أعتقد أن الشعب السعودي لم ينتظر شيئا ما كما ينتظر الآن، التقرير الذي سترفعه لجنة تقصي الحقائق في كارثة جدة التي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتشكيلها عقب وقوع الكارثة مباشرة. الكارثة هي الأسوأ على مدار العديد من العقود. والأسوأ هو أن الكارثة كان يمكن تلافيها بسهولة على اعتبار أنها لا تنتمي إلى الكوارث الطبيعية الخارجة عن السيطرة كما جاء في بيان الملك الشهير. لقد حدث ما حدث نتيجة للفساد والإهمال والاستهتار بأرواح الناس وممتلكاتهم ومدخراتهم. وهي ظواهر يجب أن يوضع لها حد وإلا فإن الكارثة ستعقبها كوارث، والمأساة ستتبعها مآسٍ إن لم يكن في جدة ففي غيرها من مدن وقرى المملكة. إننا حريصون على أن يأخذ كل فاسد وكل مقصر ممن تسببوا في الكارثة جزاءه لا من منطلق حرصنا على تحقيق الانتقام، فالأرواح التي قضت لن يردها إلى الحياة سجن أو حتى إعدام من تسببوا في إزهاقها. نحن فقط حريصون على معاقبة المتسببين في الكارثة من منطلق حرصنا على تحقيق وتفعيل مبدأ الردع. إننا نطمع في أن يفكر الفاسد والمرتشي والمهمل ألف مرة قبل أن يتجاوز القانون وقبل أن يتساهل في إلحاق الضرر بالناس، وهو ضرر شاهدنا أنه وصل إلى حد الموت.. فهل نحن نطمع في الكثير؟ كما كانت كارثة جدة ندبة في ذاكرتنا، فإن لجنة تقصي الحقائق نقلة مهمة في تاريخنا.