أحياناً تشعر بالدوران، وأنت تحاول استكشاف لغز محير يقول: (من المسؤول؟) عن هذه المعضلة أو تلك. ففي حوادث العنف الأسري تتقاذف الكرة عدة جهات مثل الشرطة والقضاء والادعاء العام والإمارة وحقوق الإنسان وغيرها. لكن موضوع الكرة مختلف اليوم، فقد كنت أحسب أن هناك جهة واحدة فقط مسؤولة عن حماية البيئة من التدمير الذي يطالها! ربما جهتان هما (الأرصاد وحماية البيئة) و (حماية الحياة الفطرية). لكن خاب ظني عندما علمت أن لا أحد يعنيه ما يجري في خليج تاروت في المنطقة الشرقية من بلادنا الغالية. وطبقاً لما صرح به الباحث المتابع الدكتور محمد قربان (جريدة اليوم 16 مايو)، فإنه وبالمتابعة الدقيقة من قبل الأقمار الصناعية (التي لا تجامل أحداً) منذ عام 1973م، ثبت أن مساحة الغطاء الذي كانت تشكله شجرة المانجروف في خليج تاروت قد تقلص من 622 هكتارا إلى 390 هكتارا في عام 1999م. أي تراجعت تلك المساحة الخضراء بنسبة 37% خلال ربع قرن. ويقول الدكتور قربان: (إن نبات المانجروف يعد من النباتات الضرورية للحياة البحرية لأهميته في التوازن البيئي، وأن وجودها في الخليج من نعم الله على هذه البلاد..). وأما الأسباب فكثيرة، يأتي في مقدمتها الردم والتجريف ورمي المخلفات السائلة والصلبة، وكذلك مياه الصرف الصحي التي هي العدو اللدود الأكبر للبيئة البحرية أياً كانت ومن ثم للإنسان الذي يأكل من سمكها ويسبح في مياهها. هذه الممارسات غير الحضارية بحق البحر الآمن والشاطئ الوادع.. من المسؤول عنها؟ ولماذا يحق لفرد أو مؤسسة أياً كانوا الاعتداء على ملك عام يخص الوطن كله، والأجيال كلها؟ أليس ذلك من باب الإفساد في الأرض، وفي البحر؟ الأهم من ذلك كله لماذا هذا الصمت الهائل الذي تمارسه الجهات المعنية؟ أم أن الواقع يؤكد أن لا لأحد صلاحية التدخل لحماية بحر في الغرب أو خليج في الشرق؟ هل هي فعلاً (حارة كل من أيدو إلو؟!). [email protected]