يزداد يوميا الرفض المتواصل لدعوة متطرفة من كنيسية مسيحية صغيرة لا يزيد اتباعها عن 50 شخصا لحرق نسخ من القرآن الكريم في ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتدمير برجي التجارة في مدينة نيويوركالأمريكية. وإن كان المسلمون بطبيعة الحال هم أول الرافضين لمثل هكذا عمل يربط كاتبهم المقدس أولا بالاعتداءات الإرهابية، كما انه يهين كتابهم المقدس دون ذنب لهم، فقد انضم لهم في الرفض رموز المسيحية واليهودية في الولاياتالمتحدة، بل وحتى ممثلو العلمانية فيها رافضين إهانة المشاعر الدينية لما يزيد عن المليار شخص. وبادر الساسة ايضا إلى رفض دعوات إحراق المصاحف، حيث كان البيت الأبيض اول المحذرين بشدة من تداعيات هكذا عمل، تلته وزيرة الخارجية الأمريكية ثم الاتحاد الأوروبي الذي أجمع على رفض مثل هذا العمل، ثم جاء الفاتيكان ليصف مثل هذه الدعوات بالمشينة والخطيرة. ولعل من المرضي رؤية هذا الرفض الواسع لمثل هذا التصرف، ولكن الأولى دائما في حوادث كهذه منع وقوعها من الأساس لا رفضها والاكتفاء بذلك، فمثل هذه التصرفات سوف تغذي التطرف بشكل قد يتعذر إصلاحه بعد ذلك، فالقرآن الكريم أكثر من مجرد كتاب مقدس للمسلمين بل هو كلام الله ومنهاج للحياة ويحتل في قلوبهم قداسة لا يضاهيها أي كتاب آخر. والإساءة له بهذا الشكل قد تدفع كثيرا من الشباب المتحمس للسقوط في احابيل الإرهاب سواء عن ضعف او جهل كما انها ستؤدي إلى تباعد ورفض متبادل بين المسلمين والغرب بدلا من بناء جسور التواصل التي عمد العقلاء للحرص على مدها وتقويتها. المطلوب من واشنطن وبشكل حقيقي منع السير قدما في هذا العمل (إحراق المصاحف) والأخذ على يد من قد تؤدي تصرفاته تغذية التطرف وتقوية الإرهاب، فهذا القس المسيحي الذي تطرف في موقفه حتى قرر حرق المصحف، لا يختلف عن شيخ تطرف في تفسيره للدين حتى قرر تكفير وقتل كل مخالف، فكلاهما منبع للتطرف يجب القضاء عليه ومنعه من الدفع بالمجتمع الإنساني نحو الكراهية التي قد تؤدي في النهاية إلى مواجهة لا فائدة ترتجي منها.