ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    مهندس ضاع حلمه في اللجان    المملكة تختتم رئاستها للسنة الدولية للإبليات 2024م    سمو أمير منطقة القصيم بحضور سمو نائبة يدشن منصه جائزة السياحة الريفية ويؤكد السياحة الريفية ميزة تنافسية للمنطقة    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    الذهب يستقر وسط ترقب بيانات أمريكية    استشهاد 7 فلسطينيين في قصف على خان يونس    أمير تبوك يدشن مبادرة جادة 30 ويرعى توقيع اتفاقيات تعاون بين عدد من الجهات والهيئات    أمين القصيم يوقع عقد تأمين مضخات كهربائية لمحطات ومعالجة السيول بمدينة بريدة بأكثر من 3 ملايين ريال    أمانة تبوك تكثف جهود صيانة الطرق والحدائق وشبكات التصرف خلال النصف الأول ل 2025    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    وزارة الداخلية تنهي كافة عمليات إجراءات مغادرة ضيوف الرحمن من الجمهورية الإسلامية الإيرانية    أكد أن أبواب الدبلوماسية مفتوحة.. عراقجي: لا مفاوضات نووية قريبة    ضمن السلسلة العالمية لصندوق الاستثمارات العامة.. نادي سينتوريون يحتضن بطولة PIF لجولف السيدات    مانشستر يونايتد مهتم بضم توني مهاجم الأهلي    نثق قي تأهل الأخضر للمونديال    134مليار ريال إنفاق المستهلكين    تستضيف مؤتمر (يونيدو) في نوفمبر.. السعودية تعزز التنمية الصناعية عالمياً    حرصاً على استكمال الإجراءات النظامية.. ولي العهد يوجه بتمديد فترة دراسة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر    هيئة تقويم التعليم تعزز حضورها الدولي بمؤتمرات عالمية في 2025    اقتراب كويكب جديد من الأرض.. السبت المقبل    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء: المملكة سخرت إمكاناتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام    برنية: رفع العقوبات يمهد لفك الحصار.. واشنطن تدعم سوريا لإنهاء «العزلة»    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. آل الشيخ: السعودية تعيش تحولاً كبيراً بمختلف المجالات    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    تأهيل الطلاب السعوديين لأولمبياد المواصفات    الفيشاوي والنهار يتقاسمان بطولة «حين يكتب الحب»    صدقيني.. أنا وزوجتي منفصلان    وفاة كل ساعة بسبب الوحدة حول العالم    الأمهات مصابيح من دونها قلوبنا تنطفئ    المملكة توزّع (900) سلة غذائية في محلية الخرطوم بالسودان    المملكة تدعو إلى إيجاد واقع جديد تنعم فيه فلسطين بالسلام    القيادة تهنئ حاكم كندا ورؤساء الصومال ورواندا وبوروندي بذكرى بلادهم    فيصل بن مشعل يحتفي ب24 فارساً حققوا 72 إنجازاً محلياً ودولياً    "مسام" ينزع (1.493) لغمًا في الأراضي اليمنية خلال أسبوع    موقف متزن يعيد ضبط البوصلة الأخلاقية الدولية!    سعود بن بندر يلتقي العقيد المطيري    320 طالباً يشاركون في برنامج «موهبة الإثرائي» في الشرقية    «الاستثمارات العالمية» في النفط والغاز تتجه للشرق الأوسط    المفتي يتسلم تقرير العلاقات العامة بالإفتاء    موافقة الملك على منح وسام الملك عبدالعزيز ل200 متبرع بالأعضاء    غونزالو غارسيا يقود ريال مدريد إلى ربع نهائي «مونديال الأندية»    د. السفري: السمنة مرض مزمن يتطلب الوقاية والعلاج    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة العارضة    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير نادي منسوبي وزارة الداخلية بمناسبة تعيينه    رياضي / الهلال السعودي يتأهل إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية بالفوز على مانشستر سيتي الإنجليزي (4 – 3)    أصداء    العثمان.. الرحيل المر..!!    هنأت رئيس الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة فهد الصباح    القيادة تعزّي أمير الكويت في وفاة الشيخ فهد صباح الناصر    إلزام المطاعم بالإفصاح عن المكونات الغذائية    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يطلع على استعدادات المنطقة خلال موسم الصيف    قائدٌ يرسم ملامح وطن    "الفيصل" يرأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة الأولمبية والبارالمبية السعودية    تحفيز الإبداع الطلابي في معسكر ثقافي    "الدهمشي" يطّلع على جهود فرع الصحة بجازان ويشيد بدوره في متابعة كفاءة الخدمات الصحية    أكد أهمية مناهج التعليم الديني.. العيسى يشدد: تحصين الشباب المسلم من الأفكار الدخيلة على "الاعتدال"    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلفية المفترى عليها..!!
نشر في المدينة يوم 05 - 08 - 2011

أقول بكل أسف وتحسر: إننا نعيش عصر الادعاءات والتصديق بكل ادعاء لا سيما إذا وافق الادعاء هوى في النفوس، وإمعانًا في الاتباع والجري وراء بوقات التضليل، والإيغال في الإمعان، واعتبار القاعدة الجاهلية مبدأ عقليًا.
ومن ذلك وصف السلفية التي جاهد في سبيل إحيائها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وساعده في سبيل ذلك الإمام محمد بن سعود -رحمهما الله- حيث اتفق الإمامان على الجهاد في سبيل الله لإحياء منهج سلفنا الصالح مما كان عليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه البررة الكرام وتابعوهم بإحسان أهل القرون الثلاثة المفضلة ومنهم أئمة المذاهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد وغيرهم من أئمة العلم والفقه والصلاح والإصلاح. حيث كانت الجزيرة العربية يعيش أهلها في جاهلية جهلاء من حيث البدع والمنكرات والشركيات والمحدثات. وكان لهذه الدعوة الإصلاحية قبول واستجابة حولت أهل هذه الديار من جاهلية جهلاء إلى محجة بيضاء ليلها كنهارها. وقد كان لهذه الاستجابة أصداء سلبية في خارج نطاق نشاطها لا سيما في الكواليس السياسية، حيث خافوا على كراسيهم السياسية من سقوطها بأيدي أهل هذه الدعوة فألبوا ضعاف النفوس وضعاف الإيمان بضرب هذه الدعوة بالافتراءات وادعاء الضلال والانحراف ووضعوا لها وصفا يراد منه التنفير منها والتحذير من منهجها فقالوا عنها بأنها طائفة ضالة من طوائف التفرق الإسلامي وسموها بالوهابية وقالوا عنها -إفكًا وزورًا وبهتانًا-. بأنها تعتمد على مبادئ منها بغض الرسول وآله والتكفير بالمعاصي والحشوية المشبهة في أسماء الله وصفاته. والتشدد في أحكام الحلال والحرام. إلى آخر ما قيل عنهم زورًا وبهتانًا.
ولقد كتب سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض -حفظه الله- في إحدى صحفنا المحلية كتابة تصحيحية وردًا على الافتراءات الآثمة عن الدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمامان محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود وتسميتها بالوهابية تشويها وتلويثا لمنهجها وسلفيتها وقد كان لكتابة سموه أثر في تصحيح أفهام مريدي الحقائق والتحرر من مسالك الإمعات واتباع الأهواء العمياء. وقد سبق سموه إلى مثل ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- فقد ذكر الكثير من انتقاد هذه المفاهيم الخاطئة وضرورة تصحيحها. وإسهامًا من المحب لهذه الحركة الإصلاحية وممن يعتز بالانتساب إليها ورد شبهات الشيطان وحزبه أقول:
ولي في مؤلفات الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه علماء الدعوة السلفية ما يؤيدنا ويرد كيد الكائدين من أعداء الله ورسوله.
وهي -والحمد لله- مطبوعة ومنشورة بين طلبة العلم أقول ما يلي:
أولًا: أن تصنيفهم مواطني السعودية من علماء وغيرهم بأنهم طائفة تنتسب في الاعتقاد إلى الوهابية هو تصنيف أدعياء على العلم والتاريخ والاجتماع ومعرفة الطوائف وأصولها. فليس في الوجود ما يسمى بالوهابية ومن يردد هذا القول يمكن وصفه بأنه إمعة- سمعت الناس يقولون شيئا فقلته- وقولهم إن معتقد السعوديين بصفتهم وهابيين يشتمل على التقليل من محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. هذا قول من أبطل الباطل وأكذب الأقوال وأمقتها. فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب حبيب لنا بعد الله تعالى ونعتقد نقص إيمان من لا يكون رسول الله أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين ومحبته -صلى الله عليه وسلم- ليست في قشور لا تسلم مظاهرها من الشرك بالله ومن الكبائر والمعاصي كما هو الحال في بعض حفلات الموالد. ولكن محبته -صلى الله عليه وسلم- في تحقيق معنى كلمة الإخلاص وشهادة أن محمدًا رسول الله بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعد الله إلا بما شرعه الله وبلغه -صلى الله عليه وسلم- ومحبته في الاقتداء به والتمسك بسننه التي أثبتها وحررها رجال الحديث البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم. والصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- من أفضل الأقوال والأعمال. وعلماء المملكة يرون الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركنًا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها. ولابن القيم رحمه الله وهو من أئمة علماء بلادنا كتاب مستقل في فضل الصلاة على رسول الله والترغيب فيها وذكر مجموعة من صيغ الصلاة على رسول الله وهو من أنفس الكتب التي نعتز باقتنائها ومتابعة قراءتها. ومن ثوابت ومعتقد علماء المملكة الأخذ بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
فمحبة رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تجري في دمائنا وهي نحت عميق في قلوبنا كما أنها نبراس أعمالنا ونتيجة شهادتنا أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه. ومبعث اقتدائنا به -صلى الله عليه وسلم- واتخاذه أسوة حسنة لنا استجابة لقول الله تعالى (لقد كان لكم في رسوله الله أسوة حسنة).
ومن محبته -صلى الله عليه وسلم- ألا نطريه كما أطرت النصارى ابن مريم مما هو منافٍ لحق الله تعالى ومحض استخفاف بل نصفه -صلى الله عليه وسلم- بما وصفه الله به في كتابه عبدالله ورسوله.
ومن محبته -صلى الله عليه وسلم- الترضي عن أصحابه أجمعين والكف عن الخوض فيما شجر بينهم بل نقول عنهم بأنهم مجتهدون ولهم في نصرة رسول الله وصحبته ما نأمل أن يكون وسيلة لهم في رحمة الله ومغفرته والتجاوز عنهم أجمعين فالأمر فيهم وعنهم ما قال الله تعالى عنهم (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)!.
ثانيًا: القول بأن الوهابية يعتمد منهجا على التكفير بالمعاصي، سبحانك هذا بهتان عظيم.
من أصول معتقد علماء المملكة- ولا أقول الوهابية وهم من الأوهام الخيالية- أقول إن معتقدهم أن أهل الكبائر والمعاصي ما عدا الشرك بالله لا يخرجون بمعاصيهم عن ملة الإسلام ولا يكفرون بها، قل هم تحت مشيئة الله إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة طبقًا لقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
وعلماء التجديد والإصلاح وعلى رأسهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه يقسمون الكفر قسمين: كفرًا أصغر لا يخرج صاحبه من الملة كالحلف بغير الله. حيث جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حلف بغير الله فقد كفر. وكفر أكبر مثل كفر أهل الكتاب ممن قال تعالى عنهم (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) ومثل كفر من أنكر وحدانية الله في ربوبيته أو ألوهيته أو أنكر أمرا من ضرورات الاعتقاد كأركان الإسلام أو الإيمان أو نحو ذلك من ضرورات الدين.
ثالثا: القول بأن من معتقد الوهابية في أسماء الله وصفاته التشبيه والتجسيم والحشوية والتفويض إلى غير ذلك مما هو محض افتراء وكذب وبهتان. فعلماء المملكة يثبتون لله من صفاته وأسمائه ما أثبته لنفسه في كتابه العزيز وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سننه الكريمة على ما يليق بجلال الله وعظمته من غير تحريف ولا تكييف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل. وعلى وفق ما ذكر الإمام مالك رحمه الله في إجابة من سأله عن معنى الاستواء فقال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. فمعتقدهم في أسماء الله وصفاته الإيمان بها واعتقاد معناها وعدم الخوض في كيفيتها حيث إن الخبر عن الكيف لا يكون إلا بأحد أمرين إما بالمشاهدة وإما بخبر من لا يتطرق إليه الكذب على الله وهم أنبياء الله ورسله وكلا الأمرين مفقود. فيجب علينا أن نقول: المعنى للصفة معلوم وكيفها مجهول والإيمان بها واجب وإما نفي التشبيه فهو اعتقاد منبعث من الاستجابة لقول الله تعالى: ليس كمثله شيء. وأما نفي التعطيل فلان التعطيل نفي لصفات الله وقد أثبتها الله تعالى في كتابه الكريم وأثبتها له رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته. وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة. لا نقول كما قالت المعطلة سميع بلا سمع بصير بلا بصر ولا نقول كما تقول الأشاعرة في إثبات بعض الصفات دون بعض. ولا نقول كما يقول المشبهة والمجسمة بتشبيه صفات الله بصفات خلقه ولكننا نقول بالقول الأسلم وألاحكم والأعلم بإثبات صفات الله وأسمائه على ما يليق بجلال الله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا إيمان ببعض دون بعض.
رابعًا: القول بان الوهابية من أصول معتقدها.. إنكار قدرة أولياء الله وصالحيهم على نفع من يتعلق بهم في حياتهم أو بعد موتهم أو إلحاق الضرر بمن ينكر ولايتهم وقدرتهم على جلب النفع ودفع الضر. ولهذا حينما قامت ولاية الوهابية قاموا بهدم القباب والمباني على الأضرحة والمقامات وبعثوا الدعاة إلى مناطق حكمهم ببيان أن التعلق بالقبور والأشجار والأحجار والأولياء بعد موتهم من الشرك بالله ومما يتنافى مع كلمة الإخلاص ووحدانية الله بالعبادة والتعظيم والإجلال وحصر النفع والضر والمنع والعطاء في الله وحده لا شريك له إلى أخر ما قام عليه هذا المعتقد من إنكار ولاية الأولياء وقدرتهم على ما ذكر.
والجواب عن هذا القول بالتسليم مع حمد الله وشكره والثناء عليه أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ولقد كانت نتيجة هذا الاعتقاد والعمل بمقتضاه نصر الله وتأييده لحكام المملكة فلقد أزالوا ما يتعارض مع حق الله على عباده وأقاموا وحدانية الله في التعظيم والإجلال وإخلاص العبادة له تعالى فأيدهم الله ونصرهم تحقيقًا للقاعدة الربانية ولينصرن الله من ينصره وتحقيقًا لوعد الله تعالى: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلهم من بعد خوفهم أمنًا». فلقد كانت ولايات آل سعود ولايات تمكين ونصر وتأييد وكانت أول ولاية لهم قبل احتضان الدعوة السلفية إمارة صغيرة تابعة ثم تحولت إلى دولة كبرى مساحة ومكنها الله دينها وأمنها وعقيدتها وهيأ لها الأمن والاستقرار والرخاء. وصارت بشهادة أهل العدل والنصف الدولة الإسلامية الأولى المؤهلة للصدارة الإسلامية استقامة والتزامًا وسلامة مسلك وعقيدة وامن جوار وصلابة في دين الله.
وأولياء الله في قبورهم فضلًا عن غيرهم هم في أمس ا لحاجة إلى نفع أنفسهم فقد انقطعت أعمالهم واتضح فقرهم وتحولت قوتهم إلى ضعف بعد موتهم قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ) لقد كانت بلادنا مرتعًا للبدع والمنكرات وكان امنها مضرب مثل للفوضى والظلم والعدوان، وكانت مناطقها ميادين نزاعات وحروب واضطرابات، فعوضها الله بسلامة العقيدة والأمن في الأوطان وثبات الولاية ووحدة الكلمة والأرض، وإخراج الأرض خزائنها، فالحمد لله ذي الفضل والمن والإحسان ولينصرن الله من ينصره.
خامسًا: ما يتعلق بالقضاء والقدر فعلماء المملكة وسط بين عقيدة المرجئة والقدرية فهم يؤمنون بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته فالعبد مقدر عليه ما يفعله ولكنه يجهل ذلك القدر ويتمتع بعقل يدرك الخير والشر ويدرك طريق الرشاد وطريق الغواية والضلال ويعرف مصير كل من الطريقين فريق في الجنة وفريق في السعير، وقد بين الله تعالى الطريق السوي لعباده فقال: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، ومعنى هديناه السبيل -والله اعلم- بينا له طريق الهدى وطريق الضلال فمن أحسن فلنسفه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد، فالله تعالى منزه عن الظلم حينما يعذب العصاة من عباده كما انه تعالى ذو الفضل والإحسان حينما يكرم عباده الصالحين وهذا هو معتقد علماء المملكة ممن يقال عنهم وهابيون، وفي القضاء والقدر فهم وسط بين المرجئة والقدرية في الإيمان بالقدر وهم والحمد لله من الأمة الوسطى التي جعلها الله شاهدة على الناس وجعل رسولها شاهدًا عليها.
سادسًا: قولهم بان علماء المملكة الوهابيين يعتمدون في مذهبهم في فروع الأحكام وإحكام العبادات على الشدة والحرج والتعسير على عباد الله في أمور دينهم ودنياهم.
والجواب عن هذا القول الفج العاري عن التحقق والتحري والتثبت الصادر من أدعياء العلم. أن علماء المملكة حنابلة في تمذهبهم الفقهي ومعلوم لدى علماء الشريعة وفقهائها أن المذهب الحنبلي من أوسع المذاهب الفقهية تيسيرًا فالأصل عند الحنابلة في المعاملات الإباحة انطلاقًا من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: انتم اعلم بشؤون دنياكم. ومن قاعدة البراءة الأصلية ومن مبدأ التيسير ورفع الحرج، والأصل في العبادات الحظر فالله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته فيجب أن تكون عبادة الله مبنية على شرعه وتشريعه، فمن جاء في الدين بما ليس منه فهو رد وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكررون ويؤكدون القول: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. فهذا هو منهج علماء المملكة ومن يوصفون على سبيل التنقص واللمز بالوهابية وهذا المنهج هو ما عليه سلفنا الصالح من أهل القرون الثلاثة المفضلة العبادات مبناها على التوقف وللوقوف عند نصوص التشريع وجوبًا واستحبابًا وإباحة وكراهة وتحريمًا والمعاملات مبناها على الإباحة ما لم يرد من النصوص الشرعية ما ينقل أصل الإباحة إلى الحظر.
وخلاصة القول أن وصف علماء السعودية بالوهابيين على سبيل الهمز واللمز والتنقص وعلى سبيل الافتراء عليهم في سوء المعتقد هو وصف أثيم فلا وهابية في بلادنا السعودية فجميع أهل السنة فيهم من علماء وعامة هم امة سلفية منهجها ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- وعليه أصحابه فهم لا ينتسبون إلى شيخ معين ولا إلى فرقة غير الفرقة الناجية. أئمتهم في التوجيه والاقتداء والتبصير والسلوك أهل التحقيق وسلامة الاعتقاد من كبار الصحابة والفقهاء السبعة والأئمة الأربعة وشيوخ الإسلام الشاطبي والعز بن عبدالسلام والطحاوي وابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن كثير ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم من أهل العلم والصلاح وسلامة الاعتقاد.
معتقدهم في الإيمان بالله توحيده سبحانه في أفعاله وفي أسمائه وصفاته وتوحيده سبحانه في أفعال عباده. ومحبتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محبة تقتضيها الشهادة بأنه رسول الله وصفيه من خلقه أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة وتركها على المحجة البيضاء والترضي عن أصحاب رسول الله أجمعين. والبعد عن تكفير المسلمين إلا من أشرك بالله وكفر، وان أهل المعاصي ما عدا الشرك بالله لا يخرجون بمعاصيهم عن ملة الإسلام. ومذهبهم في فروع الشريعة مذهب الإمام أحمد وهم وسط بين أهل الإفراط والتفريد في أسماء الله وصفاته وفي القضاء والقدر، تجمل معتقدهم رسالة شيخ الإسلام بن تيمية العقيدة الوسطية.
فشكر الله لسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز ما كتبه عن الوهابية، وأنها وهم من أوهام أعداء الله ورسوله يراد به تنقص علماء السعودية زورًا وبهتانًا، وقد سبقه في إنكار هذا الوصف الملك فهد -رحمه الله- فقد كان منه في وسائل إعلامنا مثل ما كان من أخيه سلمان بن عبدالعزيز، وتابع في إنكار ذلك قادتنا الكرام وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ونائباه الأمير سلطان والأمير نايف، فجزاهم الله خيرًا، والحمد لله رب العالمين والله المستعان.
* مستشار الديوان الملكي، عضو هيئة كبار العلماء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.