء به والتمسك بسننه التي أثبتها وحررها رجال الحديث البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم. والصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- من أفضل الأقوال والأعمال. وعلماء المملكة يرون الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركنًا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها. ولابن القيم رحمه الله وهو من أئمة علماء بلادنا كتاب مستقل في فضل الصلاة على رسول الله والترغيب فيها وذكر مجموعة من صيغ الصلاة على رسول الله وهو من أنفس الكتب التي نعتز باقتنائها ومتابعة قراءتها. ومن ثوابت ومعتقد علماء المملكة الأخذ بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
فمحبة رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تجري في دمائنا وهي نحت عميق في قلوبنا كما أنها نبراس أعمالنا ونتيجة شهادتنا أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه. ومبعث اقتدائنا به -صلى الله عليه وسلم- واتخاذه أسوة حسنة لنا استجابة لقول الله تعالى (لقد كان لكم في رسوله الله أسوة حسنة).
ومن محبته -صلى الله عليه وسلم- ألا نطريه كما أطرت النصارى ابن مريم مما هو منافٍ لحق الله تعالى ومحض استخفاف بل نصفه -صلى الله عليه وسلم- بما وصفه الله به في كتابه عبدالله ورسوله.
ومن محبته -صلى الله عليه وسلم- الترضي عن أصحابه أجمعين والكف عن الخوض فيما شجر بينهم بل نقول عنهم بأنهم مجتهدون ولهم في نصرة رسول الله وصحبته ما نأمل أن يكون وسيلة لهم في رحمة الله ومغفرته والتجاوز عنهم أجمعين فالأمر فيهم وعنهم ما قال الله تعالى عنهم (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)!.
ثانيًا: القول بأن الوهابية يعتمد منهجا على التكفير بالمعاصي، سبحانك هذا بهتان عظيم.
من أصول معتقد علماء المملكة- ولا أقول الوهابية وهم من الأوهام الخيالية- أقول إن معتقدهم أن أهل الكبائر والمعاصي ما عدا الشرك بالله لا يخرجون بمعاصيهم عن ملة الإسلام ولا يكفرون بها، قل هم تحت مشيئة الله إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة طبقًا لقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
وعلماء التجديد والإصلاح وعلى رأسهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه يقسمون الكفر قسمين: كفرًا أصغر لا يخرج صاحبه من الملة كالحلف بغير الله. حيث جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حلف بغير الله فقد كفر. وكفر أكبر مثل كفر أهل الكتاب ممن قال تعالى عنهم (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) ومثل كفر من أنكر وحدانية الله في ربوبيته أو ألوهيته أو أنكر أمرا من ضرورات الاعتقاد كأركان الإسلام أو الإيمان أو نحو ذلك من ضرورات الدين.
ثالثا: القول بأن من معتقد الوهابية في أسماء الله وصفاته التشبيه والتجسيم والحشوية والتفويض إلى غير ذلك مما هو محض افتراء وكذب وبهتان. فعلماء المملكة يثبتون لله من صفاته وأسمائه ما أثبته لنفسه في كتابه العزيز وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سننه الكريمة على ما يليق بجلال الله وعظمته من غير تحريف ولا تكييف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل. وعلى وفق ما ذكر الإمام مالك رحمه الله في إجابة من سأله عن معنى الاستواء فقال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. فمعتقدهم في أسماء الله وصفاته الإيمان بها واعتقاد معناها وعدم الخوض في كيفيتها حيث إن الخبر عن الكيف لا يكون إلا بأحد أمرين إما بالمشاهدة وإما بخبر من لا يتطرق إليه الكذب على الله وهم أنبياء الله ورسله وكلا الأمرين مفقود. فيجب علينا أن نقول: المعنى للصفة معلوم وكيفها مجهول والإيمان بها واجب وإما نفي التشبيه فهو اعتقاد منبعث من الاستجابة لقول الله تعالى: ليس كمثله شيء. وأما نفي التعطيل فلان التعطيل نفي لصفات الله وقد أثبتها الله تعالى في كتابه الكريم وأثبتها له رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته. وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة. لا نقول كما قالت المعطلة سميع بلا سمع بصير بلا بصر ولا نقول كما تقول الأشاعرة في إثبات بعض الصفات دون بعض. ولا نقول كما يقول المشبهة والمجسمة بتشبيه صفات الله بصفات خلقه ولكننا نقول بالقول الأسلم وألاحكم والأعلم بإثبات صفات الله وأسمائه على ما يليق بجلال الله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا إيمان ببعض دون بعض.
رابعًا: القول بان الوهابية من أصول معتقدها.. إنكار قدرة أولياء الله وصالحيهم على نفع من يتعلق بهم في حياتهم أو بعد موتهم أو إلحاق الضرر بمن ينكر ولايتهم وقدرتهم على جلب النفع ودفع الضر. ولهذا حينما قامت ولاية الوهابية قاموا بهدم القباب والمباني على الأضرحة والمقامات وبعثوا الدعاة إلى مناطق حكمهم ببيان أن التعلق بالقبور والأشجار والأحجار والأولياء بعد موتهم من الشرك بالله ومما يتنافى مع كلمة الإخلاص ووحدانية الله بالعبادة والتعظيم والإجلال وحصر النفع والضر والمنع والعطاء في الله وحده لا شريك له إلى أخر ما قام عليه هذا المعتقد من إنكار ولاية الأولياء وقدرتهم على ما ذكر.
والجواب عن هذا القول بالتسليم مع حمد الله وشكره والثناء عليه أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ولقد كانت نتيجة هذا الاعتقاد والعمل بمقتضاه نصر الله وتأييده لحكام المملكة فلقد أزالوا ما يتعارض مع حق الله على عباده وأقاموا وحدانية الله في التعظيم والإجلال وإخلاص العبادة له تعالى فأيدهم الله ونصرهم تحقيقًا للقاعدة الربانية ولينصرن الله من ينصره وتحقيقًا لوعد الله تعالى: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلهم من بعد خوفهم أمنًا». فلقد كانت ولايات آل سعود ولايات تمكين ونصر وتأييد وكانت أول ولاية لهم قبل احتضان الدعوة السلفية إمارة صغيرة تابعة ثم تحولت إلى دولة كبرى مساحة ومكنها الله دينها وأمنها وعقيدتها وهيأ لها الأمن والاستقرار والرخاء. وصارت بشهادة أهل العدل والنصف الدولة الإسلامية الأولى المؤهلة للصدارة الإسلامية استقامة والتزامًا وسلامة مسلك وعقيدة وامن جوار وصلابة في دين الله.
وأولياء الله في قبورهم فضلًا عن غيرهم هم في أمس ا لحاجة إلى نفع أنفسهم فقد انقطعت أعمالهم واتضح فقرهم وتحولت قوتهم إلى ضعف بعد موتهم قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ) لقد كانت بلادنا مرتعًا للبدع والمنكرات وكان امنها مضرب مثل للفوضى والظلم والعدوان، وكانت مناطقها ميادين نزاعات وحروب واضطرابات، فعوضها الله بسلامة العقيدة والأمن في الأوطان وثبات الولاية ووحدة الكلمة والأرض، وإخراج الأرض خزائنها، فالحمد لله ذي الفضل والمن والإحسان ولينصرن الله من ينصره.
خامسًا: ما يتعلق بالقضاء والقدر فعلماء المملكة وسط بين عقيدة المرجئة والقدرية فهم يؤمنون بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته فالعبد مقدر عليه ما يفعله ولكنه يجهل ذلك القدر ويتمتع بعقل يدرك الخير والشر ويدرك طريق الرشاد وطريق الغواية والضلال ويعرف مصير كل من الطريقين فريق في الجنة وفريق في السعير، وقد بين الله تعالى الطريق السوي لعباده فقال: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، ومعنى هديناه السبيل -والله اعلم- بينا له طريق الهدى وطريق الضلال فمن أحسن فلنسفه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد، فالله تعالى منزه عن الظلم حينما يعذب العصاة من عباده كما انه تعالى ذو الفضل والإحسان حينما يكرم عباده الصالحين وهذا هو معتقد علماء المملكة ممن يقال عنهم وهابيون، وفي القضاء والقدر فهم وسط بين المرجئة والقدرية في الإيمان بالقدر وهم والحمد لله من الأمة الوسطى التي جعلها الله شاهدة على الناس وجعل رسولها شاهدًا عليها.
سادسًا: قولهم بان علماء المملكة الوهابيين يعتمدون في مذهبهم في فروع الأحكام وإحكام العبادات على الشدة والحرج والتعسير على عباد الله في أمور دينهم ودنياهم.
والجواب عن هذا القول الفج العاري عن التحقق والتحري والتثبت الصادر من أدعياء العلم. أن علماء المملكة حنابلة في تمذهبهم الفقهي ومعلوم لدى علماء الشريعة وفقهائها أن المذهب الحنبلي من أوسع المذاهب الفقهية تيسيرًا فالأصل عند الحنابلة في المعاملات الإباحة انطلاقًا من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: انتم اعلم بشؤون دنياكم. ومن قاعدة البراءة الأصلية ومن مبدأ التيسير ورفع الحرج، والأصل في العبادات الحظر فالله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته فيجب أن تكون عبادة الله مبنية على شرعه وتشريعه، فمن جاء في الدين بما ليس منه فهو رد وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكررون ويؤكدون القول: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. فهذا هو منهج علماء المملكة ومن يوصفون على سبيل التنقص واللمز بالوهابية وهذا المنهج هو ما عليه سلفنا الصالح من أهل القرون الثلاثة المفضلة العبادات مبناها على التوقف وللوقوف عند نصوص التشريع وجوبًا واستحبابًا وإباحة وكراهة وتحريمًا والمعاملات مبناها على الإباحة ما لم يرد من النصوص الشرعية ما ينقل أصل الإباحة إلى الحظر.
وخلاصة القول أن وصف علماء السعودية بالوهابيين على سبيل الهمز واللمز والتنقص وعلى سبيل الافتراء عليهم في سوء المعتقد هو وصف أثيم فلا وهابية في بلادنا السعودية فجميع أهل السنة فيهم من علماء وعامة هم امة سلفية منهجها ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- وعليه أصحابه فهم لا ينتسبون إلى شيخ معين ولا إلى فرقة غير الفرقة الناجية. أئمتهم في التوجيه والاقتداء والتبصير والسلوك أهل التحقيق وسلامة الاعتقاد من كبار الصحابة والفقهاء السبعة والأئمة الأربعة وشيوخ الإسلام الشاطبي والعز بن عبدالسلام والطحاوي وابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن كثير ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم من أهل العلم والصلاح وسلامة الاعتقاد.
معتقدهم في الإيمان بالله توحيده سبحانه في أفعاله وفي أسمائه وصفاته وتوحيده سبحانه في أفعال عباده. ومحبتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محبة تقتضيها الشهادة بأنه رسول الله وصفيه من خلقه أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة وتركها على المحجة البيضاء والترضي عن أصحاب رسول الله أجمعين. والبعد عن تكفير المسلمين إلا من أشرك بالله وكفر، وان أهل المعاصي ما عدا الشرك بالله لا يخرجون بمعاصيهم عن ملة الإسلام. ومذهبهم في فروع الشريعة مذهب الإمام أحمد وهم وسط بين أهل الإفراط والتفريد في أسماء الله وصفاته وفي القضاء والقدر، تجمل معتقدهم رسالة شيخ الإسلام بن تيمية العقيدة الوسطية.
فشكر الله لسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز ما كتبه عن الوهابية، وأنها وهم من أوهام أعداء الله ورسوله يراد به تنقص علماء السعودية زورًا وبهتانًا، وقد سبقه في إنكار هذا الوصف الملك فهد -رحمه الله- فقد كان منه في وسائل إعلامنا مثل ما كان من أخيه سلمان بن عبدالعزيز، وتابع في إنكار ذلك قادتنا الكرام وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ونائباه الأمير سلطان والأمير نايف، فجزاهم الله خيرًا، والحمد لله رب العالمين والله المستعان.
* مستشار الديوان الملكي، عضو هيئة كبار العلماء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.