جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    1.6 ألف ترخيص ترفيهي بالربع الأول    الطاقة النظيفة مجال جديد للتعاون مع أمريكا    السعودية والأمريكية    «الأقنعة السوداء»    العيسى والحسني يحتفلان بزواج أدهم    احذر أن ينكسر قلبك    5 مخاطر صحية لمكملات البروتين    تقنية تخترق أفكار الناس وتكشفها بدقة عالية !    إلتقاء سفيرة خادم الحرمين الشريفين بطلبة المنتخب السعودي في آيسف.    فتياتنا من ذهب    حلول سعودية في قمة التحديات    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    ولي العهد يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن والرئيس السوري    هتان السيف.. تكتب التاريخ في الفنون القتالية    مستقبل الحقبة الخضراء    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    الدراسة في زمن الحرب    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    التعليم في المملكة.. اختصار الزمن    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        76 مليون نازح في نهاية 2023    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    حراك شامل    فوائد صحية للفلفل الأسود    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    خطر الوجود الغربي    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أثقل الناس    تحولات التعليم.. ما الذي يتطلب الأمر فعله ؟    لماذا يجب تجريم خطاب كراهية النساء ؟    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    بتوجيه ولي العهد.. مراعاة أوقات الصلوات في جدولة المباريات    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    النفط يرتفع والذهب يلمع    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    بمشاركة السعودية.. «الحياد الصفري للمنتجين»: ملتزمون بالتحول العادل في الطاقة    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    صفُّ الواهمين    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    سقيا الحاج    السفير الإيراني يزور «الرياض»    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقفون ومثقفات: غياب نشاطات الأندية الأدبية في الصيف.. قرار سنوي مرفوض.. ولا مبررات له
نشر في المدينة يوم 28 - 06 - 2011

مع قدوم موسم الصيف يتجدّد السؤال السنوي المتكرّر: لماذا تتوقّف أنشطة الأندية الأدبية في كل عام في هذا الموسم؟.. ومن هذا السؤال تتفرّع تساؤلات عديدة لعل في مقدمتها: لماذا لا تكون هناك برامج ثقافية أدبية تقدمها هذه الأندية للجمهور في هذه الفترة التي يعيشها أناس كثيرون في أوقات غالبيتها خالية من الحضور الثقافي أو حتى الاجتماعي فتكون برامج الأندية الأدبية -لو أقيمت- فرصة جيدة لحضورهم وتواجدهم؟.. ثم ما هو البديل أثناء غياب فعاليات الأندية الأدبية، وهل توجد هناك جهات أخرى يمكن أن تسد دور الفراغ الذي تعلنه الأندية الأدبية بحجج كثيرة كالسفر والارتباطات العائلية.. إلخ من مبرات غير مقنعة..
«الأربعاء» طرح هذا السؤال وفروعه حول «البيات الصيفي» الذي تعيشه الأندية الأدبية في كل عام، على عدد من المثقفين، وأيضًا على بعض مسؤولي الأندية الأدبية، فكان الاستطلاع التالي..
رصانة «القيادة الثقافية»!
في البداية أشاد القاص أحمد بن علي الشدوي بطرح مثل هذا الموضوع الجميل لأنه قد سبق الحديث عنه دون جدوى سواء مباشرة أو أثناء الحديث في مواضيع مشابهة، وقال: إن الحديث عن الفعاليات الصيفية لا تنطبق آلياتها مع طبيعة ديناميكيات العمل في الأندية حسب معتقد المهتمين فيها، فهم لا زالوا يرون أن الانتقال للعمل الثقافي لأماكن التجمعات الشبابية لا يتواءم و(رصانة) القيادة الثقافية، وأنا لا أفهم هذا التوجّه ولا مبرراته، وحتى لو نفى ذلك المعنيون فهم يمارسونه عمليًا، أنا لا أفهم أيضًا لماذا لا تقوم لجان التنشيط السياحي بحثّهم على المشاركة في أنشطتهم الصيفية والتي نراها جيدة، أظن أن الأندية لا تستطيع تقديم شيء له معنى في الصيف طالما أن برامجهم مقولبة بشكل شبه جامد، ونحن بحاجة إلى أفكار قادرة على الممارسة الخلاقة، وأنا شخصيًا لا أملك برامج من هذا النوع لكني أفهم أن هناك من يستطيع إحداثها ويجب أن تتاح له الفرصة، وأرى أنه من المهم القيام بذلك ليس فقط من أجل ملء الفراغ بل من أجل حثّ الناس على التفاعل مع الحراك الثقافي والأدبي وهذه فرصة لا تقوم الأندية الأدبية باستثمارها، وللحق فقد رأيت في النادي الأدبي بالباحة شيئًا من ذلك في صيف العام الماضي وهو جهد يشكرون عليه.
السفر وحفلات الزواج
ويقول القاص فهد الخليوي: تضاؤل الفعاليات الأدبية والثقافية في المملكة أثناء إجازة الصيف يعود باعتقادي لعدة أسباب منها: أن بعض الناس وهم أكثرية يفضّلون قضاء العطلة الصيفية خارج المملكة، وبعضهم الآخر مرتبط بحضور مناسبات اجتماعية تقام بكثرة في أوقات العطلة الصيفية وعلى رأسها حفلات الزواج التي تبدأ من بعد صلاة العشاء حتى منتصف الليل طوال الأسبوع، وهو نفس الوقت المقرر لإقامة الندوات الثقافية والأمسيات المختلفة عادة في الأندية الأدبية، ولذلك فإنه في ظل هذه الظروف لا تستطيع الأندية برأيي تكثيف أنشطتها التي تكلفها الكثير من الجهد والمال وبالتالي تصبح النتيجة هي فراغ الصالة من الجمهور.
حراك يتألق ويضمحل
ويرى الكاتب والمخرج المسرحي عبدالرحمن مسفر محمد الغامدي أن الأندية الأدبية تتأرجح أنشطتها الثقافية في فترة الصيف، وقال: لاشك أن الحراك الثقافي في الأندية الأدبية تارةً يتألق وتارةً يضمحل! وهناك في وجهة نظري عدة أسباب منها: عدم وجود قاعدة ثقافية مبرمجة على جميع فصول السنة، والكثير من الطبقة المثقفة تنتظر الإجازة الصيفية بفارغ الصبر للذهاب مع أفراد العائلة في رحلة سياحية داخل المناطق السياحية بالمملكة أو حتى في الخارج لارتباط الأسر مع أبنائها الطلاب وكون الإجازة فرصة للترفيه عن النفس بعد الجهد الكبير من الآباء والأبناء تجاه شبح الاختبارات!. وابتعاد الكثير من الشباب من ارتياد الأندية الأدبية لعدم وجود برامج في مستواهم تلبي رغباتهم وطموحاتهم، وهناك الروتين الدائم في برامج الأندية والمقتصرة على إقامة المحاضرات والندوات!، وعدم وجود تحفيز من الآباء للأبناء للتواصل مع الأندية الأدبية، ولذلك فإنه لكي تستطيع الأندية الأدبية جذب جماهيرها بمختلف الشرائح الاجتماعية يجب عليها وضع برامج منوعة تناسب الرجل والمرأة والشباب وكافة الأعمار وتكون برامج مشوّقة متجدّدة تناسب كل الفئات السابقة، كما هناك حاجة إلى تكثيف النواحي الإعلامية فغالبًا الأندية الأدبية مغيّبة إعلاميًا وهذا له دور سلبي في عدم وصول رسالتها للمجتمع، كما أن التجديد والتغيير في طاقم إدارة الأندية الأدبية وتطعيمها بالشباب كل أربع سنوات لضخ دماء جديدة متعطشة للثقافة عامل مهم فمعظم الأندية طاقمها الإداري والفني لم يحدث له تغيير أو تجديد من عشرات السنين فماذا ينتظر منه الجمهور المتعطش للثقافة، ورغم أن ميزانية الأندية قفزت من مليون ريال في العام إلى عشرة ملايين في العام الواحد لكن لا تجديد ولا تغيير ولا تطوير ولا تشويق.. مكانك سر!.
ويقدم الغامدي اقتراحاته، وهي: إيجاد ورش عمل ببطاقات عضوية للانضمام بالأندية الأدبية على ثلاث فئات الأولى ورش أدبية تهتم بمن هم في سن التعليم العام، والثانية ورش أدبية تهتم بمن هم في سن التعليم الجامعي والثالثة ورش أدبية تطوّر وتنمي الإبداعات الثقافية لدى الطبقة المثقفة، وأيضًا ضرورة ربط الأندية الأدبية بالمملكة بحواسيب آلية للتواصل الثقافي وتبادل الخبرات والمعارف والعلوم.
السؤال السنوي
وباختصار شديد يقول الكاتب والإعلامي أحمد عايل فقيهي: يبدو أن كل المعنيين بالثقافه يهربون منها في الإجازة.. واسألوا الأندية الأدبية عن هذا السؤال السنوي؟!.
أسباب ثلاثة
ويقول الشاعر حامد الغامدي: في الحقيقة أنا أستغرب ذلك لأني أرى فترة الصيف هي الفترة الذهبية للأنشطة الأدبية والفعاليات الثقافية، وأما أسباب توقّف هذه الأنشطة الأدبية في هذه الفترة فالقائمون عليها هم المخولون بالإجابة عن هذا الاستفسار، مع أني أتوقع أن لا تخرج الأسباب عن أسباب زمانية ومكانية ومادية، فالزمانية تتمثّل في أن هؤلاء القائمين على الأندية يريدون الاستمتاع بقضاء الإجازة لا سيما وهم مرتبطون بأعمال أخرى ومن هنا جاءت المطالبات بالخصخصة التي قد تكون مخرجًا لمحبي الأدب ومتذوقيه ومتابعيه من هذا الإشكال، وأما المكانية فأكثر الأندية تقيم أنشطتها الثقافية وبعض الأمسيات الكبيرة خارج النادي نظرًا لعدم استيعاب قاعة النادي فأنَّى لهذه القاعات أن تستوعب أعداد المرتادين في فترة الصيف؟ وأما المادية فمن وجهة نظري أن ميزانية النوادي الأدبية لا تستطيع أن تغطي التجهيزات والمتطلبات الكبيرة في فترة الصيف الحيوية، ولعل هناك أسباب أخرى جوهرية ونظام تسير عليه هذه الخطط الزمنية ولكن من حق الجميع المطالبة بالاستمرارية طوال العام.
استفتاءات واستبانات
الكاتب المسرحي ناصر العُمري يرى أنه لا يوجد هناك توقف بشكل كامل لكن هناك قلّة في البرامج المنفّذة صيفًا وذاك أمر طبيعي جدًا، خصوصًا وأن هذه الفترة من العام هي فترة السفر والارتباطات العائلية والاجتماعية وهذه الأوضاع تُلقي بظلالها على الحركة الثقافية والأدبية، وأما عن لماذا لا تكون هناك فعاليات ثقافية تتناسب مع الفترة الصيفية وتناسب الشباب فهذا السؤال يجب أن يُوجه لمنسوبي تلك الجهات الراعية للثقافة، وقبل هذا يجب أن نتساءل لماذا لا تؤخذ وجهة نظر هؤلاء الشباب الباحثين عن ملء احتياجاتهم الثقافية، وماذا يريدون من برامج؟ وما هي اهتماماتهم عبر مختلف الوسائط؟ فالمفترض أن لا تمل كل الجهات من طرح الاستفتاءات والاستبانات، فهذا الأسلوب كفيل بحدوث التغيير؛ ولذا أعتقد أن الحل يأتي عبر هذا الفعل، فالجهات الراعية للثقافة لو توجهت للجمهور والمتلقي وطرحت الاستفتاءات والاستبانات عن الخدمة ونوعها، ومدى رضاهم عنها؛ لتغيّر الحال ولأصبحنا نشهد حراكًا منبثقًا عن رؤية شمولية.
استثمار الإجازة
وتقول الإعلامية والشاعرة ميسون أبوبكر: على الأندية الأدبية أن تستثمر فترة الإجازة الصيفية في عمل أنشطة متاحة لفئة الشباب بشكل خاص، حيث إنه ليس كل العائلات أو الشباب يتاح لهم السفر خارج المملكة، ورغم سفر المسؤولين في النادي إلا أنه يمكن تشكيل لجنة خاصة للإشراف على الفعاليات، وممكن رعاية مواهب الصغار كالإلقاء والخطابة والشعر وغيرها بالإضافة لإقامة ندوات وأمسيات شعرية وحوارات مفتوحة.
محاضرات أكاديمية
ويقول القاص صلاح القرشي: الحقيقة أن أنشطة الأندية الأدبية تكاد تكون بعيدة عن الشباب سواء في الصيف أو الشتاء، وما يتوفر من أنشطة فهي أنشطة لا تلائم الشباب لأنها في الغالب أنشطة أشبه بالمحاضرات الأكاديمية الجافة والبعيدة عن روح الشباب وعنفوانهم، وأما عن وقف النشاط في الفترة الصيفية فلا أجد له مبررًا سوى أن أعضاء النادي غير متفرغين لهذه الأنشطة فهم مشغولون بالاجازة الصيفية، وما يرافقها عادةً من سفر داخلي أو خارجي، لكن وحتى نكون موضوعين لا يمكن أن تتحمل الأندية وحدها هذه الفراغ الثقافي الذي يعانيه الشباب، ولنفكر مثلًا في عدم وجود مسرح.. عدم وجود مهرجانات سينما يتم من خلالها عرض أفلام سينمائية منتقاة وملائمة وذات مستوى متميز شكلًا ومضمونًا، إذن المسألة في نظري المتواضع أكبر من قدرات الأندية التي هي في الاساس لم تقدم شيئًا يذكر في الشتاء حتى نطالبها بتقديم شيء في الصيف.
استيعاب الشباب
وتشارك الناشطة الاجتماعية مريم خضر الزهراني في هذا الموضوع بقولها: بالنسبة للأندية الأدبية قد ينظر البعض على أنها مقتصرة على فئة معينة من المجتمع هم فئة المثقفين والكتّاب والشعراء ولا ينتمي إليها عامة المستويات؛ ولذلك تجدها تدخل في «بيات صيفي»، أو أن بعض أفراد المجتمع من الشباب يعتقد أنهم لا يجدون من يشجعهم على الانخراط في الأندية الأدبية ولو فكروا في ذلك يكون ارتباطهم إلزامًا لحضورهم كل الفعاليات التي يرغبونها أو لا يرغبونها أو قد تعوقهم في التحصيل الدراسي أو الوظيفي، ومن جهة أخرى فربما أن السبب في هذا البيات هو أن أعضاء الأندية الأدبية يجدون في فصل الصيف راحة لأذهانهم من تنظيم نشاط يحتاج إلى مجهود ووقت ولذلك يلتزمون الهدوء والسكون في هذه الفترة أو إنهم قد يظنون أنه لن يكون هناك حضور من افراد المجتمع للفعاليات، ولذلك فإن الأندية الأدبية تحتاج إلى تنشيط لدورتها السنوية وفي نظري لا بد من زيادة النشاط وتكثيفه في فصل الصيف لكسب نشاط الطلاب وتشجيع البراعم والمواهب الشبابية التي لديها القدرة على العطاء والتطوير، وهنا نحتاج الى زيادة في تثقيف الشباب بما تقدمه الأندية الأدبية لهم واستيعاب أكبر عدد من الشباب ووضع خطط صيفية قبل نهاية الفصل الدراسي حتى يتمكن الجميع من المشاركة وبخاصةً الشباب الموهوب والمبدع في مجال الثقافة بأنواعها الشعر أو الكتابة أو النقد أو المسرح أو التمثيل أو الفنون التشكيلية والخطابة... إلخ.
الروتين الممل
ويقول الكاتب والإعلامي فواز المالحي: هذا التوقّف مؤشر خطير وربما يتسبب به جهات مختلفة، ولكن ما يستنتج هو انشغال المثقفين من الجبهة الشعرية بالأمسيات والمناسبات المادية التي ربما تُعجز مخصصات الأندية الأدبية، وربما أيضًا انشغال المتابعين لبرامج الأندية الأدبية طوال العام فيحتاجون إلى فترة استراخاء والخروج عن الأنشطة الأدبية، وأما عن إيجاد فعاليات ثقافية تناسب الشباب في الفترة الصيفية فأرى أن الأندية الأدبية اعتادت على الروتين الممل في الطرح ونفَّرت الشباب والشابات عنها والسبب يعود إلى البرامج التقليدية والطاولة المستطيلة والضيوف الاثنين ويتوسطهم عريف الأمسية!، فليس فيها أي معاصر أو إدخال طقوس جديدة وتوظيف قوالب شبابية وسينمائية للفعاليات الأدبية مع الأسف والدليل على ذلك ما يحدث في مسارح الأندية الأدبية والفقر في الحضور.
التغيير الإيجابي
صالح سعيد الهنيدي مؤسس شبكة المرافئ الثقافية له رأي آخر فيقول: ليست الإشكالية في البيات الصيفي بقدر ما هي إشكالية البيات السنوي، فهناك بعض الأندية ليست لها نشاطات توازي اهتمامات المثقفين، ويعود هذا إلى التقليدية المفرطة التي تدار بها بعض الأندية، ولكن للحق فهناك بعض المناشط الفاعلة في بعض الأندية والتي تضفي شيئًًا من التغيير وتحريك دماء الثقافة في بعض المناطق، وأعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من القصور في هذا الجانب، فمتى ما أصبح الحضور في تلك المناشط الثقاقية يفوق المئة فهناك نستطيع الحُكم على النادي الأدبي بالنجاح، لأن مساهمة أفراد المجتمع بكافة شرائحه في أنشطة النادي دليل على توفّر عنصر التشويق للثقافة وهذا ما نفتقده كثيرًا في الوقت الحاضر، وليس من الصواب أن الأنشطة في الأندية الأدبية تتجه نحو النخبة، وتتجاهل شريحة كبيرة من المجتمع بحجة نخبوية الثقافة، والصحيح هو أن تتجه الأندية الأدبية وتتغلغل في لُحمة المجتمع حتى تكون قادرة على التغيير الإيجابي المنوط بها كمؤسسات مجتمع مدني فاضل.

الطامي: في الأيام العادية لا نجد جمهوراً فما بالكم في الصيف؟!
الدكتور أحمد الطامي رئيس نادي القصيم الأدبي:
قلة الأنشطة الصيفية وأقصد الأنشطة الثقافية في الأندية الأدبية يعود للأسباب التالية: أولاً لأن وقت الصيف هو وقت سفر الناس وانشغالهم بقضاء الإجازة وقضاء وقت الفراغ بالتسلية والترفيه، وقد تكون الأنشطة الجادة التي تقدمها الأندية الأدبية غير قادرة على جذب الناس أولا:لكونها جادة والناس في الإجازة تستريح من عناء العام الدراسي، لذا يحاول النادي عدم تقديم أنشطة لن تجد حضورًا وتفاعلاً من الجمهور، ثانياً: المهرجانات الصيفية التي تقدمها أمانات وبلديات المناطق سحبت البساط من أي نشاط آخر، فهذه الأنشطة الترفيهية التي تشغل أكثر من ثلثي الإجازة لن تترك للنادي متّسعاً من الوقت لتقديم أنشطته في إجازة الصيف وهي تجتذب شريحة كبيرة من أفراد المجتمع، وثالثاً: حاول نادي القصيم في السنة الماضية تقديم نشاط صيفي ثقافي ولكن قلة الحضور والتفاعل دفع النادي إلى عدم تكرار التجربة، ورابعاً: أيضا من خلال تجربة العام الماضي وجدنا صعوبة في الاتصال بالضيوف والمحاضرين لانشغالهم بإجازاتهم الخاصة خامساً: حاول النادي أيضًا في السنوات الماضية تقديم نشاط ثقافي في سياق المهرجانات الصيفية ولكن كان الحضور مخجلاً ولذا رأى النادي أن لا يحرج نفسه مع بعض الضيوف الذين قد لا يجدون جمهوراً يسمعهم، و يضاف إلى كل ذلك أن الأندية الأدبية عموما تعاني من قلة الحضور في الموسم الثقافي العادي أثناء العام الدراسي فما بالك بالعطلة الصيفية وهذا ما أثبتته تجربة نادي القصيم الأدبي في مواسم الصيف الماضية.
الزهراني: لسنا معنيين بالشباب.. وأولئك «البعض» لماذا أردّ عليهم؟!
رئيس النادي الأدبي بالباحة حسن محمد الزهراني رئيس النادي الأدبي بالباحة:
ليست كل الأندية يتوقف نشاطها في الصيف، هناك أندية ربما تجبرها الأجواء على تقليص نشاطاتها أو التوقف تمامًا، أما بقية الأندية وخصوصًا أندية المصائف فهي في هذه الفترة تكون في أوج نشاطها وحركتها الدائبة وتنوّع نشاطاتها، ودعني أتحدث عما أعرف في هده النقطة ففي نادي الباحة خصّصنا جدولاً متكاملاً سُلم للجهات المهتمة بالتنشيط السياحي في المنطقة وهذا الجدول يشتمل أكثر من 12 نشاطاً خلال شهر ونصف حيث يكون في كل أسبوع نشاطين على الأقل وربما أكثر وهذه النشاطات شاملة النواحي الثقافية وملبّية لرغبات كافة الأعمار والأطياف، أما تلبية احتياجات الشباب فليست محصورة على الأندية الأدبية وليس كل ما يُطرح في الأندية يلبي كل احتياجاتهم، لأن الشباب الآن لديه قنوات كثيرة ومتنوعة تساهم في تلبية احتياجاته والأندية معنية بجزء من احتياجات الشباب كقناة من هذه القنوات التي ذكرت وكثيرًا ما يأخذ بعض المهتمين بأمر الشباب الحماس ويلقي باللائمة كلها على الأندية وكأنه مازال يعيش في قرون مضت ولا يرى شباب هذا العصر ولا يرى ما طرأ على هذا العصر من تغيير في شتى مناحي الحياة، أما كيف أرد على من يرى بأن الأنشطة روتينية وضعيفة فلماذا أرد عليهم؟! نحن نرد على من جاء بحجّة وتحدث بوعي وأتى بقرائن واضحة، أما من ينتقد لمجرد الانتقاد فلا يهمنا إن ثقافة الانتقاد من مبدأ خالف تعرف أضحت الثقافة البائسة التي انتشرت في الفترة الأخيرة بشكل ملموس لأن أصحابها مازالوا يعشون في زمن بائد عندما كان من ينتقد ويخالف يُعتبر إنسانًا مختلفًا وإنسانًا واعيًا، أما لآن فقد اتضحت الأمور فإذا كان لديك انتقاد أو أي مخالفة لرأي فيجب أن تأتي بما هو أفضل وتطرح ما هو أجمل وأما الكلام الخاوي والببغاوية المنتشرة بين بعض أدعياء الثقافة الآن فهي في الحقيقة تفضح أصحابها وهم لا يعلمون لأن المجتمع بوعيه يدرك هذه الحقيقة ويسخر من أصحابها ولا يعيرهم اهتماماً.
ودعني أذكّر كل من يقرأ هذا الكلام هنا بمن كانوا خارج الأندية لا تسمع إلا نحيبهم على ما وصلت إليه الثقافة في وطننا بسبب ضعف ما تقدمه الأندية ولا تخلو صفحاتنا الثقافية من آرائهم ومقترحاتهم وهجومهم حتى على الوزارة وعندما وصلوا إلى الأندية أعضاءً أصابهم الخُرس ولم نعد نقرأ لهم في هذا المجال حرفًا واحدًا، ولن يكون أصاب هذا الصحب المصطنع في ساحتنا الثقافي الآن أحسن حالًا من سابقيهم وكل أملنا في الصامتين الذين يحملون لهذا الوطن صدق انتماء وللثقافة عشق حقيقي يواصل المسيرة يسمو بها إلى ما نطمح إليه.
والشمراني يعترف: العقلية التي تدار بها الأندية لاتزال قابعة في أحقاب القرن الماضي
حسن محمد الشمراني عضو نادي الرياض الأدبي:
الأندية الادبية من وجهة نظري لاتزال تمارس مهامها وكأنها دوائر حكومية رسمية، فما أن يحل فصل الصيف أو يحل شهر رمضان إلا وتراها قد أصابها الخمول بسبب انصراف أغلب منسوبيها إلى الاهتمام بقضاء الإجازة الصيفية والسفر، ولعل توقف أنشطة هذه الأندية يعود إلى العزوف الكبير من قبل الجمهور عن حضور الفعاليات المقامة بها خلال الأيام المعتادة من السنة فما بالك في فصل الصيف، وأصبح هذا العزوف هو الشماعة التي تعلق عليها الاندية أسباب توقف أنشطتها مع أن أغلب أسباب هذا العزوف تعود في حقيقتها إلى ضعف الأندية الأدبية نفسها في اجتذاب الجمهور.
وأما لماذا لا تكون هناك فعاليات ثقافية تتناسب مع الفترة الصيفية ففي حقيقة الأمر لاتزال أندينتا غائبة تماماً عن اهتمامات الشباب ومحاولة اجتذابهم إلى أنشطتها وفعالياتها تكاد تكون معدومة تماماً، فالاندية بحاجة إلى أجهزة علاقات عامة نشيطة وفعالة تتواصل مع وسائل الإعلام وتنقل صورة جميلة للنادي التابعة له وتحرص كل الحرص على اختيار الضيوف والقضايا التي تلامس هموم الشباب وتناقشها بشكل يتواكب مع روح العصر، ولكن مايحدث حالياً هو العكس تماماً فالمحاضرات والفعاليات تقام في الأندية ولايسمع عنها الجمهور إلا بعد إقامتها بفترة طويلة وربما لايسمع عنها شيئاً نظراً لإنعدام دور العلاقات العامة في الأندية الأدبية، ولذا فمن المفترض أن يكون هناك إعلانات وبروشورات لكل نشاط ثقافي يتم في النادي ويُعلن عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكن يبدو أن العقلية التي تدار بها الأندية لاتزال قابعة في أحقاب الستينات والخمسينات من القرن الماضي أو أن الميزانيات المالية للأندية لاتسمح بمثل هذه الأعمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.