كيف للانسان ان ينسى انه مخلوق ضعيف على هذه الكوكبة الالهية التي من صنع الخالق سبحانه وتعالى، وانه لا حول له ولا قوة الا بالله عندما يتأمل الانسان في ملكوت السماوات والارض وما فيهما وما بينهما يجد نفسه مخلوقًا ضعيفًا، ولكن الله سبحانه وتعالى اكرمه بنعمة العقل وميزه عن سائر المخلوقات. فكيف للانسان ان يتناسى هذه النعمة ويقابلها بالجحود والنكران وتكبر نظرته بنفسه بما لديه من حفنة من حطام الدنيا ويصبح إنسانًا مغرورًا بنفسه كيف لا تعتليه القناعة والرضا بما قسمه الله له من الرزق الحلال. أليس العقل ميزان الانسان يحكم به جميع جوارحه ويرى ان وجوده في هذه الحياة الزائلة من اجل عبادة الله وعدم الاشراك به فلا يبدي عجزه وضعفه وفقره الا لله وانه العبد الفقير الى الله؟ ولكن الانسان دائمًا جشع يجري خلف ملذات الدنيا فكم يتمنى ان يشتري سنوات من الحياة ليضيفها الى عمره حتى لو كلفه ذلك كامل ثروته، وهذا من المستحيلات حيث ان عمر الانسان محدود لا يعلمه الا الله عز وجل، فالقوة والمال والجاه ما هي الا مواقف ومحطات يمر بها الانسان ويقف عند كل منها فترة قصيرة من الزمن، فالبعض يطيب له المقام في محطات الصحة والبعض الاخر يهنأ بالمال ويعجبه ويغتر به حتى انه يسكن عند محطات المال والبعض الآخر من يرتاح في محطة الجاه، وكل انسان يتمنى ان يجمع الثلاث محطات في مكان واحد ويقيم عندها مدى الحياة، وهذا لن يتحقق له مهما كان لأن الله جعل الايام متداولة بين الناس يوم لك ويوم عليك، فالامر بيد الله جل في علاه، فما على الانسان في هذه الحياة الدنيا إلا أن يلتزم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من صحته لمرضه ومن غناه لفقره ومن شبابه لهرمه. فالانسان يأخذ من محطة الصحة ما يكفيه للحصول على الغنى ويأخذ من الغنى ما يكفيه للحصول على الجاه، ولا يحاول المستحيل، فالانسان خلقه الله ضعيفًا لا يشكو ضعفه الا لخالقه سبحانه وتعالى. فالغنى ما هو الا غنى النفس، فالعظة والعبرة شيء مطلوب من كل انسان فهنيئًا لمن اعتبر واتعظ بالصالحين الذين غادروا هذه الحياة الدنيا ولم يأخذوا منها شيئًا سوى ما قدموه من عمل صالح، لا تعجبك ملذات الدنيا وزخرفتها وتجري خلفها فخير الامور اوسطها فالقناعة كنز لا يفنى. سعد الحارثي - جدة