مطار "المؤسس" الأكثر تطورًا بالشرق الأوسط    رابطة روشن تعلن عن إقامة حفل تتويج للهلال    رفع كسوة الكعبة استعداداً لموسم الحج    محافظ الخرج يُكرم شركة "لمسات احترافية" لجهودها في تنظيم الفعاليات الوطنية والمحلية    "مايكروسوفت" تترجم مقاطع الفيديو وتدبلجها    محمية الملك سلمان.. أول موقع رئيسي للتنوع البيولوجي    فرص تمويل واستثمار ب"كان" من الصندوق الثقافي    "سدايا": حريصون على المعايير الأخلاقية بالذكاء الاصطناعي    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 49 من طلاب مدارس الرياض    عدم السماح بدخول مدينة مكة أو البقاء فيها لمن يحمل تأشيرة زيارة    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    أزمة بين «سكارليت» و«شات جي بي تي» والسبب.. تشابه الأصوات    الخطيب: السعودية في المركز الثاني كأسرع الوجهات السياحية نمواً بالعالم    «صراع الهبوط» يصطدم بالكبار    تخريج 700 مجند من دورة «الفرد»    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    أمير تبوك يكرِّم الطلاب والطالبات الحاصلين على المراكز الأولى في المسابقات    مغني الراب.. راح ضحية استعراض مسدسه    منصور بن متعب وفيصل بن فرحان ينقلان تعازي القيادة في وفاة الرئيس الإيراني    جنة الأطفال منازلهم    العمر.. والأمل    علم النفس المراحل العمرية    لا فيك ولا في الحديد    تنمُّر التواصل الاجتماعي.. قصة كارسون !    وصول ركاب الخطوط السنغافورية بسلام بعد رحلة جنونية    الأمير منصور بن متعب ووزير الخارجية ينقلان تعازي القيادة في وفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية ومرافقيهما    لقاء علمي يستعرض تجربة بدر بن عبدالمحسن    خبراء يناقشون تجربة «أوبرا زرقاء اليمامة»    هيئة المتاحف تنظم المؤتمر الدولي للتعليم والابتكار    فواز.. أكتب له ويكتب لي    مهرجان الورد ونباتات الزينة بالدلم يستمر إلى مساء السبت القادم    رحلة في العلاقات السعودية الأمريكية.. من المُؤسس إلى المُجدد    القبض على أربعة مروجين للمخدرات    "الصحة": اشتراط ثلاثة لقاحات لأداء فريضة الحج    حاتم جمجوم يتلقى التعازي من الأمراء والمسؤولين في حرمه    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    أتالانتا الإيطالي "يقسو" على باير ليفركوزن الألماني.. ويفوز بلقب الدوري الأوروبي    السبت الكبير.. يوم النهائيات الخمسة.. العين يطمح للقب الآسيوي.. والأهلي لتأكيد زعامته للقارة السمراء    ثلاثي روشن يدعمون منتخب البحارة و رونالدو: فخور بتواجدي مع البرتغال في يورو 2024    البرتغالي جوزيه مورينيو في ضيافة القادسية    واتساب يتيح قفل المحادثات على الأجهزة المتصلة    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    د. خوقير يجمع رجال الإعلام والمال.. «جمعة الجيران» تستعرض تحديات الصحافة الورقية    229 مشروعاً تنموياً للبرنامج السعودي في اليمن    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله التركي    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الأمير سعود بن مشعل ترأس الاجتماع.. «الحج المركزية» تستعرض الخطط التشغيلية    تسهيلات تمويلية لرواد الأعمال    الأمن الغذائي    "أبرار" تروي تحديات تجربتها ومشوار الكتابة الأدبية    استشاري: حج الحوامل يتوقف على قرار الطبيب    جناح الذبابة يعالج عيوب خلقية بشرية    محافظ القطيف يلتقي مدير أحوال الشرقية    تخريج دفعة من مجندات معهد التدريب النسوي    اعتراف جديد بدولة فلسطين يشكل ضربة ثانية لسمعة إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكمل الدين إحسان: الشجب والاستنكار والإدانة جزء لا يتجزأ من عمل المنظمة ..!!
نشر في المدينة يوم 04 - 03 - 2011

طرح ملحق " الرسالة" في عدده 17467 بتاريخ 15/3/ 1432ه 18/2/ 2011م ملفًا حول أهميّة منظمة المؤتمر الإسلاميّ ودروها المناط بها، وما قدمته خلال الفترة السابقة، وما هي الأدوار التي لعبتها في الجوانب المتعدّدة التي تعدّ من أبرز الأسباب التي دعت إلى قيامها، وشاركنا في مناقشة ( المنجز) نجاحا أم إخفاقا الذي قدمته المنظمة خلال الفترة السابقة؛ وعطفاً على ذلك حاولنا جمع أبرز الآراء محل ( السؤال) حول ذلك المنجز إيجاباً أو سلباً، ومن ثمّ صياغتها في عدة محاور وتساؤلات وطرحها على معالي لأمين العام للمنظمة الدكتور أكمل الدين إحسان فكانت المحاورن وكانت الإجابات في سياق من الصراحة التي نرجوها، فإلى نص الحوار...
يرى المتابعون لنشاط المنظمة أنّ الشعوب العربيّة والإسلاميّة تريد حراكًا وفعلًا ولا تريد لغة البيانات والشجب.. الذي تعودت عليه تلك الشعوب العربية والإسلامية؛ لأن القرارات السياسية الصادرة من المنظمة لم تستند على شيء معين، فهي أشبه بالحبر على ورق.. ماذا يقول معاليكم!
في الواقع أن أي منظمة دولية تعبر عن إرادة دولها الأعضاء ولا أعتقد أنه من المنطق أن نشير إلى أن قرارات المنظمة أشبه بالحبر على الورق فالمنظمة، وانطلاقاً من تسارع الأحداث والتطورات التي شهدها العالم، وتقلّب الخريطة الجيوسياسية وموازين القوى الدولية، خصوصاً في السنوات الأخيرة، وفي ظل العولمة التي أفرزت واقعاً ومقاربات كان لها بالغ الأثر في الممارسات الاقتصادية والقيم الاجتماعية والتطور التكنولوجي في الدول الأعضاء في المنظمة، بادرت باتخاذ خطوات جريئة للّحاق بركب التطور المؤسساتي، فباشرت عملية إصلاح داخلية وإعادة هيكلة الأمانة العامة وما يرتبط بها من منظومة مؤسسات، كل ذلك بهدف تفعيل دورها، وتجديد طرحها، وأساليب تعاملها مع الأحداث والجمهور المستهدف. وتظل القمة الاستثنائية الثالثة المنعقدة بمكة المكرّمة في ديسمبر 2005م نقطة تحول فارقة في تاريخ عمل المنظمة، وانطلاقة واعدة لمسيرة العمل الإسلامي المشترك لاتسامها بالنهج العملي الرصين والقابل للتطبيق. فقد ركّز برنامج العمل العشري الصادر عن تلك القمّة على البدء بترتيب الشأن الإسلامي الداخلي، فيما يتعلق بالإصلاح، والحكم الرشيد، والتعاون الاقتصادي والتجاري، والدعوة إلى الالتزام الحقيقي بمبدأ التضامن الإسلامي في العمل بين أبناء الأمة الواحدة. وقد ابتدأ العمل التنفيذي لقرارات تلك القمة منذ فترة، عن طريق إعداد خريطة مفصلة تحدد الأهداف وآجال تطبيقها. وقد تمّ بالفعل تطبيق العديد من القرارات التي من شأنها إحداث تغيير جوهري في التعامل مع القضايا الإسلامية المشتركة والدفاع عنها، وإبراز صورة الإسلام الحقيقية، بما يعيد للإسلام والمسلمين موقعهم المرموق على الساحة الدولية، الأمر الذي يجعلنا نتطلّع إلى المستقبل بكل ثقة وأمل.
الميثاق الجديد
كما أن المنظمة قد قطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ بنود ذلك البرنامج. وفي هذا الصدد، فقد اعتمدت القمة الأخيرة في داكار في مارس من عام 2008 م ميثاق المنظمة الجديد كما تم إعادة هيكلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي و كل من وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، واتحاد الإذاعات الإسلامية (إيبو)، اللّتين تمثلان الذراع الإعلامية للمنظمة التي يؤمل منها القيام بدور إعلامي على قدر المسؤوليات التي تتولاها المنظمة في ظل استهداف متعمّد لرموز الدين الإسلامي الحنيف.
كما نعكف الآن على الانتهاء من إنشاء الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان في الدول الأعضاء التي نص عليها البرنامج العشري الصادر عن القمة الإسلامية في مكة المكرمة في ديسمبر 2005.بجانب إنشاء آلية للمرأة أجمعت عليها جميع الدول الأعضاء للنهوض بالمرأة، ومنظمة العلوم والتكنولوجيا والابتكار STIO.
مشاريع تنموية
إضافة إلى ذلك، فإننا نقوم بجهود عبر مؤسسات المنظمة المختلفة لتوفير الدعم المالي الذي تقدمه الحكومات والمؤسسات الرسمية والمجتمعية والخاصة في الدول الأعضاء لمساعدة الشعب الفلسطيني. وقد شكلنا لجنة فنية لدراسة احتياجات القطاعات الحيوية في القدس، والتي اجتمعت في مارس 2009م لهذا الغرض، وأوصت باعتبار قطاعات التعليم والصحة والإسكان ذات أولوية تستدعي التدخل، ونحن بدورنا نبذل جهوداً من خلال المنظمة ومؤسساتها ودولها الأعضاء لتأمين الدعم اللازم لخطة التنمية القطاعية للقدس والتي تقدمت بها السلطة الفلسطينية؛ وما زال صندوق التضامن الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية ووكالة بيت مال القدس الشريف والمؤسسات الأخرى من الدول الأعضاء، يقدمون المساعدات المالية لتنفيذ مشاريع تنموية في فلسطين.
وفي سياق متصل، بذلنا جهوداً في المحافل الدولية لبلورة موقف دولي حاسم تجسد في إدانة وتجريم الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على الأرض والتاريخ والمقدسات في فلسطين، من خلال استصدار وتبني قرارات أممية ترسخ حقوق الشعب الفلسطيني.
ومع كل ما نقوم به من جهود لخدمة القضية الفلسطينية، إلا أن ما تحقق من نتائج يبقى محدوداً في مواجهة الهجمة الشرسة التي تقوم بها قوة الإحتلال على الأرض، الأمر الذي يستدعي مزيداً من العمل العربي والإسلامي المشترك، وبانسجام مع توجهات المجتمع الدولي، لخدمة مصالح وقضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
الساحة السياسية
يدّعي البعض أنّ المنظمة نجحت اقتصاديًا، وثقافيًا؛ و(فشلت) على الساحة السياسية والأمنية؟
في تقديري أن المنظمة تقوم بادوار مهمة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والعلوم والتكنولوجيا وغيرها من المجالات ولا يمكن القول أن هناك جانباً يتفوق على جانب آخر، فنحن لا ندعي الكمال ولكن نعمل جاهدين على تلافي السليبات والاستفادة من تجاربنا ونجاحاتنا وإخفاقاتنا في جميع المجالات لتحقيق ما هو أفضل لصالح شعوبنا، فعلى صعيد العمل السياسي مع الدول الأعضاء، قامت المنظمة بدور فاعل في المصالحة بين السنة والشيعة في العراق ونجحت فى إصدار وثيقة مكة المكرمة في الشأن العراقي في أكتوبر 2006 التي ساهمت في المصالحة بين الطوائف الدينية في العراق، كما قامت المنظمة بفتح مكتبها في بغداد لتعزيز التعاون لدعم العراق وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ووحدة ترابه.
وبالنسبة للصومال تشارك الأمانة العامة في الجهود الدولية لإعادة الأمن والاستقرار في الصومال التي أفضت لتوقيع اتفاق جيبوتي، وتعمل على تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الصومالي. واستضافت في مقرها في جدة اجتماع مجموعة الاتصال الدولية.
وبالنسبة لقضية دارفور عملت المنظمة على التعاطي مع أسباب النزاع وذلك بتنظيم مؤتمر للدول الأعضاء لتنمية وإعادة تعمير إقليم دارفور في السودان كمساهمة من المنظمة في التعامل مع الأسباب الجذرية للنزاع و المتمثلة في غياب التنمية، كما تساهم المنظمة كعضو فاعل في عملية التفاوض التي تجري في الدوحة، ومن جهة أخرى ساهمت المنظمة في جهود تطبيع العلاقات بين السودان وتشاد.كما بذلت جهوداً مقدرة في إطار المجموعة الدولية الخاصة بغينيا ، والتي أدت إلى إعادة الاستقرار في هذا البلد. وعينت مؤخراً مبعوثاً خاصاً بأفغانستان ليقوم بالتنسيق مع المجموعة الدولية حول السبل الكفيلة لتحقيق السلام بأفغانستان.
وقد تمكنا بحمد الله من خلال هذه الجهود أن نؤكد حضورنا وأن نلفت الانتباه إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي منظمة دولية جديرة بأن تمثل الإرادة والانشغالات الجماعية للأمة على مستوى العالم.
طرف لا غنى عنه
لقد أضحت منظمة المؤتمر الإسلامي طرفا لا غنى عنه على المستوى الدولي في العديد من المجالات، ولاسيما في مجال حوار الحضارات والدفاع عن صورة الإسلام، ومكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا. ولقد أرسينا أسس علاقات التعاون مع المنظمات الدولية وعلى رأسها منظومة الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية في العالم الغربي وأفريقيا والعالم العربي وآسيا، وأنشأنا علاقات مع مراكز المفكرين في أوروبا والولايات المتحدة لعرض وجهات نظرنا والدفاع عن قضايانا. ونجحنا في الاستفادة من موارد ممثلي الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في الخارج لتنسيق وتوحيد الجهود الرامية إلى دعم القضايا الإسلامية العادلة، ونجحنا إلى حد كبير في تنسيق أنماط تصويتها في المحافل الدولية حيث ضمنا بذلك إنشاء كتلة اقتراع إسلامية قوية بشأن القضايا ذات الأهمية الحيوية لنا. وسوف نعزز حضورنا في أوروبا من خلال فتح بعثة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في بروكسيل، مقر الاتحاد الأوروبي.
وأنشأنا مجموعة سفراء دول منظمة المؤتمر الإسلامي في واشنطن دي سي لكي تضطلع المنظمة بدور أشد فعالية في التعامل مع واضعي السياسات في الولايات المتحدة الأمريكية.
واستشعارا للأهمية المتنامية للعالم الإسلامي بفضل الأنشطة المكثفة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تسعى العديد من الدول الكبرى للدخول في علاقات عمل مع الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي فكان أن عينت الولايات المتحدة مبعوثا خاصا للمنظمة، كما عينت الصين أيضاً مبعوثا لها، وفتحت روسيا وهى دولة مراقبة مكتب لدى المنظمة في جدة وعينت سفيرا، وقمت من جانبي بزيارة العديد من الدول الهامة من بينها دول غربية، كما زارنا في مقر المنظمة العديد من المسئولين من هذه الدول الذين أعربوا عن رغبة بلادهم في تعزيز التعاون مع المنظمة في مجالات التعاون المشترك. كما بدأت التجمعات الإقليمية في المحافل الدولية تتشاور مع مجموعة منظمة المؤتمر الإسلامي وتسعى إلى التعاون معها في العديد من القضايا المطروحة.
لا يعبر عن الحقائق
منذ إنشاء المنظمة والهدف الأول لها هو الدفاع عن المسجد الأقصى، وتحقيق الوحدة الإسلامية والعمل على إرساء مبادئ الإسلام والدفاع عنه في كل محفل، ولكن مع مرور السنوات أصبحت منظمة عاجزة عن تحقيق أهدافها في معظم المجالات!
هذا السؤال لا يعبر عن حقائق الأمور إطلاقا فلابد لنا أن ندرك بان المنظمة قد انبثقت بعد قراءة معمقة لحجم التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والإعلامية التي تواجه الأمة الإسلامية وفهم مشترك لتأثير هذه التحديات على أمنها وسلمها وتضامنها وتطورها. وقد اتخذت الدول الإسلامية من هذه المنظمة صرحاً سياسياً جامعاً للتعاون فيما بينها، وفق رؤية موحدة ومشتركة لمواجهة هذه التحديات، وقد وضعنا برنامج العمل العشري - الذي أقرته القمة الإسلامية التي انعقدت في مكة في 2005م – في إطاره البرامجي لمعالجة أهم القضايا، حيث حددنا أولويات العمل الإسلامي المشترك على كافة المستويات. وقد كانت قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك أحد أهم وأبرز التحديات، و التي تستدعي مزيدا من الجهد والعمل الإسلامي المشترك لخدمتها.
ومع الأخذ بالاعتبار ازدياد حجم التحديات التي تعمل المنظمة وأجهزتها على معالجتها من خلال تنفيذ البرنامج العشري، فقد تم تحقيق تقدم فعلي في الميادين السياسية والثقافية والاقتصادية والإنسانية وغيرها؛ فعلى الصعيد السياسي، فقد حصل تقدماً ملموساً على مستوى تنسيق السياسات وتوحيد الموقف والرأي السياسي حول القضايا العامة خاصة في المحافل الدولية، حيث تمكنت المنظمة أن تمثل الصوت الجماعي للدول الأعضاء في السياسة الدولية؛ إضافة إلى الدور الاقتصادي الذي حقق إنجازات نوعية متمثِّلة في ازدهار التجارة البينية والتعاون التجاري بين الدول الأعضاء، ناهيك عن الدور الإنساني الذي تلمسه الشعوب الإسلامية المتضررة من خلال تعزيز وتنسيق الجهود الإنسانية وتم إنشاء صندوق لمكافحة الفقر لدعم الدول الأقل نمواً، كما نعتبر الاتفاقات بين الدول الأعضاء من أبرز النجاحات التي حققتها المنظمة على صعيد تعزيز التعاون الفني، ولا يمكن أن نغيب دور المنظمة في متابعة ملف الأقليات المسلمة، ودورها في مجال حوار الحضارات وإسهامها في بلورة منظور إسلامي لحقوق الإنسان والإرهاب والإعلام والبيئة وغيرها من القضايا.
كما تسعى المنظمة لتحقيق تقدم على مستوى الأمن الجماعي للدول لأعضاء، وبلورة رؤية عملية لتسوية النزاعات بالطرق السلمية، والعمل في مجال الإسلاموفوبيا، علاوة على العديد من المحاور التي يجري العمل عليها، والتي تضاف على ما جاء في برنامج العمل العشري.
ملاحظة غير دقيقة
يلاحظ البعض عدم وجود لجان خاصّة لتنفيذ القرارات الصّادرة من المنظمة على أرض الواقع لذا يطالب الجميع بلجان لتراقب مدى تنفيذ هذه القرارات على أرض الواقع.
هذه الملاحظة غير دقيقة، حيث يوجد لدى المنظمة لجان دائمة يرؤسها رؤساء دول، ومن بينها: لجنة القدس، واللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية (كومياك)، واللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسك)، واللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي (كومستيك).
يعتقد البعض أنّ المنظمة يجب أن تعمل على تحديد الأولويات، وأهم أولوياتها هي القضية الفلسطينية، باعتبارها أم القضايا؛ ولكن المنظمة خرجت عن الهدف الذي من أجله أنشئت؟
لقد كان إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي نتيجة مخاض طويل بدأ منذ عام 1924 واستمر لعقود متوالية، ولكن السياسة الحكيمة للمغفور له الملك فيصل هي التي نجحت في تحقيق حلم الأمة الإسلامية في جميع شملها من جديد.
وقد كان الحافز المباشر لإنشاء المنظمة هو الدفاع عن الشأن الفلسطيني، حيث كان حريق المسجد الأقصى في القدس عام 1969م نقطة الانطلاق لإنشاء المنظمة. وما زالت قضية القدس ومجابهة العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والدول العربية المجاورة محل الاهتمام الأول لعمل المنظمة. أما يالنسبة لمدينة القدس الشريف، فقد أنشأت المنظمة لجنة خاصة لرعاية شؤونها هي "لجنة القدس" التي يترأسها جلالة ملك المغرب.
والواقع أن المنظمة لم تحد عن الهدف الذي من أجله أنشئت ولكنها تفاعلت مع تطورات الوضع في فلسطين الذي لا يمكن فصله عن تطورات الوضع في مدينة القدس. وقد قامت المنظمة، والمؤسسات التابعة لها بكثير من الأنشطة في مدينة القدس لتعزيز صمود سكان المدينة أمام محاولات التهجير، وتغيير الملامح التاريخية الإسلامية والعربية في المدينة. وتقوم المنظمة بمساع عديدة وحثيثة لمساعدة الفرق الفلسطينية على وحدة الصف والائتلاف، إضافة إلى مساع نجدة وإغاثة قطاع غزة إثر العدوان الإسرائيلي عليه.
البعض يتهم المنظمة بأنها توجه شعوب العالم الإسلامي، وتخفف من الضغط النفسي عليه من خلالها، في الوقت الذي يسارع فيه بعض العرب إلى خطب ودّ المعتدين، فأي مجال ينتظر المنظمة في بيئة كهذه؟
تقوم المنظمة بالدفاع عن قضايا العالم الإسلامي أمام الحملات الموجهة ضده من بعض الجهات في الغرب، باعتبارها تمثل ضمير الأمة الإسلامية، وتحمل في طياتها هموم العالم الإسلامي، وحاجته الماسة لوحدة الكلمة والدفاع عن الإسلام والحضارة الإسلامية، بصرف النظر عن المواقف الانفرادية في بعض الدول الأعضاء. والمهم لدينا هو تنفيذ وتطبيق ما يتفق عليه قادة الدول الأعضاء مجتمعين في اجتماعاتهم الرسمية. ونعتقد أن دور المنظمة في هذا المجال دور رائد ومطلوب لأنه يعكس للعالم الخارجي رأي العالم الإسلامي الجماعي، ورأي الإسلام الموحد إزاء القضايا التي تتعلق بالدين الإسلامي والثقافة والحضارة الإسلامية في المنابر الدولية سياسية كانت أو فكرية وثقافية.
عقبات كثيرة
هل فعلا المنظمة تعاني من عدم التأييد، ومن المشكلات الإدارية، ومن عقبات كثيرة تواجهها في أداء دورها فيطلب منها الكثير ولا تعطى شيئًا؟
لا يمكن على الإطلاق القول إن المنظمة تعاني عدم التأييد من لدن الدول الأعضاء، لأن هذه الدول هي التي تصوغ قراراتها، وبالتالي فهي مسؤولة عن تنفيذها، وتقوم الأمانة العامة بخدمة هذا المسعى من الناحية الإدارية لتسهيل عملية التنفيذ. وإذا نظرنا إلى أهم البرامج التي اعتمدتها المنظمة في العقد الأخير وهو برنامج العمل العشري، ومدى ما تم تنفيذه من قرارات، نجد أن نسبة ما أنجز منه حتى الآن وبعد أربع سنوات من السنوات العشر المتاحة لهذا الإنجاز قد بلغ قرابة 69 في المائة من مجموع المتطلبات، وهي نسبة مهمة جدا.
ومن المهم أن أذكر أن القطاع الاقتصادي من هذا البرنامج، يعد أكثر القطاعات تنفيذا وهذا مؤشر مهم جدا لأن كل تكامل اقتصادي يعتبر النواة الصلبة لكل عمل تضامني، ويظهر هذا جليا في مجال التجارة البينية بين الدول الأعضاء والتي ترتفع نسبتها باضطراد، حيث من المحتمل أن تتزايد في الأشهر والسنوات المقبلة. وما تقدمه الأمانة العامة ومؤسساتها في هذا المجال يدل على تجاوب وتناغم بين خدمات الأمانة العامة والنجاح المضطرد الذي تشهد المنظمة في هذا المجال.
هذا ليس دقيقا
تتهم المنظمة بالتوسع الشديد في العضوية، والتأخر في وضع معيار محدد لها، وعدم وجود نظام للجزاءات، ممّا يفسر مشكلات العجز المزمن في الميزانية الناشئ عن عدم دفع الدول اشتراكات العضوية؟
إذا ما تم استثناء الدول الأعضاء المؤسسين للمنظمة، فإن الاتهام الموجه للمنظمة والمتعلق بتوسعها الشديد في العضوية ليس دقيقاً بل إن العكس هو القريب إلى الصحة حيث أن تشريعاتها تتسم بالتطبيق الشديد، فقبول أي دولة عضو منوط بالتوافق فقط لكامل أعضاء المنظمة وإن اعتراض أي دولة يقف دون قبول العضو الطالب ذلك بالإضافة إلى شروط أخرى كثيرة تضمنتها لائحة الإجراءات لنيل العضوية الكاملة.
لم تكن هناك معايير واضحة للعضوية في إطار الميثاق القديم، وباعتماد الميثاق الجديد للمنظمة فقد تم إصدار معايير واضحة للعضوية تم اعتمادها في الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المنظمة انتهت في 18 يناير 2011 من المرحلة الأولى لاعتماد الشروط والقواعد التي تضبط صفة (عضوية مراقب) بالمنظمة، والتي تتيح لها توسيع شبكة علاقاتها الدولية. واعتمد اجتماع فريق الخبراء في المنظمة مشروع لائحة القواعد والشروط.
كما أن الفقرة الرابعة من المادة 34 من الميثاق قد اعتمدت جزاءات محددة لمعالجة تأخر بعض الدول الأعضاء في تسديد اشتراكاتها الإلزامية في ميزانية المنظمة، إلا أن نظام الجزاءات لم يصر إلى إعمال العقابية منها وذلك نتيجة لتطور أوضاع الدول وتحسنها نتيجة الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها الأمانة العامة والاتصالات والمشاورات المستمرة التي كان لها أثر إيجابي في تسحين أداء الدول الأعضاء في هذا الجانب. وحين تسلمت مسؤولية العمل عام 2005 كان عدد الدول غير الملتزمة 21 دولة وانخفض في عام 2008 إلى 14 دولة، وتحسن الوضع في عام 2010 ليصل عدد الدول المتأخرة عن تسديد التزاماتها إلى خمس دول. كما أن الجدير بالإشارة التنويه بأن أسباب تأخر الدول الخمسة ناتج عن عجز مالي ومشاكل اقتصادية تعاني منها نتيجة لعدة عوامل يأتي في مقدمتها الفقر والحروب الداخلية.
نظام الأفضليات
صحيح أن المنظمة على الصعيد الاقتصادي قدمت بعض إنجازاتها كالقيام ببعض المشروعات الاقتصادية المفيدة، وفي طليعتها البنك الإسلامي للتنمية؛ في حين بقيت بعيدة عن تحقيق هدف السوق الإسلامية المشتركة.
على الصعيد الاقتصادي قامت المنظمة بإنجازات لا يستهان بها. فبالإضافة إلى إنشاء مؤسسات اقتصادية تابعة للمنظمة كالبنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات ولجان أخرى كاللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري واللجنة الدائمة للعلوم والتكنولوجيا والمنظمة التي تم إنشاؤها مؤخراً في باكستان أطلق عليها اسم منظمة العلوم والتكنولوجيا والابتكار STIO، استطاعت المنظمة إحراز تطورات حقيقية منها إقامة مشاريع أدت إلى ارتفاع في نسبة الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء بالمنظمة مجتمعة من 2.7 تريليون مليار دولار في عام 2005 إلى 4.2 تريليون دولار في عام 2009. كما أن من أبرز مشاريع المنظمة تطوير التعاون وتنمية المبادلات التجارية، وذلك بالاستفادة من نظام الأفضليات التجارية لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي دخل حيز التنفيذ.
كما أن الرؤية الجديدة للمنظمة تتطلب ترقية التجارة البينية للدول الأعضاء في المنظمة كآلية أساسية لتوسيع التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء. ففيما أقر برنامج العمل العشري للمنظمة رفع التجارة البينية من 14.5% في عام 2004 إلى 20% في عام 2015 لمجمل التجارة البينية لتلك الدول، فقد ارتفعت إلى 16.65% في 2009 وذلك يعادل حجم تجاري إجمالي قدره 426.75 مليار دولار. وقد اعتمدت المنظمة في سنة 2008 ما يعرف بخارطة الطريق لتعزيز التجارة البينية للدول الأعضاء تتضمن عدة خطط تفصيلية من ضمنها تمويل التجارة، تسهيل التجارة وترقية التجارة والمخزون الاستراتيجي وبناء القدرات.
الحد من الفقر
وتضطلع المنظمة بإقامة مشاريع في مجالات الزراعة والتنمية الريفية، والحد من الفقر، وتطوير البنية التحتية للنقل، وترقية السياحة، والتعاون في المجالات المالية، وتنمية القطاع الخاص، والتدريب وبناء القدرات.
ففي مجال الزراعة أعدت المنظمة خطة عمل خماسية للقطن (2007 – 2011)، وذلك لتطوير إنتاج القطن والمنسوجات في الدول الأعضاء المنتجة لمادة القطن، وإحراز التكامل بينها وبين تلك الدول التي تفتقر إلى هذه المادة الحيوية. ومن بين الدول التي يشملها هذا البرنامج الكاميرون ومصر وإندونيسيا والسنغال وسوريا وتركيا وأوغندا. وفيما يتعلق بالحد من الفقر، فقد خصصت المنظمة صندوقاً لهذه الآفة أطلق عليه صندوق التضامن الإسلامي للتنمية إلى جانب مشروع آخر وهو البرنامج الخاص لتطوير إفريقيا. وقد تمكن صندوق التضامن الإسلامي للتنمية مثلاً من تقديم تمويلات لإقامة 56 مشروعاً بلغ قدرها 590 دولار وذلك في العديد من القطاعات في 28 دولة عضو بالمنظمة، وتقدر التكلفة الإجمالية لهذه المشاريع نحو 2.1 مليار دولار.
وفي مجال البنية التحتية للسكك الحديدية، فقد أطلقت المنظمة مباحثات حول إقامة مشروع خط سكة حديد دكاربورتسودان الذي يبلغ طوله نحو 10,000 كيلومتر مربع يقطع العديد من الدول الأعضاء في المنظمة ويجري العمل حاليا على طرحه في مناقصة دولية. إلى جانب ذلك، فإن البنك الإسلامي للتنمية يشترك في تمويل خط سكة حديد يربط كلا من تركمانستان وكازاخستان وإيران.
وفي مجال السياحة، فقد اعتمدت المنظمة وثيقة إطارية للتنمية والتعاون بين الدول الأعضاء في مجال السياحة (2008 – 2018) تهدف إلى تشجيع تطوير السياحة البينية للدول الأعضاء وإعطاء أولوية لمشاريع مشتركة إقليمية. ولذلك كله، فبالرغم من أن هدف السوق الإسلامية المشتركة بالمعنى التقليدي لم يتحقق، إلا أن المنظمة قد اتبعت طرقاً جديدة مبتكرة وبذلت جهوداً معتبرة لتطوير الأطر المؤسساتية والقانونية البينية للدول الأعضاء، مما يسهم في تطوير العمل البيني المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية للدول الأعضاء
لجنة القدس
أليس من حق الشعوب الإسلامية عامة والفلسطينيين خاصة أن يتساءلوا عن دور “لجنة القدس” المنبثقة من المؤتمر الإسلامي في الوقوف بحزم ضد المحاولات الصهيونية المستمرة بحفر الأنفاق تحت حرم المسجد الأقصى؟
طبعا من حق كل مسلم بل واجب كل مسلم أن يسأل وأن يعمل كل ما يستطيع لدعم صمود أهلنا في القدس في مواجهة العدوان السافر المتواصل على مقدساتنا وخاصة على المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى. وأؤكد هنا بأن إسرائيل، قوة الإحتلال، تمارس سياسة تهويد عدوانية ممنهجة ضد الأرض والإنسان والتاريخ والمقدسات في القدس الشريف، وبذلك فهي تتحمل بشكل كامل المسؤولية ، نتيجة انتهاكاتها للقانون الدولي واستخفافها بالشرعية الدولية.
نحن في المنظمة نقوم بدورنا في المجال السياسي في المحافل الدولية وخاصة في اليونسكو، حيث صدر في الشهر الماضي خمسة قرارات تدعم وتثبت الحق الفلسطيني في القدس. وكذلك هو حال جهودنا في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، حيث نطالب ونضغط في كل لقاءاتنا مع المسئولين الدوليين لوقف هذا العدوان. وقد كان لجهودنا نتائج خاصة في استصدار العديد من القرارات التي تبناها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تؤكد بان القدس الشرقية أراضي محتلة ينطبق عليها اتفاقيات جنيف، وترسخ قانوناً الحق الفلسطيني في القدس الشريف من خلال اعتبارها ما تقوم به إسرائيل، كقوة احتلال، لاغي وباطل. وسنواصل مساعينا للتصدي لمحاولات التهويد والتهجير والاستيطان، وسنستمر بتمكين وتثبيت صمود المقدسيين من توفير الدعم اللازم للمؤسسات الفاعلة في القدس الشريف.
كما نعمل في المنظمة من خلال الجهود التي تبذلها المؤسسات المتخصصة والمنتمية والمتفرعة، بالإضافة إلى لجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس، حيث يقوم بجهد دبلوماسي وسياسي لدعم الموقف والحق الفلسطيني دون انقطاع؛ ويقدم الدعم المالي لتثبيت المقدسيين من خلال وكالة بيت مال القدس الشريف التي انبثقت عن لجنة القدس لهذا الغرض.
وأنا أرى أن من حق أهلنا في القدس أن ينظروا إلى أمتهم الإسلامية كعمق لهم وداعم لحقوقهم وقضيتهم، ومما لا شك فيه ان المطلوب تقديم دعم أكبر يتلاءم مع الهجمة الإسرائيلية الشرسة، و يلبي إحتياجات صمود المقدسيين، و هذا واجب على المسلمين أن يقدموا كافة أشكال الدعم. ومن هنا، ندعو أمتنا الإسلامية؛ شعوبها ومؤسساتها الرسمية والخاصة، لتقديم كل ما تستطيع لتثبيت أهلنا في القدس، الذين يحافظون بوجودهم على مقدساتنا ويواجهون بأجسادهم وثباتهم مخططات التهويد، وفي هذه المناسبة، نوجه لهم تحية إجلال وإكبار، ونؤكد بأننا سنواصل جهودنا في دعمهم حتى يزول الاحتلال وتعود القدس إلى السيادة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
هذا جزء لا يتجزأ
البعض يصف خطاب المنظمة بخطاب الناصح دون قدرة على إيصال ما يريد؛ فكل القرارات لا تخرج عن لغة الشجب والاستنكار المعهودة!!
الشجب والاستنكار والإدانة جزء لا يتجزأ من عمل المنظمات الدولية الحكومية إذ لا بد لها من إيضاح مواقف دولها من الأحداث بالدعم والتأييد أو الشجب والاستنكار طبقا لما يقتضيه الحال. ولكن عمل المنظمة لا يقتصر على الشجب والاستنكار لأن المنظمة تقوم بأعمال عديدة لها وقعها وتأثيرها على العمل الإسلامي المشترك الذي وصل في السنوات الخمس الأخيرة إلى الذروة بعد أن كان شبه غائب تماما. ومجال هذه الأعمال يبدأ بالتضامن الإسلامي الذي شهد تطورا إيجابيا ملحوظا، ويشمل المواقف السياسية الجماعية وقضايا التطور الاجتماعي الاقتصادي، كمحاربة الفقر والأمراض وقضايا الحاكمية الصالحة، وحقوق الإنسان، وغير ذلك.
ما مدى الصواب في قول القائل: إنّ المؤسسات التابعة للمنظمة، التي خرجت من تحت عباءتها كالبنك الإسلامي للتنمية ومجمع الفقه الإسلامي الدولي باتت ليست جزءًا منها؛ حيث يعين رؤساؤها من دون الحاجة إلى الرجوع مباشرة إلى الدول الأعضاء؟
المؤسسات التي تعمل في إطار المنظمة تندرج تحت ثلاث فئات: الفئة الأولى هي الأجهزة الفرعية التي يعين الأمين العام رؤساءها باستخدام صلاحياته بصورة مباشرة، أما المؤسسات المتخصصة فتلك التي لديها مؤتمراتها الوزارية وهذه تنتخب رؤساءها في مستوى المجلس الوزاري، وهناك المؤسسات المنتمية وهي في أكثر الأحوال مؤسسات مستقلة طلبت الانتماء إلى المنظمة.
الصراع المذهبي
يتهم البعض المنظمة بأنّها غائبة عن (فوضى الفتاوى) وحالة (الصراع المذهبي)؛ ألا يفترض أن تتدخل لمحاولة وضع حد لهذا الصدام، ليكون جميع هؤلاء على كلمة سواء؟
أدت منظمة المؤتمر الإسلامي عبر تاريخها المديد دورا بارزا وواعيا وجادا في الاهتمام بموضوع الفتاوى وتنظيمها، ومن الناحيتين النظرية والعملية، فمن الناحية النظرية ما تناوله مؤتمر القمة الإسلامية بالنص ضمن قرار البرنامج العشري للمنظمة الصادر في الدورة الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي، الذي عقد في رحاب مكة المكرمة، عام 2005م، وذلك بالتأكيد على ضرورة تعميق الحوار بين المذاهب الإسلامية وعلى صحة إسلام أتباعها وعدم تكفيرهم وحرمة دمائهم وأعراضهم وأموالهم ما داموا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى وبالرسول صلى الله علية وسلم، وببقية أركان الإيمان ويحترمون أركان الإسلام، ولا ينكرون معلوما من الدين بالضرورة. كما نصت القرارات على التنديد بالجرأة على الفتوى ممن ليس أهل لها مما يعد خروجا على قواعد الدين وثوابته وما استقر من مذاهب المسلمين وهذا يوجب التأكيد على ضرورة الالتزام بمنهجية الفتوى كما اقرها العلماء وذلك وفق ما تم إيضاحه في الأمرين في قرارات المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في عمان في شهر تموز 2005م وفى توصيات منتدى العلماء والمفكرين التحضيري لهذه القمة والذي عقد بدعوة من خادم الحرمين الشريفين في مكة المكرمة خلال الفترة 9 إلى 11 / 9 / 2005 م".
المذاهب الثمانية
ونجحت القمة في اعتماد المساواة بين المذاهب الإسلامية الثمانية، وهي: الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي، الجعفري، الإباضي، الزيدي، والظاهري.
وكلفت القمة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي بدعوة مجموعة من أعضاء مجمع الفقه وكبار العلماء من خارجه لوضع دراسة تفصيلية لتطوير عمل المجمع وتقديمها لاجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية بما يتلاءم والأهداف التالية:
‌أ-التنسيق بين جهات الفتوى في العالم الإسلامي.
‌ب-مواجهة التطرف الديني والتعصب المذهبي وعدم تكفير المذاهب الإسلامية والتأكيد على الحوار بين المذاهب الإسلامية وتعزيز الاعتدال والوسطية والتسامح.
دحض الفتاوى التي تخرج المسلمين عن قواعد الدين وثوابته وما استقر من مذاهبه".
أما من الناحية العملية، فقد أصدر مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد في مكة المكرمة عام 1401ه الموافق 1981م، قرارا بإنشاء مجمع الفقه الإسلامي، والذي عقد المؤتمر التأسيسي له في مكة المكرمة عام 1403ه ، الموافق 1983م، ويضم مجلسا يتكون من علماء وفقهاء من العالم الإسلامي بكافة مذاهبه ومدارسه الفقهية، ويعقد مؤتمرات دوراته في مختلف الدول الإسلامية، ويؤدي دورا بارزا في الاجتهاد الجماعي في القضايا الشرعية، وقد أصدر إلى الآن ما يقارب المائتين قرارا فقهيا في مختلف النوازل والمستجدات الفقهية. والقرارات التي تصدر من المجمع تحقق درجة عالية من الاطمئنان؛ لكثرة الأبحاث المقدمة في الموضوع الواحد، ولكثرة المشاركين من أهل الاختصاص، وقد حازت على ثقة الفقهاء والعلماء والمفتين والباحثين في التزامهم بالعمل بها. والغرض الأساس من قرارات المجمع المصاغة صياغة محكمة هو جمع الفقهاء على قول واحد، يمثل أرجح الأقوال وأنسبها، وإزالة التضارب الحاصل بسبب تعدد الفتاوى في المسائل المستجدة. وقد تركت القرارات المجمعية أثرا على الحياة الفقهية والعلمية في العالم الإسلامي، وقد نتج عنها إبراز حكم الجديد من القضايا في المجالات المختلفة، وتجديد جزء من الفقه الإسلامي.
تنظيم الفتوى
وقد اهتم المجمع بشأن تنظيم الفتوى فأصدر قرارا مهما بعنوان: "سبل الاستفادة من النوازل (الفتاوى)، في دورته الحادية عشرة، التي عقدت في مملكة البحرين، أوصى فيه بالحذر من الفتاوى التي لا تستند إلى أصل شرعي ولا تعتمد على أدلة معتبرة شرعا، وإنما تستند على مصلحة موهومة ملغاة شرعا نابعة من الأهواء والتأثر بالظروف والأحوال والأعراف المخالفة لمبادئ وأحكام الشريعة ومقاصدها. كما دعا القائمين على الإفتاء من علماء وهيئات ولجان إلى أخذ قرارات وتوصيات المجامع الفقهية بعين الاعتبار، سعيا إلى ضبط الفتاوى وتنسيقها وتوحيدها في العالم الإسلامي، إضافة إلى الاقتصار في الاستفتاء على المتصفين بالعلم والورع ومراقبة الله عّز وجّل. ودعا المتصدرين للفتيا إلى مراعاة ضوابط الإفتاء التي بينها العلماء.
وقد تم تفعيل إدارة الفتوى في المجمع، وسوف تقوم على تحقيق ما يخصها من الأهداف المرسومة في نظام المجمع، وتنفيذ الخطة التي تم رسمها لذلك، فهي بصدد التنسيق بين جهات الفتوى، وإعداد فهرس تفصيلي للفتاوى الصادرة والمعتمدة، ووضعها على موقع المجمع بشبكة "الإنترنت" ، واستكمال إصدار الفتاوى اللازمة في الموضوعات التي يكثر سؤال الناس عنها في القضايا المستجدة والأمور الحادثة والمناسبات الإسلامية من خلال آليات عمل المجمع، إضافة إلى مهام أساسية أخرى. وقد تم التنسيق بين المجمع وعدد من دور الإفتاء في العالم الإسلامي لتلافي أي مادة علمية تشوش على الناس أو توجد الخطأ في تصرفاتهم.
تنظيم القاعدة
يقول البعض إن المنظمة لم تبيّن صورة الإسلام الحقيقية حيال ما تقوم به "القاعدة" من أعمال لا تمثل الإسلام في شيء، إضافة إلى الموقف من قضية صراع الحضارات!
تعتبر منظمة المؤتمر الإسلامي المنظمة الرائدة الأولى في العالم في مجالات حوار الحضارات، فقد كانت أول من وضع هذه القضية على جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1999، واعتبر عام 2001 العالم العالمي لحقوق الإنسان استنادا إلى جهود منظمة المؤتمر الإسلامي الرائدة. وقد عقدت المنظمة عشرات المؤتمرات والندوات لتعزيز هذا التوجه الدولي الإنساني، ووقعنا مذكرة تفاهم مع "تحالف الحضارات" الذي يعمل في إطار منظمة الأمم المتحدة، حيث نقوم بعمل رائد في هذا الشأن. أما على الصعيد الداخلي، فإن المنظمة ما فتئت تدعو إلى التسامح والوسطية وتشجب العنف والتطرف والإرهاب وكل من يروج لهذا الاتجاه. وقامت الأمانة العامة بتطوير مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لها لتعزيز جهوده في الدعوة إلى الوسطية، حيث بذلت جهودا عديدة في هذا الصدد.
أما موضوع صراع الحضارات، فقد كان يعكس تصورات بعض المنظرين لمستقبل العلاقات بين الإسلام والغرب، وقد ثبت حتى الآن أن هذه التصورات لم تتحقق في عالم الواقع وحققت فشلا. في المقابل، نادت المنظمة بحوار الحضارات كرد حضاري على نبوءات صدام الحضارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.