أحياناً يَحلو للقلم أن يَقرن خبرين وردا في زمنٍ واحد، لأنَّ اقترانهما يُفرز المُفارقات، ويُظهِر التَّمايزات.. وقديماً قال المُتنبِّي: «وَبِضدّها تتميّز الأشياءُ»..! ومِن قَبْلِهِ، وَصف أحد الشُّعراء حَبيبته؛ مُركِّزاً على المُفارقة بين سَواد شَعرها، وبَياض وَجهها، قائلاً: فَالوَجْهُ مِثلَ الصُّبحِ مِبْيَضُّ والشَّعرُ مِثلَ الليلِ مِسْوَدُّ ضِدَّانِ لَمَّا استُجْمِعَا حَسُنَا والضِّدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِّدُّ حسناً إليكم الخبر الأوّل الذي يقول: (أقامت «جمعيّة اعط الطِّفل لعبة» – «Give A Child A Toy» بازارها الخيري؛ في فندق «ماندرين هايد بارك» في «لندن»، بهدف بيع أشغال يدويّة «منسوجات»، وجمع تَبرُّعات يستفيد مِنها أطفال لبنان! وقد قامت هذه الجمعيّة إضافةً إلى «المنسوجات»؛ بعرض سلسلة أفلام وثائقيّة، مِن إنتاج وإخراج شُبَّان وشَابَّات مِن لبنان..! ولم يَقتصر صَرف ريع هذه الجمعيّة على «شِراء ألعاب» لأطفال لبنان، بل تَوسَّع ليَشمل صرف الدَّخل في مُعالجة الأطفال المُصابين بالسَّرطان.. وفي مرحلة لاحقة، قرَّرت الجمعيّة توسيع نطاق نشاطها الثَّقافي، ليشمل إنشاء سلسلة مَكتبات؛ في «بيروت وصيدا، وطرابلس وجبيل».. إلخ هذه الأنشطة؛ التي تتراوح بين ثقافيّة وطبيّة، واجتماعيّة وترفيهيّة).. حسناً هذا الخبر الأوّل..! أمَّا الخبر الثَّاني فيقول: (انفجرت موجة اتّهامات مُتبادلة؛ بين مسجد «قرين لاند» في مدينة برمنجهام البريطانيّة -حيث أدرس-، وبين مراكز دراسات وجماعات بريطانيّة مُؤيِّدة لإسرائيل، بعد الإعلان عن مجموعة مُحاضرات؛ سيُلقيها عددٌ مِن العُلمَاء السّعوديين في المسجد، ابتداءً مِن الجمعة الماضية 8/1/1431ه)..! هكذا وَرد الخَبر، وبغض النَّظر عن وَصف الجماعات بأنَّها مُؤيِّدة لإسرائيل، لنذهب لمُناقشة جوهر المُشكلة، ونَطرح الأسئلة التَّالية: تُرى مَن سيَستفيد مِن مثل هذه المُحاضرات..؟! بالتَّأكيد أُناس غير ناطقين بالعربيّة..! إذا كان الأمر كذلك، لماذا لا تُترجَم المُحاضرات التي ستُلقى، وتُوضع في «سي دي»، وتُوزَّع على روّاد المسجد، وبذلك يُستفاد مِنها لأكبر وقت ممكن..؟! لماذا نَدخل في إشكالات نحنُ في غِنى عنها..؟! خاصَّةً وأنَّ النَّاس –هنا- بدأوا يَتحسَّسون مِن كُلِّ ما هو «إسلامي»..! أمَّا إذا كَان القصد مِن مثل هذه المُحاضرات، «تصحيح صورة الإسلام»، فأعتقد أنَّها لا تُجدي ولا تَنفع، -خاصَّةً وأنَّ هذه المحاضرات لا يَحضرها إلَّا «المُسلمون»-، الذين يعرفون صورة الإسلام الحقيقيّة. أمَّا -وهذا آخر الاحتمالات- إن كان قصد هؤلاء الدُّعاة التَّنزّه والسّياحة والتَّمتُّع بهذا البلد الجميل؛ فإنَّهم مُرحَّب بهم كغيرهم، مِن غير رفع شعار «إلقاء محاضرات» ضعيفة الجدوى..! حَسناً.. ماذا بقي..؟! بقي القول: إنَّ القلم يَترك للقارئ والقارئة؛ فرصة «التَّمتُّع» بالمُقارنة بين الخبرين، وكيف يَأخذ اللبنانيون مِن بريطانيا؛ وماذا يُقدِّم السّعوديّون لها؟!.