ورحل رمز من رموز قرية الوهدة

الحمد لله المنفرد بالبقاء، الواحد الأحد، الفرد الصمد، ذي العزة والستر، لا ند له فيُبارى، ولا شريك فيُدارى، كتب الفناء على أهل هذه الدار، وجعل عقبى الذين اتقوا وصبروا الجنة، قدّر مقادير الخلايق وأرزاقها، وخلق الموت والحياة أيّهم أحسن عملاً، قال الله تعالى: (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). مضى عام على رحيل الشيخ علي عبادي الزهراني، إذ كان رحيله في يوم الخميس 1/5/1431ه، وما أشبه اليوم بالبارحة، حيث وافته المنية فجأة، كافح فأنتج، تعب ولا ندم، ربّى فأحسن التربية، خلفه أولاد وبنات صالحون -إن شاء الله- فقدنا رمز العطاء والسخاء، يسأل عن البعيد قبل القريب، كان لا يألو جهدًا في إسعاد مَن حوله، إن الصدمة أقوى من الاحتمال لولا الاستغفار والرجوع إلى الله، الذي أوجد الابتلاء ليمتحن صبرنا ورضانا بقضائه وقدره، عزاؤنا فيك أبا عبدالله أنك غادرت أرض الفناء إلى أرض البقاء، بروحك الطاهرة التي سمت معك -بإذن الله- إلى جنات الخلد، فقد كانت خصالك حميدة، ونفسك أبية، وأخلاقك نبيلة، وروحك زكية، ودواخلك -إن شاء الله- بريئة، وأعمالك سخية، وخشيتك من ربك كبيرة، وحياؤك وحسن أدبك سجية، ومحبتك عند الناس عظيمة، ومشوار حياتك الطويل غنيمة، كنت تقي القلب والسريرة، طلعتك بهية مثل قمر ساطع بين النجوم والكواكب، معروف بسماحة خلقك، وجميلاً كاسمك، كنت شمعة دائمة لا تنطفئ لولا قدر الله الذي إذا جاء لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فرحيلك أبا فؤاد جاء فجأة، والفاجعة أبكت مآقينا، وفي رحيلك أبا زياد جرح يبقى ما بقي الدهر، وفي رحيلك أبا وسيم ليس لنا سوى أن نحتسب الله فيه، وعيوننا تذرف الدمع السخيّ، قال الشاعر:
إذا ما دعونا الصبر بعدك والبكاء
أجاب البكاء طوعًا ولم يجب الصبر
فإن ينقطع منك الرجاء فإنه سيبقى
على الحزن ما بقي الدهر عليك
اللهم أقل العثرة، واغفر الزلة، وجُد بحلمك على مَن يرجوك ولا يرجو أحدًا سواك، اللهم أحسن إلى فقيدنا الراحل مثل ما أحسن هو في دنياه، وزده خيرًا ونورًا كما فعل بأهله وبالناس أجمعين، اللهم اغفر له ما تقدّم من ذنبه، اللهم أدخله مع الصديقين والشهداء، وألهمنا وأهله وذويه الصبر والسلوان، وأدخل السكينة والطمأنينة في قلوبنا ولأهله وأولاده وبناته ومحبيه، واجعلنا واجعلهم داعين له بالمغفرة وحسن الثواب، وألهم الجميع الصبر والسلوان يا رب العالمين. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
سراج عبدالله الزهراني - جدة